Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

التشريد والجوع والأمراض تطارد اللاجئين الإثيوبيين شرق السودان

تدهور مريع داخل المعسكرات وخارجها نتيجة نفاذ المؤن الغذائية والدواء مع تباطؤ المنظمات الإنسانية في تقديم العون

مع احتدام المعارك وطول أمدها، تشتد قتامة الوجه الآخر للحرب ولعنتها في إقليم تيغراي الإثيوبي، ليُجبر مزيد من المواطنين في مناطق النزاع على الهرب صوب الحدود السودانية الشرقية، الملاذ الأقرب المتاخم لحدود الإقليم، فراراً من ضراوة القتال وطلباً للأمن والمأوى.

ومع التصعيد المستمر والتهديدات الماثلة، تتوقع السلطات السودانية أن تتضاعف أعداد اللاجئين الإثيوبيين الهاربين من القتال باتجاه حدود السودان الشرقية إلى أكثر من 45 ألفاً خلال الأيام القليلة المقبلة، بعدما تجاوز عددهم أكثر من 25 ألفاً، كما تتفاقم الأوضاع المأساوية التي يعيشونها، وتتجه نحو منعطف كارثي مخيف، وتدهور مريع داخل المعسكرات وخارجها، نتيجة نفاذ المؤن الغذائية والدواء، وتباطؤ المنظمات الإنسانية في تقديم العون الطارئ.

وتسبب نقص الغذاء وصعوبة الترحيل في وفاة عدد من اللاجئين بسبب الجوع والعطش، بينما تسود المخاوف من تفشي الأمراض نتيجة مشكلات التدهور البيئي، فضلاً عن شح الأدوية والتقديمات الصحية.

معسكرات جديدة لكنها لا تكفي  

ولمواجهة التدفقات المتزايدة، أنشئ معسكر جديد في منطقة أم راكوبة لاستيعاب حوالى 2500 لاجئ، على الرغم من عدم اكتمال جهوزيته، وضعف طاقته الاستيعابية لأقل من 20 ألف شخص، لكنه سيخفف الضغط على معسكر حمداييت بمحلية ودالحليو في ولاية كسلا.

وقال مندوب معتمدية اللاجئين الوطنية المقيم في ولاية كسلا، السر خالد، إن فريقاً من المعتمدية توجه إلى منطقة أبو رخم في محاولة البحث عن مساحات حكومية تصلح لإنشاء معسكر إضافي جديد لاستضافة أعداد أخرى، وتسعى المعتمدية مع حكومة كسلا إلى البحث عن حلول في ظل توقعات بوصول أعداد اللاجئين إلى 100 ألف خلال الفترة المقبلة.

وكشف خالد أن عدد اللاجئين فاق الـ 25 ألفاً، حتى يوم الأحد 15 نوفمبر (تشرين الثاني)، متوقعاً أن يتضاعف إلى أكثر من 45 ألفاً خلال الأيام القليلة المقبلة، نتيجة تزايد معدلات اللجوء بواقع أكثر من 3 آلاف شخص يومياً، خصوصاً مع استمرار المعارك وبدء تحرك دفعات جديدة من العمق الإثيوبي نحو الحدود السودانية.

التحذير من مآلات كارثية

وأضاف ممثل المعتمدية الوطنية أن "الوقت ينفذ بدأ والأحوال تسوء، وتتعقد كل يوم الأوضاع الغذائية والصحية، وبدأت تظهر بوادر الجوع والتداعي الصحي، من دون استجابة عملية فورية من المنظمات الدولية، في وقت تتسع رقعة أفواج اللاجئين كثافة، الأمر الذي خلف وضعاً صعباً يتجه نحو الأسوأ"، محذراً من تفاقم الأوضاع الراهنة الملوحة بكارثة مخيفة نتيجة تباطؤ منظمات العون الإنساني الدولي، وعدم توفر الوقود ونفاذ المؤن، وكل الحاجات التي تُعنى بالجوانب الإنسانية والصحية والأمنية.

المخاوف ذاتها، كررها الأمين العام لحكومة ولاية القضارف، الباقر الشريف، وخصوصاً المشكلات التي قد تترتب عن تصاعد معدلات اللجوء، مع وجود صعوبات ومعضلات حقيقة في ترحيلهم من نقاط التجمع الحدودية إلى مقار الإيواء المؤقت والمعسكرات.

نقص الغذاء والموت جوعاً

من جانبه، كشف مقرر غرفة الطوارئ الحدودية إسماعيل أحمد عن حدوث عدد من الوفيات بسبب الجوع والعطش، وسط مجموعة تضم 3500 لاجئ عبروا الحدود وتقطعت بهم السبل في المشاريع الزراعية، وهم يعيشون أوضاعاً مأساوية في منطقة القضيمة الحدودية، من دون طعام أو ماء لأكثر من ثلاثة أيام، مما يعرّض آخرين منهم إلى المصير ذاته في حال لم يتم نقلهم إلى المعسكرات.

وقامت القوات المسلحة السودانية بترحيل 200 حالة طارئة من كبار السن والنساء الحوامل من تلك المجموعة، إلى المدينة رقم (8) التابعة لوحدة السدود في وزارة الري والموارد المائية كمعسكر إيواء مؤقت، والتي تفتقر إلى المرافق والخدمات الصحية.

وحذر إسماعيل من مآلات مخيفة إذا استمر الوضع على ما هو عليه لبضعة أيام أخرى، نتيجة التدهور المريع الذي ستشهده الصحة البيئية، بسبب عدم توفر مراحيض لآلاف اللاجئين المستضافين مؤقتاً في معسكر المدينة رقم (8) المؤقت بالفشقة، ناهيك عن عدم توفر مياه الشرب، إضافة إلى وجود عدد من الجرحى الذين لا سبيل لمعالجتهم ميدانياً أو حتى نقلهم إلى مستشفى القضارف كأقرب نقطة إسعاف.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأكد أن القدرات والإمكانات المحلية فقدت عامل الصمود أمام تصاعد نسب الاستهلاك اليومي، وبات المتوافر لا يكفي إلا ليومين فقط، مشيداً بمبادرة مزارعي القضارف وتقديمهم 4 آلاف سلة غذائية متكاملة للاجئين، إلى جانب العون المقدم من حكومة الولاية وديوان الزكاة وبعض الخيرين، مبيناً أن الغرفة رفعت حاجاتها العاجلة من الوقود والغذاء والماء والدواء، إلى رئاسة الولاية وممثل المندوب السامي للاجئين في كسلا.

التلوث البيئي والمحاذير الصحية

ونوّه مقرر غرفة الطوارئ الحدودية إلى العواقب التي قد تترتب على عدم عزل حوالى 30 حالة وصلت وهي مصابة بفيروس الكبد الوبائي، و32 حالة مصابة بمرض نقص المناعة (الإيدز)، مع نفاذ الأدوية، مما يهدد حياتهم ويتطلب اتخاذ التحوطات اللازمة تجاههم وتجاه المجتمعات التي يوجدون فيها.

من جانبها، حذرت وزارة الصحة والتنمية الاجتماعية في ولاية القضارف من مخاوف انتشار الأمراض الناجمة عن التلوث البيئي والصحي مثل الكوليرا والملاريا في المعسكر.

وجددت المديرة العامة لوزارة الصحة والتنمية الاجتماعية في القضارف، أميرة القدال، خلال الاجتماع المشترك الذى عقد في المعسكر بحضور والي القضارف، التحذير من تكدس أعداد كبيرة من اللاجئين وسط انعدام المراحيض والتحوطات الأخرى، وما قد يترتب على تفشي تلك الأمراض.

وأكدت حرص الوزارة وتحسبها لتلك المخاوف، علاوة على تفعيل الإجراءات والاشتراطات الاحترازية الخاصة بجائحة كورونا، مشيرة إلى توفير أدوية لسد الاحتياجات الصحية العاجلة، إلى جانب توفير إدارة التأمين الصحي في القضارف أدوية بقيمة 250 ألف جنيه للمعسكر، وتكوين فريق طبي لتقديم الخدمات العلاجية.

مناشدات الوزير والدعم المركزي

وناشد وزير الداخلية الفريق أول شرطة الطريفي إدريس دفع الله، المنظمات الدولية والإقليمية بضرورة تقديم العون والمساعدات الإنسانية للاجئين الذين تستقبلهم البلاد.

وأكد خلال زيارته معسكرات الاستقبال في محلة الفشقة الحدودية، برفقة والي القضارف وأعضاء لجنة الأمن في الولاية، دعم الحكومة المركزية ووقوفها مع الولاية لإيجاد مواقع ومعسكرات إيواء للاجئين، إلى حين عودة الأوضاع إلى طبيعتها.

واستمع إلى تنوير شامل حول الإجراءات الاحترازية الخاصة باستقبال الأعداد الكبيرة من اللاجئين خلال اجتماع عقد ميدانياً في المنطقة، مشيداً بجهود حكومة الولاية في توفير الحماية والأمان لهؤلاء.

تسريع إجراءات الاستقبال

كذلك، أوضح معتمد اللاجئين عبدالله سليمان أن الزيارة تهدف إلى الاطلاع على الخطط الرامية لإنشاء معسكرات للاجئين، تمهيداً لتقديم العون اللازم لهم، مشيراً إلى توقعات بوصول أعداد إضافية في حال تواصلت التوترات العسكرية والنزاع المسلح في الإقليم المتاخم للحدود السودانية.

وأكد مدير شرطة ولاية القضارف اللواء صابر الله جابو فضل، استقرار الأحوال الأمنية والجنائية في جميع أنحاء الولاية، وأن برنامج استقبال وحصر وتسجيل اللاجئين يمضي وفق ما هو مخطط له، وبتنسيق وإشراف وزارة الداخلية ورئاسة قوات الشرطة.

على صعيد متصل، أكد اجتماع مشترك، ضم الأمين العام لحكومة ولاية كسلا بالإنابة، محمد موسى عبدالرحمن، مع منسق عمليات الطوارئ في المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، يان هانسمان، بمشاركة معتمدية اللاجئين ومستشار الوالي لشؤون المنظمات، على أهمية تجهيز المعسكرات وتزويدها بالخدمات الضرورية من مياه وغذاء وخدمات الرعاية الصحية، مع تسريع إجراءات الاستقبال والنقل من نقاط التجمع المؤقتة في منطقة حمداييت إلى المعسكرات الدائمة.

ووصف هانسمان الوضع الذي يعيشه اللاجئون بالسيئ، مشيداً بجهود المواطنين وتحملهم العبء الأكبر في الاستضافة حتى الآن. 

وكان الجيش الإثيوبي الفيدرالي شنّ مطلع هذا الشهر هجوماً عسكرياً ضد قوات حكومة "جبهة تحرير التيغراي"، من أجل إخضاع الإقليم لسلطة الحكومة بالقوة العسكرية، بعدما اتهمتها بمهاجمة قاعدة عسكرية فيدرالية.

المزيد من متابعات