Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لقاح "فايزر" لن يتوافر عالميا إلا منتصف 2021

"لن يحل محل الإجراءات الصحية المتبعة حالياً بل سيكون عاملاً مساعداً للتدابير الصحية"

كان 2020 عاماً مروعاً من نواحٍ عدة، ولكن مع اقتراب عام 2021، بدأت تظهر أخبار سارة، إذ أجرت الولايات المتحدة انتخابات شهدت إقبالاً قياسياً من دون ظهور أي من السيناريوهات السيئة التي كان كثير من الأميركيين يخشونها، كما بشرت شركة "فايزر" الأميركيين والعالم بتطوير لقاح فعّال بنسبة مذهلة تزيد على 90 في المئة بعكس التوقعات السابقة، فمتى سيتم توزيع اللقاح الجديد؟ وما مدى استمرار فعاليته؟ وهل اللقاح آمن؟ وما معدل كفاءته مع كبار السن والأكثر عرضة للإصابة بكوفيد -19؟

سر الاختراق

يكمن سر الاختراق الذي حققته وطورته شركة الأدوية العملاقة "فايزر" وشركة التكنولوجيا الحيوية الألمانية "بيونتك"، في أن تطوير اللقاح يستغرق عادةً سنوات عدة، لكن لقاحات فيروس كورونا كانت قصة نجاح نادرة، بسبب ازدهار تقنيات اللقاح الجديدة، والموارد غير المحدودة التي خُصصت من الحكومة والقطاع الخاص للتأكد من نجاح اللقاح، ما جعل علماء المناعة يبدون دهشتهم إزاء ارتفاع نسبة الفاعلية، بينما كانوا يتوقعون نسبة فاعلية قدرها 55 في المئة على أقصى تقدير.

وكان الخبراء يحذرون الناس من لقاحات عدة غير فعالة بنسبة 100 في المئة. وحددت "إدارة الغذاء والدواء" نسبة فعالية لا تقل عن 50 في المئة لأي لقاح ضد فيروس كورونا، حتى توافق على إنتاجه وتوزيعه. علاوةً على ذلك، لم يتم رصد أي آثار جانبية خطيرة حتى الآن، وإذا استمرت هذه النسبة ثابتة مع اكتمال الدراسة، فإن شركة "فايزر" تخطط لطلب تصريح أو إذن طارئ باستخدام الدواء من "إدارة الغذاء والدواء الأميركية" في غضون أسابيع قليلة.

وعلى الرغم من أن تقدير فعالية اللقاح قد تتغير مع اكتمال الدراسة، إلا أنها لا تزال من أفضل النسب الممكنة في أحسن السيناريوهات، وهو ما يبشر بالخير أيضاً بالنسبة إلى لقاحات أخرى وصلت حالياً إلى المراحل الأخيرة من الاختبارات، بما في ذلك اللقاحات التي طورتها شركات "موديرنا" و"أسترا زينيكا" و"جونسون آند جونسون".

فائدة التوقيت

وأفضل ما في الأمر، هي مسألة التوقيت، فالإعلان عن هذا التقدم خلال الفترة الانتقالية الرئاسية سيؤدي إلى زيادة عدد الأميركيين المستعدين لتلقي اللقاح، بعدما أظهر استطلاع للرأي هذا الخريف تراجع عدد الأميركيين الذين أبدوا استعدادهم لتلقي اللقاح بسبب تسييس وباء كورونا خلال حملة الانتخابات الرئاسية، إذ سادت مخاوف بين الأميركيين من أن يسعى الرئيس ترمب إلى ترويج التوصل إلى لقاح لتعزيز فرص إعادة انتخابه من دون اتخاذ الخطوات الصحيحة لتعزيز السلامة والأمان.

أما الآن وقد أُعلن فوز بايدن وبالتالي توليه السلطة في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، فتصبح المرحلة الانتقالية والتحولات التي تشهدها بمثابة لحظات غريبة ومضحكة أحياناً عندما يتعلق الأمر بالرأي العام نتيجة للاستقطاب وتأثيره القوي في المواقف السياسية، إذ يعتقد الجمهوريون أن الأمور تسير على الطريق الصحيح عندما يكون هناك رئيس جمهوري، بينما تسير في المسار الخطأ عندما يكونون خارج السلطة، وتنطبق هذه القاعدة على الديمقراطيين أيضاً.

الفضل لمَن؟

ولم يكن مستغرباً أن يتبنى كل من ترمب وبايدن إعلان شركة "فايزر"، ويعتبرانه بمثابة أخبار جيدة لكل منهما، فالرئيس الحالي يمكنه أن يدعي النصر أخيراً على الفيروس الذي أصابه شخصياً بعدما أصاب أكثر من 10 ملايين أميركي وأدى إلى وفاة حوالى ربع مليون أميركي، كما يمكن للرئيس المنتخب، الذي شكل فريق عمل من الخبراء المتميزين لمواجهة فيروس كورونا، أن يصرح بالأخبار الجيدة، ما سيؤدي إلى زيادة الثقة في تناول اللقاح على كل المستويات ومن كافة ألوان الطيف السياسي في الولايات المتحدة.

ومع ذلك، فإن الصورة تبدو معقدة قليلاً، بسبب حقيقة أن شركة "فايزر" وشريكتها الألمانية، لم تتلقيا تمويلاً من الحكومة الأميركية من أجل البحث والتطوير، بعكس شركات أدوية أخرى تعمل أيضاً على لقاحات ضد كورونا. وعلى الرغم من ذلك، تلقت "فايزر" 1.95 مليار دولار من الحكومة الأميركية لشراء جرعات من اللقاح الذي توصلت إليه، كما حصلت على عقود شراء وتوزيع من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي واليابان، بينما نالت شركة "بيونتك" تمويلاً بقيمة 445 مليون دولار من الحكومة الألمانية.

جوانب مجهولة

لا تزال هناك بعض الأمور المجهولة التي لم تُنشر بياناتها بالكامل من التجارب السريرية، ومن بين الأسئلة المعلقة، إلى أي مدى زمني يستطيع اللقاح أن يحمي حياة الناس؟ إذ يُحتمَل أن يضطر الناس للعودة كل عام لأخذ جرعة جديدة من اللقاح، كما لا تتوافر أيضاً بيانات حتى الآن حول مدى جودة عمل اللقاح في مجموعات فرعية معينة من الناس مثل كبار السن، وأولئك المعرضين بشكل خاص للإصابة بـكوفيد-19.

متى يتوافر اللقاح؟

على الرغم من البيانات المشجعة، لن يغيّر اللقاح قواعد اللعبة بشكل فوري في مكافحة كورونا، حيث تحتاج الشركة إلى الانتظار حتى الأسبوع الثالث من نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، للانتهاء من جمع بيانات السلامة لمدة شهرين والتي تطلبها "إدارة الغذاء والدواء"، ثم تخطط الشركة لتقديم طلب للحصول على إذن طارئ باستخدام اللقاح.

وحتى بعد الحصول على إذن، سيكون عدد الجرعات الأولية محدوداً وسيُخصَص أولاً إلى المجموعات المعرضة للخطر مثل العاملين في مجال الرعاية الصحية أو كبار السن. ويتوقع العديد من الخبراء أنه يمكن إعطاء الجرعات الأولى قبل نهاية العام الحالي، ولكن لن يتم تطعيم الكثير من عامة الناس إلا بعد أشهر عدة من عام 2021.

وبحسب الرئيس التنفيذي لشركة "فايزر"، قد تنتج الشركة 30 مليون جرعة من اللقاح إلى 40 مليوناً قبل نهاية العام، وهو ما يكفي ليحصل نحو 15 إلى 20 مليون شخص، على جرعة أولية بعد ثلاثة أسابيع.

وتقول شركتا "فايزر" و"بيونتك" إن بإمكانهما زيادة عدد الجرعات إلى نحو 1.3 مليار جرعة سنوياً، إلا أن هذا العدد لا يكفي لتلبية حاجات العالم من اللقاحات. وإذا أثبتت اللقاحات الأخرى فعاليتها، فستتمكن الشركات من تصنيعها أيضاً والمساعدة في تلبية الطلب.

مَن يتلقى اللقاح أولاً؟

لم يتم تحديد مَن سيتأهل للجرعات الأولية بالضبط، ولكن من المرجح أن تحظى بها المجموعات الأكثر عُرضة للإصابة بالفيروس، ويمكن أن يشمل ذلك العاملين في مجال الرعاية الصحية وكبار السن والذين يعانون من عوامل خطر مثل السمنة أو مرض السكري. وتخطط الشركة لتوفير 100 مليون جرعة من اللقاح في الولايات المتحدة بدءاً من ديسمبر (كانون الأول) المقبل، ووصولاً إلى مارس (آذار) 2021، بموجب صفقة معلنة مسبقاً، حيث اشترت الحكومة الأميركية هذه الجرعات مقابل 1.95 مليار دولار.

ولأن كل شخص يحتاج إلى جرعتين من اللقاح، فإن هذا يعني توفير جرعات أولية تكفي حوالى 50 مليون شخص مجاناً للمرضى.

هل يحمي الأطفال؟

سؤال مفتوح آخر هو ما إذا كان اللقاح يحمي الأطفال من الإصابة بالفيروس، والإجابة هي أن التجارب التي نفذتها "فايزر" و"بيونتك" في البداية كانت مفتوحة للأشخاص الذين يبلغون أكثر من 18 سنة من العمر، ولكن في سبتمبر (أيلول) الماضي، أضافوا مراهقين لا تتجاوز أعمارهم 16 سنة.

هل اللقاح آمن؟

حتى الآن، لم تبلّغ الشركتان الأميركية والألمانية عن أي مخاوف جدية تتعلق بالسلامة من اللقاح الجديد، فقبل إجراء الدراسة الحالية واسعة النطاق، أجرت الشركتان تجارب سريرية بدأت في مايو (أيار) وصُممت خصيصاً لاكتشاف علامات التحذير حول سلامة اللقاح، فجربوا 4 إصدارات من لقاحهم واختاروا النسخة التي تنتج أقل عدد من حالات الآثار الجانبية الخفيفة والمتوسطة، مثل الحمى والتعب.
وإذا تلقى اللقاح الإذن الإطاري من إدارة الغذاء والدواء الأميركية وتم توزيعه على ملايين الأشخاص، فستقوم مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية الأميركية وإدارة الغذاء والدواء بمراقبة الحالات التي تتلقى اللقاح للتأكد من عدم وجود مشكلات نادرة الحدوث تتعلق بالسلامة، كما ستتم أيضاً مراقبة المشاركين في التجربة لمدة سنتين.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


هل نتوقف عن ارتداء الكمامة؟

الإجابة عن هذا السؤال هي قطعاً لا، وذلك لأن فيروس كورونا ينتشر في كل أنحاء العالم. وأوضح خبراء الصحة العامة إن الأميركيين يجب أن يستعدوا لفصل شتاء قاسٍ للغاية، حتى لو تم الترخيص للقاح في غضون أشهر، فإنه سيكون متاحاً في البداية لشريحة صغيرة من الأميركيين فقط، في حين أن اللقاح الفعّال لن يكون متاحاً لأي شخص يريده حتى بعد مرور وقت طويل من العام المقبل 2021.

ومن الأهمية بمكان أن يتخذ الناس الاحتياطات مثل ارتداء الكمامات، والابتعاد عن الآخرين وغسل أيديهم، وبخاصة بعد حلول فصل الخريف وتسجيل أكثر من 100 ألف حالة إصابة بفيروس كورونا يومياً في الولايات المتحدة. ومع اقتراب فصل الشتاء وانتقال مزيد من النشاط إلى داخل الأمكنة والمباني، سيكون من المهم للغاية أن يتخذ الناس احتياطاتهم.

ويقول معظم الخبراء إنه حتى عندما يكون اللقاح متاحاً على نطاق واسع، فإن التدابير الإضافية مثل الكمامات ستظل ضرورية حتى ينحسر تهديد الصحة العامة، كما يشير الدكتور بول أوفيت، الأستاذ في جامعة بنسلفانيا، عضو اللجنة الاستشارية للقاحات التابعة لإدارة الغذاء والدواء "لن يحل اللقاح محل الإجراءات الصحية المتبعة حالياً بل سيكون عاملاً مساعداً للتدابير الصحية".

تحدي التوزيع

وحتى بعد موافقة إدارة الغذاء والدواء على لقاح جديد، ستظل هناك مهمة شاقة تتمثل في توفير جرعات لمئات ملايين الأميركيين، إذ يحتوي لقاح شركة "فايزر" على تركيبات إضافية تتطلب ضرورة تخزينه في درجات حرارة شديدة البرودة.
وأبلغ مسؤولو الصحة في كل ولاية أميركية، الذين سيتحملون مسؤولية بذل جهود التطعيم، الكونغرس الشهر الماضي، بحاجتهم إلى 8.4 مليار دولار لجهود توزيع اللقاح، لا يملكونها حالياً. كما توقفت حزمة المساعدات الاقتصادية للمساعدة على الاستجابة للتحديات التي فرضها فيروس كورونا لأشهر عدة، والتي ستكون وسيلة لتوفير الأموال المطلوبة عند إقرارها.

ولا يتعلق الأمر فقط بمدى وحجم نطاق تغطية التطعيمات ولكن هناك أيضاً حاجة إلى السرعة في ذلك، ما يجعل الأمر صعب التنفيذ. كما أن الكثير من التمويل ما زال مطلوباً لتوفير عاملين مدربين في مجال الرعاية الصحية، إضافة إلى تكاليف أخرى مثل عمليات تخزين اللقاح ونقله خلال عمليات التوزيع.

ماذا عن اللقاحات الأخرى؟

هناك 10 لقاحات أخرى في مراحلها الأخيرة في جميع أنحاء العالم، لكن حصول شركة "فايزر" وشريكتها الألمانية "بيونتك" على نتائج مشجعة تجعل الخبراء متفائلين بشأن اللقاحات الأخرى.

وتختبر هاتان الشركتان جُزَيئاً جينياً يسمى "آر إن إي" لتحفيز الخلايا على إنتاج بروتيناً نشطاً. وتواجه أجهزتنا المناعية البروتين وتصنع أجساماً مضادة وخلايا مناعية يمكنها التعرف إلى البروتين ومهاجمته بسرعة. أما شركة "موديرنا" فهي في مراحل متأخرة من التجارب على لقاح "آر إن إي" الخاص بها، وتُجري تجارب سريرية مبكرة على لقاحات أخرى في الصين وإنجلترا والهند وسنغافورة وكوريا الجنوبية وغيرها من الدول الأخرى.

المزيد من صحة