Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

فوز كورونا

أميركا تحصي أصوات الناخبين وتكتم أنين ضحايا الفيروس وأوروبا تعلن فشلها في معرفة كنهه

جرت الانتخابات الأهم في العالم تحت مظلة جائحة كورونا (أ ف ب)

لم أكن كُروياً، لكني متعصب كالكُرويين، لهذا حين كنت ساهراً سنة 1996 أشاهد مباراة بين فريقي شباب نيجيريا وشباب البرازيل، تحيزت ضد البرازيل. قلبي نيجيري، لكن عقلي يخاصمني، بأن الفوز بطبيعة الحال للفريق الآخر، ما كان فيما يقرب نهاية المباراة فائزاً بهدفين. لذلك انسحبت خائباً، ونمت بعمق الخاسر.

في الصباح ذهبت إلى مقهى المنتدى الإذاعي في مدينتي بنغازي، حيث اعتدت الجلوس، وحسمت أمري، أن أبتعد عن أصدقائي وزملائي، من أغلبهم مؤيد كالعادة للبرازيل. فوجئت بوجومهم، وأن الطير على رؤوسهم، لقد جعلتني التوقعات، أخسر حضور الفوز، الذي حققه لي شباب نيجيريا، من تمكّنوا في اللحظة الأخيرة من قلب الأمر، وفازوا بالمباراة بثلاثة أهداف.

مرة ثانية، ذهبت إلى النوم فجر الأربعاء الرابع من نوفمبر (تشرين الثاني) 2020، بعدما تأكدت من فوز دونالد ترمب في الانتخابات الأميركية، المحطات، والحملة الانتخابية، بل وقبل الرئيس نفسه، من كنت منحازاً ضده، حتى اعتبرته كورونا الأولى ما أصابت العالم.

أفقت اليوم الثاني متأخراً، فإذا بي أجد فوز الرئيس قد تبدد، وقد صرح ترمب: "الليلة الماضية، كنت متقدماً في كثير من الأحيان بقوة، في كثير من الولايات الرئيسة، في جميع الحالات تقريباً، في الولايات التى يديرها ويسيطر عليها الديمقراطيون. ثم، ولاية تلو الأخرى، بدأ التقدم يختفي بطريقة سحرية، مع فرز كميات من الأصوات المفاجئة، أمر غريب للغاية".

كذب المنجمون ولو صدقوا، هكذا علقت هذه المرة، التوقعات رجحت سنة 2016 خسارة ترمب، فإذا بالمعجزة تحدث حيث فاز هو! وفي عام 2020 توقع وتأكد فوزه آخر ليل الثلاثاء، وأول نهار الأربعاء جاءت توقعات تسعى بفوز خصمه.

في كل الأحول، التوقعات واضح أنها الخاسر الأول، والأرقام تجزم بأن لا جزم في فعل بشري. الفعل البشري ترجيح محفوف بالعكس، خصوصاً عند المنزلقات والتحولات واللحظات التاريخية، إذ العالم الآن كالقيامة، يقين الآن أن لا يقين.

الانتخابات الأهم في العالم، وكل ما في العالم، وقعت تحت مظلة جائحة. البطل في الفيلم الأميركي، وحال العالم 2020 كان كورونا، ما أمسى ثاني أكسيد الكربون الذي نتنفس، ما جعل كرة الأرض جبانة. لكن دونالد ترمب أراد وقرر، أن لا مشكل من "ثقب الأوزون" وكذا فعل مع كورونا.

تذكر الأخبار أن روبرت مردوخ، مالك شبكة "فوكس نيوز" الأميركية المقربة من ترمب، كان ساخطاً على مواقف الرئيس من كورونا، وأنه رجح خسارته الانتخابات لهذا السبب. وفي هذا أيضاً، الغريب أنه منذ عام 1900 لم تحدث مشاركة في الانتخابات الأميركية، إذ تجاوز العدد 150 مليون ناخب. أضف أن الرئيس أعلن، قبل الانتخابات، رفضه النتائج، وصرح أنه سوف يلجأ إلى المحكمة العليا، وقد فعل ذلك.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

على أي حال، الفيروس هيمن على الانتخابات الأميركية، فكان البند الأول لها التي، حققت فوز كورونا. كورونا ما أيضاً أعاد أوروبا جملة إلى الحجر الصحي، كما أعاد كثيراً من دول العالم، بعدما كشف هشاشة العالم وكذب "صدق توقعاته"! فالعالم كما ترمب، لا يمكنهما توقع أي شيء والجزم بحدوثه، لقد هزمهما كورونا. وحين كان فوز كورونا متحققاً، كان ترمب ومن على شاكلته، يواجه هذا الفوز المتحقق بالفوز الاقتصادي ونجاحه، أي أن يفوز في صناديق الانتخابات، كما يفوز كورونا في صناديق الموتى.

إذن، هذه المعركة الانتخابية، التي خاضها كورونا في أميركا، هي مؤشر إلى معركة العالم الفاشلة في حربه ضد الجائحة، وما خاض ترمب تحت ظلها حملته الانتخابية، ثم أرجع في اليوم الثاني من الانتخابات، خسارته إلى أمر غريب للغاية وطريقة سحرية. وحين كانت أميركا تحصي أصوات الناخبين، وتكتم أصوات ضحايا كورونا، كانت أوروبا تعلن فوز كورونا، بفشلها في معرفة كنهه، فغياب التوقعات بما يمكن أن يحدث. ما يبدو، أننا في عالم ناجح في الفشل.    

تعليق على ما يحدث

"عندما نسمع عن أعمال شجاعة نادرة في الحروب، فإن ذلك إشارة إلى أن المعركة، لا تسير باتجاه النصر. فعندما تجري الحروب، بحسب الخطة ويكون جانب ما رابحاً، لا تكون هناك أي حاجة إلى أعمال بطولية مميزة، عند ذلك الجانب. الشجاعة غالباً ما تكون مطلباً، للجانب اليأس". كما جاء في كتاب: عبر منظار اللغة (لِمَ يَبدو العالم مختلفاً بلغات أخرى؟) غاي دويتشر، ترجمة حنان عبد المحسن، عالم المعرفة 429، أكتوبر (تشرين الأول) 2015.

اقرأ المزيد

المزيد من آراء