Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كورونا "يصيب" الصحافة الورقية المغربية

إغلاق المقاهي حرم الجرائد من شريحة واسعة من القراء والدعم الحكومي لا يكفي

خسارة كبيرة تكبدتها الجرائد المغربية جراء تدني مستوى المبيعات وحجم الإعلانات (أ ف ب)

تعيش الصحافة الورقية في المغرب على غرار باقي دول العالم، تدهوراً كبيراً خلال السنوات الأخيرة، وذلك بسبب التطور التكنولوجي الذي سهّل البحث عن المعلومة عبر الوسائط الرقمية، إضافة إلى عزوف غالبية المغاربة عن القراءة بشكل عام، فيما زادت تداعيات جائحة كورونا من تأزم وضعيتها.

إحصاءات

أغلقت 147 صحيفة ورقية مغربية بين 2018 و2020 فقط بسبب ضعف عائدات المبيعات وصعوبة الحصول على الدعاية، وأصبح عددها 105 بعدما كان 252 عام 2018، بحسب إحصاءات وزارة الثقافة.

في حين بلغت خسارة الجرائد المغربية خلال الجائحة 100 مليون درهم (ما يعادل عشرة ملايين دولار أميركي) جراء تدني مستوى المبيعات وحجم الإعلانات، ما جعل بعضها تلجأ إلى تقليص رواتب الصحافيين. وفي هذا الشأن، قال نور الدين مفتاح، ناشر في إحدى الصحف، إن عشرات المؤسسات تضامن معها صحافيوها بتخفيض أجورهم بنسبة تتراوح ما بين 10 و50 في المئة، خلال ثلاثة أشهر من الحجر.

دعم جراء الوباء

وقررت الحكومة المغربية دعم الصحافة المكتوبة في خضم إجراءات الحدّ من تداعيات الفيروس، إذ أعلن وزير الثقافة والشباب والرياضة عثمان الفردوس في وقت سابق، تخصيص مبلغ 200 مليون درهم (ما يعادل 20 مليون دولار أميركي) في إطار إجراءات استعجالية لهذا القطاع، مرتبطة بالدعم المباشر للصحافيين وضخ أموال في السلسلة الاقتصادية للقطاع ومساندة المطبعات ومؤسسات توزيع الصحف.

سطوة المعلنين

وتشكو الصحافة المكتوبة في المغرب من سطوة المعلنين الذين ينتهجون سياسة العصا والجزرة في تعاملهم مع المؤسسات الصحافية. كما يزيد احتكار الشركات العالمية العملاقة مثل "غوغل" و"فيسبوك" لسوق الإعلانات من تأزم وضعية الصحف التي تعتمد بشكل كبير على مداخيل الإعلان.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتستحوذ الشركتان على نسبة 70 في المئة من سوق الإعلانات في البلاد بحسب تقديرات غير رسمية، ويعود ذلك إلى التكلفة الزهيدة التي تعتمدها الشركتان في حملات الدعاية على منصاتها.

رُب ضارة نافعة

وتبلغ مبيعات الصحف المغربية مجتمعة 200 ألف نسخة، في الوقت الذي تشكّل المقاهي وواجهات بيع الصحف أهم وسيلة لقراءة الجرائد في الرباط.

ومع الإغلاق الذي فرضته السلطات سابقاً في إطار التدابير الاحترازية لمواجهة جائحة كورونا، أقفلت المقاهي لأشهر عدة، ما زاد تأزم الوضع، واكتشف حينها أن المقاهي هي الداعم الأساسي للصحف، بعدما كان الناشرون يطالبون بمنع تداولها في تلك الأماكن.

وعبّر مفتاح عن دهشته من اكتشاف أن المقاهي تضمن 85 في المئة من مبيعات الجرائد، فقط منذ اليومين الأولين من إغلاقها، مضيفاً "إذا افترضنا أن كل جريدة توضع في مقهى يقرأها عشرة أشخاص، فهذا معناه أن هناك مليوني قارئ للصحف المغربية، لكننا لا نستخلص ثمن الجريدة إلا من 200 ألف منهم، في حين يقرأها مليون و800 ألف مجاناً".

وأكد أن هذا الأمر يزيد من صعوبة أوضاع المؤسسات الصحافية المتردّية أصلاً، التي جعلها "كوفيد – 19" منكوبة ومتضررة أكثر بالمقارنة مع وضعية بقية الصحف الورقية في العالم، كما اعتبر أن غالبية المغاربة يقرؤون الجرائد من دون أي مقابل مادي، مع أن المؤسسات الصحافية تنشر مقالات خاصة وليست عمومية.

تعميق الأزمة

وزادت تداعيات كورونا من تأزم الوضعية المضطربة للصحافة المغربية المكتوبة، إذ اعتبر إعلاميون أن الوضع سيّء أصلاً ولم يكن بحاجة إلى ما يضاعف تأزّمه. واعتبر الإعلامي محمد برادة، مؤسس أول شركة توزيع صحف مغربية، أن "الصحافة لم تكن بحاجة إلى جائحة لتعميق آلام الأزمة الخانقة التي تعيشها منذ فترة والتي تزداد قسوة مع توالي الأيام، وتنعكس سلبياتها على عالم الصحافة ليتقلص إشعاعها وتتفاقم أوضاعها البشرية والمادية".

كذلك أكد أن الفيروس أتى ليضع الصحافيين أمام مسؤوليات استثنائية انطلاقاً من قناعات إنسانية ووطنية ومهنية، وأن ودور الصحافة في مثل هذه الحالات الطارئة يصبح مضاعفاً ويفرض المساهمة الفعلية في التوعية ومواكبة التطورات المتسارعة لهذه الجائحة.

المزيد من تقارير