Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"أحلام أميركية" عرض مسرحي يرافق الانتخابات عبر "زووم"

المخرجة ليلى باك تجعل الممثلين يتبارون في برنامج على الشاشة

لقطة للعرض المسرحي التلفزيوني "أحلام أميركية" كما ظهر على تطبيق "زوم" (الصورة خاضعة لحقوق الملكية الفكرية)

لم تكتب المخرجة الأميركية ليلى باك عرض "أحلام أميركية" مواكبةً لتجارب عروض  الـ"Zoom"، وهي تسمية أصبحت شائعة في الولايات المتحدة. ولم تكتبه أيضاً محاكاةً للانتخابات الرئاسية الأميركية الحالية، على الرغم من أن كل ما في العرض يدين سياسات دونالد ترمب (ومن سبقه على الأرجح) إزاء المهاجرين الجدد وطالبي اللجوء.

قدمت ليلى باك قراءتها الأولى لنص "أحلام أميركية" في أكتوبر (تشرين الأول) عام 2016. تستند فكرة العرض على فضاء برامج المسابقات التلفزيونية، التي يشارك فيها الجمهور في نجاح المتسابقين عبر التصويت، إلا أن مسرح باك الذي تحول بدوره إلى برنامج للتباري، يضع تيمة اللجوء في صلب المسابقة. وهكذا على الجمهور أن يصوت (بكل الأطر الديمقراطية التي تتغنى بها الولايات المتحدة) للمواطن الأميركي الجديد. بهذا المعنى يمتد العرض المسرحي (كأن المشاهد يتابع برنامج سوبر ستار أو ستار أكاديمي  وعليه أن يشارك في عملية اختيار الـ"سوبر - مهاجر") الذي تتوافق فيه صفات المواطنة الأميركية النجيبة.

وكما في كل برنامج مسابقات يبحث عن المتسابق الأفضل، هنالك مقدمة ومقدم للبرنامج، وهنالك آليات وأطر للتصويت، وبرنامج إحصائيات. بالإضافة إلى وجود ثلاثة مواطنين يبحثون عن الـ"حلم الأميركي" وهم في عرض باك، عادل من فلسطين، وعثمان من باكستان، وآليخاندرو المكسيكي الذي عاش طفولته في أميركا، وخدم في الجيش الأميركي.  

أن أكون مواطناً

يسعى المتسابقون الثلاثة إلى الحصول على الجائزة الكبرى، "أن أكون مواطناً أميركياً"... تشكل هذه الجملة الحلم الأميركي الذي يتمظهر عند كل شخصية بطريقة مختلفة، عثمان فنان الكرتون الذي أغرم بفيلم ستار، ترك يجد في أميركا أرض الفرص ويحلم ببلد حاضن للتعددية، وعادل الذي ورث عن والده حس المثابرة والإصرار بنى مطعماً لإطعام الفقراء، ويرى في أميركا بلد الريادة، بحيث يستطيع أن يذهب بأحلامه إلى ما هو أبعد مما تتيحه له بلاده، وآليخاندرو الذي عاش طوال حياته في أميركا دون أن يتقدم لطلب الجنسية، يحلم الآن أن يكمل تخصصه الجامعي، وأن يتطور في مجال الطب والإسعاف.

ينقسم العرض - البرنامج إلى عدة جولات، وعلى المتسابقين تخطيها للوصول إلى المرحلة الحاسمة التي ستقرر أياً من المتبارين سيصبح مواطناً أميركياً. خلال تلك المراحل تتكشف للمشاهد الألاعيب المتخفية تحت الواجهة اللامعة للديمقراطية الحاضنة للاختلاف، التي تجعل المواطنين سواسية أمام القانون، بحيث يتحول حق التصويت إلى آلة تجعل القرار الحاسم في أيدي أكثرية خاضعة لتلاعب وسائل الإعلام.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

على كل متبار أن ينال إعجاب الجمهور، وأن يقدم الإجابات الصحيحة طوال امتداد جولات المسابقة من "المفضل لأميركا" America’s Favourite  وصولاً إلى "المهارات الاستثنائية" Extraordinary Skills، وانتهاءً بمرحلة الجار المثالي، بحيث يطلب من أعضاء الجمهور اختيار من يفضلون أن يكون جاراً لهم. في كل جولة من هذه الجولات هنالك أسئلة يطرحها مقدمو البرنامج على كل من عادل وعثمان وآليخاندرو، وهي أسئلة ليست بريئة أو عابرة تهدف إلى التعرف على المتسابق أكثر. بعض الأسئلة تحيل إلى العالم الـ"بانوبتيكي" (panoptic)، على حد وصف فوكو للمجتمعات المعاصرة، التي تتمثل في حالة عرض باك، في إجراءات اللجوء. في الجولتين الأخيرتين، يخيم مناخ المراقبة والاستخبارات على كثير من الأسئلة، التي طرحت على المتسابقين الثلاثة. "الأخ الأكبر يراقبك" تلك الجملة الشهيرة في رواية أورويل، أصبحت الأساس الذي ينطلق منه معدو برنامج أحلام أميركية. وفي هذا السياق أي النبش في ماضي المتسابقين الثلاثة، قد يُستخدم لتخريب صورة المواطن الأميركي الجديد الأمثل أمام المصوتين. هكذا تم إحراج آليخاندرو، عندما عمل في الفريق الطبي مع الجيش الأميركي، وخالف أحد القوانين على الرغم من حسن نيته. وهكذا أُحرج عادل عندما سئل عن بعض المعلومات الاستخباراتية التي حصل عليها مقدما البرنامج حول سجنه في فلسطين، وحول آرائه عن وجود إسرائيل. هكذا أيضاً أُحرج عثمان حين سئل عن مستوى تدينه وحين نُبشت طفولته ليُسأل عن المدرسة التي تربى فيها، إن كانت مختلطة و"إن كان شيخ الجامع حيث يصلي حالياً يتحدث في الشؤون السياسية".  

على الرغم من أن العرض الأول لـ"أحلام أميركية" قد قدم في مسرح كليفلاند عام 2018، وعرض لاحقاً في عدة مسارح، إلا أن فضاء "زوم" الافتراضي يضع الفعل المسرحي أمام إشكالية كبيرة، لأنه يعيد فضاء "أحلام أميركية" إلى المكان الأصل، الشاشة... وهنا قد يفقد العرض كثيراً من ألقه. إلا أن لحظة الانتخابات الراهنة تبني زخماً ما، يعيد ترتيب أوراق عرض قد نكون بأمس الحاجة إليه اليوم.

اقرأ المزيد

المزيد من ثقافة