Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هكذا تستخدم السلطة العراقية فزاعة داعش

التلويح بالتنظيم يظهر كلّما شعرت الأحزاب السياسية بأن شعبيتها تراجعت

اعتاد العراقيون مع كل منعطف في حياتهم السياسية، أن تثير أحزاب السلطة قضايا جانبية تشغل الرأي العام عن قضاياه المهمة. فغالباً ما كانت أحزاب السلطة تروّج لعودة حزب البعث ونظام الحزب الواحد، وتحذر من خسارة مكاسب النظام الديمقراطي. ولا يقتصر الأمر على ذلك، فهناك القضية الحاضرة دائماً في الملف الأمني، وهي عودة تنظيم داعش.

الإفلاس السياسي  

يعتقد الباحث في العلوم السياسية إياد العنبر أن القوى السياسية تعتبر أن عناوين مثل الإرهاب، يمكن أن تكون مبرّراً لحالة الفشل أو للتغطية على التداعيات الخطيرة لفشل النظام السياسي.

ويرى العنبر أن "السلطة وصلت إلى مرحلة الإفلاس السياسي على مستوى الأيديولوجيا، فكما كانت في السابق تثير المخاوف من عودة حزب البعث والتآمر عليها، تردّد الحكومة الحالية بالنبرة ذاتها أن "هناك من يشكّك في منجزاتها، وأن هناك من يتأمر عليها، فالأزمة الحقيقة تتجسد في التفكير السلطوي الذي ما زال يعتاش على أفكار من الماضي، لكونه يفتقر إلى المنجز".

في السياق ذاته، يعتبر الكاتب وقاص القاضي أن "الحكومات المتعاقبة منذ عام 2003 تذرّعت بالانشغال في التصدي للإرهاب وأعداء الديمقراطية لتبرير فشلها وعدم التزامها بمسؤولياتها، وجعلت الحكومة من فرصة ظهور داعش مناسبة لقمع أي حراك شعبي، فداعش هو شماعة وقد ارتكبت باسمه أبشع الانتهاكات ضد حقوق الإنسان وقمع أي حراك شعبي سلمي يطالب بالإصلاح والتغيير".

فزاعة تمنع النازحين من العودة

يلاحظ الصحافي عمر الجنابي أن "إرباك المشهد الأمني في المناطق المحررة تحديداً، كما حدث أخيراً في الفرحاتية وناحية يثرب من إلصاق تهم الهجوم على  المدنيين من السكان بداعش، يهدف إلى تبرير عدم تنفيذ مشاريع تنموية ومنع عودة النازحين إليها، فالارتباك الأمني ينتج منه استيلاء على الأراض الزراعية وآبار النفط وإيجاد مبرّر لبقاء السلاح المنفلت والميليشيات".

ويسأل الجنابي، "كيف يمكن وجود داعش في هذه المناطق في ظل وجود آلاف العناصر في المؤسسات الأمنية والحشد شعبي، وهناك مناطق مطوّقة بالكامل؟". ويضيف أن "عدم استقرار الوضع الأمني والتخويف من عودة داعش يصبّان في مصلحة جهات سياسية فقدت التأييد الشعبي وفقدت فرصتها للبقاء، فأصبح خلق الرعب بين الأهالي هو وسيلتها الوحيدة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويتابع أن "المشهد الأمني الحالي سينعكس على الانتخابات المقبلة، فهناك كثير من المراكز الانتخابية مغلقة في بيجي وعزيز بلد ويثرب وجرف الصخر بسبب عدم السماح للنازحين بالعودة إلى هذه المناطق".

ويتوقع الجنابي أن "تشهد الانتخابات هجمات في مناطق محددة يتهم بها داعش، لكي تسرق الأصوات لمصلحة مرشحين معيّنين وتستبعد مناطق معنية من المشاركة في الانتخابات بحجة الوضع الأمني".

مرحلة طويت ولكن

خلف الإعلان الحكومي لتحقيق النصر على داعش، شعور جمعي لدى المواطنين بأن مرحلة التنظيم قد انتهت وطويت صفحتها إلى الأبد. وهذا ما يجعل الكاتب رعد هاشم يقول إنه "لم يدُر في خلد أحد أن تستغل جهات سياسية داعش شماعة أو فزاعة تخويف، فهي تستحضرها ساعة تشاء".

ويلفت الصحافي محمد الكبيسي إلى أن "التلويح بداعش يظهر كلّما شعرت الأحزاب السياسية بأن شعبيتها تراجعت، وأن قبضتها على الشارع ارتخت، لذلك تلعب على عواطف الناس، كما يتم استخدامها حالياً مع  قرب الانتخابات، وهذا يزيد من احتمالية بقائها في مناصبها".

داعش والحراك الشعبي  

وفيما توجّه إلى المتظاهرين تهم بأنهم "بعثيون وأبناء سفارات وجوكرية"، يرى الناشط وسام ميمر، أن "الأحزاب السياسية تعمل بشتى الطرق لتخريب الثورة وتشويه صورتها".

ويؤمن بأن "داعش صنيعة الأحزاب، وقد وجّهت التهم إلى الثورة بأنها مدعومة من قبل التنظيم، أو أنها تضم عناصر تسانده، بهدف إجهاضها وعدم حصولها على المساندة والتأييد من الشارع العراقي".

ويضيف هاشم أنه "غالباً ما يُستخدم داعش مع تصاعد أي حراك شعبي للإيحاء بأن هناك خطراً يُحدق بالبلد، وبحجّة الحفاظ على الأمن من خطر الإرهاب الذي يمكن أن يستغل التظاهرات".

لكن للكتاب حسين رشيد رأياً آخر، إذ يعتبر أن "قوة التظاهرات لن تتراجع على الرغم من محاولات إيجاد فزاعة داعش، فقوّتها تُستمد من مشروعية المطالب والأسباب التي دفعت الناس إلى التظاهر والمطالبة بالحقوق المسلوبة".

النصر لا يتحقق باستعادة الماضي

ويرى العنبر أن "السلطة السياسية تسعى إلى التأكيد على عودة الماضي وأنها هي من حقق النصر على داعش".

ويدعو هاشم إلى غلق ملف التلويح بداعش وعدم السماح بإثارته مجدداً بقصد الابتزاز، بعدما بات يوظّف بأبشع صوره من خلال استغلال أجندات خارجية له للعبث بأمن البلد"، مطالباً بإنهاء "هذا الملف بحملة تشترك فيها جميع القوات الأمنية التي طالما تفاخرت بجاهزيتها لدرء خطر داعش".

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي