Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

معاهدة إبراهيم بعد الانتخابات الأميركية إلى أين؟

توجهات ترمب وبايدن في التعامل مع ملفات الشرق الأوسط لا يمكن أن تكون أكثر اختلافاً 

يمثل كل من ترمب وبايدن خطين مختلفين تماماً بالنسبة إلى قضايا الشرق الأوسط (أ ب)

بعدما وقّعت الإمارات والبحرين سلسلة اتفاقات دبلوماسية واقتصادية وتكنولوجية مع إسرائيل، بإشراف إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، وفيما تجري التحضيرات لمزيد من الخطوات والاتفاقات، يطرح عدد من أصحاب القرار والرأي في المنطقة والولايات المتحدة سؤالاً كبيراً حول مستقبل "معاهدة إبراهيم" ومصيرها بعد الانتخابات الرئاسية والتشريعية الأميركية التي ستجري في الثالث من نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، وعلى المدى الأبعد. فهل تستمر، هل ستتغير، هل ستسقط؟

إذا أعيد انتخاب دونالد ترمب رئيساً لولاية ثانية في نوفمبر، فالتأثير على معاهدة إبراهيم والاتفاقات المنبثقة عنها سيكون إيجابياً، وسيتوسع ويصل إلى مستوى إقليمي شامل، مع احتمال تطور الأوضاع باتجاه إقامة نظام سياسي دفاعي في المنطقة، يرقى إلى مستوى حلف الناتو، تقوده واشنطن لأربع سنوات، وقد تتجسد ملامح هكذا معادلة جديدة في ما يلي:

ستلتحق بـ "معاهدة إبراهيم" دول أخرى وبسرعة فائقة، ومعظمها بات معروفاً، منها من عبّر عن نيته، وأخرى لا تزال متحفظة، وكل لأسباب داخلية. عملياً، سنرى منظومة إقليمية تضم دولاً عربية إلى جانب دول متوسطية وأفريقية مع إسرائيل بقيادة الولايات المتحدة، ومن شأن مارد اقتصادي - عسكري من هذا العيار أن يقلب ميزان القوى لمصلحة المعتدلين بوجه المتطرفين، وعلى رأسهم إيران و"الأنظمة الإسلاموية"، كما سيعجل أيضاً بالإصلاحات وحل الأزمات الاقتصادية والصراعات القومية والإقليمية. وحتى لو لم ينجح الجو "الإبراهيمي" الجديد بحل كل أزمة جذرياً، إلا أن الخيار الآخر يبدو خطيراً وعقيماً.

فإذا أعيد انتخاب ترمب فسيزداد الضغط على إيران، مما سيخفف الضغط على العرب عامة والخليج بخاصة، وفي هكذا وضع سيزداد الانفتاح العربي السياسي والاقتصادي على إسرائيل، ويفيد الأخيرة مالياً ودبلوماسياً. فما الذي سيحصل إذا دخلت إسرائيل في شبكة اقتصادية مع العالم العربي؟ بالطبع سيصعب عليها أن تتخلى عن هكذا موقع، وبالتالي ستقوم بخطوات تجاه الفلسطينيين لحل بعض المشكلات العالقة، ويتوجه الطرفان في اتجاه حل براغماتي للمواجهة.
 

النسخة الأخرى

إذا ربح بايدن وشكّل إدارته مطلع عام 2021، فستستمر بعض المبادرات، وتتغير بعض السياسات الأخرى، ويُقلب بعضها رأساً على عقب. ومما لا شك فيه أن عودة فريق الرئيس السابق باراك أوباما إلى البيت الأبيض ستنتج عودة سريعة للاتفاق النووي الإيراني، مع كل ما يعني ذلك من نتائج على كل المستويات، ومن بينها رفع العقوبات عن طهران وحلفائها في المنطقة، والضغط على التحالف الدولي للاتجاه إلى الحل السياسي في اليمن، وممارسة ضغوط على مصر وشرق ليبيا. كل هذه السياسات المتوقع أن يعتمدها بايدن كانت قائمة في عهد أوباما، كما بينتُ في كتاب "الخيار" The Choice الصادر منذ أسابيع، إلا أن السؤال الأصعب في حال انتخاب بايدن هو التالي، كيف ستتصرف إدارته حيال "معاهدة ابراهيم" وأركانها؟ هل ستُسقط الاتفاقات أم ستغيرها؟

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وللرد على هذا التساؤل فهناك الجواب الرسمي، والاحتمالات الأخرى. الموقف الرسمي عبر عنه جو بايدن نفسه بعد توقيع "معاهدة إبراهيم"، إذ رحّب بها والتزم دعمها. بالفعل، فالحزب الديمقراطي لن يقدم على إلغاء اتفاق سلام مع إسرائيل، لما سيكون لذلك من ردات فعل سلبية لدى الناخبين الأميركيين اليهود. وبالعكس فإن إدارة بايدن، في حال تألفت، ستنتزع قيادة اتفاق السلام، وتضع عمامتها عليه لأربع سنوات، وتعمل على توسيعه، ولكن بشروطها التي سيؤثر فيها أوباما.

الخط الجديد لإدارة يترأسها الثنائي بايدن - هاريس، ويؤثر فيها الجناح اليساري بقيادة أعضاء الكونغرس الراديكاليين، مثل إلهان عمر ورشيدة طليب، سيدفع بالسياسة الخارجية الأميركية الجديدة نحو الضغط على الحكومات الموقعة على "معاهدة إبراهيم" في مواضيع مثل اليمن وإيران وليبيا والعراق وسوريا وغيرها، وقد يصل الضغط إلى حد إجبار هذه الدول على تغيير سياساتها، إن لم يكن حكوماتها، من دون المساس باتفاقات السلام مع إسرائيل، وقد تبدأ إدارة بايدن بالضغط على حكومة بنيامين نتنياهو، بشكل يضعفه، وربما يؤدي إلى فقدانه السلطة في إسرائيل، فهي قادرة على فرض إعادة التفاوض مع السلطة الفلسطينية، وربما الدفع باتجاه محادثات مع حركة "حماس" في إطار جديد، ما سيغيظ اليمين الإسرائيلي ويدفعه إلى الانسحاب من كل الآلية. 

أضف إلى ذلك ممارسة الضغوط على كل دول المنطقة لتنصاع للاتفاق النووي المتجدد مع طهران، وربما أيضاً وضع ضغط كبير على هذه الدول لتسقط مواجهتها لجماعة الإخوان المسلمين، وتنهي مقاطعة قطر، وتقبل بشروط الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في مناطق نفوذه.

لذا فإن انتصار بايدن في نوفمبر، إذا حصل، سيبقي على اتفاقات السلام الجديدة، لكنه سيسيطر عليها اقتصادياً، وسيُضعف الموقعين عليها، ويجمد توسيع العقوبات ضد إيران، بل سيسعى إلى توسيع الاتفاق مع إيران ليضم معارضي هذا التوجه.  

هذا غيض من فيض لما يمكن أن تكون الاحتمالات. ترمب سيعزز معاهدة إبراهيم ويوسعها، ويفرض حلاً للفلسطينيين مقبولاً من الجميع. بايدن سيسيطر على المعاهدة ويربطها بالاتفاق الايراني الجديد، ويدخل "فلسطينيي إيران" في المعادلة. خطان مختلفان.

ومن سيقرر ذلك؟ إما أنصار ترمب، وإما جماعة "انتيفا". يا له من دهر جديد.

المزيد من آراء