Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مخيم أمبره في موريتانيا... التغريبة الأفريقية

أكثر من 50 ألف شخص مسجلين في قوائم منظمة الهجرة الدولية كلاجئين أغلبهم من النساء والأطفال

على بعد 20 كيلومتراً من أقصى مقاطعة في الشرق الموريتاني، باسكنو، ترتسم معالم مخيم أمبره للاجئين الماليين الذين فروا من إقليم أزواد المستعر في الشمال المالي.

يسكن المخيم أكثر من 50 ألف شخص مسجلين في قوائم منظمة الهجرة الدولية كلاجئين، أغلبهم من النساء والأطفال، وتتولى السلطات الموريتانية تأمينهم وتنظيم إقامتهم التي طال أمدها. فالمخيم يدخل عامه السابع من دون أن تلوح في الأفق بوادر عودة اللاجئين إلى وطنهم، الذي شهد انقلاباً عسكرياً في منتصف العام 2012، واستوطنت جماعات مسلحة في مناطقهم، ما أجبرهم على عبور الحدود مع جارتهم الشمالية موريتانيا.

سقوط الشمال

في يناير (كانون الثاني) العام 2012 أعلنت الحركة الوطنية لتحرير أزواد عن انفصال الإقليم عن الدولة المركزية في العاصمة باماكو، فدخلت الدولة المالية في حرب مع الحركة المسلحة. هذا الوضع لم يعجب كبار قادة الجيش الذين قرروا بعد أشهر من بداية المعارك تنظيم انقلاب عسكري أطاح الرئيس الذي كان يقضي آخر مدته الرئاسية.

استغلت التنظيمات الإرهابية الوضع وبسطت سيطرتها على شمال مالي، لتتدخل فرنسا الحليف التقليدي لمالي بقوة عسكرية في العام 2013، أطلقت عليها اسم "سيرفال"، وتحوّل الشمال المالي إلى أرض معركة. ما دفع عشرات الآلاف من المدنيين العزل إلى مغادرة ديارهم والدخول في رحلة هجرة لم تنتهِ بعد.  

ماليو الشتات

يسكن المخيم حوالي 50 ألف لاجئ مسجلين على قوائم منظمة الهجرة الدولية العاملة (IOM)، وتتولى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR) تدبير احتياجاتهم اليومية، وتضطلع منظمات أخرى بمهمة توفير أماكن صحية وتوزع اللقاحات لأطفال المخيم وتقدم الاستشارات الصحية.

وعلى الرغم مما توفره هذه المنظمات من خدمات لتسهيل حياة اللاجئين، إلا أن أبو بكر الأنصاري، رئيس حزب المؤتمر الوطني الأزوادي، غير راضٍ عن وضعية اللاجئين ويصف أوضاع اللاجئين في مخيم أمبره بـ "الصعبة جداً. فالأمم المتحدة أوجدت عملاً للعديد من مواطني دول غرب أفريقيا السوداء الذين يسيئون معاملة اللاجئين بهدف عودتهم إلى مالي".

يضيف "بسبب قلة الدواء وانعدام الكفاءات الطبية، يجري تحويل الحالات الصعبة إلى نواكشوط بعد إجراءات معقدة".

ويرى الصحافي الموريتاني محمد ولد بادي، الذي عايش أوضاع اللاجئين عن كثب، أن ظروف اللاجئين تحسنت جداً في الآونة الماضية. إذ "مولت الحكومة الموريتانية مشاريع إنتاجية صغيرة لبعض اللاجئين، وتوجه بعضهم إلى الزراعة وتصريف المحصول في المخيم".

ويشيد أجيد الأزوادي، وهو ناشط حقوقي مقيم في المخيم، باستتباب الأمن. ويضيف "ننعم بالأمن الذي افتقدناه في مالي، ونستفيد من خدمات الصحة والتعليم".

وتسعى المنظمات الأممية لتسجيل المئات من أطفال اللاجئين في مدارس أنشأتها خصيصاً لهذا الغرض. ويؤكد الأنصاري أن "نسبة الانتساب إلى المدارس ضعيفة، وهي لا تتجاوز 20 في المئة". ويضيف "بعض التلاميذ يلتحق بمدارس تنفق عليها الأمم المتحدة وتدرّس المنهج المعتمد في مالي. أما خريجو الثانوية فيواجهون صعوبة في الالتحاق بالجامعة".

اتفاق على العودة

في العام 2017، وقّعت موريتانيا ومالي والمفوضية السامية لشؤون اللاجئين اتفاقاً لتنظيم العودة الطوعية للاجئين الماليين في موريتانيا إلى بلادهم.

وينصّ الاتفاق على وضع إطار قانوني لعودة أكثر من 50 ألف لاجئ مالي لا يزالون يقيمون في مخيم أمبره شرق موريتانيا، تنتمي غالبيتهم إلى ولاية تمبكتو في الشمال وإقليم موبتي وسط مالي، ويقضي بتشكيل لجنة ثلاثية من البلدين والمفوضية لتحديد الإجراءات العملية للعودة الطوعية لهؤلاء اللاجئين.

وتضمن المفوضية السامية لشؤون اللاجئين بموجب الاتفاق توفير الظروف الملائمة للراغبين في العودة من خلال تقديم الدعم المالي لهم، والعمل على تحسين أوضاعهم المعيشية في مناطقهم الأصلية، بالتعاون مع السلطات المالية والمجتمع الدولي.

إلا أن عمليات العودة لم تبدأ بعد، بسبب الأوضاع الأمنية غير المستقرة في مالي، كما أن غالبية اللاجئين اعتادت العيش في المخيم في ظروف لا يضمنون توافرها في دولتهم إذا ما قرروا العودة، وفق ولد بادي.

وكان وزير التضامن وإعادة إعمار الشمال في مالي حمادو كوناتي قد صرح قبل فترة أن بلاده "ملتزمة توفير الظروف الملائمة لعودة اللاجئين، وتعمل على ذلك من خلال تنفيذ برنامج استعجالي بغطاء مالي يبلغ 12 مليار فرنك غرب أفريقي. وقد أُهّلت تسع مناطق لاستقبال العائدين منهم، وستؤهل أكثر من 20 منطقة أخرى لهذا الغرض". إلا أن ذلك لم يسرّع وتيرة عودة اللاجئين.

ارتياح أممي

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أوضاع اللاجئين الماليين في مخيم أمبره كانت محط إشادة من هيئات الأمم المتحدة، إذ سبق للمفوض المساعد المكلف بالحماية لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فولكر تيرك أن أكد في نهاية زيارة قام بها إلى موريتانيا في فبراير (شباط) الماضي على رأس بعثة من المفوضية "ارتياح هيئته للاستضافة التي توفرها موريتانيا للاجئين الماليين".

أضاف المسؤول الأممي أنهم يعملون من "أجل إيجاد حل لمعضلة هؤلاء اللاجئين وتمكينهم من العودة إلى أراضيهم والاستفادة من حقوقهم".

ويحلم العديد من أبناء مناطق تمبكتو بالعودة إلى أراضيهم التي هجّرتهم منها مدافع الحركات المتطرّفة وتنكيل الجيش المالي، ويأملون في ألّا يطول مقامهم بعيداً من ديارهم التي فارقتها أجسادهم ولم تفارقها أرواحهم.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي