"الآن يبقى أن نرى ما إذا كانت الخطوة صادقة أم أنها مناورة قصيرة الأمد؟"، على هذا النحو صرح رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس، بشأن قلقه من التزام تركيا إزاء تهدئة التوترات الأخيرة شرق المتوسط عقب مباحثات في أثينا مع الأمين العام لحلف شمال الأطلسي، ينس ستولتنبرغ، الثلاثاء الماضي، وفقاً لوكالة "رويترز".
برلين تحذر من انتكاسة خفض التصعيد
بعد أن سحبت أنقرة سفينة التنقيب "ياووز" قبالة سواحل قبرص منتصف سبتمبر (أيلول) الماضي، عقب تهديد الاتحاد الأوروبي بفرض عقوبات عليها إذا لم تُوقف ما وصفه بأنشطة حفر واستكشاف غير قانونية في المياه الإقليمية بشرق المتوسط التي تطالب بها قبرص واليونان، وما أعقبه من مساعي التهدئة الأخيرة الأسبوع الماضي، أرسلت سفينة استكشاف جديدة للبحث عن الغاز الطبيعي، أمس الاثنين، وهددت بتصعيد التوتر مجدداً مع اليونان، الأمر الذي دعا وزير الخارجية الألماني، هايكو ماس، الثلاثاء، لمطالبة تركيا بـ"وضع حد لدوَّامة التهدئة والاستفزاز" شرق المتوسط، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية.
وقال ماس، الذي يزور اليونان وقبرص اليوم بهذا الشأن، في بيان "إذا جرت فعلاً عمليات استكشاف تركية جديدة للغاز بالمناطق البحرية المتنازع عليها في شرق البحر المتوسط، فستكون هذه انتكاسة كبرى لجهود خفض التصعيد".
وأضاف ماس، الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي "يجب على أنقرة أن تُنهي دورة التهدئة والاستفزاز إذا كانت الحكومة مهتمة بإجراء مباحثات".
وأثارت تركيا، أمس الاثنين، توتراً جديداً مع جيرانها بعد أن أعلنت عزمها على إعادة إرسال سفينة الاستكشاف "عروج ريس" إلى شرق البحر المتوسط. وسبق أن تسببت هذه السفينة بتوتر دبلوماسي وعسكري حاد في أغسطس (آب) وسبتمبر (أيلول)، وأدَّت إلى تنظيم مناورات بحرية متنافسة، وقامت بمهمة بحرية بحثاً عن مخزون محتمل من النفط والغاز في عمق البحر قبل أن تسحبها تركيا الشهر الماضي.
وقال ماس، إنه أكد لشركاء الاتحاد الأوروبي أن اليونان وقبرص لهما "تضامن ألمانيا الكامل"، وحث تركيا على ضمان عدم إحباط الحوار مع اليونان بـ"إجراءات أحادية". ومن المرتقب أن تجري مناقشة الوضع المتصاعد خلال قمة الاتحاد الأوروبي التي تبدأ الخميس.
واشنطن تتهم أنقرة بتعمد تعقيد المباحثات
واستنكرت الولايات المتحدة، قرار عودة سفينة التنقيب التركية لشرق المتوسط أمس الأول، واتهمت أنقرة بإثارة التوتر في المنطقة "وتعمد" تعقيد استئناف المباحثات مع اليونان. وفقا لرويترز.
وقالت مورجان أورتاجوس، المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية في بيان، "الإجبار والتهديدات والترويع والنشاط العسكري لن ينهي التوتر في شرق المتوسط. نحث تركيا على إنهاء هذه الاستفزازات المحسوبة والبدء على الفور في المباحثات الاستكشافية مع اليونان".
اليونان: تركيا ليست محل ثقة
من جانبها، دانت وزارة الخارجية اليونانية، أمس الاثنين، قرار تركيا إعادة سفينة البحث إلى شرق المتوسط، محور النزاع بين البلدين بشأن حقوق التنقيب عن موارد الطاقة، في وقت تحاول أثينا وأنقرة تحديد موعد للمباحثات لنزع فتيل الخلاف بين البلدين العضوين في حلف الأطلسي، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية.
وأعلنت البحرية التركية، أول من أمس، أن سفينة "عروج ريس" ستقوم بأنشطة في المنطقة، بما في ذلك جنوب جزيرة كاستيلوريزو اليونانية، اعتباراً من الاثنين، حتى 22 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، في رسالة إلى نظام الإنذار البحري "نافتيكس".
وأفادت الخارجية اليونانية، في بيان، بأن الخطوة تشكل "تهديداً مباشراً للأمن والسلم الإقليميين"، وأضافت أن تركيا "غير جديرة بالثقة"، و"غير صادقة في رغبتها بالحوار".
وتابعت أن أنقرة "أبرزت عامل عدم الاستقرار في المنطقة، انطلاقاً من ليبيا، وصولاً إلى منطقة بحر إيجة وقبرص وسوريا والعراق والآن ناغورنو قره باغ".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
تركيا ترد: نبحث في نطاق حدودنا
في المقابل، قالت وزارة الخارجية التركية، في بيان، الاثنين، إن النطاق الذي تعمل فيه سفينة المسح السيزمي "عروج ريس" يقع على بُعد 15 كيلو متراً من تركيا و425 كيلو متراً من اليونان، وإن ذلك "يقع تماماً داخل الجرف القاري التركي".
وأضاف البيان "من غير المقبول أن يكون هناك اعتراض على قيام بلادنا، التي لديها أطول ساحل على منطقة شرق البحر المتوسط، بالعمل (في البحر) على بُعد 15 كيلو متراً من أراضيها".
وانخرطت تركيا واليونان في نزاع بشأن التنقيب عن الغاز في شرق المتوسط في أغسطس؛ إذ أجرى البلدان مناورات جوية وبحرية متنافسة في المياه الاستراتيجية بين قبرص وجزيرة كريت اليونانية.
باريس تدخل على خط الأزمة
من جهتها، أعربت باريس، أمس، عن "قلقها"، حيال إرسال أنقرة سفينتها إلى شرق المتوسط. وقالت وزارة الخارجية في بيان "نشعر بالقلق إزاء إعلان تركيا إرسال سفينة المسح الزلزالي (عروج ريس) قبالة جزيرتي كاستيلوريزو ورودس اليونانيتين".
وأضاف بيان الخارجية الفرنسية، أن "المجلس الأوروبي دعا في الأول من أكتوبر تركيا بوضوح إلى الامتناع عن الإجراءات أُحادية الجانب التي تتعارض مع مصالح الاتحاد الأوروبي وتنتهك القانون الدولي والحقوق السيادية للدول الأعضاء في الاتحاد". وتابع "نتوقع أن تمتثل تركيا لالتزاماتها وتمتنع عن القيام بمزيد من الاستفزازات وتقدم ضمانات ملموسة حول رغبتها في إجراء حوار حسن النية"، وهو الأمر الذي لم يحدث حتى اليوم.