Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل يعجل كورونا إطلاق المصارف الرقمية في الخليج؟

تحولات سريعة في قطاع البنوك تعزز خفض الإنفاق عبر تقليص الفروع والعمل عن بُعد

هناك تقبل لدى العملاء للتعامل مع الآلات عوضاً عن البشر (رويترز)

يتوقع مراقبون أن يشهد العالم تحولاً كبيراً نحو البنوك الرقمية خلال السنوات المقبلة، مع جنوح العالم نحو الذكاء الاصطناعي، ما قد يفتح الباب لاختفاء البنوك التقليدية، وخصوصاً أن التحول الرقمي سيُخفض الإنفاق عبر خفض فروع  البنوك التقليدية، وتقليل أعداد الموظفين، ما سيخفض الكلفة التشغيلية للقطاع، إلى جانب فتح الباب لاستقدام المواهب المالية والمصرفية من مختلف مناطق العالم، لاسيما وأن الموظف أو المصرفي  لم يعد بحاجة للجلوس في مكتبه داخل البنك لمخاطبة العملاء، مع منافسة الآلة التي بدأت بسحب البساط من تحت أقدامه.

الحاجة إلى استراتيجيات مختلفة حول التسويق والابتكار والخدمات المصرفية الرقمية كانت واضحة قبل انتشار الوباء، ما يطرح سؤالاً مهماً عما إذا كانت المؤسسات المالية ستبقى ملتزمة بالنماذج المصرفية الجديدة التي فرضتها أزمة كورونا، بما فيها تحول البنوك التقليدية بالكامل إلى رقمية.

وتشير تقارير "برايس ووتر هاوس كوبرز" و "سي بي إنسايت" إلى ثبات النمو في تأثير شركات التكنولوجيا المالية في عام 2020، مع تحقيق تمويل رأس المال الاستثماري لشركات التكنولوجيا المالية الخاصة في الولايات المتحدة نمواً قوياً، باستثمارات تصل إلى 18 مليار دولار أميركي في تكوين التقنيات المالية في عام 2019، مقارنة بـ 13 مليار دولار عام 2018، في حين تركّز جزء كبير من هذا النمو على الشركات التي تستخدم البيانات والتحليلات والتقنيات المتقدمة لتقديم تجارب محسنة للمستهلكين.

ووفقاً لتقرير صادر عن "إيكوسيستم"، فهناك خمسة اتجاهات رئيسة من المتوقع أن تشكل ما يعرف بسوق "فينتيك"، وهي بوابة للتمويل والتكنولوجيا، وتشير إلى أي عمل يستخدم التكنولوجيا لتعزيز الخدمات والعمليات المالية، وشملت الاتجاهات التوجه نحو استثمار أكبر في المنصات الداعمة للشمول المالي، وزيادة التعاون والاستثمار في شركات التكنولوجيا المالية من قبل البنوك التقليدية، إضافة إلي الوعي بأن آسيا هي مركز عالم التكنولوجيا المالية، وكذلك تعزيز أهمية البيانات المتقدمة والشركات الناشئة التحليلية. ومع تفشي فيروس كورونا وتداعيات الأزمة التي خلفها الوباء، من الواضح أن هناك اتجاهاً رئيساً.

تأسيس بنك رقمي متكامل في الإمارات

وكان بنك أبوظبي الأول صرّح بأنه سيعقد اجتماع الجمعية العمومية في 20 أكتوبر (تشرين الأول) الجاري للنظر في التنازل عن الرخصة المصرفية لبنك الخليج الأول سابقاً، إلى شركة (ADQ) القابضة والمملوكة بالكامل لحكومة أبوظبي، والتي تنوي تأسيس بنك إماراتي رقمي متكامل.

والخطوة تعكس بطبيعة الحال التحول المصرفي نحو الرقمية في ظل المنافسة القوية بين البنوك الوطنية والأجنبية العملاقة، لتطوير الخدمات المصرفية الرقمية عبر الإنترنت.

ويقول المدير التنفيذي لشركة الأنصاري للصرافة، محمد علي الأنصاري، لـ "اندبندنت عربية"، إن التحول الرقمي موجود بالفعل، وكان يحدث تدريجاً في مختلف القطاعات بما في ذلك القطاع المصرفي والمالي، ولكن جائحة كورونا وتداعياتها دفعت نحو تسريع اعتماد الرقمية التي فرضها الحجر المنزلي، والتباعد الاجتماعي في العالم للحد من تفشي الوباء.

وأضاف، رأينا خلال الجائحة كيف أن عدداً من البنوك في العالم طلبت من موظفيها العمل عن بعد، ووجدت التجربة ناجحة وتخدم توجهاتها نحو خفض الإنفاق، ولاسيما في ما يتعلق بخفض كلفة التشغيل، أي أنه أصبح بإمكان البنوك خفض عدد فروعها، وبالتالي خفض كلفة الإيجار، وتقليل أعداد موظفيها، وخصوصاً البنوك الكبرى العالمية التي تشغل آلاف الموظفين. وهناك بنوك تحولت بالكامل من تقليدية لرقمية حتى قبل تفشي الجائحة، واليوم أصبحت البنوك تسير بخطى سريعة نحو التحول الرقمي في ظل الظروف التي فرضتها الأزمة الراهنة، وعملية التحول تلك برأيي ستستمر بشكل قوي حتى بعد انتهاء الأزمة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويشكل تقليص أو إعادة استخدام شبكات فروع البنوك فرصاً أخرى واضحة لخفض التكاليف ودعم الاستثمارات، فحوالى 40 في المئة من تكاليف المقرضين مستمدة من بيع المنتجات، والتي تشمل النفقات المتعلقة بالفروع وفقاً لـ "ماكنزي".

ويرى الأنصاري أن المنطقة تمتلك بنية تحتية تكنولوجية مالية تضاهي نظيرتها العالمية، مما يجعل بنوك المنطقة مهيأة لعملية التحول الرقمية، وقال إن دولة الإمارات العربية المتحدة، على سبيل المثال، متقدمة جداً في مجال تقديم الخدمات المالية والمصرفية التي تعتمد التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، وهي تنافس ما تقدمه البنوك العالمية.

وسألت الأنصاري إن كان هناك تقبل لدى العملاء للتعامل مع الآلات عوضاً عن البشر، وخصوصاً في قطاع الخدمات المالية، فالعديد من البنوك في العالم تعتمد الذكاء الاصطناعي والآلات للرد على استفسارات العملاء وتقديم النصائح المالية، فرد بالقول، "أعتقد أن جيل الشباب مهيئ لعملية التحول تلك، فهو مرتبط بالرقمية والإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي بشكل كبير في حياته اليومية، ولكن الجيل الأكبر سناً سيجد صعوبة في التأقلم مع عملية التحول تلك، لأن الفئة العمرية المتقدمة في السن تشعر بالراحة عند الحديث إلى موظف البنك أو المستشار المالي، واعتادوا التعامل مع موظفي البنوك وجهاً لوجه، وهم أقل انفتاحاً للتعامل مع الآلات".

ويضيف الأنصاري، ما بين عشرة إلى 15 عاماً نرى جيلاً جديداً متسلحاً بالتكنولوجيا الحديثة يدخل سوق الدراسة والعمل، وبالتالي التحول نحو الرقمية حاصل على أرض الواقع، وسيهيمن لسنوات طويلة مقبلة، ومن المهم الإشارة إلى أن التحول الرقمي سيفتح باب استجلاب المواهب في عالم المال والصيرفة من مختلف مناطق العالم، وخصوصاً أن الموظف لا يحتاج اليوم للجلوس والعمل من مكتبه في البنك.

حالة الصناعة المصرفية

ويقول المالك والرئيس التنفيذي لتقرير الخدمات المصرفية الرقمية، ومؤلف كتاب التحول المصرفي "بانكينغ ترانسفورمد"، جيمي ماروس، الذي يرصد حال الصناعة المصرفية قبل وبعد تفشي الجائحة، إنه في غضون أسابيع قليلة فقط من تفشي الوباء، شهد عالم البنوك مستوى من الاضطراب الذي غيّر كل شيء، وكان هو القاعدة في الخدمات المالية. ويضيف أن التغيير الكبير لم يقتصر فقط على الطريقة التي تدير بها المؤسسات المالية أعمالها، ولكنه أيضاً تجاوز ذلك لطريقة أداء الموظفين لعملهم، والطريقة التي يدير بها المستهلكون مواردهم المالية.

ويرى ماروس، أنه ينبغي على البنوك والاتحادات الائتمانية استغلال هذا الوقت من الاضطراب للنظر في إعادة اختراع نفسها من الداخل إلى الخارج. قائلاً، "إنه وقت نحتاج فيه إلى فهم أفضل للطريقة التي يتوقع المستهلكون من خلالها أن تدعم مؤسساتهم المالية حاجاتهم المالية، وهذا يشمل الطريقة التي تستخدم بها البنوك والاتحادات الائتمانية البيانات والذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا والموارد البشرية للتأثير في التسويق والابتكار والتسليم الرقمي للمنتجات والخدمات".

وأضاف أن بعض البنوك قد تتراجع عن محاولة توفير التكاليف بسبب الضغط المالي الناتج من عمليات الإغلاق الهائلة بسبب الجائحة، بينما تلجأ أخرى إلى تجاوز البحث عن الكفاءات لإنشاء نماذج أعمال جديدة تماماً تؤثر في جميع مكونات الأداء. ورأى ماروس أن هناك فرصة قائمة في الوقت الراهن لإعادة تقويم كيف يمكن للتكنولوجيا والبصيرة والتحليلات تسريع النمو المستقبلي، وتعزيز القدرة التنافسية للمؤسسات المالية على مستوى العالم، وللمضي قدماً في تحقيق هذا الهدف، سيتطلب ذلك منظوراً جديداً من معظم البنوك في ما يتعلق بالأولويات وتوزيع الموارد.

المنافسة القادمة من الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا المالية

وكان مسح لعملاء بنوك التجزئة في فرنسا وإسبانيا وإيطاليا وألمانيا والبرتغال والمملكة المتحدة أجرته شركة "ماكينزي وشركاه" بحسب "بلومبيرغ"، أظهر أن استخدام البنوك عبر الإنترنت ارتفع في جميع البلدان، حيث ارتفع في إيطاليا حوالى سبعة في المئة، وفي البرتغال 19 في المئة، وبحسب المسح، جرب واحد من كل خمسة عملاء في إسبانيا وبريطانيا الخدمات المصرفية عبر الإنترنت للمرة الأولى، ومن المحتمل أن يستغرق التحول إلى الاستخدام الرقمي بهذا الحجم عامين على الأقل، من دون إغلاق الفروع المصرفية للبنوك التقليدية، وفقاً للمسح.

ووجدت دراسة مماثلة لـ "بي سي جي"، أن واحداً من كل خمسة استطلعت آراؤهم قالوا إنهم سيتجهون لتقليل زيارة البنوك أو حتى التوقف عن زيارتها تماماً بعد الأزمة.

خفض البنوك للنفقات والاستثمار في التكنولوجيا

وبالرغم من أن بعض أجزاء الخدمات المصرفية ستكون أكثر مرونة من غيرها، وأن شدة خسائر الائتمان ستحدد الاستراتيجيات الفردية للبنوك، فإن الصناعة ككل ستحتاج إلى خفض النفقات مع الحفاظ على الاستثمارات في التكنولوجيا، وهي ليست بالمهمة السهلة.

وتنظر البنوك في عمليات الاستحواذ كطريقة سريعة لإضافة تطبيقات وخدمات جديدة، لكن دمج الأنظمة الأساسية التكنولوجية الجديدة مع الأنظمة القديمة ليس سهلاً، كما أن القدرة على الاحتفاظ بأفضل المواهب التقنية ليست أمراً مفروغاً منه، مع التوقعات بأن يتجه المقرضون الأوروبيون الذين يعانون ارتفاع النفقات، وانخفاض الإيرادات والزيادة المتوقعة في خسائر الائتمان المرتبطة بالوباء، والمنافسة من الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا المالية، إلى استخدام أكبر للتكنولوجيا للتحكم في التكاليف.

اقرأ المزيد

المزيد من اقتصاد