Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الحريات العامة في تونس مهددة بـ"قانون" حماية الأمنيين

تستعد جمعيات حقوقية لتنظيم تظاهرات للضغط من أجل إسقاطه

مشروع قانون جديد مُثير للجدل في تونس، انتفضت ضده عديد من المنظمات الحقوقية والجمعيات المدافعة عن حقوق الإنسان، لما تضمّنه من فصول اعتبرتها مخالفة للدستور، وتمس الحريات، بينما يراه الأمنيون ضرورياً لحماية حاملي السلاح أثناء ممارستهم مهامهم، من أي اعتداءات، أو تهديدات إرهابية، وهو مشروع القانون رقم 25 لسنة 2015، المتعلق بـ"زجر الاعتداء على القوات الحاملة للسلاح".

التضييق على الإعلام

هل يهدد مشروع هذا القانون بنسف مكاسب حرية الرأي والتعبير في تونس؟

تباينت المواقف إزاء مشروع هذا القانون، الذي سيعرض خلال هذا الأسبوع على الجلسة العامة، في مجلس نواب الشعب، من أجل المصادقة عليه، بعد أن نظرت فيه لجنة التشريع العام، وتم تنقيحه، إثر الاستماع إلى كل الأطراف المعنية.

وعلى الرغم من عديد من التنقيحات، فإن مشروع هذا القانون سيثير نقاشاً حاداً، تحت قبة المجلس، بسبب عديد من الفصول التي تتعارض مع الدستور، كالفصل السابع الذي ينص على ضرورة أخذ تصريح للتصوير في منطقة العمليات الأمنية أو العسكرية، كالعمليات الإرهابية، بينما ينص الدستور في فصله الـ31 على أن "حرية الرأي والتعبير والإعلام والنشر مضمونة، ولا يجوز ممارسة رقابة مُسبقة على هذه الحريات".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

تصنيف تفاضلي لعون الأمن

كما يتضمن مشروع القانون بعض العبارات المفتوحة والقابلة للتأويل المتعدد، بينما تتطلب النصوص القانونية الدقة والوضوح، ويشير الفصل الـ12 من مشروع هذا القانون إلى "عقوبة بعامين سجناً لكل من تعمَّد تحقير القوات المسلحة بقصد الإضرار بالأمن العام". ووقف عديد من الحقوقيين عند عبارتي "تحقير" و"الأمن العام" باعتبارهما عبارات حمّالة لمعانٍ متعددة، وهو ما قد يمنح قوات الأمن إمكانية استغلال ذلك للمس من الحريات الفردية.

وتضمن مشروع القانون أيضاً حماية خاصة "لذوي قوات الأمن من القرين والأصول والفروع"، وهو ما يمنح عائلة عون الأمن صفة تفاضلية عن بقية المواطنين، بينما ينص الفصل 21 من الدستور على أن "المواطنين متساوون في الحقوق والواجبات، وهم سواء أمام القانون من غير تمييز".

قانون يتعارض مع الدستور

النائب في مجلس نواب الشعب وعضو لجنة التشريع العام، زهير مخلوف، أكد في تصريح لـ"اندبندنت عربية" أن مشروع القانون كان مليئاً في بداية عرضه على المجلس بالتجاوزات، منها خرق الدستور، والاتفاقيات الدولية، إلا أن صيغته الأخيرة التي ستعرض على الجلسة العامة تتماشى ومطالب الأمنيين، بينما بقي عديد من الفصول خلافية، وستُثير جدلاً واسعاً، خاصة ما يتعلق منها بحرية الرأي والتعبير.

وأشار إلى أن المشروع يمس حق الصحافي في النفاذ للمعلومة، وفيه فصول زجرية ضد الصحافي الذي ينشر معلومات تخص ما يسمى الأمن العام، داعياً إلى تدقيق عديد من العبارات في نص المشروع.

المعادلة الصعبة

شدد مخلوف على أن المعادلة صعبة في التوفيق بين ضمان حقوق الأمنيين وحرية النشر، بخصوص المعلومات التي تهم الأمن العام، فبينما يرى الصحافي أن من واجبه نشر الخبر لالتزامه الأخلاقي مع القراء والمتابعين من الجمهور، قد يتحفظ الأمني على النشر، ويعتبر ذلك مساساً من الأمن العام، وهنا مكمن الخلاف بين المقاربتين الأمنية والإعلامية.

وعبر عن تخوفه من ردة فعل الأمنيين، في حال لم تتم المصادقة على مشروع القانون، الذي يطالب به الأمنيون منذ مدة، معرباً عن أمله في أن تتوصل الجلسة العامة إلى حل يُرضي جميع الأطراف، من خلال معالجة عديد من الفصول التي تهم الحقوق والحريات.

نقابة الصحافيين ترفض

في السياق ذاته، عبَّرت النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين عن تخوّفها من المساس بالحقوق والحريات، من خلال تمرير مشروع هذا القانون، مؤكدة أنه من حق الأمنيين أن يحموا أنفسهم ومقار عملهم بالقانون من الاعتداءات التي قد تستهدفهم دون المساس بالحريات.

وعبرت عضو المكتب التنفيذي للنقابة أميرة محمد في تصريح لـ"اندبندنت عربية" عن رفض النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين، لمشروع القانون، لما تضمنه من فصول تحد من حرية الصحافة والنشر، من خلال مساءلة الصحافيين عن مصادر معلوماتهم، وهو ما يمثل مساساً بحرية التعبير، مؤكدة أن المكسب الوحيد في تونس بعد الثورة، هي حرية التعبير، ولا يمكن التنازل عنها.

وأكدت أن النقابة ستبدأ في سلسلة من التحركات من أجل الضغط على أعلى هرم بالدولة، من خلال توجيه رسالة إلى رئيس الجمهورية، قيس سعيد، ستدعوه فيها إلى عدم ختم هذا القانون، في حال صادق عليه مجلس النواب، لأنه يتعارض مع أحكام الدستور.

لا مجال لعودة العصا الغليظة للأمن

في المقابل، تتمسك النقابات الأمنية بمشروع القانون وتعتبره ضرورياً في سياق الحرب على الإرهاب، ومن أجل هيبة المؤسسة الأمنية، وحفظاً لكرامة عون الأمن.

وقالت ألفة العياري عن نقابة السجون والإصلاح في تصريح لـ"اندبندنت عربية"، إن عديداً من الجهات رفضت مشروع القانون لأنه يمس الحريات ويهدد بعودة الديكتاتورية والعصا الغليظة لقوات الأمن، مشددة على أن الدستور يضمن الحريات، ولا يمكن بأي حال من الأحوال العودة إلى الديكتاتورية لأن تونس تغيرت.

وأكدت أن مشروع القانون غايته حماية عون الأمن، وكل حامل للسلاح أثناء ممارسته مهامه ضد كل أشكال الاعتداءات التي قد تطاله. وعابت على عديد من الجمعيات الناشطة في مجال حقوق الإنسان، مؤكدة أن النضال سيتواصل من أجل تمرير مشروع هذا القانون، حماية لعون الأمن، وصوناً لهيبة المؤسسة الأمنية، على حد تعبيرها.

حماية القوات الحاملة للسلاح حق مشروع، إلا أن ذلك يجب ألا يكون ذريعة للتضييق، أو المساس بالحقوق، والحريات العامة، والفردية، المكفولة بالدستور، وبالمواثيق، والمعاهدات الدولية، وذلك ما يُجمع عليه الحقوقيون في تونس، وفي انتظار جلسة ساخنة في البرلمان عند مناقشة مشروع هذا القانون، تستعد الجمعيات الحقوقية لتنظيم تظاهرات للضغط من أجل إسقاط مشروع القانون، بينما تهدد النقابات الأمنية بالتصعيد في حال لم تتم المصادقة عليه.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي