Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مداولات وزراء الخارجية العرب... توافق في الشكل وتمايز في المضمون

كان لافتاً غياب مواكبة وزراء الخارجية للمطالب الشعبية التي ترددت في عاصمتين عربيتين ليستا ببعيدتين نسبياً عن "تونس الخضراء"، هما الجزائر والخرطوم.

التقى وزراء الخارجية العرب تحت سقف واحد اليوم الجمعة 29 مارس (آذار) الحالي، في الاجتماع التحضيري للقمة العربية في الدورة العادية الـ 30، التي تحتضنها العاصمة التونسية بعد غد الأحد.

في الشكل، بدت الأمور جيدة، إذ جلس المسؤولون العرب إلى طاولة مستديرة واحدة، في مقر الأمانة العامة لوزراء الداخلية العرب في تونس، رغم التباعد الذي يشوب السياسات المتعارضة التي تعتمدها بعض دولهم، في ما بينها، وتجاه الملفات والأزمات الإقليمية والدولية الضاغطة على العرب والعالم.

قضايا جامعة

أما في المضمون، فأظهرت الكلمات الثلاث التي أُلقيت في الجلسة الافتتاحية للاجتماع التحضيري، توافقاً عربياً على عدد من القضايا الجامعة، بدءاً من القضية الفلسطينية والحرب في اليمن، مروراً بالأزمة السورية، ووصولاً إلى إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب أخيراً "الإعتراف بسيادة إسرائيل" على هضبة الجولان السورية المحتلة.

إدانة سعودية لإيران

إلا أن الكلمة التي ألقاها وزير الخارجية السعودي إبراهيم بن عبد العزيز العساف أظهرت تمايزاً في موضوع إدانة إيران الذي اعتبر أنها تمارس دعم الإرهاب وكل أشكال التطرف، "من خلال تدخلاتها السافرة في شؤوننا العربية وميليشياتها من الحرس الثوري في العراق وسوريا ولبنان واليمن، الأمر الذي يحتاج منا الى التعاون لمواجهته والعمل على وقف برنامج إيران الصاروخي البالستي الذي تزود به الميليشيات الحوثية وتقوم من خلاله باعتداءات سافرة، بإطلاق مئات الصواريخ البالستية على المدن السعودية، بما فيها مكة المكرمة، ما يمثل تهديداً للمنطقة والأمن والسلام الدوليين".

كما حمّل العساف "ميليشيات الحوثي التابعة لإيران المسؤولية الكاملة تجاه ما يحدث في اليمن بسبب تعنتها في تنفيذ اتفاق ستوكهولم وعدم انسحابها من مدينة الحديدة وموانئها"، مسببةً بإطالة الأزمة الإنسانية في اليمن. ثم سلّم تونس رئاسة القمة بعدما رأستها السعودية في دورتها الـ 29.

"قوة اقتراح"

وزير الشؤون الخارجية التونسي خميس الجهيناوي أشار بعد تسلم بلاده رئاسة القمة، إلى أن "تونس ستكون قوة اقتراح في الدورة العادية الثلاثين للقمة العربية التي تحتضنها، وعاقدة العزم على إضفاء نجاعة أكبر على العمل العربي المشترك، قصد التخلص من كل ما من شأنه أن يهدد أمن واستقرار الدول العربية".

وبعدما أكد مركزية القضية الفلسطينية وإدانة القرار الأميركي بشأن الجولان، شدد الجهيناوي على أهمية التسوية السياسية الشاملة للملف الليبي، "عبر مساعدة الأشقاء الليبيين على تغليب منطق الحكمة من أجل الحفاظ على وحدة كيان الدولة الليبية".

ولفت الجهيناوي إلى أن "تونس ماضية في إطار المبادرة الثلاثية مع مصر والجزائر في مساعيها الرامية الى حل الأزمة في إطار ليبي - ليبي وتحت مظلة منظمة الأمم المتحدة، من خلال دعم جهود مبعوثها الخاص في ليبيا غسان سلامة".


الجزائر والسودان

تجدر الإشارة إلى أنه رغم تشديد المواقف على أهمية تعزيز العمل العربي المشترك لمصلحة الشعوب، كان لافتاً غياب مواكبة وزراء الخارجية للمطالب الشعبية التي كان صداها يتردد في عاصمتين عربيتين ليستا ببعيدتين نسبياً عن "تونس الخضراء". الأولى هي الجزائر، الأقرب جغرافياً إلى تونس، إذ جلس وزير شؤون خارجيتها رمطان لعمامرة إلى الطاولة المستديرة، بينما أمكن لمراقبٍ ملاحظة أن فكره وانشغاله كانا منصبَّين على الوضع في بلاده التي غصّت شوارعها، للجمعة السادسة على التوالي، بالمتظاهرين المطالبين برحيل الرئيس عبد العزيز بوتفليقة ونظامه.

أما الثانية، فهي الخرطوم، التي تشهد مع مدن سودانية أخرى منذ أكثر من ثلاثة أشهر، حراكاً شعبياً للمطالبة برحيل نظام الرئيس عمر البشير الذي يحكم البلاد منذ أكثر من 30 سنة، غالباً ما تواجهه قوات الأمن بالقوة والهراوات والغاز المسيل للدموع.


تصوّر مشترك

من جهة أخرى، أكد وزير الخارجية المصري سامح شكري على أهمية ملف الجولان وعمل وزراء الخارجية على "وضع تصوّر مشترك لكيفية التعامل مع هذه القضية المهمة لكل مواطن عربي. كل الدول العربية أكدت أن الجولان أرض عربية محتلة وسنسعى للعمل على اعتبار أن القرار الأميركي بشأنها باطل ولا أثر قانونياً له". وأكد شكري أيضاً أن "القضية الفلسطينية تظل هي القضية المحورية والمركزية لكل الدول العربية التي تدعم الشعب الفلسطيني في الحصول على حقوقه المشروعة كاملةً وإقامة دولته على حدود العام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية".

تشديد أردني على انهاء الاحتلال

كذلك، أكد وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي للصحافيين بعد ختام الجلسة الافتتاحية على أن "القضية الفلسطينية كانت وستبقى القضية المركزية للعالم العربي، والقدس تبقى القضية الأساس". وأشار إلى أن ملك الأردن عبد الله الثاني كان واضحاً في التأكيد على ان "القدس خط أحمر، وبالتالي كل العرب مجمعين على أن القضية الفلسطينية هي القضية الأساس وأن الطريق إلى السلام الشامل هو انتهاء الاحتلال وقيام الدولة الفلسطينية". وشدد الوزير الأردني

على أن "الجولان أرض سورية محتلة والحق السوري العربي فيها واضح تقره جميع القرارات الدولية، والإستيلاء على الأراضي بالقوة هو مبدأ يرفضه القانون الدولي برمته وخرق هذا المبدأ يشكل سابقة خطيرة سيكون لها تبعات على كل العلاقات الدولية. وهذا الإعتراف (الأميركي) سينسف كل الجهود الهادفة إلى تحقيق السلام الشامل لأن السلام يقوم على انهاء الإحتلال وتلبية الحقوق وبالتالي استعادة الأراضي المحتلة".

"مُرضٍ... لكن غير كافٍ"

من ناحيته، طالب وزير الشؤون الخارجية الفلسطيني رياض المالكي القمة بـ "وضع آلية تنفيذية للقرارات". وقال "نحن نذهب كل مرة إلى القمم العربية، فتصدر بيانات وقرارات داعمة للقضية الفلسطينية... هذا مُرضٍ بالنسبة الينا ولكنه غير كافٍ... ما نطلبه هو وضع آليات تنفيذية كي تُترجَم هذه القرارات على الأرض، والإستفادة منها ورؤية التغيير الذي يجب أن يحصل فعلياً. ما دامت هذه القرارات، مجرد قرارات ومواقف سياسية، ستبقى حبراً على ورق. صحيح أنها من الناحية السياسية، مواقف داعمة للموقف الفلسطيني، ولكن من ناحية ترجمتها على الأرض... لا تغيّر في الأمر شيئاً".

المزيد من العالم العربي