Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ارتفاع نسب الفقر والبطالة أنعش أسواق البضائع المستعملة في فلسطين

"البالة" ملاذ من ساءت أحوالهم اقتصادياً وكورونا يزيد المعاناة

تنهمك صابرين منذ ساعات بالبحث بين أكوام من الملابس المستعملة المبعثرة هنا وهناك، فثوب الزفاف الذي تبحث عنه في سوق البضائع المستعملة، يحتاج إلى وقت وجهد كبيرين، فإيجاده يعني توفير كثير من النقود. فالثوب الجديد الذي أعجبها من أحد المتاجر المتخصصة بفساتين الزفاف، لم يقل استئجاره عن 1000$، بينما حصلت عليه من سوق "البالة" (البضائع المستعملة) أو كما يشتهر فلسطينياً بسوق (قرفص) بـ 50 دولاراً فقط.

صابرين ليست وحدها من تبتاع أهم حاجياتها من هذه السوق، بل الآلاف من الفلسطينيين يرتادون المكان ذاته، فمع تردي الأوضاع المعيشية في الضفة الغربية وقطاع غزة بسبب كورونا، وتلكؤ الحكومة الفلسطينية عن دفع رواتب موظفيها، يكتظ سوق البضائع المستعملة في المدن الفلسطينية بالمتسوقين، وينتعش بشكل ملحوظ.

تقول نورا المصري وهي إحدى زبائن سوق "البالة" (البضائع المستعملة) لـ اندبندنت عربية"، "أعمل موظفة في القطاع الحكومي، ولدي أربعة أطفال يحتاجون لملابس وأحذية، ومستلزمات ضرورية أخرى، وما إن عجزت الحكومة الفلسطينية عن دفع الرواتب للموظفين منذ أشهر عدة، (وأحياناً كثيرة تتأخر في صرفها)، فإنني مضطرة كغيري من الموظفين إلى شراء حاجتي من سوق البالة، فهنا كل شيء رخيص الثمن وفي الوقت نفسه ذات جودة عالية، ليس كما البضائع الصينية الرديئة في الأسواق التي تهترئ بعد مدة بسيطة من شرائها".

سالم سعيد الذي يعمل تاجراً في سوق البضائع المستعملة في مدينة نابلس (شمال الضفة الغربية) يقول لـ"اندبندنت عربية"، "حال الناس تبكي القلب، فداخل هذه السوق التي أصبحت أساسية في المدينة، نجد العائلات المستورة التي تبحث عن السعر الأرخص للبضائع المعروضة، التي تتنوع بين ملابس وأحذية، وقطع أثاث وأجهزة كهربائية، نحصل عليها عبر تجار إسرائيليين. المكان في الآونة الأخيرة شهد إقبالاً كبيراً من الموظفين، كيف لا وهم يتقاضون منذ أشهر نصف راتب لا يتعدى 500 دولار، وهو بالكاد يكفي لشراء المواد الأساسية، ناهيك عن أن السوق أصبح ملاذاً لمئات العمال والموظفين، الذين فقدوا أعمالهم بسبب حال الطوارئ التي فُرضت على الفلسطينيين في الفترة الممتدة من 23 مارس (آذار) إلى 24 مايو (أيار) التي تخللها منع للحركة، ووقف شبه تام للأنشطة الاقتصادية لمدة شهرين".

ديون غير مسبوقة

منذ تأسيسها عام 1994 تواجه السلطة الفلسطينية أزمة مالية واقتصادية خانقة، هي الأشد وتفاقمت مع كورونا. فنتيجة قرار الحكومة الإسرائيلية اقتطاع أموال الضرائب الفلسطينية (المقاصة)، بذريعة أن السلطة تقدم جزءاً من تلك الأموال إلى أسر الضحايا والأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، تواجه السلطة الفلسطينية منذ ثمانية أشهر أزمة مالية، انعكست تداعياتها بشكل رئيس على الموظفين العموميين الذين يصل عددهم حوالي 133 ألف موظف، وذلك باقتطاع الحكومة الفلسطينية 50 في المئة من رواتبهم خلال الأشهر الماضية ولا تزال، وتحتاج السلطة الفلسطينية شهرياً ما بين 120 و150 مليون دولار، لرواتب الموظفين ومصاريف تشغيلية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويقول سمير عبد لله المدير العام لمعهد أبحاث السياسات الاقتصادية الفلسطيني (ماس) لـ"اندبندنت عربية"، "بحسب آخر تقرير لوزارة المالية الفلسطينية، وصل الدين العام المتراكم على السلطة، حوالي 3.2 مليار دولار، 60 في المئة منها من المصادر المحلية، بينما 40 في المئة المتبقية من مصادر خارجية، ووصلت المتأخرات على السلطة من رواتب موظفين وديون للقطاع الخاص حوالي 1.25 مليار دولار. وتراجع الإيرادات والزيادة الملموسة في الإنفاق العام على احتياجات المواطنين الطبية والاقتصادية، والاجتماعية من المتوقع أن يزيد وضع الموارد الماليةِ العامة للسلطة الفلسطينية صعوبة، لأنها تعتمد بشكل كبير على دعم المانحين، في حين لم تلتزم بعض الدول المانحة والدول العربية بالإيفاء بالتزاماتها المالية تجاه السلطة، وقدر مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد) بتقريره الأخير أن ينخفض دعم المانحين للسلطة الفلسطينية في عام 2020 إلى حوالي 266 مليون دولار، وهو أدنى مستوى له منذ سنوات طويلة".

كورونا يضاعف البطالة والفقر

 كشفت بيانات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني قبل أيام، عن ارتفاع معدل البطالة في الأراضي الفلسطينية إلى 27 في المئة في الربع الثاني من العام 2020، مقارنة بـ 25 في المئة في الربع الأول، ووصل عدد العاطلين عن العمل في فلسطين حوالي 500 ألف عامل، وسوق العمل الفلسطينية كانت من أكثر القطاعات تأثراً بوباء كورونا، وغالبية الأنشطة شهدت انخفاضاً في عدد العاملين خلال الربع الثاني من العام الجاري، والأكثر تضرراً نشاطا المطاعم والفنادق، والبناء والتشييد، في حين حذر البنك الدولي في تقريره الصادر في الأول من يونيو (حزيران) الماضي، من أن الفقر قد يتضاعف في الضفة الغربية هذا العام بسبب التداعيات الاقتصادية جراء كورونا، وقال "حتى قبل تفشي وباء كوفيد-19، كان حوالى ربع الفلسطينيين يعيشون تحت خط الفقر، 53 في المئة من سكان غزة و14 في المئة في الضفة الغربية. وبحسب التقديرات الأولية، سيرتفع عدد الأسر الفقيرة إلى 30 في المئة في الضفة الغربية وإلى 64 في المئة في غزة".

مساعدات مستقبلية

الناطق الإعلامي باسم وزارة العمل رامي مهداوي، قال لـ"اندبندنت عربية"، "سيتم تقديم مساعدات مالية قيمتها 200 دولار ولمرة واحدة فقط، لما مجموعه 68 ألف عامل فقدوا وظائفهم بسبب كورونا. هذه المساعدات ستكون جزءاً من منحة مقدمة من البنك الدولي ضمن مشروع الاستجابة لوباء كوفيد-19، الذي تبلغ قيمته 30 مليون دولار، ستتنوع بين التحويلات النقديةِ بقيمة 20 مليون دولار، وستنفذ وزارة العمل جزءاً منه بقيمة 13.9 مليون دولار للمتضررين من الجائحة ،ممن لم يستفيدوا من المساعدات المالية في المرات السابقة، والثاني ستنفذه وزارة التنمية الاجتماعية بقيمة 6.1 مليون دولار، وهي مساهمة للتحويلات النقدية الدورية التي تقدمها الحكومة للأسر الفقيرة".

أضاف مهداوي أن الجزء الآخر من المساعدات، والأهم، سيأتي ضمن مشروع "المال مقابل العمل (التشغيل الموقت)، بقيمة ثمانية ملايين دولار، وسيتم تنفيذه من الصندوق الفلسطيني للتشغيل، بإشراف وزارة العمل، وباعتماد نموذج البنك الدولي في التنفيذ، وذلك باستهداف 3200 مستفيد من الشبان العاطلين عن العمل، نصفهم إناث، لتشغيلهم بوظائف موقتة لمدة ستة أشهر، قد يستطيعون بعدها الحصول على فرصة عمل دائمة".

اقرأ المزيد

المزيد من اقتصاد