Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"الجمعة السادسة" تتميز بمشاركة عسكريين سابقين وبشعار "ارحلوا جميعاً"

طيف الرئيس الجزائري السابق اليامين زروال، كان حاضرا أيضا في المسيرات الشعبية، برفع بعض المتظاهرين لصوره

تضاعف عدد الجزائريين المشاركين في المسيرة السادسة من الحراك الشعبي، مقارنة بالمرات السابقة، في دلالة على تمسكهم برحيل النظام ورجالاته الذين استفادوا من من مقدرات الدولة في السنوات العشرين الماضية، من دون أن يحاسبهم أحد، على حد قول أحد المتظاهرين لـ "اندبندنت عربية"، حيث رُفعت للمرة الأولى شعارات تُطالب بمحاكمة المسؤولين الفاسدين.

كالعادة خرج الجزائريون، بكل شرائحهم المجتمعية إلى الشوارع التي ضاقت بهم، وعبّروا هذه المرة عن رفضهم المطلق، لمقترح قائد أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح بتطبيق نص المادة 102 من الدستور، التي تعزل الرئيس بوتفليقة عن الحكم وتعوضه بأحد رجالاته الأوفياء، رئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح.

رفضُ مقترح قايد صالح لم يمنع المحتجين من ترديد هتافات "جيش شعب خاوة خاوة"، وشعار "نحي الكاسيطا وأرواح معانا" بمعنى" إنزع القبعة وتعال للتظاهر معنا".

ولم تسجل أي احتكاكات بين مصالح الأمن والمتظاهرين، الذين ساروا لساعات طويلة على الأقدام في شوارع العاصمة الرئيسة، وبقية المدن الجزائرية. وحافظت المسيرة على سلميتها، وتطوعت عائلات بتقديم الطعام، ووضع موائد في كبرى الساحات والشوارع، كذلك قام بعض الشباب بتنظيم حركة المرور، من خلال توجيه حركة الحشود الكثيفة والسماح للسيارات بالمرور في وسطها، وتنظيف الشوارع وتقديم الإسعافات الطبية لأصحاب الأمراض المزمنة أو الذين يعانون وعكات صحية خلال المسيرة.

 

جنود الجيش وشهداء الثورة   

ولعل أهم ما ميّز مسيرة الجمعة السادسة، مشاركة عسكريين سابقين في الجيش الجزائري، وهم أفراد متقاعدون وجرحى شاركوا في الحملات على الإرهاب في تسعينيات القرن الماضي، أو ما يصطلح عليه بـ "العشرية السوداء".

وردّد العسكريون السابقون أغاني وطنية حماسية في المعتاد تستعمل في التدريبات العسكرية، وهو ما شد أنظار الحاضرين في ساحات العاصمة وشوارعها. ويرفع هؤلاء مطالب منذ عام 2012 بإعادة دمج العناصر التي لا تزال في سن يسمح لها العودة إلى صفوف الجيش، والرعاية الطبية للجنود السابقين الذين أصيبوا أثناء فترة الخدمة، وزيادة منحة المعاش وتحسين الرعاية الاجتماعية.

ومن بين الأمور اللافتة في المسيرات الحاشدة، رفع صور لرموز ثورة تحرير الجزائر الذين صادفت مع ذكرى استشهادهم مع 29 مارس(أذار) ومن أبرزهم، عميروش آيت حمودة (العقيد عميروش)، وأحمد بن عبد الرزاق حمودة أو سي الحواس، اللذين خاضا في اشتباك عنيف مع قوات المستعمر الفرنسي عام 1959 واستشهدا معًا في جبل ثامر، إحدى ضواحي ولاية المسيلة.

 

طيف الرئيس زروال

طيف الرئيس الجزائري السابق اليامين زروال، كان حاضرا أيضا في المسيرات الشعبية، برفع بعض المتظاهرين لصوره، في محاولة للضغط عليه من أجل قبول فكرة "تسيير مرحلة انتقالية في الجزائر" بدلًا من طريق رئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح، بعد انسحاب بوتفليقة، وهي الدعوة التي لم يبد بشأنها الأخير أي موقف رسمي حتى الساعة.

ويعتبر اليامين زورال من أهم القيادات العسكرية في الجزائر خلال الثمانينيات والتسعينيات، وشغل منصب وزير الدفاع، كما عُين رئيساً للدولة، قبل انتخابه رئيساً للجمهورية عام 1995. وفي 1998، قرر بشكل مفاجئ التنحي عن منصبه وتنظيم انتخابات رئاسية سابقة لأوانها في أبريل (نيسان) 1999، ليخلفه في المنصب الرئيس عبد العزيز بوتفيلقة.

 

مظاهر الاحتفال تختفي

وبخلاف مسيرة 22 مارس (أذار) التي طغى عليها الطابع الاحتفالي، قرّر المتظاهرون هذه المرة التمسك بشعارات" إرحلوا جميعاً" و"الشعب يريد تطبيق المادة 7 من الدستور" وهي التي تنص على أن الشعب مصدر السلطة بالإضافة إلى شعار"ياسراقين كليتو(نهبتم) البلاد".

 ووفق ما لحظته "أنبندنت عربية" اختفت مظاهر الاحتفال وأصوات الفوفوزيلا(صفارات تشجيع افريقية الطابع) التي دوّت عالياً الجمعة الماضية، وعلى العكس من ذلك، قرّر بعض المتظاهرين القادمين من مدن بعيدة المبيت في ساحة البريد المركزي، أولًا للدلالة على جدية مطالبهم، وثانياً مخافة أن لا يجدوا وسائل للانتقال إلى العاصمة التي تغلق أبوابها مع كل جمعة، حيث تتوقف محطات القطار والمترو وغيرها.

وقال محمد وهو أحد المتظاهرين بشارع ديدوش مراد "كما تلاحظون رفعنا شعارات واضحة وهي المطالبة برفض المادة 102 ورحيل النظام ولن نتراجع عن هذه الخطوة". ليُضيف "بن صالح من أبرز حلفاء بوتفليقة، ومن رموز السلطة في الجزائر، وتالياً فإن هذا التغيير لن يأتي بنتيجة".وساعات قبل انطلاق المسيرة السادسة، انتشرت دعوات على منصات التواصل الاجتماعي، تُوصي بالابتعاد من مظاهر البهرجة والاكتفاء بالمطالب السياسية، والشعارات المعبّرة، في خطوة تهدف لحماية الحراك الشعبي من التمييع بشكل يضعفه أمام السلطة.

 

 

الكتلة الصامتة تنضم للحراك

وخلال جولتنا، لفتتنا سيدة وهي تتحدث على الهاتف، قائلة "أنا أنتظرك أين أنت؟ الجميع في الخارج" وعند اقترابنا منها أكدت خديجة (45 عامًا) أنها تشارك للمرة الأولى في المسيرة بعدما قرّرت في وقت سابق البقاء في المنزل.

ووفقًا لتقديرات قدمها المحامي والناشط الحقوقي، مقران آيت العربي، فإن المسيرة الخامسة عرفت مشاركة أكثر من 17 مليون جزائري، وأن ما يحدث كل يوم جمعة هو استفتاء شعبي نظيف ونزيه وبدون تزوير، والأكيد أن العدد ارتفع الجمعة السادسة حيث عرفت مشاركة قوية، بحسب عدسة "اندبندنت عربية".

وما يمكن استنتاجه من المظاهرات الشعبية في الجزائر، تطور شعارات المحتجين ومطالبهم من جمعة لأخرى، حيث تحولت من رفض "الولاية الخامسة" إلى رفض تمديد "الولاية الرابعة"، بعد إعلان بوتفليقة انسحابه من السباق الرئاسي، وتأجيل الانتخابات التي كانت مقررة الشهر المقبل، لتصل إلى المطالبة بقلب الموازين وهزّ أركان النظام برحيل رموزه ورجالاته كافة.

وكتطور لافت في هذا السياق، رفع المتظاهرون لافتات تدعُو إلى محاكمة المسؤولين الفاسدين المتهمين بنهب المال العام، في فترة حكم بوتفليقة، كما دعوا القضاة إلى لعب أدوارهم بتحريك دعوات قضائية ضد بعض رجالات السلطة.

وهو ما ترجمته الشعارات المرفوعة تطالب العدالة بالانحياز لصوت الشعب، ومنها "يا قضاة يا قضاة لا تخافوا من القضاء يا قضاة الحرية شعبكم هو الشرعية استجيبوا للنداء طهّروا لنا القضاء".  وأخرى مثل "شعبنا هو الفخامة... شعبنا هو زعيم يا نظام لا تأجيل عجّل عجّل بالرحيل"، وشعار "الوطن هو القضية شعبنا هو الشرعية".

 

 ما جواب النظام؟

وبعدما قال المتظاهرون كلمتهم بخصوص المادة 102 من الدستور الجزائري، التي دعا إلى تفعيلها وجوباً قائد أركان الجيش الجزائري أحمد قايد صالح، يترقب الجزائريون أن تفصل جمعة التظاهرات السادسة في مطالبهم بتنحي بوتفليقة عن الحكم، وبرحيل بعض الوجوه بطريقة تدريجية مع محاسبة المتورطين في الفساد والنهب.

المزيد من العالم العربي