Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف يناهض إسلاميو ويساريو السودان السلام مع إسرائيل؟

ترقب لنتائج المباحثات التي أجراها عبد الفتاح البرهان في الإمارات

عبد الفتاح البرهان التقى بنيامين نتنياهو في مدينة عنتيبي الأوغندية مطلع فبراير الماضي (أ ف ب)

 

تتسارع وتيرة الأحداث والتكهنات بقرب توقيع السودان اتفاق سلام مع إسرائيل، في ضوء زيارة رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح برهان إلى الإمارات يومي الأحد والاثنين 20 و21 سبتمبر (أيلول) الحالي للقاء وفد من الإدارة الأميركية كان موجوداً في العاصمة أبو ظبي، لبحث هذا الملف الذي تم ربطه برفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب.

لكن، على الرغم من تباين الآراء حول مسألة السلام داخل مكوّنات الشعب السوداني سياسية كانت أو شعبية، إلا أنها المرة الأولى التي يلتقي الإسلاميون في البلاد بتنظيماتهم المختلفة، واليساريون الممثلون بالحزب الشيوعي السوداني، على رفض مبدأ السلام مع إسرائيل على الرغم من اختلافاتهما الفكرية والأيديولوجية والسياسية، ما يثير التساؤل حول آلياتهما لمناهضة هذا القرار في حال حدوثه، وهل سيكون هناك تنسيق بينهما لمنع إعلان اتفاق سلام؟

مكاسب سياسية وانتخابية

يقول القيادي في حزب المؤتمر الشعبي، أحد مكوّنات الحركة الإسلامية في السودان أبو بكر عبد الرازق، "من حيث المبدأ، نحن ضد احتلال أي دولة من دول العالم بغض النظر عن دياناتها إذا كانت إسلامية أو مسيحية أو يهودية وغيرها، وإننا في الوقت ذاته مع مبدأ الحريات العامة، وحق تقرير المصير إذا كان ذلك كونفديرالية مع دولة، أو فيدرالية في دولة موحّدة أو غيره. بمعنى أننا مع حق الدول والشعوب في تقرير مصيرها وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، لكن في ما يختص بفلسطين، فإنه طالما تحررت القدس قبل ذلك على يد صلاح الدين الأيوبي بعد 100 عام من الاحتلال، فإن القدس المحتلة الآن منذ 72 عاماً، سيأتي اليوم الذي ستتحرر منه لا محالة".

ويضيف لـ"اندبندنت عربية"، "في اعتقادي أن مشكلات السوداني التي يعاني منها، خصوصاً في شقها الاقتصادي لا تحلّ عن طريق السلام مع إسرائيل، ففي الواقع لست متفائلاً بما يجري من أحداث متواترة بهذا الشأن، لأن الأمر لا يعدو كونه مسعى لتحقيق مكاسب سياسية للحكومتين الأميركية والإسرائيلية لقربهما من الانتخابات المقبلة، إذ تريدان لافتة للاتفاق مع السودان لكسب مزيد من الأصوات الانتخابية، فاتفاق سلام بالنسبة إلى الجانبين الأميركي والإسرائيلي مرحلي فقط، لكنهما تجاهلتا أن السلام يكون مع الشعوب وليس مع الحكومات، وأنه لن يكون طوق نجاة لإسرائيل".

ويلفت إلى أن اسرائيل دولة شحيحة الموارد ودخيلة، وأن كل الدول التي وقّعت على اتفاقات سلام معها من قبل، لم تجد منها مصلحة تذكر مثل المغرب وموريتانيا والسنغال وغانا وإريتريا وإثيوبيا، بل بالعكس، فإن دولة جنوب السودان التي تقيم معها علاقات واسعة ومتميزة تعتبر دولة فاشلة بكل المقاييس، إذ تعيش حالة من الانهيار التام.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

بيع وشراء

ويقول عبد الرازق، "بالنظر إلى ما رشح من أخبار بأن رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح برهان طلب 13 مليار دولار مقابل السلام مع إسرائيل، فإذا صحّ ذلك، فإن وجهة نظره صحيحة بأن لا ينجز ذلك من دون مقابل، فهي مسألة بيع وشراء، كما أن السياسة الأميركية تقوم على الأخذ والعطاء، لكن بالنسبة إلينا كحزب إسلامي ضد أي خطوة باتجاه اتفاق كهذا في كل الأحوال، ونعتقد بأنه لن يعود بخير على البلاد انطلاقاً من التجربة التاريخية، فما يحدث غباء لا يحسد عليه، فإذا تم بمقابل، فهذا لوحده لا يكفي لنهضة الاقتصاد السوداني".

لكن ما هي أدوات مناهضة الحركة الإسلامية في السودان لاتفاق سليم، ويجيب أبو بكر عبد الرازق، "سنقاوم بكل السبل المتاحة لمناهضة هذا التوجه، وإذا اكتملت المسألة وأصبح الاتفاق أمراً واقعاً، فلكل مقام مقال، وستخضع كيفية مقاومة هذا الأمر لقرار الحزب الذي سيعلنه في وقته، ولا ينفرد به شخص محدد، لكن بشكل عام نحن مع المقاومة الفلسطينية إلى النهاية من أجل نيل حقوق شعبها المشروعة والمسنودة بالقرارات الصادرة من المنظمات الدولية"، فضلاً عن اتخاذ كل الوسائل الحضارية المتاحة للتعبير عن مساندتهم للشعب الفلسطيني لينال حقوقه وسيادته على أرضه ومنها القدس عاصمة للدولة الفلسطينية، كما أنهم "يربأون أن تكون بلادهم في مقدمة الدول المباركة لانتهاك حقوق الشعب الفلسطيني بالاتفاق مع إسرائيل".

وحول إمكانية تنسيق دورهم مع الحزب الشيوعي في رفض ذلك، يقول "نحن حريصون على توحيد الموقف حتى في ما يختص بمشكلات السودان مع الحزب الشيوعي، وإيجاد موقف موحد، والعمل على استقرار البلاد والمحافظة على مسألة التحول الديمقراطي، كما نثمّن موقف الحزب الشيوعي الإيجابي تجاه القضية الفلسطينية، وكذلك موقف القوميين العرب الذي يتوافق مع اللاءات الثلاث التي انطلقت في المؤتمر العربي الذي استضافته الخرطوم عام 1967 وأصدر قراراً بأنه لا تصالح، ولا تفاوض، ولا اعتراف بإسرائيل".

إملاءات واشنطن

في سياق متصل، يقول عضو اللجنة المركزية في الحزب الشيوعي السوداني صديق يوسف، "طبعاً إذا اعتقد البعض أن الاتفاق مع إسرائيل سيحل كل مشكلات السودان، هذا لن يحصل بتاتاً بحسب تجارب سابقة لدول خاضت مثل هذه المسألة، فالأميركيون كانوا يتحدثون معنا عن رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب من دون ربطه بقضية السلام، لكن المسألة أصبحت متعلقة بالانتخابات الأميركية، وعندما جاء وزير خارجية أميركا بومبيو لزيارة السودان في أغسطس (آب) الماضي، عقدنا اجتماعاً كحاضنة سياسية للحكومة الانتقالية مع رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، وتوافقنا على أننا غير مفوّضين لبتّ مثل هذه القضايا التي تعنى بها حكومة منتخبة من الشعب، ولا تعنى بها حكومة انتقالية ذات مهمات محددة، وهذا ما ذكره حمدوك لبومبيو وصرح به الناطق الرسمي للحكومة السودانية وزير الثقافة والإعلام فيصل محمد صالح".

يضيف يوسف لـ"اندبندنت عربية"، "نحن ضد ضغوط الأميركيين، وهذا قرار يترك لحكومة مفوّضة من الشعب السوداني، فإسرائيل قامت كدولة قبل 72 عاماً، وماذا استجد الآن حتى نسرع في عملية السلام، وهل ستساعدنا العلاقات مع الجانب الإسرائيلي في شيء، وما هو الضمان لمنحنا معونة، فليس هناك منطق أن نستسلم لقرارات وإملاءات واشنطن، كما لا يهمنا أن يفوز ترمب بدورة انتخابية ثانية أو غيره، فهذا أمر يخص الشعب الأميركي وحده"، لافتاً إلى أنهم لم يطّلعوا على نتائج زيارة رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح برهان إلى الإمارات الأسبوع الماضي، إذا كان بالفعل تطرّق إلى موضوع السلام مع إسرائيل أو لا.

لكن ما الموقف الذي سيتخذه الحزب الشيوعي في حال إعلان الاتفاق بين الجانبين السوداني والإسرائيلي؟، يوضح يوسف "إذا حصل ذلك، يكون فعل تآمر، ويعني أنه تم تضليلنا كحاضنة سياسية، لكن سيكون موقفنا كحزب شيوعي واضح برفضنا أي اتجاه أو قرار للسلام مع الإسرائيليين، لأننا لا نساوم في مواقفنا ومبادئنا السياسية مهما كان الثمن، أما مناهضتنا لهذا الاتفاق، فستستخدم طرق مختلفة من دون الخوض في تفاصيلها".

سجال بين المؤيدين والمعارضين

ويسيطر موضوع السلام مع إسرائيل على المشهد السياسي والاجتماعي في السودان، إذ لا يخلو منتدى أو نقاش في الشارع من تناول هذه القضية بشكل علني، من دون أي تحفظات تذكر كما كان يحدث في الماضي القريب، وليس أدل على ذلك ما شهده المؤتمر الاقتصادي القومي الأول الذي يعقد في الخرطوم حالياً، لمناقشة الأزمة الاقتصادية والحلول الناجعة لها، إذ شهد المؤتمر سجالاً بين المؤيدين للسلام مع إسرائيل والرافضين له في المداخلات التي أعقبت ورقة حمدوك التي قدمها بعنوان "الرؤى، التحديات، وأولويات التنمية لحكومة الفترة الانتقالية" نحو دولة وطنية ديمقراطية مستدامة وفق مشروع نهضوي متكامل.

ويأتي ذلك في ظل ظهور كيانات شعبية عدة تؤيد هذا التوجه انطلاقاً من أن إبرام اتفاق مع الجانب الإسرائيلي من شأنه خدمة مصالح السودان العليا، وينهي عزلته الخارجية مع المجتمع الدولي، بل يعيده أكثر قوة إلى الأسرة الدولية، لا سيما أن الشعب السوداني ممثلاً بفئاته الشابة تمكّن من الإطاحة بأكثر الأنظمة تهديداً للأمن والسلم القوميين في العالم.

نتائج المباحثات

ويترقب الشارع السوداني بتلهّف نتائج المباحثات التي أجراها رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان، برفقة وزير العدل نصر الدين عبد الباري، في الإمارات على أجهزة الحكم الانتقالي في البلاد، لمناقشتها والوصول إلى رؤية موحدة تحقق مصالح الشعب السوداني. وبحسب البيان الصادر عن مجلس السيادة السوداني، فإن لقاء أبو ظبي تطرق إلى قضية رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب وعملية السلام في إقليم دارفور ومستقبل السلام العربي الإسرائيلي وحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته وفقاً لرؤية حل الدولتين ودور السودان في ذلك.

وكان عبد الفتاح البرهان قد التقى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في مدينة عنتيبي الأوغندية، مطلع فبراير (شباط) الماضي، ووصف اللقاء بأنه "تاريخي" في مسار العلاقات بين البلدين، غير أن الناطق الرسمي باسم الحكومة الانتقالية في السودان نفى وقتها، علم مجلس الوزراء باللقاء.

ونفت وزيرة الخارجية السودانية السابقة علمها باللقاء أيضاً، فيما اعتبر قياديون في قوى الحرية والتغيير، الحاضنة السياسية للحكومة الانتقالية، أن ذلك اللقاء غير مقبول ويخالف نصوص الوثيقة الدستورية ولا يحقق عائداً إيجابياً للسودان.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي