Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

 نحن الدبلوماسيون قلقون لما نراه في الجمعية العامة للأمم المتحدة

 كان خطاب ترمب عن "فيروس الصين" سيئاً بما فيه الكفاية، بيد أن قلة من زعماء الدول الأخرى يصعدون نبرتهم

منظمة الأمم المتحدة أكثر فعالية تحتاج إلى قادة أشد اقتداراً على رأس بلدانهم (أ.ف.ب)

ثمة إحساس بالكآبة داخل الأمم المتحدة. ومن جهته، بدا الرئيس ترمب كمن يتبع كتاب قواعد اللعبة الفاشية في خطابه يوم الثلاثاء، وألقى بالمسؤولية عن فيروس كورونا مباشرة على كاهل الصين، فقد تحدث عن "فيروس الصين" قائلاً "علينا أن نحاسب الدولة التي أطلقت العنان لهذا الطاعون كي يهاجم العالم، وهي الصين".

قد تدغدغ كلماته الطنانة والصريحة مشاعر أنصاره، ولكنها تمثل حادثة دبلوماسية سيضطر بالتأكيد هو أو خلفه لإصلاح ما خربته، وإن لم يفعل فإن مزارعي فول الصويا في الغرب الأوسط سيدفعون الثمن بالتأكيد.

ثم قارنت إيران العقوبات المفروضة عليها من قبل المجتمع الدولي مع حركة "حياة السود مهمة"، معلنة أن دولاً قمعية تجثو على أعناق الإيرانيين، لتمنعهم من التطور على نحو سلمي محض.

ومضت فرنسا، ممثلة في الرئيس ماكرون، لتثرثر وتمعن في الثرثرة، ما هيأ للمترجمين الفوز بحصيلة عظيمة عن التعددية. وللأسف بدت أقوال فرنسا فارغة إلى حد ما بلا معنى، نظراً إلى استعمارها الاقتصادي المستمر لعملة فرنك "سي إف آ"، التي تتيح لها السيطرة نقدياً على 14 دولة أفريقية.

لعل "كوفيد-19" يمتحننا، وهو سيثابر على ذلك، ولكن التغير المناخي وشح الموارد واللامساواة الشائعة كلها تحديات مستمرة. لا يمكننا أن نخفي رؤوسنا في الرمال، ونغلق الحانات في العاشرة ليلاً على غرار رئيس وزراء المملكة المتحدة بوريس جونسون، ونأمل أن تكون المشكلة قد ولت في الصباح، فالتحديات التي نواجهها حقاً هائلة، ويتطلب التصدي لها تضافر جهود متعددة الأطراف.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

خدم "نظام" الجمعية العامة طوال 75 عاماً بصورة فعالة كطريقة للمّ شمل قادة العالم، والأهم هو إتاحة الفرصة لجمع فرق كبار مرافقيهم مع بعضهم بعضاً، وكان بمقدور السياسيين خلال الحرب الباردة أن يعرضوا عضلاتهم ويزاودوا من فوق منصة الجمعية العامة، فيما ننهمك نحن الدبلوماسيون في إبرام صفقة لها عواقب ملموسة في مقهى "فيينا" أو "أوليمبيا"، أو نتوجه الى "مطعم المحار" الكائن في قبو "غراند سنترال" لتطييب الخواطر، وإن كانت اجتماعات كهذه بين الدبلوماسيين باتت أساساً مستحيلة، بسبب جائحة فيروس كورونا.

آلة الدبلوماسية تعمل بشكل فعلي ملموس، ويمكننا أن ننجح في التصدي للتحديات التي تواجهنا إذا استطعنا أن نتحدث ونكسب ثقة بعضنا بعضاً. وكدبلوماسيين، نحن نمثل أفضل مصالح بلداننا، وفي بعض الأحيان فإن هذا يتخطى القوة السياسية الفعلية، وغالباً ما تُعقد الاتفاقات والصفقات في بار رطب مع مصافحة بالأيدي وقبلة على الخد أو إيماءة، فدبلوماسية تطبيق "زوم" عن بعد لا تعمل بشكل مجدي.

في الأيام المقبلة ستتكشف تداعيات أحاديث زعمائنا العلنية التي لم يجرِ التمهيد لها مسبقاً بالطرق المناسبة، وستصبح في وقت وشيك أكثر وضوحاً. وهذا معيب، خصوصاً للولايات المتحدة.

ترمب لا يغازل حتى الفاشية الفكرية التي تظهر بمظهر راق، ولكنه يحبذ الفاشية الفجة الرخيصة، وبالكاد يملك قناعة قوية. بكلمات أخرى، هو ليس خطيراً فحسب، بل شخص من الصعب التنبؤ بأفعاله. ونظراً لوجود كل هذه التحديات أمامنا، نحن بحاجة إلى قيادة عالمية أفضل، وخطاب ترمب جعلنا ندرك إلى أي مدى ينبغي علينا أن نذهب.

 كي تكون الأمم المتحدة قوية نحتاج إلى قادة أشد اقتداراً على رأس بلدانهم، قادة يستطيعون بحق أن يوفروا قيادة ملهمة. وغياب قادة من هذا النوع حالياً يعني أن "كوفيد -19" ليس الطبق الأول في الوليمة، بل هو مجرد صحن مقبلات يمهد لما هو أكبر.

أيام كنت موظف خدمة مدنية، قيلت عبارة "لم يفت الأوان بعد"، أكثر بكثير مما أستطيع أن أتذكر. وهذه العبارة صحيحة اليوم، ولكن الصحيح بالقدر نفسه هو أننا لا نملك الكثير من الوقت، فالمشكلات التي تواجهنا تحتاج إلى قيادة حاسمة لا تقصي أحداً وبعيدة النظر، وهي لا تتوفر في الوقت الراهن. لا نستطيع أن نتعامل مع مشاكل الغد بالأسلوب الخاطئ نفسه الذي استجبنا به بصورة جماعية لـ "كوفيد-19". نحتاج إلى منظمة أمم متحدة أقوى، وآن الأوان كي نحقق رؤية عام 1945، فنكون موحدين حقاً، وإلا فإن النتائج أكبر بكثير من أن يحتمل المرء مرارة التفكير فيها.

(أمين باشا هو اسم مستعار لدبلوماسي يعمل حالياً في مقر الأمم المتحدة بنيويورك)

 

© The Independent

المزيد من آراء