Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تركيا تمثل أكبر تهديد لأوروبا اليوم واليونانيون بحاجة إلى مساعدتنا

وزير خارجية سابق يشبّه سياسة الاتحاد الأوروبي بأنها "تعتمد على الخضروات" أما تلك الألمانية فإنها "نباتية بالكامل"

تتصف علاقة تركيا مع الاتحاد الأوروبي بالتعقيد وقد فاقمته توتراتها مع اليونان وقبرص (تويتر)

يجتمع هذا الأسبوع  قادة الاتحاد الأوروبي لمناقشة خطة التعافي الاقتصادي، وسيخصصون بضع دقائق لقضية "بريكست"، بعد الذهول الذي أصاب رؤساء حكومات الاتحاد الأوروبي من إعلان بوريس جونسون نيته انتهاك القانون الدولي، بهدف إرضاء المهووسين بـ "بريكست" داخل حزبه، ولكن ليس هناك ما يمكن لأوروبا فعله كي تعالج فيروس "بريكست" البريطاني.

في غضون ذلك، عادت روسيا إلى جدول الأعمال مع تأكيد محاولة قتل خصم بوتين الرئيس (المعارض) أليكسي نافالني باستخدام السم، وعبر الحدود ستنال الانتفاضة الديمقراطية في بيلاروس بعض الاهتمام. وفي المقابل، تمثل تركيا حاضراً أكبر تهديد لأوروبا من حيث القوة الأجنبية التي تهدد أراضي الاتحاد الأوروبي، وكذلك جميع القيم تقريباً التي تقول أوروبا إنها تسعى إلى إبرازها.

وفي هذا الصدد تحدث الرئيس الفرنسي السابق فرانسوا هولاند في أثينا الأسبوع الماضي، عن مخاوفه بشأن تركيا. وبالنسبة لهولاند، يمثل رجب طيب أردوغان المعروف الآن في الأوساط الدبلوماسية باسم "السلطان" تهديداً لأوروبا، فقد قاد تركيا إلى الخراب الاقتصادي، وعليه الآن قرع طبول القومية والحثّ على استعادة مجد الإمبراطورية العثمانية، من أجل صرف انتباه الناس عن المشكلات الاقتصادية المتزايدة.

ووجّه هولاند اتهامات عدة إلى أردوغان، بينها سعيه إلى عسكرة شرق البحر المتوسط، وانتهاك التزاماته في حلف الناتو بشراء صواريخ روسية، وسجن مئات الصحافيين والمعارضين السياسيين. وأضاف هولاند أن أردوغان مهووس بالإسلاموية، إذ يعمل على الترويج للإسلام في أوروبا، وحوّل اثنتين من أرقى كاتدرائيات المسيحية البيزنطية في إسطنبول إلى مساجد، ويتدخل بشكل صارخ في سياسات الدول الأوروبية بما في ذلك فرنسا وألمانيا، إذ يعقد تجمعات سياسية ضخمة (للمتحدرين من أصل تركي في البلدين)، ويصر على أن مواطني الاتحاد الأوروبي الأتراك يدينون بالولاء إلى تركيا وحدها. كذلك أشار هولاند إلى خطورة مغامرات أردوغان في سوريا وحربه على الكرد، واصفاً تحالفه مع ليبيا بـ "العمل العدواني".

واستطراداً، فقد أطرب موقف الوزراء اليونانيين الذين حضروا ذلك المؤتمر، ومع ذلك أصر وزير الخارجية اليوناني نيكوس ديندياس، على رغبة بلاده في العمل مع أردوغان، مشترطاً توقف الأخير عن تهديد سلامة أراضي الجزر اليونانية. وبينما تحاول اليونان وقبرص الحصول على مزيد من دعم الاتحاد الأوروبي، لم يعد في الإمكان الاعتماد على بريطانيا كلاعب أساسي في ظل رئيس وزرائها الموالي لتركيا، الأمر الذي أصاب البريطانيين المحبين لليونان بخيبة أمل.

وتتمثل المشكلة الأساسية لليونان في رفض ألمانيا اتخاذ موقف واضح، ففي حديثه بعد هولاند، اتخذ زعيم الحزب الاشتراكي الديمقراطي (الألماني) السابق سيغمار غابرييل، الذي شغل منصب وزير الخارجية الألماني بين 2017 و2018، موقفاً مختلفاً تماماً، وأصر على أنه إذا فرضت عقوبات على تركيا بسبب شرائها صواريخ دفاع جوي روسية من طراز "إس- 400" في انتهاك واضح لالتزاماتها حيال "حلف الناتو"، أو اضطرت لمغادرة ذلك الحلف، فستصبح قوة نووية بسرعة. وأضاف أنه إذا أظهر الاتحاد الأوروبي تضامنه مع اليونان واتخذ إجراءات ضد أردوغان، فسيتعين على أوروبا بناء جدران جديدة على جميع حدودها، بما في ذلك الحدود الداخلية في دولة مثل المجر، لأن أردوغان سيرسل مليون لاجئ أو أكثر إلى الاتحاد الأوروبي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

 

وبالنسبة لغابرييل، تتمثل المشكلة الرئيسة في عدم استعداد الولايات المتحدة لفرض عقوبات على تركيا، ونظراً لنفوذ الولايات المتحدة في "الناتو" فلن يكون هناك موقف واضح ضد عسكرة تركيا شرق البحر المتوسط. ويرى غابرييل أن الجواب يتمثل في "الصبر الاستراتيجي" الذي يجب أن يكون أيضاً سياسة الاتحاد الأوروبي تجاه بوتين، حتى بعد محاولة اغتيال نافالني. ووفق كلمات ساخرة من غابرييل، "فإذا كانت السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي تعتمد على الخضراوات الآن، فإن السياسة الخارجية الألمانية نباتية بالكامل".

وتأكد هذا الشد والجذب بين ألمانيا والاتحاد الأوروبي في شأن تركيا خلال مقابلة أجرتها الصحيفة اليونانية الرئيسة "كاثيميريني" مع مديرة المجلس الألماني للعلاقات الخارجية دانييلا شوارزر، التي تعمل أيضاً مستشارة خاصة للمفوض السامي للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل. إذ وصفت شوارزر المقترحات في شأن فرض ضغوطات أو عقوبات على أردوغان بأنها "معقدة من جوانب عدة، تشمل إذا كان ينبغي فرضها، وإلى أي حد، وبموجب أي أحكام، وبأي شروط ينبغي رفعها". وأضافت أنه "لم نصل بعد إلى مرحلة العقوبات الواسعة والعميقة"، وهو بالضبط النهج "النباتي كلياً" الذي تتبعه برلين وبروكسيل في السياسة الخارجية، وسخر منه سيغمار غابرييل، ففي عدد من عواصم الاتحاد الأوروبي يعتبر النزاع بين اليونان وتركيا معقداً وغامضاً وضائعاً في جوانب تاريخية متعددة وقديمة.

في الآونة الأخيرة، أشار وزير خارجية مالطا إلى أن الأمر يتعلق بمجرد الحديث عن كل شيء، وإذا كانت قوة بحجم تركيا تهدد بالسيطرة على جزيرة "غودش" الصغيرة في مالطا، فسيكون أول من يطالب بالتضامن والدعم من الاتحاد الأوروبي. وكذلك يرتقب أن تجري المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل ورئيس مجلس الاتحاد الأوروبي تشارلز ميشيل وأردوغان نقاشاً عبر برنامج "زووم" الثلاثاء المقبل، قبل انعقاد اجتماع المجلس في وقت لاحق من هذا الأسبوع، إذ تعتبر اليونان النقطة الرئيسة في الحديث.

فهل سيترك "النباتيون" و"النباتيون كلياً" في السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، آكل اللحوم أردوغان يأخذ قطعة من بحر إيجة؟

 

(دينيس ماكشين الوزير البريطاني السابق لشؤون أوروبا)

© The Independent

المزيد من آراء