Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"التعليم الرقمي" يمهد لدخول الأطفال عالم "صناعة الروبوتات" في السعودية

متطلبات التغيير من التعليم التقليدي للتعليم الإلكتروني نتج عنه تطور عديد من الابتكارات الميسرة للعملية التعليمية الحديثة

مع الواقع الجديد الذي فرضته جائحة كورونا على العالم أجمع، بدا مشهد انطلاق العام الدراسي الجديد في السعودية بساحات تخلو من الطلاب والطالبات وفصول مدرسية فارغة، وانتقلت التجربة التعليمية في ظل تفشي كورونا من مقاعد ممتلئة بالطلاب إلى الفضاءالإلكتروني.

البيئة التحتية الافتراضية

 يمكن اعتبار التعليم من أهم القطاعات الأكثر تأثراً بالجائحة العالمية، إذ اضطرت أغلبية الدول لإغلاق مؤسساتها التعليمية بحكم أنها أكثر الأماكن ازدحاماً، مايجعل الطلاب أكثر عرضة  للإصابة بهذا الفيروس، ولهذا سعت الحكومات إلى البحث عن حلول لاستكمال المسار الدراسي والتعليمي، ولم تجد إلا آلية أساسية باعتماد منصات التعليم الإلكترونية، والبقاء على تبادل النشاط المعرفي والتعليمي بين المصدر سواء كان المعلم أو المعلمة، والمتلقي الطلاب والطالبات من خلال محتوى المقرر الدراسي، ووفق برنامج زمني يتيح لهم فرصة تلقي التعليم وتطوير أنفسهم.

لكن مع تقدم التكنولوجيا والتطور العلمي، بخاصة شبكات التواصل الاجتماعي استثمر عديد من الأكاديميات والمراكز المتخصصة في الذكاء الإصطناعي وصناعة الروبوتات فرصة التعليم الإلكتروني القائم على الوسائط التكنولوجية، وتوظيف المعلوماتية لتحقيق التبادل المعرفي، وأصبحت تستقبل المتعلمين من الأطفال باعتبارهم الأكثر اندماجاً مع التقنيات الحديثة، وقد مهدت هذه الخطوة لتمكين الأطفال إلى التعمق في عالم التكنولوجيا وصناعة الروبوتات.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

صناعة الروبوت بدءاً من تصميه حتى تجميعه

التقت "اندبندنت عربية" بعدد من المختصين في مجالات تقنيات الذكاء الإصطناعي وعلم المستقبليات الرقمية، والآليات الروبوتية، الشاب محمد يعقوب متخصص في الابتكار التقني والتحول الرقمي يقول، "بعد تجربة حديثة للتعليم الإلكتروني اكتشفت الأسر أن أطفالها بإمكانهم الدراسة والتواصل بطريقة لم تخطر لهم سابقاً، وهذا دفعهم لدعمهم على التأقلم أكثر مع التكنولوجيا، وبرامج تعليم الروبوت والبرمجة تعد من البرامج التفاعلية غير التقليدية لتطوير مهارات الصغار  في ظل التعليم عن بعد "الإلكتروني"، وتعزز برامج الروبوت والبرمجة من الدور التفاعلي في المنزل" ويتابع، "نحن نعمل بجد على خلق تحديات مرتبطة بمفاهيم ومشاكل حقيقية في العالم بتعليم الصغار حلول استخدام الروبوت وبرمجته بطريقة غير تقليدية والتركيز على مهارات التفكير النقدي، وحل المشكلات، والعمل الجماعي، ومن ثم نتيح لهم استخدام ما يناسبهم من مصادر وأجهزة مثل الأجهزة اللوحية والهواتف المحمولة".

 

كورونا دفعت التعليم الإلكتروني للواجهة

من المؤكد أن الأزمة التي واجهت القطاع التعليمي بسبب تفشي فيروس كورونا دفعت التعليم الإلكتروني نحو الواجهة، ويعد توفر التكنولوجيا عاملاً مهماً لنجاح فكرة التعليم الإلكتروني، وفي الحقيقة، إن أحد متطلبات التغيير من التعليم التقليدي للتعليم الإلكتروني نتج عنه تطور عديد من الابتكارات الميسرة للعملية التعليمية الإلكترونية، ما أوجد حالة من الإبداع والريادة عند فئة كبيرة من الطلبة، ومنحهم فرصة جديدة للإسهام في تطوير قطاع التعليم التقليدي. ويوضح المختص التقني يعقوب في حديثه إلينا "أنه لطالما كان التعليم الإلكتروني هدفاً من أهداف المؤسسات التعليمية، واليوم تعد الأزمة فرصة لإطلاق الأفكار الريادية والابتكارات التي تسهم في تطوير التعليم عن بعد. في البيئة الرقمية شاهدنا الصغار يتحولون بسرعة من  مستهلكين إلى منتجي محتوى، إضافة إلى سهولة المشاركة وفهم بعضهم بعضاً في بناء الأنشطة التي تشجعهم على الإنشاء ومراجعة الأفكار والحلول، ما سيزيد في المهارات الريادية والتواصل والإبداع".

 

الذكاء الإصطناعي يحاكي القدرات الذهنية البشرية

 تركز أكاديميات متخصصة في السعودية في صناعة الروبوتات على طلاب المرحلة الابتدائية، فتنمي روح التنافس بينهم باستخدام ما يصنعونه من روبوتات في مسابقات موسمية تعتمد على دقة تصميمها وسرعة أدائها، والأهم تنمية قدراتهم على إصلاحها أثناء الجولة، وتسند إلى كل تلميذ مهمة صنع روبوت خاص به من خلال تجميع قطعه كاملة أثناء الدرس الواحد وتركيبها ثم فكها في نهاية الدرس، بعد تعلم كيفية برمجتها على الحاسوب في مراحل تحضيرية مسبقة. ويوضح الدكتور سعود المهيدب مؤسس أكاديميات متخصصة في صناعة الروبوتات" أن خيار التعليم الإلكتروني سيكون دافعاً للأطفال لمضاعفة استخدام كثير من التطبيقات والبرامج التعليمية، كمواقع خدمات الأنشطة التفاعلية، وإلى فترة ما قبل كورونا لم يعرف كثير من أطفالنا التطبيقات الإلكترونية إلا في مجال اللعب. وكانت هناك محاولات جادة من الأهالي لدفع أبنائهم إلى وسائل مفيدة، لكن تلك الوسائل كانت محدودة. وإن وجدت فالجاذبية فيها كانت ضعيفة فيما سوى تطبيقات قليلة.

ويؤكد "أن الفاعلية أسهل في التعامل المباشر، ولم يحرص كثير من المستثمرين في هذا المجال على برامج التعليم الإلكتروني للأطفال. أما بعد كورونا فقد حدثت نقلة نوعية عالمية. واستثمرت الحكومات والشركات في هذا المجال بمليارات الدولارات لجعلها أكثر تشويقاً ما ساعد في هذه النقلة. لذلك فإني أتوقع ارتفاع نسبة الاستفادة من الخدمات التعليمية الإلكترونية حتى بعد انتهاء الأزمة".

ويشكل اختيار الوسائل التعليمية في التعليم الإلكتروني تحدياً أساسياً في التصميم التقليدي والإلكتروني، لاسيما مع الحاجة الماسة لتوظيف التعلم التفاعلي، الذي يزيد انتباه الطلبة بإشراكهم المباشر كمساهمين لا كمتلقين، وربما يكون هذا الاختيار دافعاً لتشجيع أسر الطلاب، (بخاصة الأطفال) على الالتحاق بمراكز وأكاديميات متخصصة في أنشطة التكنولوجيا والألعاب التعليمية الإلكترونية.

 

تطور متسارع في صناعة التكنولوجيا

يبين الأكاديمي المهيدب "أن أزمة كورونا المفاجئة أحدثت فجوة في انسيابية وصول المفاهيم من الملقي إلى المتلقي، رغم حرص الملقي على تطوير وسائله التعليمية. وكان هذا سبباً في حرص المتخصصين والأسر على إيجاد وسائل جديدة تناسب الحدث لسد الفجوة. فكانت المراكز والأكاديميات المتخصصة بالأنشطة الإلكترونية أحد الواجهات المهمة التي برز دورها فاعلاً في شغل جزء كبير من هذه الفجوة. سواء كان في الجانب النفسي أو العلمي. وذلك ما لاحظناه في طلبتنا وإقبالهم على التطبيقات التعليمية التفاعلية المصممة على أجهزة الروبوت الأكثر تشويقاً اليوم في عالم المعرفة التي جعلت الطفل مساهماً في صناعة الحدث التعليمي".

وتسعى هذه البرامج الإلكترونية الرقمية في هذه المراكز والأكاديميات لتوظيف الروبوت لتطوير مهارات ومعارف الطفل في الرياضيات والعلوم واللغة والفنون، وتعليم الأطفال البرمجة والمهارات التقنية في علوم تقر الروبوت وصناعته وكيف سيخدم الأطفال في منصات التعليم الإلكترونية.

ويشرح المهيدب "أنماط التعلم المستهدفة من تنمية المنطق والتعليل لدى المتدرب الصغير، اللذين يمثلان أساس المعرفة الحديثة اليوم في جميع العلوم. كما أضفنا مجموعة من التطبيقات التي يبنيها المتدرب، لتدعم فهم العلوم المختلفة كالرياضيات والعلوم وغيرها من خلال تطوير قدرات الأبناء، لتصميم وبناء ثم برمجة روبوتات تحقق أهدافاً تعلمية. فلم نعد نفكر في أبحاث التعليم اليوم أن نجعل المتدرب مشاركاً بل فاعلاً مبتكراً. وهذه الآلية الحديثة تحتاج إلى دافعية عند المدرب أولاً ليستطيع من خلال التدريبات المختلفة اكتشاف نقاط القوة عند المتدرب الصغير والدفع به نحو تفعيل مهارات التعليل والمنطق".

 

قفزات مستقبلية

تشارك الأسر أطفالها بالتحفيز على فهم عمل آلية الروبوت، والتحكم فيه ليس الهدف الوحيد، فالأهم هو إثارة تساؤلاتهم وتوجيههم نحو اكتشاف حقائق جديدة، والتعلم بطريقة ممتعة. الطفل سليمان اليحيا يصف تجربته "بأنها رائدة في تحفيز آلية تفكيره والاعتماد على ذاته والعمل بروح الفريق" ويعتبر والد سليمان "أن التعلم الإلكتروني لم يكن غاية بحد ذاته، لكن الأدوات البرمجية التي اكتسبها الأطفال ساعدتهم في إثراء التفاعل مع منهجية الذكاء الإصطناعي".

ولا يخفي والد الطفل محمد يماني "أن التعليم الإلكتروني سيمنح الأطفال فرصاً أكثر لخوض تجارب أوسع في الابتكار الرقمي والبرمجة، وهذا ما لاحظته في ابني كونه في الخامس الإبتدائي، إلا أنّ نظرته لما نسميه بالثورة الصناعية الرابعة (IR 4.0) هي نظرة أبعد وأوضح بكثير اليوم عما كانت عليه من عام يوم التحق بالأكاديمية. فمحمد يقوم فعلاً الآن بالربط بين المجسـّات (Sensor Actuator)، ومعالجة الإشارة منطقياً، ثم إجراء أمر إلى منفّذ الإجراء، في تطبيقات متعلقة بالبيئة أو الأمن وما شابههما. كما أن التنافس في هذه الألعاب "تمثـّل لهم متعة رغم ما تحتويه من جدية وجهد ذهني".

ومن المؤكد أن الأطفال الصغار يكتشفون في هذه البيئة تفاصيل وحقائق في عالم الروبوت بشكل تطبيقي ممتع، فهل سيقود الموهوبون منهم تطور التحولات الرقمية والتكنولوجية في العقود القادمة؟.

عائلة الطفل مؤمل كالملايين غيرها تخوض غمار تجربة التعلم عن بعد، ويقول إنه يفتقد بعض التواصل مع المعلم. وفي غرفة مجاورة يتابع سيره، ومع الوضع الذي فرض حملاً على الأهل (التعلم عن بعد)، وفر للمعلم وللأسر فرصة لاكتشاف قدرات بعض الطلاب.

المزيد من تقارير