Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ما التحديات التي تواجه المقاومة الشعبية في غزة؟

يعتقد مراقبون سياسيون أن فكرة المواجهة مجرد ردة فعل ولن تأخذ صدى كبيراً في الميدان

ثمّة أزمة ثقة بين الفصائل والشعب الفلسطيني بعد فشل اتفاقيات المصالحة الفلسطينية (مريم أبو دقة)

اعتبر قادة الأحزاب والتيارات الفلسطينية أثناء اجتماع الأمناء العامين في الثالث من سبتمبر (أيلول)، أن خيار المقاومة الشعبية أفضل حل لمواجهة إسرائيل في الفترة الحالية، وتنفيذاً لذلك شكلوا قيادة موحدة من جميع الفصائل، مهمتها تنسيق العمل الميداني وترتيب فعاليات واحتجاجات ومسيرات سلمية في الضفة الغربية وقطاع غزة.

ومن المقرر اليوم أن تبدأ المقاومة الشعبية فعالياتها ميدانياً، على أن يشارك الفلسطينيون في وقفات احتجاجية تقام في الضفة الغربية والقطاع على حد سواء، لكن أمام القيادة الموحدة للمقاومة الشعبية تحديات جمة في طبيعة عملها داخل غزة.

فعلياً، تباينت الآراء حول جدوى المقاومة الشعبية، خصوصاً في قطاع غزة الذي كانت له تجربة في الإطار ذاته من خلال الاحتجاجات الحدودية (مسيرة العودة)، والتي قتل خلالها أكثر من 260 فلسطينياً، وجرح فيها نحو 30 ألفاً آخرين، وفي النهاية، لم تثبت جدواها في البُعد السياسي، ولا حتى في تحقيق مطالب الناس الحياتية واليومية، وفقاً لمراقبين سياسيين.

طبقة سياسية مأزومة

قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر إبراهيم أبراش، إنه من الغريب أن يقرر قادة الأحزاب السياسية وحدهم الذهاب إلى المقاومة الشعبية من دون إشراك المواطنين في اتخاذ القرار، لا سيما أن الذي سيذهب إلى ميدان المواجهة هم الفلسطينيون وليس الطبقة السياسية.

أضاف "الطبقة السياسية مأزومة فعلياً، وغير قادرة على خوض تجربة جديدة في المقاومة الشعبية، خصوصاً على نطاق قطاع غزة الذي شارك في مسيرات سلمية ولم يحصل منها المواطن على حلول مُجدية، ولم تُؤتِ ثمارها".

ومن وجهة نظر أبراش، فإن الذهاب إلى خيار المقاومة الشعبية يحتاج إلى إعادة الثقة بين الفلسطيني وقائده، ليشارك بقناعة في أشكال المواجهة المختلفة مع إسرائيل، لافتاً إلى أن مواجهة التحديات الحالية التي تمر بها القضية الفلسطينية يحتاج لتغيير جذري في السياسة.

توافق حقيقي

على الرغم من تحديات إقناع المواطن بالمشاركة،

فإن عضو اللجنة المركزية في الجبهة الديمقراطية طلال أبو ظريفة يعارض ذلك، ويعتقد أن هناك توافقات حقيقية على آليات المقاومة الشعبية والعمل جارٍ لوضع برنامج موحد في جميع الأراضي الفلسطينية.

وعلى الرغم من تأييده فكرة المقاومة الشعبية، يقر أبو ظريفة بأن هناك تحديات كثيرة أمامهم، تتمثل في صعوبة تعبئة المواطن في غزة، بضرورة المشاركة في فعاليات المقاومة الشعبية، لكونه منشغلاً بهموم حياته اليومية؛ إذ يعيش الفلسطينيون في القطاع أوضاعاً معيشية واقتصادية صعبة لم تعالج منذ 10 سنوات.

لا توجد تهيئة

من جهته، يرى مدير مركز رؤية للتنمية السياسية أحمد عطاونة أنه لم تحدث تهيئة للفلسطينيين لدفعهم للمشاركة في المقاومة الشعبية، ولا توجد أدوات حقيقية تمهد الظرف الميداني لتنفيذ الفعاليات، خصوصاً مع بقاء الانقسام الفلسطيني قائماً بكل مشاكله التي نجمت عن عدم تطبيق المصالحة، ويتوقع عطاونة أن يكون التفاعل الشعبي في غزة مع الفعاليات المقررة محدوداً، بعد خوض السكان تجربة مسيرة العودة، وأنها لم تأتِ بنتائج لهم، مشيراً إلى إمكانية تطور وزيادة المشاركة الجماهيرية إذا شعر الفلسطينيون بصدق الفصائل في الوصول إلى نتائج حقيقية.

الساحة الرئيسة رام الله وليست غزة

يقر بذلك عضو المكتب السياسي لحزب الشعب وليد عوض بأن الساحة المباشرة والرئيسة للمقاومة الشعبية ستكون الضفة الغربية، وليست قطاع غزة، فالأولى على نقاط تماس مع إسرائيل، أما غزة فتعاني ويلات كثيرة، وخاضت تجربة المقاومة الشعبية سابقاً، وكان لها تأثير عميق.

ويؤكد عوض ضرورة إشراك المواطنين في إبداع أشكال جديدة للمقاومة الشعبية لضمان حرص المشاركة الجماهيرية، وألا تقتصر على صيغة الأوامر القيادية التي من الممكن أن تؤثر على طبيعة المقاومة الشعبية، وذلك من باب الاستفادة من الأخطاء في تجربة مسيرة العودة.

وعلى الرغم من ذلك، يعتبر عوض أن المقاومة الشعبية أفضل حل لمواجهة التحديات التي تمر بها القضية الفلسطينية، وفيها تعبير عن حالة رفض واسعة من الفلسطينيين لضياع حقوقهم المشروعة في القوانين الدولية.

أزمة ثقة

يعتقد الباحث في الشأن الفلسطيني أكرم عطا الله أن هناك أزمة ثقة بين الفصائل الفلسطينية والمواطنين في قطاع غزة، بعد تجربة مسيرة العودة، لذلك من الصعب أن يشاركوا في فعاليات حدودية مع إسرائيل حال طلبت القيادة الموحدة ذلك، لافتاً إلى أن الانقسام ونظام الحكم والأداء الإداري الفلسطيني، وإدارة الفصائل الفلسطينية للحالة الوطنية بما يشوبها من أخطاء كثيرة، ستؤثر سلبياً على مشاركة المواطن الغزي في فعاليات المقاومة الشعبية.

وبحسب عطا الله فإن سقف الفعاليات في المقاومة الشعبية سيكون محدوداً، وقد يقتصر على شكل تجمعات ليست بالكبيرة وتكون في مناطق محدودة داخل القطاع، مبرراً ذلك بأن المواطن الفلسطيني المطحون بالفقر، مشغول بالبحث عن فرصة للنجاة من الكوارث اليومية ويبحث عن إمكانية النجاة من وضعه القائم.

التخفيف عن الناس يدفعهم للمشاركة

ينسجم ذلك مع قول القائد في حماس حماد الرقب "فعاليات المقاومة الشعبية تقتصر على مركز المدن وليس مناطق التماس مع الجانب الإسرائيلي، وستبدأ في فعاليات خفيفة حتى تحقق نجاحاً، ولا نرغب في فعاليات بسقف عالٍ حتى لا تكون النتائج محدودة". ويضيف الرقب "هناك طلبات ينبغي أن تكون حاضرة لسكان القطاع لتشجيعهم على المشاركة في فعاليات المقاومة الشعبية، لذلك على السلطة الفلسطينية أن ترفع الإجراءات العقابية ضد غزة لتتحسن ظروف القطاع حتى يقتنع المواطن بالتغيير ويشارك في الفعاليات الميدانية".

المزيد من العالم العربي