Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

نزاع سياسي يطيح شراء لويس فيتون الفرنسية تيفاني الأميركية

اضطرار عملاق السلع الفاخرة إلى التراجع عن شراء "تيفاني" هو من مظاهر شد حبال تجاري "سيادي" أوروبي- أميركي

هل تدفع دار لويس فيتون ثمن نزاع أميركي- فرنسي وأوروبي لا ناقة لها به؟ (رويترز)

أعلنت أمس شركة "لويس فيتون"، LVMH، الضخمة فسخ "زواجها" بشركة "تيفاني" الأميركية بعد نحو عام على بدء عملية الشراء والاستحواذ بينهما. وقيمة عملية الشراء بينهما لو وصلت إلى خواتيمها كانت لتبلغ 16.2 مليار دولار أميركي (نحو 14.7 مليار يورو). واضطرت الشركة الرائدة عالمياً في قطاع السلع الفاخرة إلى إدارة الظهر للصفقة مع "تيفاني" إثر تلقيها رسالة من وزير الخارجية الفرنسية جان- إيف لو دريان، تثنيها عن المضي قدماً وتحضها على التراجع.

 من جهتها، أعلنت شركة "تيفاني" الادعاء قضائياً على شركة "لوي فيتون" لإلزامها احترام الصفقة وتنفيذها. ولكن المدير المالي للشركة جان – جاك غيوني، قال في مؤتمر صحافي هاتفي (عن بُعد) أن لويس فيتون "لا تملك خياراً آخر" غير التراجع للمساهمة في حماية المصالح الفرنسية.    

شد حبال أوروبي – أميركي

ليست هذه الحادثة مرآة خلاف فرنسي- أميركي فقط، بل هي تندرج في سياق شد حبال بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة. فالاتحاد يسعى إلى مواجهة احتكار شركات الإنترنت الأميركية العملاقة غوغل وفيسبوك وآبل وأمازون، معوّلاً على حجم السوق الأوروبية الضخم. فأوروبا هي "الزبون" الأكبر للتكنولوجيا الأميركية. ومن فصول هذه المواجهة، فرض البرلمان الفرنسي في يوليو (تموز) 2019 ضريبة على هذه الشركات. ومذ ذاك تلوّح إدارة ترمب بالرد. وفي منتصف يوليو، أعلنت واشنطن عزمها في الأشهر الستة المقبلة على فرض رسوم جمركية تبلغ 25 في المئة على السلع الفرنسية، ومنها أدوات التجميل وحقائب اليد. وفي النسخة المترجمة إلى الإنجليزية التي نشرتها "تيفاني" عن الرسالة، دعا لودريان لوي فيتون إلى التراجع، في وقت تسعى باريس إلى إقناع السلطات الأميركية بالعدول عن فرض رسوم جزائية على قطاع السلع الفاخرة ابتداء من يناير (كانون الثاني) المقبل.

ونقلت وكالة رويترز عن الحكومة الفرنسية أن هذا الطلب الصادر عن الخارجية ليس إلزامياً وقيمته "سياسية". فالوزير الفرنسي نبّه دار لويس فيتون إلى "الأثر الثقيل" والوازن للعقوبات الأميركية في قطاع السلع الفاخرة والتجميلية.

نزاع تجاري حمائي

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

والتراجع "الفيتوني" (نسبة إلى فيتون) هو مؤشر إلى نزاع حمائي مستتر بين واشنطن وأوروبا، وعلى وجه الخصوص فرنسا. وكانت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون ديرلاين، في خطاب تسلمها منصبها في نوفمبر (تشرين الثاني) 2019، أدرجت قطاع التكنولوجيا ومكافحة التغير المناخي في صدارة أولويات الاتحاد الأوروبي. ودعت إلى إمساك الكتلة الأوروبية بالمقاليد التكنولوجية الرئيسة، بما فيها المعلوماتية الكمية والذكاء الصناعي، في أوروبا. وقبل أيام، أبلغ تييري بريتون، مفوض السوق الداخلية الأوروبية، موقع "بوليتكو" أن القارة الأوروبية "تحتاج إلى الاعتماد على نفسها وبلوغ قدر من الاكتفاء الذاتي في القطاع التكنولوجي. ولكن سعي أوروبا إلى "السيادة التكنولوجية" يثير المخاوف من الانزلاق إلى سياسات حمائية وحرب تجارية قد يكون تراجع لوي فيتنون عن الاستحواذ على "تيفاني" عَلَماً عليها. وفي مطلع الشهر الحالي، لاحظ موقع ساينس بيزنس.نت أن "السيادة التكنولوجية" صارت لازمة كلام القادة الأوروبيين في الأشهر الستة الأخيرة. فمنذ جائحة كورونا، بدأ السياسيون الأوروبيون، على اختلاف مشاربهم اليسارية أو اليمينية، ينادون بتقليص اعتماد أوروبا على تكنولوجيا أميركية المصدر أو صينية. وضخّ الاتحاد مليارات اليورو لتطوير مكامن قوة هذه السياسة بدءًا من تطوير لقاح ضد كورونا إلى الذكاء الصناعي. وتناول إيمانويل ماكرون، الرئيس الفرنسي، هذه المسألة أخيراً، قائلاً إذا لم نكن رائدين في قطاعات التكنولوجيا "أملى علينا الآخرون خياراتنا". واللافت أن الشركة المتعددة الجنسيات للسلع الفاخرة "لوي فيتون"، صارت تعتبر فرنسية وحسب حين السعي إلى شراء شركة "تيفاني" الأميركية. وكأن فصول النزاع التجاري و"السيادي التكنولوجي" بين ضفتي المتوسط يعيد الشركات المتعددة الجنسية إلى هويتها الأولى، الفرنسية في هذه الحال، حفظاً لمصالحها من جهة، ومصالح البلد الأم وسلعه، من جهة أخرى. ولفصول هذا النزاع، سواء الأميركي- الصيني أو الأوروبي- الأميركي وهذا مضمر أكثر، تبعات كبيرة في التجارة الحرة على ما نعرفها اليوم.

اقرأ المزيد

المزيد من سياسة