Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"جنوب السعودية" بين الموسم السياحي والفصل الدراسي

تحديات البنى التحتية في القطاعين تعطل إمكانية الاستفادة الكاملة من فرصها

طفل في قرية هروب السياحية جنوب السعودية يتلقى درسه الأول عن بعد في الهواء الطلق (حسن هروبي)

سلط الصيف السعودي الاستثنائي الذي بدأه المواطنون والمقيمون في أواخر يونيو (حزيران) الضوء على القطاع السياحي المحلي، بوصفه خيار السفر الوحيد في ظل إغلاق الحدود من وإلى المملكة بسبب الإجراءات التي فرضها وباء كورونا منذ بداية العام، ما ساعد السعوديين على اكتشاف بلادهم للمرة الأولى، إذ تزامنت قرارات تخفيف إجراءات الإغلاق مع إطلاق أضخم موسم سياحي محلي تشهده الدولة الخليجية الصحراوية، أو هكذا ظنها الناس حتى بداية الموسم الذي اكتشف فيه السعوديون ما هو أبعد من الصحراء في جغرافيتهم، بخاصة في المناطق الجنوبية، ما أعطى فرصة ذهبية لسكان تلك المناطق لتسويق منتجاتهم السياحية والخدماتية بشكل قد لا يتوافر في المستقبل، على الرغم من محدودية البنى التحتية، وهو ما نجحوا فيه بعد تدفق السياح إلى تلك المناطق بأعداد غير مسبوقة.

السياحة ليست التحدي الوحيد

السياحة لم تكن التحدي الوحيد الذي خاضته تلك المناطق، فما كاد ينتهي موسم "تنفس" الذي أطلقته وزارة السياحة قبل أشهر من الآن، حتى بدأ العام الدراسي الجديد الذي لم يتخفف من أعباء كورونا كما هي حال السياحة، إذ آثرت وزارة التعليم التريث باتخاذ قرار العودة إلى الصفوف الدراسية والاستمرار في تطبيق نظام "التعليم عن بعد" الذي بدأته مع فترة الإغلاق منتصف الفصل الدراسي الماضي، إلا أنها وبحسب وزيرها محمد آل الشيخ استعدت استعداداً خاصاً هذه المرة لكفاية فترة التحضير بمنصة جديدة، وهي مدرسة إلكترونية أطلق عليها اسم "منصة مدرستي"، تتضمن الأدوات الخاصة للتعليم الإلكتروني ومتابعة العملية التعليمية. هذه التحديثات يفترض أن تكون قد استندت إلى ضوء تجربة الفصل الدراسي الماضي، وبناءً على ملاحظات الطلاب والممارسين التربويين، إلا أنها سجلت ملاحظات كبيرة من قبل مستخدميها منذ اليوم الأول للفصل الدراسي.

منصة مدرستي

تسبب التدفق الكبير للطلاب على منصة رقمية واحدة في اليوم الأول، وفي مرات متفرقة خلال الأسبوع الماضي إلى تعطل المنصة وفشلها في قدرة استيعاب أكثر من 6 ملايين طالب يدرسون في قطاع التعليم العام والخاص في السعودية، بحسب آخر إحصاء لوزارة التعليم.

تأتي هذه الحالات، على الرغم من الاستعدادات المبكرة للوزارة، وهو ما يطرح تساؤلات حول مواطن المشكلة واستعداداتها للمرحلة، التساؤل الذي وعدتنا متحدثة وزارة التعليم ابتسام الشهري بالإجابة عنه قبل أسبوعين من الآن، ولم نتلقَّ رداً عليه حتى اللحظة.

فرص التعليم عن بعد

سبق أن امتدح وزير التعليم السعودي تجربة التعليم عن بعد، وإمكانية توسيعها في المستقبل عقب انتهاء الفصل السابق الذي اضطرت المؤسسات التعليمية السعودية إلى إكماله من المنزل، إلا أن تلك التقييمات ربما لم تأخذ في حسبانها كل التجارب وتقييم القائمين عليها، إذ تملك القرى الحدودية الجنوبية في السعودية، تجارب سيئة مع كل ما يرتبط بالشبكات والبنى التحتية الرقمية، ما ينعكس بالضرورة على التجربة التعليمية الرقمية، بحسب طلاب ومعلمين استطلعت "اندبندنت عربية" آراءهم.

ففي حديثنا مع عبدالله الفيفي، وهو أستاذ مرحلة متوسطة في محافظة فيفاء الجبلية في أقصى جنوب السعودية، أوضح أن الطاقم التعليمي خضع لتدريب عملي لأيام على المنصات الجديدة التي امتدح جودتها، إلا أنها لم تلامس جوهر المشكلة، مضيفاً "أطلقت الوزارة منصة مدرستي وهي منصة جيدة من حيث القدرة على تقديم المحتوى التعليمي وتقييم الطلاب، إلا أن المشكلة الأساسية لم تكن في المنصة بل في القدرة على استخدامها". وتابع "المدرسة التي أعمل فيها بها 185 طالباً، إلا أني لم ألتقِ حتى الآن عن طريق المنصة الرقمية إلا بـ20 في المئة منهم، لأسباب تتعلق بضعف شبكة الإنترنت في المنطقة، ولعدم توفر أجهزة كفوءة كون سكان المنطقة ينتمون لطبقات اقتصادية متدنية، يصعب عليهم توفير عدد كافٍ من الأجهزة للأسر التي لديها عدد طلاب يفوق الـ4 أطفال".

الأمر ذاته أكده حسين الصميلي، الذي اشتكى لنا تجربته في منطقة العارضة، وهي قرية حدودية قريبة من فيفاء، تقع أقصى جنوب السعودية، "حتى الآن الأمر لم يختلف عن العام الماضي، فلم تؤد عملية التعليم عن بعد أي غاية تعليمية. في منطقتنا بالعارضة 70 في المئة من الطلاب لا يمتلكون أجهزة أو إنترنت لائق للاطلاع على الدروس بشكل جيد، لذلك الحضور ضعيف ويسير في طريق الفصل الدراسي الماضي، إذ لم يتجاوز عدد الطلاب على مدى الشهرين اللذين قضيناهما في التعليم عن بعد 10 طلاب".

ولا يشعر الصميلي بتفاؤل تجاه الفصل الدراسي الجديد، "اطلعت على الاستعدادات، التي لم تعالج  مشكلاتنا الرئيسة، والتي حصلت في الفصل الماضي، وعلى رأسها جودة الإنترنت والأمور تسير في  الطريق ذاته لكن بمنصات جديدة".

وزارة الاتصالات تحاول إنقاذ الموقف

وكانت وزارة الاتصالات السعودي، قد أعلنت في مارس (آذار) الماضي، مع بداية فترة الحظر وانتقال العمل والتعليم والتسوق إلى الفضاء الرقمي، توفير ترددات إضافية لتعزيز أداء شبكات الجيل الرابع لاستيعاب الاستهلاك المتزايد للبيانات، ما يبدو أنه سيستمر حتى بعد رفع الحظر. فخلال بحثنا في تحديات الشبكات في عملية التعليم عن بعد، تواصلنا مع وزارة الاتصالات التي أفادتنا بأنها قررت تمديد فترة توفير الترددات الإضافية على نطاقات محددة بزيادة تفوق الـ50 في المئة من الترددات المستخدمة في تلك النطاقات.

وقالت الوزارة "قرار التمديد أتى بالتزامن مع عودة التعليم عن بعد الذي يعتمد في استمراريته على جودة الشبكات"، مضيفة "وجهنا جميع مقدمي خدمات الاتصالات برفع جاهزية البنية التحتية الرقمية".

وأضافت الوزارة "في فترة الإغلاق تجاوزت نسبة استهلاك الفرد اليومي من بيانات الإنترنت المتنقل 3 أضعاف المتوسط العالمي المقدر بـ300 ميغابايت"، وهو ما نجحت بنية الاتصالات المحلية في استيعابه، بحسب الوزارة، إلا أن التحدي يظل قائماً في ما يخص المناطق الحدودية، نظراً إلى افتقار بعضها لتمديدات الأجيال المتقدمة من الشبكات، وهو ما لا تنفيه الجهة المعنية.

المزيد من تقارير