Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

المرشدات الدينيات قوة المغرب الناعمة لمحاربة التطرف

عدد المقاتلات في صفوف "داعش" بلغ 284 منهنّ 52 سيدة عدن إلى البلاد

أعلن المغرب عن أول تجربة للواعظات الدينيات عام 2005 لمحاربة الفكر المتطرف (أ ف ب) 

في حربه على الإرهاب والتطرف، تسلح المغرب بـ "القوة الناعمة" للنساء المرشدات، اللواتي يحاربن العنف المبني على الدين، بإشاعة الدين الوسطي المعتدل في السجون والمساجد والمستشفيات، واستئصال الأفكار المتشددة التي تدفع مغربيات إلى الانضمام إلى الجماعات المتشددة، والمشاركة في "زواج النكاح".

شرح وسطية الإسلام واعتداله

ترى رحمة معتز باحثة في فقه الواقع وقضايا التطرف أنه "يجب أن يشارك معظم مكونات المجتمع للحدّ من التطرف، سواء المؤسسات والأفراد والمجتمع المدني"، وتُضيف معتز لـ "اندبندنت عربية"، "المرشدات الدينيات يُعتمد عليهنّ إلى جانب بقية الفاعلين الدينيين، في الإحاطة بمشاكل المجتمع التي ينبغي البحث عن حلول للحد منها."

كيف تساهم المرشدات الدينيات في الحدّ من الخطاب المتطرف؟ تجيب الباحثة في فقه الواقع وقضايا التطرف، "المرشدات الدينيات يعملن في المجالس الوعظية والمحاضرات، وإلقاء دروس في المساجد، تتضمن برامج مثل الأخلاق وشرح وسطية الإسلام واعتداله."

الحدّ من التطرف في السجون

وتضيف معتز، "وكان قد خُصص برنامج تتوجّه فيه المرشدات الدينيات إلى النقاش وإلقاء ندوات ومحاضرات داخل السجون المغربية للحدّ من المتطرف".

وأطلق المغرب مشروع إعادة هيكلة الحقل الديني في المملكة عام 2002، وأعلن عن أول تجربة للواعظات الدينيات عام 2005، حيث تخرج أول فوج، وجاء ذلك في سياق تغيير بعض المناهج الدراسية وإصلاحها، لا سيما المتعلقة بالمجال الديني.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

عمل المرشدات استباقي

وتتابع الباحثة في فقه الواقع وقضايا التطرف، "عمل المرشدات استباقي بحكم أنهنّ يتعاملن مع النساء اللواتي يتوجهن إلى المساجد، حيث تظهر الأفكار التي تحملها هؤلاء النسوة، والتي قد تبدو أحياناً مخالفة لتعاليم الإسلام الوسطي وأيضاً تديّنِنا المغربي المتسامح."

وتوضح معتز أن "من أسباب التطرف خصوصاً لدى المرأة، أنّ نسبة كبيرة من ضحايا التطرف هنّ نساء لديهنّ ظروف اجتماعية صعبة، ومعارفهنّ العلمية شبه منعدمة، أو يملن إلى الإفراط ولديهنّ خلل في الفهم، وهنّ ضحايا الواقع الاقتصادي والاجتماعي، ويبحثن في التطرف عن المنقذ."

جهاد النكاح

وتُضيف الباحثة معتز "المغربيات اللواتي التحقن بالجماعات الإرهابية المتشددة، هاجرن بسبب جهاد النكاح، ووهبن حياتهنّ لخدمة شخص آخر، معتقدات أنّه جهاد وسيذهبن إلى الجنة، وهنّ يكفرن بالدولة والمؤسسات والقوانين، وبعد اعتقالهنّ يناشدن الدولة التي كفرن بها."

وبحسب الأرقام الرسمية التي قدمها عبد الحق الخيام، مدير المكتب المركزي للأبحاث القضائية، فإنّ عدد النساء المغربيات المقاتلات في صفوف "داعش" بسوريا والعراق، "بلغ 284، منهنّ 52 سيدة عادت إلى المغرب."

معظم المتطرفين يعيشون في الضواحي

وتتابع "يمكن القول إن الحدّ من التطرف أكبر بكثير من المرشدات الدينيات، لأن معظم المرشدات الدينيات لديهنّ تكوين ديني، بينما الحاملون للفكر المتطرف يحتاجون إلى الإرشاد الاجتماعي، ومتخصّصون في علم النفس، لأن معظم المتطرفين يعيشون في الضواحي ولديهم ظروف اجتماعية".

اعتقال الزوج وإطلاق الزوجة

وتمضي معتز قائلة، "للحد من التطرف النسوي، نحتاج لدراسة عميقة لفهم المرجعية التي تعتمد عليها هذه الفئة، ما يتطلب وقتاً طويلاً وإشراك أهل العلم والاختصاص لفهم من أين جاء هذا الفكر وكيف تشبعنّ به ولماذا توجهنّ إلى هذا التأويل وأن يتم دحض ذلك علمياً.

وتضيف "عودة الزوجين من "داعش"، واعتقال الزوج وإطلاق الزوجة، يشكل خطراً كبيراً، يجب مواكبة هذه المرأة ومتابعتها من طرف أهل الاختصاص، لأن الفكرة تُدحض بالفكرة."

مشاريع إصلاح الحقل الديني

في المقابل، يرى حمزة بصير، الصحافي المغربي، أن "من بين أبرز مشاريع إصلاح الحقل الديني في بلادنا، بعد أحداث 2003 الإرهابية، كان تكليف النساء المؤهلات علمياً ودينياً، بلعب دور مرشدات دينيات من أجل مواجهة التطرف ومحاربة الأمية كذلك، وبالفعل نجحن في ذلك بشكل كبير."

ويضيف بصير لـ "اندبندنت عربية"، "اليوم كثير من النساء تحرصن على حضور دروس تُقدمها بنات جنسهنّ، وبالتالي يكتسبن معارف كنّ يجهلنها، وهو ما لم يكن متاحاّ في السابق."

وتأسس معهد محمد السادس لتكوين الأئمة والمرشدين والمرشدات في عام 2015، وناهزت كلفة بنائه حوالى 22 مليون دولار، ويضم مدرّجات للمحاضرات وقاعة للرياضة وأخرى للصلاة واستديوهات تسجل فيها برامج دينية، بهدف تلقين الأجيال الجديدة من الشباب المغاربة والأجانب قيم الإسلام الوسطي.

القوى الناعمة

ويتوفر المعهد على مكتبة كبيرة تعرض كتباً متنوعة حول "الفكر الفلسفي في الإسلام" والتاريخ الرسمي للمغرب والمذهب المالكي المعتمد في المملكة.

ويرى بصير أن "المستفيدات بدورهنّ سيؤثرن في محيطهنّ العائلي بشكل كبير، ففي الثقافة المغربية، الأم هي حاضنة الأسرة وقوامها، القادرة على إصلاح أخطاء المجتمع بداية من بيتها، انطلاقاً من تربية الأبناء وفق المنظور الصحيح وتأطيرهم فكرياً"، ويعتبر أن "الدولة المغربية اليوم مطالبة بإثراء هذه التجربة، بمنح هؤلاء المرشدات الدينيات المكونات على أعلى مستوى، مساحات إعلامية من أجل تنوير الرأي العام، وولوج المدارس والجامعات، والقيام بزيارات ميدانية إلى الأحياء الشعبية، كون التواصل النسائي العلمي المعرفي المباشر أكثر تأثيراً وتحقيقاً للأهداف، من غيره من الوسائل الأخرى."

ويلفت بصير إلى أن المرشدات الدينيات "هنّ القوى الناعمة التي أثّثت المشهد الإصلاحي للحقل الديني في المغرب"، مضيفاً "ساهمن بشكل فعال في محاربة التطرف والأمية".

وكانت قد أسفرت اعتداءات وتفجيرات نفذها إسلاميون متطرفون في الدار البيضاء سنة 2003 عن مقتل 33 شخصاً، ويهدف المغرب إلى إصلاح الحقل الديني بإشاعة خطاب ديني "وسطي معتدل".

اقرأ المزيد

المزيد من تحقيقات ومطولات