حسب تقرير لشبكة "سي إن بي سي" الأميركية فإن مجموعة بايت دانس الصينية التي تملك تطبيق تيك توك للفيديوهات القصيرة ستعلن اختيارها لعرض شراء أعمال التطبيق بالولايات المتحدة ونيوزيلندا وأستراليا اليوم الثلاثاء. إلا أن تعديلات أعلنتها الصين على قانون تصدير التكنولوجيا في وقت متأخر الجمعة، بعد تلقي بايت دانس العروض النهائية للشراء، قد تؤجل هذا الإعلان أو على الأقل تعطل مفاوضات الشركة الصينية مع المشتري المحتمل.
وكان الرئيس الأميركي دونالد ترمب، وفي سياق تصعيد للحرب التجارية مع الصين قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية في نوفمبر (تشرين الثاني)، أصدر أمرين تنفيذيين بشأن تطبيق تيك توك كما حظر على موظفي الحكومة الأميركية استخدام موقع وتطبيق التواصل الصيني وي تشات. وحسب الأمر التنفيذي، فأمام شركة بايت دانس حتى منتصف سبتمبر (أيلول) كي تبيع أعمال تيك توك بالولايات المتحدة لشركة أميركية وإلا فإنه سيمنع التطبيق بأميركا من يوم 12 نوفمبر. بمعنى أن الحكومة ستوقف تحميل التطبيق من آب ستور وغوغل بلاي في الولايات المتحدة. وأعطى الأمر التنفيذي الرئاسي لوزارة الخزانة إمكانية تمديد مهلة الإنذار 30 يوماً.
وعللت الحكومة الأميركية قرارها بمخاوف أمنية على اعتبار ارتباط مجموعة بايت دانس بالحكومة الصينية واعتماد التطبيق الذي انتشر بوتيرة هائلة خلال عامين على تقنية خوارزمية معقدة توفر للمتصفح محتوى معين على أساس سلوكه السابق من مشاهدة الفيديوهات. وفي وقت تتزايد فيه المخاطر من تخزين بيانات المشتركين على المواقع والتطبيقات واستخدامها لتغذية خوارزميات الذكاء الاصطناعي لتقديم محتوى محدد للجمهور المستهدف تخشى الحكومات من قدرة تلك التطبيقات ومواقع التواصل على التأثير في الرأي العام باتجاه معين بخاصة في أوقات الانتخابات.
تصعيد تكنولوجي
وتنفي مجموعة بايت دانس الاتهامات الأميركية، وبالفعل رفعت شركة تيك توك التابعة لها دعوى قضائية في الولايات المتحدة ضد الأمر التنفيذي للرئيس ترمب. لكن المجموعة في الوقت نفسه لا تريد تأثيراً في أعمالها، بخاصة أن شركة مايكروسوفت كانت تسعى من قبل قرار ترمب للاستحواذ على تيك توك في أميركا. وأخيراً، أعلنت سلسلة المتاجر الأميركية الشهيرة وول مارت اهتمامها بشراء التطبيق لاستخدام تكنولوجيته وقاعدة معلوماته في الترويج والتسويق الإلكتروني. لكن اشتراط الإدارة الأميركية أن تكون شركة تكنولوجية أميركية هي من تشتري التطبيق لتستطيع تخزين بيانات مستخدميه على خوادمها جعل وول مارت تدخل مع مايكروسوفت كمشترٍ محتمل في الصفقة التي قد تزيد قيمتها على 20 مليار دولار.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
المنافس لتحالف "مايكروسوفت -وول مارت" هو شركة أوراكل التي يبدو أن الرئيس الأميركي يفضلها للاستحواذ على التطبيق. وبمجرد تلقي العروض النهائية نهاية الأسبوع الماضي، أعلنت الحكومة الصينية تعديلات على قانون تصدير التكنولوجيا الذي لم يتغير منذ 2008. وشملت التعديلات تحديداً حظر بيع تكنولوجيا معينة أو تعليق بيعها لحين الموافقة الحكومية ومنها تكنولوجيا خوارزمية بيانات المتصفحين التي يستخدمها تطبيق تيك توك.
ورغم أن المسؤولين الصينيين قالوا إن التعديلات يجري بحثها منذ عام 2018، فإن توقيت إعلانها واضح أنه في إطار تصعيد السجال التجاري والتكنولوجي بين الولايات المتحدة والصين. ومع أن المراقبين يرون أن مجموعة بايت دانس ليست مهمة للحكومة الصينية بقدر أهمية شركة هواوي مثلاً، التي تعرضت أيضا لحملة أميركية واسعة، لكن القرار الصيني يعني بالتأكيد أن بكين إما تريد منع صفقة بيع تيك توك لشركة أميركية أو على الأقل عرقلة البيع لتحسين الشروط.
احتمالات مختلفة
وذكرت وسائل الإعلام الأميركية خلال اليومين الأخيرين أن مفاوضات بيع تيك توك تعطلت مؤقتاً بسبب الإجراءات الصينية المفاجئة، لكن ذلك لا يعني إلغاء الصفقة المحتملة وإنما مد أجل التفاوض بشأنها حتى بعد استقرار مجموعة بايت دانس على المشتري الأميركي المحتمل: أوراكل أو تحالف "مايكروسوفت-وول مارت".
وتدرس مجموعة بايت دانس حالياً، وكذلك المتقدمين بعروض الشراء، الإجراءات الصينية الجديدة وتأثيرها في عملية الاستحواذ. ومن بين المقترحات أن تنقل المجموعة الصينية للمشتري الأميركي عمليات التطبيق من إدارة المحتوى والمشتركين على أن تظل تكنولوجيا خوارزمية الاستهداف في الصين؛ تفادياً لاعتراض حكومي على تصديرها ضمن القانون المعدل. لكن ذلك وإن وفر على المشتري مهندسين ومعدات لإدارة خوارزمية تحديد المحتوى الذي يستهدف الجمهور، فإنه سينفي الغرض الأساس من قرار الحكومة الأميركية وهو عدم وجود تلك المعلومات لدى الصين. كما أن مثل هذا الاحتمال سيعني بالضرورة تعديل تفاصيل العروض المقدمة من المهتمين الأميركيين بشراء التطبيق.
ويرجح أغلب المعلقين أن القرار الصيني الأخير ربما لا يستهدف منع صفقة البيع تماماً، كي لا تشعل بكين مزيداً من التصعيد مع واشنطن. لكن بالتأكيد يمكن لهذا القرار أن يدفع باتجاه تأجيل موعد الصفقة المحدد بالأمر التنفيذي الرئاسي إلى ما بعد 12 نوفمبر. ويتيح ذلك لمجموعة بايت دانس فرصة أفضل للتفاوض مع المشتري المحتمل وتحسين شروط الصفقة. وستكون تلك فرصة أيضاً لانتظار نتيجة الدعوى القضائية ضد الأمر التنفيذي الأميركي. وسيتضح كل ذلك خلال الساعات، أو على الأكثر الأيام القليلة المقبلة، سواء أعلنت بايت دانس مَن اختارته لشراء تيك توك في أميركا أو تسربت أنباء مفاوضات جديدة مع المتقدمين بعروض الشراء.