Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الطبقة الوسطى في الأردن لن تشارك بالانتخابات المقبلة

بسبب ما فعلته الحكومة مع مجلس نقابة المعلمين المنتخب قبل أسابيع

من تظاهرة للمعلمين في عمّان (مواقع التواصل الاجتماعي)

تشير كل الدلائل في الأردن، إلى أن الطبقة الوسطى لن تقوم بالتصويت في الانتخابات النيابية المقبلة والتي ستجري يوم 10 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، بسبب ما فعلته الحكومة مع مجلس نقابة المعلمين المنتخب قبل أسابيع.  

"اندبندنت عربية"، رصدت على الأرض تحضيرات للانتخابات النيابية المقبلة، ومدى رغبة السكان باختيار مجلس نيابي مؤثر ورقيب على السلطة التنفيذية، إذ تبين أن إجراءات الحكومة الأردنية بحق مجلس نقابة المعلمين وإغلاق مقراته، ستتسبب بامتناع أكثر من 120 ألف معلم ومن خلفهم عائلاتهم وأقاربهم وكثير من المواطنين المتعاطفين معهم عن الانتخاب والوصول إلى صناديق الاقتراع.

ولم تنتهِ الأزمة بين نقابة المعلمين والحكومة الأردنية، واشتدّ الغضب بعد اعتقال ما يقارب 500 معلم وفق ما صرح محامي النقابة بسام فريحات عبر صفحته على "فيسبوك".

واتخذت الإجراءات بعد تصريحات على لسان نائب نقيب المعلمين ناصر النواصرة، الذي أشار بشكل غير مباشر إلى أن النقابة وهيئتها العامة والمؤيدين لها لن يشاركوا في العملية الانتخابية البرلمانية المقبلة كنوع من أنواع الاحتجاج نتيجة عدم تلبية مطالب المعلمين.

ويأتي احتجاج النواصرة على خلفية قرار صادر عن الحكومة الأردنية في أبريل (نيسان) الماضي، وهو وقف العمل بالزيادة المقررة لموظفي الجهاز الحكومي على نسبة العلاوات الفنية المعتمدة والمقرة بموجب قرار مجلس الوزراء رقم 8066 تاريخ 6/1/2020، حيث اعتبرت النقابة أن القرار يعد مخلاً بالاتفاقية الموقّعة بين الحكومة والنقابة العام الماضي.

انقسام في الشارع

الخلاف الحاصل بين النقابة والحكومة أوجد انقساماً في الشارع الأردني، فهناك من يرى أن النقابة على حق وعلى الحكومة تنفيذ وعودها، وآخرون قالوا إن النقابة تحاول الضغط على الحكومة على حساب الطلاب باللجوء إلى الإضراب وحرمانهم من حقوقهم الدراسية، وهو ما نفاه النواصرة بتصريح صحافي سابق، مؤكداً أن الإجراءات التصعيدية للنقابة جاءت رداً على قرار الحكومة بوقف صرف علاوة المعلمين، وأن النقابة لم تُغلق باب الحوار مع الحكومة، وتنظر بمسؤولية عالية لمصلحة الطلاب، إضافة إلى أنهم لن يكونوا محل رهان لأي إجراءات إلا إذا قررت الحكومة ذلك، خاتماً تأكيده عدم إقحام الطلاب بأي تدافع مع الحكومة.

العمل الإسلامي لم يتخذ قراره بعد

وحتى اللحظة، يرى حزب جبهة العمل الإسلامي وعلى لسان أمينه العام مراد العضايلة في حديث إلى "اندبندنت عربية"، أن المشهد السياسي في الأردن يعيش أزمة خانقة، وأن حالة الحريات العامة في تراجع، ولا قرار لغاية اللحظة بخصوص المشاركة في الانتخابات النيابية من عدمها.

واعتبر العضايلة أن ما جرى مع نقابة المعلمين في الأردن أمر مقلق وغير صحيح، وأن مكتب الشورى لم يتخذ قراراً بعد بالمشاركة أو المقاطعة.

الهيئة المستقلة لا علاقة لنا بالحوار

في المقابل، قال رئيس الهيئة المستقلة للانتخاب خالد الكلالدة إن الهيئة حددت يوم الانتخاب، وبالتالي المشاركة واجب والمقاطعة حق، لافتاً إلى أن الهيئة لن تؤجل الانتخابات بحال وجود مقاطعة لها.

وأضاف في حديث إلى "اندبندنت عربية"، أن الهيئة تشرف على الانتخابات وتديرها، لكنها غير معنية بالخوض في الأمور السياسية للمقاطعين، معتبراً أن هذا يقع على مسؤولية الحكومة.

الحكومة تتمنى المشاركة

وبحسب وزير التنمية السياسية موسى المعايطة الذي أكد لـ "اندبندنت عربية"، أن الحكومة لم تبلغ بأية مقاطعة للانتخابات من قبل أية أحزاب، وأن غالبيتها أعلنت المشاركة فيها .

ولفت إلى أن الحكومة تفتح باب الحوار مع جميع الأحزاب، لكنها في الوقت ذاته، لن تحاور نقابة المعلمين كونها ليست حزباً، وتعمل في إطار نقابي.

وطلب المعايطة عدم استباق الأحداث، متمنياً من حزب جبهة العمل الإسلامي المشاركة.

المعلمون مقاطعون 

أعلن عدد كبير من المعلمين مقاطعتهم العملية الانتخابية كنوع من الرفض والتعبير عن موقفهم تجاه نقابتهم، وعدم القبول بحالة التضييق التي حصلت مع زملائهم، وهو ما أكده المعلم محمد حامد ل"اندبندنت عربية" بعدم مشاركته أو التصويت أو تسجيل اسمه كمراقب في العملية الانتخابية.

وأوضح حامد أن زملائه لن يشاركوا أيضاً في الانتخابات المقبلة، وهناك تنسيق لنشر دعوات عبر مواقع التواصل الاجتماعي لرفض العملية الانتخابية برمتها وقبيل إجرائها بشهر.

حالة إحباط أم انفراجة

من جهة ثانية، يشير مدير عام التلفزيون الأردني السابق رمضان الرواشدة في مقال نشره في صحيفة الرأي الأردنية تحت عنوان "هل تجري الانتخابات"، إلى أن "هناك حالة من الإحباط الشديد التي تُلتمس في أحاديث الناس بخاصة في المحافظات عن أداء النواب بشكل عام ونواب هذه المناطق بشكل خاص إذ يسود الاعتقاد بأن الأداء كان ضعيفاً ومنصباً على تحقيق مكاسب شخصية، وأن أحد ثاني أهم العوامل هو ما حدث مع نقابة المعلمين وأدى إلى دعوات إلى مقاطعة الانتخابات ولعلها الآن فُرجت وقد تنتهي هذه الدعوات مع قرار المحكمة بالإفراج عن مجلس نقابة المعلمين وعشرات المعلمين الموقوفين كما أن هناك بوادر إيجابية للحوار بين الحكومة والمعلمين تشير إلى أن الأمور قد تسير إلى الأفضل".

المعلم نفق مجتمعي

في سياق متصل، يلفت الدكتور حسين الخزاعي الباحث الاجتماعي في تصريح إلى "اندبندنت عربية" إلى أن الجانب الاجتماعي له تأثير كبير في اتخاذ أي قرار كان، وأن ما حصل مع نقابة المعلمين من إجراءات بحق منتسبيها سيؤثر حتماً في المؤيدين والمتعاطفين من أصدقاء وأقرباء بقبول أي قرار صادر عن النقابة.

وأكد أن نقابة المعلمين لها شعبية وحضور في المجتمع الأردني، لأنهم يمثلون الطبقة الوسطى والتي تشكل ما يقارب 29 في المئة من المجتمع، إضافة إلى أن عددهم يقارب 120 ألف معلم ومعلمة ولهم تأثير في الشارع، مطالباً بأن لا ينسى أحد القطاع الأهم والمتضرر وهم عمال المياومة ممن لم يتمكنوا من الحصول على دعم الخبز، معتبراً إياهم بصف أية إجراءات تتخذها النقابة كتعبير عن الرفض للإجراءات الحكومية.

وأشار إلى أن هناك سببين لتأييد نقابة المعلمين من قبل المتعاطفين معه وهما: الروح الاجتماعية وتظهر في المواقف التي تحتاج للمساندة والدعم، ونظرية الإنفاق حيث إن المعلم جزء من المجتمع ولديه شعبية ومؤيدون في كل دولة وفي أي نظام كان.

وختم حديثه بأن التلويح بمقاطعة الانتخابات هو أمر خاطئ، لأنه سيمنح أشخاصاً آخرين قد يكونون غير مؤهلين للفوز ويحرم مرشحيهم أو داعميهم منه، وهنا ستضيع فرصة فوز مرشحين محسوبين عليهم يتبنون مواقفهم والدفاع عن قضاياهم، مؤكداً أن الحل يكون بالمشاركة أو اختيار مرشحين بشكل سري لإيصالهم إلى قبة البرلمان من أجل نصرة قضاياهم.

راصد في المرصاد

يرى برنامج المسائلة والمشاركة والحكم المحلي "راصد" في مركز الحياة لتنمية المجتمع المدني، والمسؤول عن مراقبة الانتخابات المحلية وبخاصة الانتخابات البرلمانية والبلدية في الأردن، أن عدد المقترعين في انتخابات عام 2013، ارتفع بمقدار 350 ألف ناخب وناخبة، مقارنة بعام 2016 وهي آخر دورة أجريت في الأردن لانتخاب المجلس الثامن عشر، إذ بلغ عدد الذين أدلوا بأصواتهم ما يقارب مليوناً ونصف المليون مقترع، بيد أن النسبة العامة للمشاركة بالمجمل، كانت أقل، ولم يصدر لغاية الآن توقعاته بنسبة المشاركة لعام 2020 .

ويتسبب عدم إقبال المواطنين على الانتخاب والمشاركة السياسية بإحراج كبير للأردن إذ تعتبر النسبة المتدنية والمقاطعة دليلاً على عدم رضا الناس عن العمل السياسي وأن هناك مضايقات وعدم منح حرية تدل على الديمقراطية وفق المعايير الدولية. 

المزيد من العالم العربي