Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

سيناريوهات تفعيل المادة 102 في الجزائر... ما مصير الحراك وبوتفليقة؟

تجاذبات سياسية بين أحزاب التحالف الحاكم بلغت حد تبادل التهم

تتسارع الأحداث في الجزائر ويتجه الوضع إلى المجهول. فبعد دعوة قائد أركان الجيش أحمد قايد صالح إلى تفعيل المادة 102 من الدستور، التي تعتبر مدخلاً لإعلان حالة شغور منصب رئيس الجمهورية. وذلك بمنزلة نصف استجابة لمطالب الشعب الذي خرج منذ 22 فبراير (شباط) 2019 للمطالبة برحيل عبد العزيز بوتفليقة، قبل أن يرتفع سقف المطالب إلى رحيل النظام، في حين قد تندرج خطوة الجيش في اطار ما طالبت به اطراف سياسية. وهذا ما يهدد بانفجار المعارضة التي اختلفت في ما يتعلق بتدخل الجيش.
دخلت الجزائر مرحلة سياسية جديدة بعدما حاولت الخروج من نفق الشارع. وهو ما فتح الباب أمام سيناريوهات عدة قد تدفع إلى وضع مستقر وفي مستوى تطلعات الشعب الذي خرج في مسيرات سلمية تطالب برحيل كلي للنظام، بما فيه قائد الأركان، كما قد يعيد البلاد إلى الوراء فتدخل في متاهات لا تُحمد عقباها.

تفعيل المادة 102 أسوأ سيناريو للحراك الشعبي
يعتبر الاستاذ في جامعة وهران رابح لونيسي، في حديث مع "اندبندنت عربية"، أن تفعيل المادة 102 أسوأ سيناريو في نظر الحراك الشعبي، لأنه في الأخير هو تضحية ببوتفليقة مع إبقاء النظام على ما هو عليه من دون تغيير، مضيفاً أن الحراك كان يطالب بتغيير جذري للنظام القائم، وسأل: لمَ لم يطبقوا هذه المادة منذ عام 2014؟ وتابع أن تطبيق هذه المادة هو أسوأ من الندوة التي طالب بها بوتفليقة،  إذ في هذه الندوة يمكن إحداث تغيير ولو طفيفاً في النظام، لكن تطبيق هذه المادة معناه تمديد ولاية بوتفليقة شهوراً بموجب المادة، كما أن تسلم رئيس مجلس الامة عبد القادر بن صالح، تنظيم الانتخابات الرئاسية خلال مهلة 90 يوماً، بعد 45 يوماً، يسمح بإعداد مرشح السلطة إن لم يحصل الاتفاق بشأنه، عكس مرشح المعارضة أو الحراك الذي سيتشتت بفعل تعدد المرشحين، وبذلك يستمر النظام لكن من دون بوتفليقة.
وقال لونيسي إن الحراك سيستمر بعدما يعي الجميع الرهانات وينتقلون إلى المطالبة الصريحة بتغيير النظام  تغييراً جذرياً، وبمجلس انتقالي، معتقداً أن خطأ قايد صالح هو أنه وضع نفسه بهذا الطرح في مواجهة الحراك الذي سيطالب برأسه بعد بوتفليقة، مع الإبقاء على احترامه المؤسسة العسكرية بحكم أنها العمود الفقري للدولة، كما من غير المستبعد، وفق المتحدث، لجوء بوتفليقة إلى حل البرلمان لمنع تطبيق المادة 102، إذّاك يحدث المأزق الدستوري الذي يجعل من تدخل الجيش أمراً ضرورياً للضغط على بوتفليقة من أجل الرحيل، كما حصل مع الشاذلي بن جديد في 1992، وربما يتدخل المجلس الأعلى للأمن مثلما جرى عام 1992، ليعين مجلساً أعلى للدولة، وذلك يتوقف على الحراك الذي قد يتواصل بقوة أكبر.

قائد الأركان أنقذ النظام بتخليه عن بوتفليقة
واعتبرت جهات عدة أن قائد الأركان أنقذ النظام بتخليه عن الرئيس بوتفليقة، وشككت في الخطوة بعدم مطالبته بتفعيلها أثناء الولاية الرابعة أو في آخرها، خصوصاً أنه يعلم الوضع جيداً، وطريقة ادارة الأمور من قبل الاطراف غير الدستورية التي يعرفها جيداً، وعدّتها حيلة دستورية لمنح مزيد من الوقت لتهيئة مرشح جديد يمثل النظام في الانتخابات الرئاسية التي سيتم تنظيمها، يقودها رئيس مجلس الأمة، عبد القادر بن صالح، رجل النظام الوفي، وهو ما كان يرفضه الشعب والمعارضة، من خلال المطالبة برحيل النظام كله.
في السياق نفسه، كتب الناشط السياسي يوسف خبابة في صفحته على فيسبوك، أن اللجوء إلى المادة 102 ليست هي الحل، بل هي حيلة لاستمرار النظام، مبرزاً أن المادة 102 لا تطبق في هذه الحالة، على اعتبار أن ولاية الرئيس انتهت، وهذا فراغ دستوري تعمد الرئيس والنظام القائم إحداثه، وتابع أن الرئيس خالف الدستور بإلغاء الانتخابات وكان مفترضاً أن يستقيل مباشرة باعتبار أن تغيير الرئيس بوتفليقة برئيس مجلس الأمة، هو استمرار للنظام، وخلص إلى أن تدخل الجيش جاء لقطع الطريق أمام مبادرة المعارضة السياسية التي بلورت حلاً متوازناً يضمن تسيير مرحلة انتقالية في إطار المادة 7 من الدستور.

المعارضة طالبت بالمادة 102
شهدت الجزائر خلال الأسبوع الحالي تجاذبات سياسية بين أحزاب التحالف الحاكم بلغت حد تبادل التهم، كما تحركت شخصيات قانونية في اتجاه المادة 102، بعدما اعتبرتها مهمة للرئيس بوتفليقة حتى يضمن مخرجاً مشرّفاً من الأزمة الراهنة. ودعت المعارضة في وقت سابق، خلال اجتماعاتها التشاورية، إلى تفعيل المادة 102، وإعلان ثبوت شغور منصب رئيس الجمهورية، غير أنها تراجعت عن المطلب في الاجتماع الأخير، ودعت إلى تطبيق المادة 7 من الدستور، التي تنص على أن الشعب هو مصدر السيادة، واشارت إلى ضرورة مرافقة الجيش مبادرتها، لكنها اعتبرت مطالبة قايد صالح بتفعيل المادة 102 تدخلاً في السياسة وانقلاباً أبيض لا يستجيب لتطلعات الشعب الذي يخرج في تظاهرات ومسيرات.

خلافة بوتفليقة
تتخوف السلطة من رد فعل الشارع بعد إعلان قيادة عبد القادر بن صالح، للمرحلة الانتقالية، وهذا ما قد يدفعه إلى تقديم استقالته والتعويض عنه بشخصية وطنية من الثلث الرئاسي تحظى بثقة الشعب لتولّي رئاسة مجلس الأمة أولاً، ثم تعيينها لتسيير المرحلة الانتقالية ثانياً، وفي حال تقديم بوتفليقة الاستقالة بفعل الاستجابة للمادة 102، مثلما تريد أطراف في النظام بقيادة قائد الاركان، يصبح إذّاك مطالباً بتعيين حكومة انتقالية قبل استقالته، لأن الرئيس بالنيابة، أي رئيس مجلس الأمة، الذي سيحكم المرحلة الانتقالية ليست له صلاحيات دستورية لتعيين حكومة، وهذه  إذا غابت تغدو الدولة مهددة بالانهيار.
وكان بإمكان محيط الرئيس دفع بوتفليقة إلى تقديم استقالته بهدوء، ليحل محله رئيس مجلس الأمة مدة 3 أشهر، ثم تُكوٰن لجنة دستورية تصوغ الدستور الجديد، وهي الخطوات القانونية التي تتابعها حكومة موقّتة، وهذا ما يرضي الشارع والمعارضة، لكن لجوء قائد الاركان إلى الدعوة لتفعيل المادة 102، قد يكون بسبب رفض بوتفليقة ومحيطه ترك السلطة، وهو ما ستكشف عنه الأيام المقبلة.

المزيد من العالم العربي