Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الاتحاد الأوروبي يدعو موسكو إلى عدم التدخل في بيلاروسيا

العملة تنهار والشركات التكنولوجية تهدد بالخروج من البلاد

احتجاجات للمعارضة في العاصمة البيلاروسية مينسك (أ ب)

حض الاتحاد الأوروبي موسكو اليوم الجمعة، على عدم التدخل في بيلاروسيا، بعدما تعهّد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بتقديم دعم عسكري لرئيسها.

وبينما ناقش وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي المجتمعين في برلين الأزمة، اتهم رئيس بيلاروسيا ألكساندر لوكاشنكو، الذي يواجه احتجاجات غير مسبوقة تطالب بتنحيه، الغرب بمحاولة الإطاحة به لإضعاف موسكو.
بدورها، عرضت أوكرانيا المجاورة التي شهدت احتجاجات دامية عام 2014 أطاحت برئيسها الموالي لروسيا آنذاك، إيواء مواطني بيلاروسيا الفارين من حملة نظام لوكاشنكو الأمنية.
وتعهد بوتين بإرسال جيشه إلى بيلاروسيا لإعادة الاستقرار إليها بعد أسابيع من التظاهرات الضخمة التي دعت لوكاشنكو، الذي يوصف أحيانا "بآخر دكتاتور في أوروبا"، إلى التنحي وإجراء انتخابات جديدة.
وقال مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل بعدما أجرى محادثات مع وزراء خارجية التكتل في برلين "سمعت مرّات عدة من روسيا نغمة أن هذه مسألة داخلية بالنسبة إلى بيلاروسيا وأنهم لا يرغبون بتدخل خارجي. أفترض أن الوضع ينطبق عليهم كذلك".

في المقابل، شدد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على أن "جميع أشكال التدخل الخارجي في بيلاروسيا ستدوّل المسألة"، مضيفا أن "الأسوأ سيكون تدخل روسيا". وأضاف أنه اتفق مع المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل على ضرورة عدم تكرار سيناريو 2014 الذي شهدته أوكرانيا بعد انتفاضة 2014 إذ ضمت حينها موسكو شبه جزيرة القرم.

احتجاجات غير مسبوقة

وبعد ثلاثة أسابيع من حركة الاحتجاجات غير المسبوقة ضد لوكاشنكو، اهتز اقتصاد البلاد الهش أصلاً. فالعملة تنهار واليورو والدولار أصبحا نادرين، والشركات الرائدة في مجال التكنولوجيا الحديثة تهدد بمغادرة البلاد.

وفي المصارف ومكاتب الصرافة، يسعى السكان إلى شراء العملات الأجنبية، في محاولة لحماية مدخراتهم في مواجهة انهيار الروبل البيلاروسي.

شح في العملات الأجنبية

وقال أحد زبائن بنك بييلوروسي، أكبر مصرف في البلاد، لوكالة الصحافة الفرنسية، طالباً عدم الكشف عن اسمه، "ليس هناك قطع أجنبي في المصارف، والموظفون يقولون لنا انتظروا قد يجلب أحد الزبائن القليل من الأموال".

وفي قاعة الانتظار، ينتظر عشرة زبائن مجيء أي شخص لإيداع أموال أجنبية، أو شراء الروبل البيلاروسي.

وسجّلت العملة الوطنية تراجعاً قياسياً، فقد خسرت أكثر من عشرة في المئة من قيمتها خلال شهر واحد، مقابل العملات الأوروبية والأميركية، بسبب حالة عدم اليقين التي سببتها حركة الاحتجاج، والمخاوف من أن تؤدي التظاهرات إلى أزمة اقتصادية. وعلى مدى عام، بلغت نسبة تراجع العملة 26 في المئة مقابل الدولار، و33 في المئة نظير اليورو.

وفي الأيام الأخيرة، أطلق كثير من قنوات تطبيق "تلغرام"، التي تتابعها المعارضة، دعوات إلى شراء العملات، من أجل زعزعة استقرار العملة، بالتالي السلطة.

وتهدُف دعوات أخرى إلى مقاطعة مؤسسات الدولة التي تشكّل عماد نظام لوكاشنكو، لمصلحة الشركات الخاصة.

وكان رد فعل الرئيس الخميس التنديد بـ"الأوغاد" الذين "يدعون إلى زعزعة استقرار السوق المالية". ونقلت وكالة الأنباء الرسمية (بلتا) عن لوكاشنكو قوله، "لن نسمح بانهيار العملة الوطنية".

ورأى المحلل المستقل ألكسندر فاسيليف، أن التخلّص من الروبل "مؤشر احتجاج"، لكنه يشير أيضاً إلى أن حجم عمليات سحب الأموال "ليس كافياً، للتأثير بشكل كبير في سعر الصرف".

تهديد في القطاع الرقمي

لكن، الاستياء وصل أيضاً إلى القطاع الرقمي، الأساسي في بيلاروسيا والمهدد بالانهيار، بعدما أضعفه القطع المتكرر للإنترنت منذ انتخابات التاسع من أغسطس (آب)، لأن السلطة ترى في الوسائط الرقمية إحدى الوسائل التي تستعمل في الانتفاضة ضد لوكاشنكو.

ومنذ الـ12 من أغسطس، وقّع نحو ألفي جهة فاعلة من شركات تكنولوجيا المعلومات في البلاد رسالة عامة، تدعو إلى إجراء انتخابات جديدة، ووقف عنف الشرطة، مهددة بمغادرة البلاد.

وبعدما فتّشت الشرطة مكاتبها، أغلقت شركة يانديكس الروسية العملاقة مكاتبها في مينسك، وأدخلت تقنية العمل عن بعد لجميع موظفيها البالغ عددهم 300 موظف. وأكدت مصادر أن المجموعة بدأت إجلاء موظفين في الخارج، إلا أن الشركة لم تؤكد هذه المعلومات.

وأعلن تطبيق فايبر، في تغريدة على موقع "تويتر"، أنه أغلق مكتبه في مينسك مؤقتاً الأسبوع الماضي، بسبب "مخاوف أمنية على فريقنا" و"مشكلات الإنترنت"، مضيفاً أنه سيعود ويفتحها اعتباراً من الأربعاء.

كما أن الأزمة السياسية الناجمة عن الاشتباه في عملية تزوير واسعة النطاق في الانتخابات التي أبقت لوكاشنكو في السلطة، تؤثر أيضاً في الاقتصاد التقليدي الذي يسود فيه منطق تدخل الدولة الموروث من الحقبة السوفياتية.

وبالتزامن، خفّضت روسيا المبالغ التي تمنحها إلى شقيقتها الصغرى بيلاروسيا.

وحذّر محللون من شركة "فيتش"، في مذكرة الأسبوع الماضي، أن "الإضرابات في القطاعات الرئيسة قد تزيد من تآكل آفاق النمو التي أضعفت بالفعل هذا العام، بسبب اضطرابات إمدادات النفط والوباء". وهم يقدّرون أن إجمالي الناتج الداخلي سيسجّل انكماشاً خمسة في المئة خلال 2020.

وقد نُفّذت إضرابات في المصانع الكبرى بالدولة، ما أقلق السلطات في بداية التحركات، إلا أنها تراجعت في الأيام الأخيرة تحت تهديد تسريح العمال وسجن قادة الإضراب.

رئيس الوزراء الألباني يجدد عرضه للوساطة

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وندد الرئيس الحالي لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا، رئيس الوزراء الألباني إيدي راما، الجمعة في فيينا، بالوضع "المقلق للغاية" في بيلاروسيا، وحضّ مينسك على السماح له بالقيام بوساطة.

وقال راما، في افتتاح اجتماع خاص للمجلس الدائم لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا بشأن الوضع في بيلاروسيا، إن حكومة مينسك وعقب الانتخابات "ردّت على الاحتجاجات باستخدام غير متناسب للقوة واعتقالات واسعة النطاق وفرض قيود على حرية الإعلام". وأضاف "اعتُقل أكثر من مئة صحافي أو جرى ترحيلهم أو تعرّضوا للعنف. إنه أمر مقلق جداً، وكذلك الخسائر في الأرواح وتقارير الأشخاص المفقودين (...) إنه كابوس محتمل لبيلاروسيا وشعبها".

وذكّر راما باقتراح الوساطة الذي قدّمه في الـ17 من أغسطس للوكاشنكو، الذي لا يزال سارياً. وقال في حضور مندوبين من 57 دولة عضو في المنظمة، "يمكننا أن نؤدي دوراً ونساعد في الحوار. أرجو أن تمنحوا هذا العرض فرصة".

ويواجه لوكاشنكو المعارضة التي ترفض نتائج الانتخابات الرئاسية التي تمنحه الفوز بنسبة 80 في المئة من الأصوات. ولم يكن مراقبو المنظمة حاضرين يوم التصويت، وهي سابقة منذ عام 2001، لأنه لم تتم دعوتهم في الوقت المناسب.

الاتحاد الأوروبي يدعو موسكو إلى عدم التدخل في بيلاروسيا

وبعد تعهّد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تقديم دعم عسكري للوكاشنكو، حضّ مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، موسكو على عدم التدخل في بيلاروسيا.

ورفض الاتحاد الأوروبي النتائج الرسمية لانتخابات التاسع من أغسطس، ويستعد لفرض عقوبات على نظام لوكاشنكو رداً على ما يعتبره تزوير الاقتراع والحملة الأمنية العنيفة بحق متظاهري المعارضة.

وقال بوريل، الجمعة، بعدما أجرى مباحثات مع وزراء خارجية التكتل في برلين، "سمعت مرّات عديدة من روسيا نغمة أن هذه مسألة داخلية بالنسبة إلى بيلاروسيا، وأنهم لا يرغبون في تدخل خارجي. أفترض أن الوضع ينطبق عليهم كذلك". وأضاف "لشعب بيلاروسيا وحده حق تقرير مصيره. إذا كانت روسيا تؤمن باستقلال وسيادة الدولة فستحترم رغبات وخيارات شعب بيلاروسيا الديمقراطية".

وكان بوتين اتصل الخميس بسلطات مينسك والمعارضة، في مسعى لإيجاد "مخرج" سلمي للأزمة، لكن تهديد الكرملين بالتدخل العسكري عزّز احتمال تدهور الوضع في البلد المتاخم للاتحاد الأوروبي.

ودعم وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي، الذين يجرون مباحثات غير رسمية مع بوريل في برلين، قائمةً من 20 شخصاً قد يجري تجميد أصولهم وفرض حظر سفر عليهم، رداً على دورهم المفترض في تزوير انتخابات بيلاروسيا أو قمع المتظاهرين. وقال بوريل إن القائمة قد تشمل "شخصيات على أعلى المستويات السياسية"، لكن يُستبعد أن يدرج لوكاشنكو عليها على الرغم من دعوات بعض الدول لاستهدافه.

ويدعم الاتحاد الأوروبي العمل الذي تقوم به منظمة الأمن والتعاون في أوروبا للتوسط من أجل الوصول إلى حل للأزمة عبر التفاوض، بالتالي قد يؤدي استهداف لوكاشنكو شخصياً إلى نتائج عكسية في هذا السياق.

اقرأ المزيد

المزيد من اقتصاد