Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الوفاق تفرض حظرا للتجول في طرابلس لكبح جماح الحراك الشعبي

نظم عدد من المحامين والصحافيين وقفة احتجاجية أمام مجمع المحاكم في العاصمة ضد الاعتقالات والفساد

اتخذت حكومة الوفاق الليبية في طرابلس، مساء الأربعاء 26 أغسطس (آب)، إجراءات متتالية لكبح جماح الحراك الشعبي في العاصمة، والمنادي بمكافحة الفساد وإصلاحات حكومية واسعة في القطاعات كافة، لتحسين المستوى المعيشي للمواطن الليبي، ورفع مستوى الخدمات التي تردّت بشكل غير مسبوق خلال الآونة الأخيرة.

فبعد ساعات من تهديد وزارة داخليتها باتخاذ إجراءات حاسمة ضد المتظاهرين، بعد محاصرتهم بيت رئيس الحكومة فايز السراج ليل أمس، والذي عدّته مخالفاً للقوانين ومنافياً لأشكال التظاهر السلمي التي يقرها القانون الليبي، أعلنت الوزارة فرض حظر تجول كلي في طرابلس بداية من مساء الأربعاء، ولأربعة أيام متتالية.

ورفعت الإجراءات مستوى الاحتقان في الشارع الطرابلسي، إذ عبر ناشطون في الحراك عن رفضهم لها أو الانصياع لتطبيقها، مؤكدين عزمهم الخروج في التظاهرة المليونية يوم الجمعة المقبل، ما عزّز التوقعات بتصاعد التوتر وانفجار المشهد في العاصمة الليبية.

الوفاق تهدد بإجراءات حاسمة

وأعلنت وزارة داخلية حكومة الوفاق، التي يديرها فتحي باشا آغا، في بيان لها عزمها "اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة في شأن أية تجمعات لا تلتزم بالشروط القانونية للتظاهر، وفق القانون الخاص بتنظيم حق التظاهر السلمي"، مشيرة إلى أن "قانون رقم (65)  لعام 2012 في شأن تنظيم حق التظاهر السلمي، كفل للمواطنين حق التظاهر السلمي والتعبير عن الرأي"، لافتة إلى أن "هذه الحقوق وإن كفلها القانون، فإنها تستمد وجودها من مبادئ دستورية راسخة، يجب على الدولة المدنية الديمقراطية احترامها وكفالتها للمواطنين"، وأضافت أن "القانون نفسه فرض على وزارة الداخلية واجبات التوفيق بين حماية المتظاهرين وصيانة الأموال والممتلكات العامة والخاصة، والحفاظ على النظام العام".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقالت إنها "لاحظت افتقاد التظاهرات للمتطلبات القانونية اللازمة، من الحصول على الإذن من مديرية الأمن بحسب الاختصاص المكاني، وعدم تحديد أماكنها ومواعيدها، وانحراف بعض المجموعات عن حدود المطالب بشكل سلمي، وانتقال بعض المجموعات من دون سند أو مبرر إلى محل إقامة رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق، والتعدي على حرمة مسكنه، ما يشكل انحرافاً بالتظاهرات عن حدودها السلمية التي قررها الدستور وكفلها القانون".

حظر كامل للتجول

وبعد ساعات قليلة من بيان داخلية الوفاق، عادت لتعلن قراراً مفاجئاً بفرض حظر كامل للتجول في طرابلس طوال الأيام الأربعة المقبلة، مع تحديد بعض الأحكام الأخرى. وأوضح المجلس الرئاسي في بيان أن "الحظر الكامل سيبدأ من الساعة السادسة من مساء الأربعاء، مع إقفال الحدود الإدارية للمدن ومنع التنقل بينها"، وأضاف البيان أن "الحظر الجزئي سيستمر عشرة أيام إضافية بعد فترة الحظر الكامل، مع استمرار العمل بنظام الحظر الكامل ليومي الجمعة والسبت من كل أسبوع". وأشار القرار إلى "استمرار حظر التجمعات والمناسبات الدينية والوطنية والاجتماعية، واستعمال وسائل النقل الجماعي، إضافة إلى إغلاق الأسواق الكبرى".

وهاجم ناشطون في الحراك الشعبي بطرابلس، والمتعاطفون معهم من المدن الأخرى القرار، قائلين إنه "استمرار من حكومة الوفاق في التضييق على حقهم في التعبير السلمي، وأعلنت غالبيتهم رفض الاستجابة لهذا القرار".

وغردت الناشطة في حراك "همة الشباب" الذي يقود التظاهرات في طرابلس، نعمة صالح "طالبنا بأبسط حقوقنا لكنهم أطلقوا علينا الرصاص، ومارسوا التضييق، لن نتوقف حتى يستجاب لمطالبنا، وستخرج التظاهرة المليونية يوم الجمعة، وسيبقى شعارنا لا شرقية لا غربية... ليبيا وحدة وطنية".

حالة تحد

وفي حديث إلى "اندبندنت عربية"، اعتبر الصحافي الليبي خالد طلوبة أن قرار السراج سيفجر الموقف في طرابلس، وقال "هذا القرار لا يحتاج إلى تفسير، فهو صدر لكبح جماح الحراك في طرابلس وشلّ تحركاته تماماً، وأعتقد أن النتائج ستكون عكسية تماماً لما أراده من وراء فرض حظر التجول الكامل". وأضاف أن "الموقف تحول إلى ما يشبه التحدي بين الحراك في الميادين والمجلس الرئاسي، وفي حالات تحدي الإرادة فلا يمكن قهر إرادة شعبية وطوفان جماهيري، وعلى السراج مراجعة إجراءاته قبل فوات الأوان"، مشيراً إلى أن هناك جزئية في القرار تؤكد استهدافه للحراك بشكل رئيس، وهي "إعلان الرئاسي فرض حظر التجول الكلي يومي الجمعة والسبت من كل أسبوع من دون الأيام الأخرى، ما يؤكد أنه جاء لشل الحراك، لأن هذين اليومين عطلة رسمية في ليبيا، وعادة تنظم فيهما كل المسيرات الاحتجاجية".

القضاء يناصر الشارع

في السياق ذاته، نظم عدد من المحامين والصحافيين الأربعاء، وقفة احتجاج أمام مجمع المحاكم في طرابلس ضد الاعتقالات والفساد، مطالبين بحماية حرية الرأي والتعبير، ومحاسبة المعتدين على المتظاهرين، وإطلاق جميع الموقوفين والإسراع في محاسبة الفاسدين، وهتف المتظاهرون بشعارات عدة، منها "لا شرقية ولا غربية ليبيا وحدة وطنية" و"لا للفساد وتكميم الأفواه"، ورفعوا لافتات كتب عليها "من حقي التظاهر ومن واجبك حمايتي".

وأصدرت النقابة بياناً دانت فيه "الاعتداء على حق التظاهر السلمي وحرية التعبير المكفولة قانوناً، والاعتداء على المتظاهرين".

وتفاعل عدد من الناشطين مع دعم نقابة المحامين في ليبيا لهم، مثمنين الخطوة وأهميتها في دعم حراكهم، وقال الناشط الطرابلسي محمد قشوط إنه "موقف مشرّف لنقابة المحامين في طرابلس إعلانها التضامن مع الشباب المتظاهر ضد حكومة السراج، ودعم مطالبهم التي هي مطالب كل الليبيين، وبقية النقابات لا تزال تلتزم الصمت وتدفن رأسها في التراب".

حراك شباب طرابلس المندفع نحو الساحات بحرارة، ما هو إلا رد فعل طبيعي تجاه الحال المعيشية المزرية في أنحاء البلاد كافة، وفي المنطقة الغربية بالتحديد، بحسب رأي للصحافية الليبية انتصار فتحي، التي صرحت لـ "اندبندنت عربية"، بأنها ترجّح "نجاح هؤلاء الشباب في تظاهراتهم السلمية وتحقيق مطالبهم التي نادوا بها، وبداية النجاح تجلّت في دفع رئيس حكومة الوفاق فايز السراج، إلى التحدث في كلمة تخللها كثير من الوعود، آملاً في تهدئة الشارع الليبي الغاضب، وقالت إن "المطلب الرئيس للمتظاهرين بعد تطور الأحداث والمتمثل في استقالة السراج يبقى مرهوناً بقدرتهم على الصمود في الساحات وفي وجه الأجندات الخارجية، التي ليس من مصلحتها تخلي السراج عن السلطة في هذه المرحلة من الأزمة"، ولفتت إلى أنه "في حال عدم تشويه واستغلال هذا الحراك فلن يتوقف بل سيتمدد حتى يحقق مبتغاه الأساسي، أما في حال تدخلت الأيدي المندسة لتسييس هذه التظاهرات، فلن تكون سوى تجربة إضافية لا غير، ضمن تجارب الشعب السابقة لتحسين الأوضاع".

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي