Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

حاجة ماسة لاستراتيجية بريطانية تعالج العنصرية البنيوية

فيما نحتفل بـ "اليوم العالمي لذكرى تجارة الرقيق وإلغائها" علينا أن ننظر إلى الماضي والمستقبل أيضاً

يدعي كثيرون في بريطانيا أن عنصرية مؤسساتية بدأت تطل برأسها في عهد حكومة المحافظين (غيتي) 

في مثل هذه الأيام من عام 1791 هبّ العبيد في هاييتي وجمهورية الدومينكان ضد أسيادهم، في انتفاضة باتت تمثل لحظة مميزة لجهة إلغاء تلك التجارة الرهيبة.

وبمناسبة اليوم العالمي لذكرى تجارة العبيد وإلغائها، نتذكر الممارسات اللاإنسانية التي عانى منها أولئك وملايين غيرهم.

ومع ذلك لايزال الناس بعد أكثر من 200 عام على ذلك اليوم، مضطرين للنزول إلى الشوارع للاحتجاج على العنصرية والظلم، اللذين تعوّد بعض جوانبهما إلى عدم الاعتراف الكامل بالتاريخ الرهيب لتجارة الرقيق عبر المحيط الأطلسي، وبوصمتها التي لا تزال تلطخ المجتمع البريطاني إلى اليوم.

من المفيد تذكر أن لون البشرة الأسود تحديداً هو الذي حكم على أجيال من البشر بمواجهة أهوال العبودية. 

وفيما اجتاحت احتجاجات "حياة السود مهمة" البلاد، وألقت جائحة فيروس كورونا الضوء على الفوارق العرقية في زوايا المجتمع كلها، لقيت عبارتا "بي إم إي" BME (السود وأبناء الأقليات الاثنية) و"بايم" Bame (السود والآسيويون وأبناء الأقليات الاثنية) رواجاً كبيراً.

أعتقد أننا في حاجة للاعتراف أن الاستخدام المتزايد لهاتين العبارتين يموّه الهويات الاثنية والشخصيات الفردية، والحقائق الخاصة بالأشخاص أنفسهم الذين تحاول هاتان العبارتان تمثيلهما. وأنا لن أصف نفسي على الإطلاق بأني "بايم"، فهذه عبارة أرفضها. والواقع أني لا أعرف الكثيرين ممن يودون توصيف أنفسهم بهذه العبارة ذات الحروف الأربعة.

دعوني أقول باختصار إنه لا يمكننا أن نسمح لأنفسنا بالوقوع في فخ الرضى الذي تنطوي عليه هذه العبارة التعميمية، التي تستعمل لوصف "البريطانيين من غير البيض".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

المشكلة في عبارتي "بي إم إي" و "بايم" هي أننا نفقد معهما القدرة على التمييز، وبالتالي فهم الواقع الحقيقي لأصحاب الأصول الاثنية المختلفة. فمثلاً التجارب التي يعيشها شاب أسود ستختلف عن تلك التي تمر بها شابة صينية، وباستعمال هاتين العبارتين نحن نموّه التجارب الحقيقية التي يعيشها أشخاص عدة.

وهذا يتجلى في أوضح أشكاله عبر الجائحة الراهنة التي تسلط الضوء على كيفية حشر كل المجموعات الاثنية في فئة واحدة، وهو أمر غير عملي وغير دقيق في آن واحد. ونعلم أن "كوفيد-19" أثّر في مجتمعات السود والآسيويين وأبناء الأقليات الاثنية بشكل غير متناسب نهائياً مع أعدادهم، غير أن الإحصاءات من بدايات الصيف الحالي تُظهر أن المشهد أكثر تعقيداً. 

 كان الخطر المتزايد للموت جراء الإصابة بفيروس "كوفيد-19" بالنسبة للأشخاص من خلفيات اثنيات سوداء من كل الأعمار، أكبر بمرتين لدى الذكور، وبـ 1.4 مرة لدى الإناث، بالمقارنة مع أشخاص من خلفيات اثنية بيضاء. وكان خطر الوفاة بـ "كوفيد-19 " بالنسبة للرجال من أصول بنغلاديشية وباكستانية وهندية أكبر بكثير (1.5 و1.6 مرة على التوالي) من الذكور بيض البشرة، بينما كان خطر الموت بسبب "كوفيد-19" لدى أناث من أصول بنغلاديشية أو باكستانية أو هندية أو صينية أو من مجموعات اثنية مختلطة، مساوياً لما واجهته الإناث من ذوات البشرة البيضاء.

وسواء أكانت العبارة تستعمل إدارياً أم لا، فإن الهوية مهمة، فكل منا أكثر من مجرد تسمية، ناهيك عن تسمية تجمع الكثيرين طوعاً ممن ينتمون إلى اثنيات وثقافات مختلفة بعبارة مختصرة من أربعة حروف. وإذا اختار المجتمع أن يصف الأشخاص الذين هم ببساطة "من غير البيض" بالعبارة نفسها المؤلفة من أربعة حروف، فإن ذلك عبارة عن نفي للفروق العرقية والثقافية والاثنية بينهم.

أن نتذكر أن وحشية تجارة الرقيق كانت موجودة فعلاً وأنها ألغيت، هو أمر مهم أهمية تعلّم كيف عومل الناس بشكل مؤسسي، وفهم أسباب تلك المعاملة. ومالم نتعلم تاريخنا ونفهمه فلن يكون بوسعنا أن نعرف ما يتوجب علينا القيام به على نحو أفضل، وما لذي ينبغي لنا أن نعالجه، وكيف نصححه.

  ثمة حاجة لوضع "استراتيجية للمساواة العرقية" تعالج على نحو منهجي العنصرية البنيوية بتأنٍ، وتفكّكها لبنة لبنة. يمكن لهذا أن يحصل فقط من خلال الفهم العميق الصادق والحقيقي. ومن شأن استراتيجية كهذه أن تقلص جوانب التفاوت العرقي البنيوي الذي يواجهه جميع السود والآسيويين وأبناء الأقليات الاثنية في طول المملكة المتحدة وعرضها، وعلينا أن نحاول تغيير النظُم والمؤسسات التي يوجد فيها هذا التفاوت تغييراً جوهرياً.

استطاعت العبودية أن تزدهر على امتداد قرون عدة بفضل جشع الرأسمالية الذي حفزها، ووحشية العنصرية المضادة للسود التي أذكتها وبثت فيها الحياة. وبينما نعرب عن إجلالنا لضحاياها السابقين، ينبغي بنا أن نكرّم ذكراهم من خلال رفض النظم التي كانت وراء معاناتهم.

( مارشا دي كوردوفا وزيرة شؤون المرأة والمساواة في حكومة الظل، ونائبة عمالية عن دائرة باترسي)

© The Independent

المزيد من آراء