بعد إنهاء الحظر الدولي على توريد السلاح إلى إيران، وعدم قدرة الولايات المتحدة على تمديده، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب أنه أمر وزير الخارجية مايك بومبيو بإبلاغ مجلس الأمن الدولي بأن واشنطن تطلب تفعيل آلية "سناب باك" المثيرة للجدل من أجل إعادة فرض كلّ العقوبات الأممية على إيران بدعوة انتهاكها التزاماتها النووية. إلا أن روسيا وصفت التحركات الأميركية بأنها "عبثية"، مضيفة أن ليس لدى واشنطن أسباباً قانونية أو سياسية لفعل ذلك، وفق ما نقلت وكالة "إنترفاكس" الروسية للأنباء عن نائب وزير الخارجية سيرجي ريابكوف اليوم الخميس.
ونقلت "إنترفاكس" عن ريابكوف قوله إن "مثل هذه الخطوة ستفضي إلى أزمة في المجلس".
صاروخ إيراني
في موازة ذلك، قال وزير الدفاع الإيراني أمير حاتمي في خطاب بثه التلفزيون اليوم الخميس، إن طهران أطلقت صاروخا بالستياً "سطح - سطح" يبلغ مداه 1400 كيلومتر وصاروخ كروز، متجاهلةً مطالب الولايات المتحدة بوقف برنامجها الصاروخي. وأضاف حاتمي "الصاروخ سطح سطح، والمسمى باسم الشهيد قاسم سليماني، يبلغ مداه 1400 كيلومتر، فيما يزيد مدى صاروخ كروز، الذي يحمل اسم الشهيد أبو مهدي (المهندس) عن 1000 كيلومتر". وقُتل سليماني قائد فيلق القدس في "الحرس الثوري" وأبو مهدي المهندس القيادي في "الحشد الشعبي" العراقي في يناير (كانون الثاني) الماضي، في غارة أميركية استهدفت موكبهم في مطار بغداد.
"سناب باك"
وكان ترمب قال خلال مؤتمر صحافي عقده الأربعاء في البيت الأبيض "اليوم طلبت من وزير الخارجية مايك بومبيو إخطار مجلس الأمن الدولي بأن الولايات المتحدة تعتزم إعادة فرض كل العقوبات الأممية عملياً على إيران والتي تمّ تعليقها في السابق".
وتتيح آلية "سنابّاك" المنصوص عليها في الاتفاق النووي المبرم مع طهران في عام 2015 إعادة فرض كل عقوبات الأمم المتحدة على إيران إذا ما طلبت دولة طرف في الاتفاق ذلك، بدعوى انتهاك طهران التعهّدات المنصوص عليها في الاتفاق.
لكن سائر أعضاء مجلس الأمن يشكّكون في إمكانية لجوء الولايات المتحدة إلى مثل هكذا خطوة لأن واشنطن انسحبت من الاتفاق في مايو (أيار) 2018 بقرار من ترمب.
بومبيو إلى نيويورك
وبعيد تصريح ترمب، أعلنت وزارة الخارجية الأميركية أن بومبيو سيقصد نيويورك يومي الخميس والجمعة لإخطار مجلس الأمن بذلك.
وجدّد الرئيس الأميركي انتقاداته الشديدة للاتفاق الذي أُبرم في عهد سلفه الديمقراطي باراك أوباما، واصفاً إيّاه بـ"الكارثي" وبأنّه "نتاج فشل السياسة الخارجية" التي انتهجها أوباما ونائبه جو بايدن، المرشح الديموقراطي إلى الانتخابات الرئاسية في 3 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.
وبحسب إدارة ترمب، فإن رفع العقوبات عن إيران في عام 2015 مكّنها من الحصول على عشرات مليارات الدولارات استخدمتها في نشر "الفوضى والدم والرعب" في الشرق الأوسط والعالم أجمع.
اتفاق جديد
وتوقّع ترامب في مؤتمره الصحافي أن يفوز بالانتخابات وأن تهرع طهران إليه في خلال شهر من ذلك طلباً لاتفاق جديد.
وقال "في الشهر الأول الذي سيلي فوزي في الانتخابات، ستأتي إيران وتطلب منّا التوصّل إلى اتفاق بسرعة كبيرة لأنّ حالهم ليست على ما يرام".
ويتصاعد التوتر بشأن الملف الإيراني منذ اتّخذ الرئيس الأميركي دونالد ترامب في عام 2018 قرار سحب بلاده من الاتفاق النووي المبرم بين طهران والدول الكبرى الذي جمّد البرنامج النووي الإيراني، وأعاد فرض عقوبات اقتصادية خانقة على إيران.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
تحذير من التجاهل
في السياق، حذر بومبيو، روسيا والصين من تجاهل إعادة فرض جميع عقوبات الأمم المتحدة على طهران.
وسيلتقي بومبيو، سفير إندونيسيا لدى الأمم المتحدة ديان تريانسياه دجاني، رئيس مجلس الأمن في أغسطس (آب) الحالي، لتقديم شكوى عن عدم امتثال إيران للاتفاق النووي، على الرغم من انسحاب واشنطن من الاتفاق في عام 2018.
ورداً على سؤال عما إذا كانت الولايات المتحدة ستستهدف روسيا والصين بعقوبات إذا رفضتا إعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة على إيران، قال بومبيو لقناة فوكس نيوز التلفزيونية يوم الأربعاء "بلا شك". وأضاف "لقد قمنا بذلك بالفعل، حيثما وجدنا أي دولة تنتهك... العقوبات الأميركية الحالية، حمّلنا كل دولة المسؤولية عن ذلك. سنفعل الشيء ذاته في ما يتعلق بعقوبات مجلس الأمن الأوسع نطاقاً أيضاً".
ويهدف الاتفاق النووي بين إيران وروسيا والصين وألمانيا وبريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة إلى منع طهران من تطوير أسلحة نووية في مقابل رفع عقوبات عنها.
ورداً على ما تصفه الولايات المتحدة بحملة أقصى الضغوط التي تتضمن فرض عقوبات أحادية في محاولة لحمل إيران على التفاوض على اتفاق جديد، تجاوزت إيران حدوداً رئيسة في الاتفاق، بما يشمل الحد الأقصى لمخزون اليورانيوم المخصَب.
ويقول دبلوماسيون إن عملية العودة إلى فرض كل العقوبات ستكون فوضوية، لأن روسيا والصين ودولاً أخرى تشكك في مشروعية الإجراء الأميركي نظراً لأن واشنطن نفسها لم تعد تمتثل لما وصفه ترمب بأنه "أسوأ اتفاق على الإطلاق".
أمن أوروبا
وهددت الولايات المتحدة بتفعيل بند العودة إلى فرض جميع العقوبات في الاتفاق النووي بعدما خسرت محاولة في مجلس الأمن يوم الجمعة الماضي، لتمديد حظر الأسلحة على طهران الذي ينتهي أجله في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، إذ لم تصوّت إلا دولة واحدة هي جمهورية الدومينيكان معها على مشروع القرار الذي أعدته، في نتيجة كشفت عمق الخلافات بين واشنطن وحلفائها الأوروبيين منذ انسحب ترمب من الاتفاق النووي.
وقال بومبيو إنه "من المؤسف أن الأعضاء الأوروبيين في مجلس الأمن امتنعوا عن دعم المساعي الأميركية لتمديد حظر الأسلحة" وإن تلك الخطوة "تجعل الأوروبيين أقل أماناً".
وبمجرد أن يقدم بومبيو الشكوى الخاصة بإيران إلى مجلس الأمن، سيكون أمام المجلس 30 يوماً لتبني قرار بتمديد إعفاء طهران من العقوبات وإلا يُعاد تفعيل العقوبات تلقائياً. وستستخدم الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو) ضد أي محاولة لتمديد الإعفاء من العقوبات.
وسيجتمع بومبيو اليوم الخميس أيضاً مع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش.