Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تبون ينهي التعامل بالرسائل المجهولة ويعيد الاعتبار للعدالة

 التغييرات التي حدثت والتبشير بجزائر جديدة شجّعا كثيرين على التقدّم للتبليغ

سيصدر تبون تعليمات لوزارة العدالة تقضي بعدم أخذ الرسائل مجهولة المصدر في الاعتبار (وكالة الانباء الجزائرية)

قطع الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون الطريق أمام كل محاولات "تصفية الحسابات" بين مختلف الأجنحة المتصارعة، بعدما شدّد خلال افتتاح أعمال ندوة حول الإنعاش الاقتصادي، على أن "عهد الضرب تحت الحزام انتهى"، معيداً الاعتبار إلى جهاز القضاء، بقوله إنّ العدالة تملك الإمكانيات والوسائل اللازمة للتحقيق في الجرائم.

"أزمة" الرسائل المجهولة

وسيصدر تبون تعليمات لوزارة العدالة تقضي بعدم أخذ الرسائل مجهولة المصدر حول الجرائم الاقتصادية في الاعتبار، وأن كل رسالة مجهولة المصدر سيكون مصيرها "سلّة المهملات".

ودعا الأشخاص الذين يحوزون على معلومات حول جريمة اقتصادية ويملكون الشجاعة لفضحها أمام الجميع، إلى التوجه للصحافة على اعتبار أن البلاد تضم 180 جريدة يومية.

وتكشف الإشارة الرسمية حول "أزمة" الرسائل المجهولة، عن خلل لا يزال يعرقل محاربة الفساد في الجزائر، وتفضح معركة "كسر العظام" بين أطراف تبحث عن التموقع داخل النظام الجديد، إضافةً إلى استمرار عدم الثقة في جهاز العدالة، ما دفع الرئيس إلى الإعلان أمام الشعب عن ضرورة تجاوز التعامل بالرسائل المجهولة.

العودة للقانون ليس إلّا

في السياق ذاته، أعرب الحقوقي والمحامي سليمان شرقي، في تصريح لـ"اندبندنت عربية"، عن اعتقاده بأنّ وقف الرسائل المجهولة هو مجرد تحصيل حاصل، فالرسائل المجهولة تم التخلّي عنها كآلية لفتح تحقيق قضائي تفضي إلى المتابعة الجزائية بشأن قضايا الفساد وسوء التسيير منذ مدّة، في آخر تعديل لقانون مكافحة الفساد.

 وألزم في المقابل مجلس إدارة المرفق العمومي والمؤسسات ذات الطابع الإداري والتجاري والقائمين عليها بتقديم شكوى رسمية تحت طائلة المتابعة الجزائية لكلّ متستّر عن التبليغ تفادياً - كما برّر التعديل آنذاك - للشكاوى الكيدية وإشغال مرفق القضاء، والضبطية القضائية وإغراقها بالتحقيق في ما يتبيّن لاحقاً أنها مجرد خصومات شخصية أو غيرة أنداد بين الموظفين وما إلى ذلك.

وتابع شرقي، أن التغييرات التي حدثت والتبشير بالجزائر الجديدة وحجم الفساد الفعلي الذي كان مستشرياً في دواليب الإدارة والمؤسسات الاقتصادية، شجّعت كثيرين على التقدم للتبليغ عَمّا يصل لعلمهم من تلك القضايا.

وقال إن الرئيس في خطابه يدعو للعودة إلى تطبيق القانون السالف الذكر، تحقيقاً للهدوء وضمانة للاستقرار والأمان الوظيفي للمسؤولين الذين قد تدفعهم كثرة التبليغات إلى الحذر وعدم المبادرة وتسريع وتيرة الإنجاز، خوفاً من الوقوع في ما يشكّل باباً للمساءلة القانونية بناءً على مجرد رسالة مجهولة. وأضاف الحقوقي والمحامي أنه ما دامت الشكاوى بما فيها تلك الواردة برسائل مجهولة، ينتهي بها المطاف في أروقة المحاكم، "فلا أعتقد أن العدالة حينها كانت متجاوَزَة".

وختم أنّ الرسائل المجهولة لم تكن منتهجة بفعل ضعف استقلالية القضاء فقط، بل لقوة نفوذ الفاسدين وحجم الفساد الشائع، الكفيل باستشعار الخوف من عواقب التبليغ.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

الحراك أنعش التبليغ بالرسائل المجهولة

من جهة ثانية، انتعش التبليغ بالرسائل المجهولة منذ بداية الحراك في 22 فبراير (شباط) 2019، إذ انطلقت عمليات ملاحقة "العصابة" والفاسدين وسجنهم. وعلى الرغم من أنها سمحت بإحالة عددٍ كبيرٍ من المسؤولين على المحاكم بتهم الفساد أو الخيانة، غير أن بعضها كانت في سياق تصفية حسابات وضمن عمليات انتقامية.

وكان وزير العدل بلقاسم زغماتي، وبعدما لفت الانتباه إلى أن الرسائل المجهولة "تتهاطل يومياً على نيابة الجمهورية"، أكد أن غالبية المواطنين الذين يحوزون معلومات حول جرائم، يفضّلون التبليغ عنها برسائل مجهولة من دون الكشف عن هويتهم.

وأضاف أن وكلاء الجمهورية يفتحون تحقيقات في حالة ما كانت تتضمّن تفاصيل دقيقة تساعد على الكشف عن ملابسات القضية، مشيراً إلى أن سبب لجوء المواطنين إلى التبليغ عن الجرائم من دون الكشف عن هويتهم يعود إلى خوفهم مِمّا قد يحصل لاحقاً.

وأوضح زغماتي أن التعامل مع الرسائل المجهولة التي تتلقّاها نيابة الجمهورية لا يتم بصفة آلية، غير أنه تم بفضل ذلك فتح ملفات قضايا خطيرة، مضيفاً أنها "تُدرس بحسب ما هو مدوّن فيها حالة بحالة، بل يتم التعامل معها بحذر ودراستها بتمعّن".

قطع الطريق

من جهة ثانية، اعتبر الناشط السياسي وليد كبير في حديث لـ"اندبندنت عربية"، أن الجهة التي يقصدها الرئيس تبون، هي تلك التي أزاحته عن الوزارة الأولى صيف 2017، موضحاً أن إعادة الاعتبار إلى العدالة طريق مساره طويل جداً، والحديث عن استقلالية القضاء في الوقت الحالي سابق لأوانه ولن يتأتّى تحقيق ذلك من دون إصلاح القطاع بشكل جذري. وقال رداً على سؤال حول ما إذا كانت الخطوة تستهدف وضع حدٍّ لنوايا جهات تريد تصفية حساباتها، أن الرئيس تبون ربما يريد بقراره قطع الطريق أمام أطراف، لكن الأمر غير كافٍ لأن تلك الجهة لا يزال لها وجود وتأثير داخل دواليب الحكم، معبّراً عن أمله في أن لا يتم التلاعب بالشعب أكثر مِمَّا تم التلاعب به في الماضي، ولا مناص أمام السلطة الحالية غير انتهاج سبيل المصارحة والحقيقة والاستغناء عن الشعبوية ولغة الخشب، والتعامل بواقعية وصرامة مع الوضع الحالي للبلاد وفي جميع المجالات.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي