Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

انفجار بيروت من يكذب ومن يخفي الحقيقة؟

معلومات أمنية تقدّر المتفجرات بـ 1000 طن

في اليوم الخامس للمهلة التي منحها رئيس الحكومة المستقيل حسان دياب للجنة التحقيق في الانفجار الضخم الذي استهدف مرفأ بيروت وهزّ العاصمة، سقطت الحكومة بإعلان رئيسها الاستقالة، وسقطت معها اللجنة التي يرأسها دياب نفسه، ولم تصدر نتائج التحقيق المرتقب، كما لم يصدر حتى بيان يضع الرأي العام اللبناني والعربي والدولي المتابع عن كثب لتفجير العصر، في أي معطيات ولو أولية، لما توصلت إليه التحقيقات الجارية.

بعد ثمانية أيام على الانفجار الضخم، يقف التقدم المُحقق في هذا الملف في أبعاده السياسية والقضائية عند خلاصتين أساسيتين، الأولى أن الحكومة عمدت قبل أن تصبح في حكم المستقيلة وبحال تصريف أعمال، إلى اتخاذ قرار بإحالة القضية الى القضاء العدلي.

وهذا القرار جاء نتيجة المشاورات السياسية التي جرت على مستوى القوى الداعمة للحكومة، من أجل قطع الطريق أمام أية خيارات محتملة تدفع في اتجاه تدويل الملف، عبر إنشاء لجنة تحقيق دولية، بعدما ارتفعت أصوات معارضة محلية ولا سيما في أوساط الشارع، وعدد من قوى المعارضة، للمطالبة بإنشاء مثل هذه اللجنة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وكان موقف رئيس الجمهورية ميشال عون جازماً في رفض مثل هذا الاقتراح عندما أعلن أنه يمسّ بسيادة لبنان، ويفتح الباب أمام التدخل الخارجي في شؤونه. علماً أن هذا الموقف المتقدم لرئيس الجمهورية ترافق مع موقف آخر لا يقل أهمية وتعارضاً، عندما لم يسقط من خياراته سيناريو التفجير أو الاعتداء، طالباً من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، إبان زيارته لبيروت غداة الانفجار، مساعدة فرنسا في توفير صور موقع الانفجار الجوية للسلطات اللبنانية. 

أما الخلاصة الثانية التي يمكن استنتاجها من مسار التحقيقات، فهي أن هناك دفعاً من قوى سياسية بأن يُختصر التحقيق بالأشخاص الذي أوقفوا، وهم 18 شخصاً حتى الآن، وغالبيتهم من المسؤولين السابقين أو الحاليين في إدارة المرفأ أو مديرية الجمارك.

علماً أنه لغاية اليوم لم تتوصل التحقيقات إلى توجيه الاتهام لأي جهاز أمني أو عسكري أو قضائي لتبيّن المسؤولية المترتبة عن هذه الأجهزة في التعامل مع الباخرة التي أدخلت المواد المتفجرة، أو مع المواد في حد ذاتها، خصوصاً أن القانون اللبناني يحظر ادخال أي نوع مماثل من المواد من دون أذون مسبقة.

مسار التحقيقات

وبحسب المعلومات المتوفرة عن مسار التحقيقات التي يقودها مدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات حتى الآن في انتظار إحالة الملف إلى القضاء العدلي، فإن الأسئلة الأساسية التي يطرحها المحققون تذهب في اتجاهين، الأول يتصل بالباخرة كيف دخلت، من أدخلها وبأي إذن، ولماذا غيرت مسارها ودخلت إلى مرفأ بيروت بدلاً من التوجه إلى "موزامبيق" كما هو معلن في وجهتها، من هو الشاري الأصلي للمواد المحملة على متنها، ولماذا لم يعلن عن نفسه عندما تم حجز الباخرة ويطالب ببضاعته، وهل هو فعلاً موجود أم أنه اسم وهمي كما ادعى قبطان الباخرة، ويؤمّن قبض هذا الأخير أجره البالغ مليون دولار لقاء نقل البضاعة؟

هذه الأسئلة تقود إلى الاتجاه الثاني في مسار التحقيق والمتصل بالجانب المتعلق بتبيّن المسؤولية في التقصير أو الاهمال. وتركزت الأسئلة حول من سمح بدخول باخرة محمّلة بمواد متفجرة من دون إذن مسبق، من اتخذ القرار بحجزها، وعلى أي أساس جاء قرار الحجز وليس الترحيل أو اتلاف المواد، لماذا لجأ قاضي الأمور المستعجلة إلى اتخاذ قرار تعويم الباخرة رغم خطورة حملتها، ولماذا وضع حارساً قضائياً على العنبر رقم (12) حيث خُزنت المواد المتفجرة، وما كان دور هذا الحارس؟

حتى الآن، كل هذه التساؤلات التي شكلت محور الاستجوابات لم تجد لها أجوبة شافية أو مقنعة في ظل تقاذف المسؤوليات الحاصل بين الأجهزة الإدارية والعسكرية.

المحامي العام التمييزي القاضي غسان الخوري استكمل أمس تحقيقاته في الانفجار في ثكنة الريحانية، بالاستماع إلى عدد من الضباط في الأجهزة الأمنية العاملة في مرفأ بيروت.

وإلى جانب الاستجوابات الجارية والمحاطة بالحد الأدنى من السرية، عكست التسريبات الإعلامية "التي أمكن لمختلف وسائل الإعلام الحصول عليها عبر وثائق ومراسلات بالعشرات" حجم الاستهتار والتقصير من خلال التعاطي الروتيني ضمن البيروقراطية القاتلة مع مسألة على هذا المستوى من الخطورة. إذ تكشف المراسلات التي تُنشر تباعاً حجم الالتزام بالتراتبية الإدارية والاستنسابية في تفسير الصلاحيات المدرجة في القوانين، من دون الأخذ في الاعتبار خطورة المواد المخزنة، ما يدفع مصادر قضائية إلى السؤال، هل كان التزام المسؤولين بالروتين الإداري يهدف إلى درء المسؤولية عنهم، ورميها نحو جهاز آخر أو إدارة أخرى في سياق التنصل من تحمل تلك المسؤولية، خصوصاً بعدما أظهر هول الانفجار حجم الإهمال والتراخي والاستهتار في التعاطي مع هذا الملف.

أو أن هذا التعاطي جاء على خلفية اطمئنان تلك الإدارات والأجهزة "برغم المخالفات الفاضحة المرتكبة في المرفأ" إلى الحصانة السياسية التي تتمتع بها من أصحاب النفوذ على مرافق الدولة وتحديداً على مرفأ بيروت، ما جعل التراخي والإهمال يبلغ ذروته دون القلق من أي احتمال لمحاسبة أو مساءلة في المستقبل.

تعيين محقق عدلي

وفي انتظار ما سيتكشف عن نتائج التحقيقات، برزت إلى الواجهة مسألة الخلاف الناشب على اسم المحقق العدلي القاضي سامر يونس الذي اقترحته وزيرة العدل ماري كلود نجم قبيل استقالتها.

إذ أبلغ مجلس القضاء الأعلى وزيرة العدل رفضه الاسم المقترح، طالباً منها اقتراح اسم آخر. ولكن نجم عادت وأرسلت الاسم عينه، وأرفقت بذلك كتاباً تطلب فيه تبرير رفض تعيين يونس، سائلة عن المعايير التي تم اتباعها لرفض الاسم.

وأفادت مصادر في المجلس "اندبندنت عربية" أن المجلس ليس له أن يقدم أية تبريرات لقراره، وسيُعد كتاب ردّ في هذا الصدد.

ولفتت تغريدة للنائب الاشتراكي وائل بو فاعور يكشف فيها عن "وجود تدخلات من أعلى مواقع السلطة من أجل تعيين محقق عدلي مطاوع يدير التحقيق، بما يرضي بعض المتورطين". وهذا الموقف يعكس مخاوف لدى عدد من الفرقاء السياسيين من محاولة السلطات تمييع التحقيق وحرفه عن مساره القضائي والحيادي، من أجل التغطية على المسؤولين السياسيين الذي غطوا الأجهزة الإدارية والأمنية في قراراتها.

1000 طن؟

على صعيد آخر، وبحسب مصادر أمنية وقضائية أن كمية النيترات التي كانت لا تزال في العنبر تقدر بحوالى 1000 طن، لأنه لو انفجرت الكمية كاملة أي 2750 طناً، لكانت الأضرار أكثر بكثير.

أسيد في المرفأ

وفي إطار عمليات التقصي الجارية، بدأت تتكشف الفضائح العائدة لمواد مخزنة في المرفأ، وآخرها ما كشفته مصادر أمنية أنه تم العثور في بعض الحاويات على مواد خطرة قابلة للاشتعال والتفجير، وهي عبارة عن مواد مثل "الأسيد" وغيرها، وبعد تفقد الحاويات من قبل الخبراء سُحب بعضها، فيما رُشت بعض الحاويات بالمياه والملح بانتظار تبليغ أصحابها لإزالتها فوراً من المرفأ، وإلا ستتم مصادرتها من الجهات المعنية وإتلافها.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي