Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

انفجار مرفأ بيروت أيقظ الانتفاضة وسقف المطالب يرتفع

تظاهرات حاشدة والصدمة تسيطر على الموقف

عادت التظاهرات إلى ساحة الشهداء (وسط بيروت) بقوّة واستعاد الشارع اللبناني زخمه بعد الانفجار الهائل الذي أودى بحياة أكثر من 158 قتيلاً وخمسة آلاف جريح وعشرات المفقودين، فضلاً عَمَّا أحدثه من دمار هائل.

وقد شارك في التظاهرة مواطنون من مختلف المناطق اللبنانية نزلوا إلى الساحات بالآلاف رافعين الأعلام اللبنانية ومعلّقين المشانق على صور معظم الزعماء بانتظار محاسبة الحكّام والمسؤولين، مندّدين بـ"الطبقة السياسية والسلطة الحاكمة التي أوصلت البلاد إلى هذا المنحى من الانحطاط"، ومؤكدين "عدم ترك الشارع حتى إسقاط هذه الطبقة السياسية بكل رموزها".

عائلات وشبان ورجال ونساء من مختلف الأعمار تظاهروا بعد دعوات من جمعيات ومنظمات المجتمع المدني، مطلقين أصوات حناجرهم بهتافات تندّد بممارسات السلطة السياسية ورافعين يافطات كُتب عليها "دم الضحايا والمشنقة برقبتكم"، "نعم للإعدام بأبشع الطرق"، "الاستقالة أو المشنقة"، وغيرها من الشعارات.

منظمات مدنية

أليسار، الناشطة في حركة سياسية لبنانية باسم "مواطنون ومواطنات في دولة" عبّرت عن استيائها من "منظومة الطوائف"، وقالت "30 سنة من الحكم هدّموا مستقبلنا وأحلامنا. جئنا لنطالب بدولة مدنية تحترم شعبها وتحترم الإنسان بغض النظر عن خلفيته الطائفية"، لتهبّ زميلتها قائلة "لنكن واضحين. حكومة حسان دياب أو حكومة وحدة وطنية أو أي حكومة تحت هذا النظام الطائفي لن تنتج سوى الدمار والانفجارات والإفلاس. الخيار بات واضحاً. إما أن نبقى تحت سقف زعماء الطوائف ونموت قهراً ونفلس وإما أن نبني دولة مدنية وهذا خيارنا الوحيد".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أحباب ضحايا المرفأ

وخلال لقائنا ثلاث فتيات يتّشحن بالأسود حاملات صور صديقتهنّ الشابة روان التي قُتلت جراء انفجار مرفأ بيروت وهي في محلّها في شارع مار مخايل، أشرن إلى أنهنّ جئن إلى الساحة "إكراماً لروحها"، وقالت إحدى صديقاتها "سننتقم لروان وسائر الضحايا الذين ذهبت دماؤهم هدراً بسبب فساد هذه المنظومة الحاكمة".

وقد استوقفتنا سيدة كبيرة في السنّ تضع كمّامة عليها العلم اللبناني، قالت لنا "هذا البلد للشباب والصبايا وليس للمجرمين الذين قتلوا أولاد الناس. أطالب أن ينزل أهالي الضحايا إلى الشارع. أبناؤهم ليسوا شهداء هم لم يختاروا طريق الشهادة، بل هم ضحايا هذا النظام، قُتِلوا عن سابق تصميم وتصوّر، أرادوا من خلالهم أن يقتلوا بيروت. هل هناك ظلم أكثر من هذا؟".

وكانت إحدى الصبايا تجهش بالبكاء من شدّة غضبها، وسألناها عن حالها فأجابت "أتيتُ لأجل ألكسندرا، جو نون، جو عقيقي ومن أجل كل طفل قدره أن يهاجر بحثاً عن مستقبله في بلدٍ ثانٍ. انزلوا إلى الشارع. طالبوا بحقوقكم المنتهكة، بالطبابة، بالكهرباء، بالمياه. أهالينا في الشارع يموتون ونحن عاجزون عن فعل أي شيء لأجلهم. يرشقوننا بالقنابل المسيّلة للدموع ونحن نبكي كل يوم على حياتنا البائسة بسببهم".

دعوات إلى تحقيق دولي

ومن الواضح أن الغضب يجتاح نفوس المتظاهرين اللبنانيين اليوم أكثر من السابق لخسارة أحبابهم وأقاربهم وأهلهم جراء الانفجار المدوي، فبعضهم يقول "لن نسكت على إهمال السلطة التي تغاضت عن وجود متفجرات في قلب العاصمة لسبع سنوات"، مطالبين بـ"محاكمة دولية بعدما فقدنا الثقة بدولتنا".

ويقول الشاب العشريني شربل "أتينا لأجل ضحايا القتل والتعذيب على أمل أن يكون المفقودون الباقون بخير. وأتينا لنقول لهذه السلطة إنّنا نرفض تحقيقاتكم وإنّنا نريد محاكمة دولية تنصفنا وتعيد لنا حقوقنا وتحاسب جميع السياسيين من أصغرهم إلى أكبرهم". ويضيف والده مقاطعاً وفي قلبه غصّة "هذه المافيا الموجودة في الحكم أوصلت البلاد إلى الدمار الشامل وأنهت مستقبلنا ومستقبل أولادنا"، مطالباً السياسيين بأن يرحلوا "لبناء هذا الوطن بسواعد أبنائه ويتركوننا نعيش بسلام".

وفي ظلّ هذه المأساة والشجب، تظهر فتاة صغيرة وعلى وجهها تتّسم ملامح البراءة تحمل وروداً حمراً أتت من البقاع لتسجّل موقفها من كل الأحداث "أنا من البقاع الغربي. أتيتُ بالورود لأهديها لمدينتي بيروت. وليعلم الجميع أن لبنان قوي جداً وأقوى من هؤلاء الحكّام الطغاة. وبإرادتنا هذه سنتخلّص منهم فرداً فرداً".

المشنقة بالجملة

وفي مشهدية لافتة، علّقت مجموعة من الشبان المشانق على صور عدد من الزعماء السياسيين، وهو مشهد يعبّر كثيراً عما يريده اللبنانيون الذين توافدوا إلى الساحة تحت شعار "يوم الحساب". وتقول إحدى الفتيات وفي يدها حبل المشنقة "نريد العدالة للضحايا. هذه سلطة مجرمة واليوم هو يوم الانتقام. يكفي أن هذه الدولة هجّرتنا، ها هي اليوم تدمّر بيوتنا. لن نجلس ساكتين بعد اليوم. جئنا لنأخذ حقنا بيدنا. كفى استغباء للناس، سئمنا منكم".

وفي مشهد آخر، سُجِّلت مواجهات بين القوى الأمنية والجيش ومحتجين على مدخل الطريق المؤدي إلى المجلس النيابي، إذ رشقت مجموعة من الشبان الحجارة باتجاه القوى الأمنية التي ردّت بإطلاق القنابل المسيّلة للدموع من أجل إبعادهم. وطالب المتظاهرون بـ"استقالة رؤساء الجمهورية والحكومة والمجلس النيابي فوراً".

وفي حديث مع رجل جاء من الجنوب ليشارك في التظاهرات، قال "نحن لم ننسَ الـ 40 سنة من الفساد. 300 مليار دولار سرقة من كل القوى السياسية. نطالب بشنقهم جميعاً ونحمّلهم مسؤولية الجريمة التي حدثت في المرفأ وراح ضحيتها هؤلاء الأبرياء"، مشدّداً على أنها "جريمة وليست حادثة".

تعليق المشانق حالاً

من جهته، اعتبر أحد المتظاهرين الذي كان يحمل يافطة مكتوب عليها "نواب بيروت المجرمون إلى الجحيم" أن "رئيس بلدية بيروت ونواب هذه المدينة يتحمّلون المسؤولية أيضاً"، متسائلاً "أين هي أموال الناس؟ أين حقوقهم الموعودة؟ كل أكاذيبكم لن تنفع بعد اليوم".

الشعب اللبناني اليوم غاضب جداً، حزين على مدينته التي راحت وسائل إعلام عالمية تتداول أن "لبنان بات بلا عاصمة"، يريد "الحقيقة والمحاسبة والحلول". بعضهم يفجّر غضبه بالسياسيين الموجودين في الأماكن العامة أو عبر وسائل الإعلام. والبعض الآخر يريد أن تعود بيروت كما كانت قبل الدمار، فيهبّ للمساعدة في عمليات التنظيف. وآخرون مستاؤون من الوضع الذي أوصلهم إلى فقدان أحبابهم وأقاربهم ويحمّلون السلطة كامل المسؤولية، بالتالي يريدون "تعليق المشانق حالاً".

المزيد من العالم العربي