Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ماراثون فلسطين: مشاركة دولية وإعاقة وصول عدائي غزة

يُقام الماراثون كل سنة لجمع الفلسطينيين بعضهم مع بعض ثم مع مشاركين من باقي دول العالم، لكن هذا العام شهد مرة جديدة غياب بعض عدّائي غزة والدول العربية، بسبب قيود أمنية

عدائون من مختلف الأعمار ينطلقون في ماراثون فلسطين (اندبندنت عربية)

أكثر من ثمانية آلاف مشارك، اصطفوا صباح الجمعة على خط البداية في 4 مواعيد مختلفة للركض في ماراثون فلسطين الدولي السنوي الذي يُقام للمرة السابعة على التوالي في مدينة بيت لحم، تحت شعار "اركض للحرية". بدأت السباقات (42 كلم، 21 كلم، 10 كلم، 5 كلم) من ساحة كنيسة المهد في المدينة، مروراً بمخيمات عايدة والدهيشة والعزة للاجئين وجدار الفصل ورسومات "بانكسي" الغرافيتية عليه والشوارع الرئيسة، بينما الأصل أن يُقام الماراثون في مدينة القدس بصفتها العاصمة الفلسطينية إلا أن العقبات التي ستواجه دخول سكان الضفة الغربية وقطاع غزة إليها، بسبب عدم وجود سيطرة فلسطينية في منطقة القدس، حالت دون ذلك. ودفع ذلك إدارة الماراثون إلى اختيار بيت لحم كونها مدينة غنية بالتراث الديني والتاريخي ومعروفة عالمياً وتُعتبر مقصداً للسياح، وفق ما ذكرت مديرة الماراثون في المجلس الأعلى للشباب والرياضة اعتدال اسماعيل.

الركض للتعريف بفلسطين
 
مشاركون كثر في هذا الماراثون لا يأتون للتسابق، بل للاستمتاع والتعرف على مناطق جديدة في فلسطين، وتسليط الضوء على قضايا معينة. ولا يلبس المشاركون جميعاً الزي الخاص بالماراثون، فمنهم مَن يركض لدعم حقوق الطفل، أو الحق في الحركة، أو الحق في اللعب، أو باسم الاتحاد الأوروبي، أو حقوق الحيوانات أو البيئة وغيرها. تقول اعتدال إسماعيل إن "أحد أهم أسباب إقامة الماراثون هو خلق مساحة للناس للتعبير والتعارف، بخاصة بين الفلسطينيين من مختلف المناطق كالضفة والقطاع والقدس والذين يعيشون في إسرائيل من جهة، وبين المشاركين الآخرين من جهة أخرى، إضافة إلى تعريف غير الفلسطينيين بالقضية الفلسطينية بعيداً عما ينقله الإعلام من أخبار ليست في معظمها جيدة".
 
مشاركة محلية ودولية ونسوية متزايدة
 
بدأ ماراثون فلسطين الدولي في نسخته الأولى في العام 2013، وشارك فيه آنذاك حوالي 1200 شخص من فلسطين و23 دولة أخرى، ووصل العدد هذا العام إلى ثمانية آلاف عبر مشاركة أوسع، محلياً على مستوى الأفراد ومؤسسات المجتمع المدني، وعالمياً على مستوى المؤسسات والأفراد أيضاً، إذ وصل عددهم إلى حوالي 1500 عداء من 76 دولة. كما شهدت النسخة السابعة من الماراتون هذا العام تزايداً في عدد المشارِكات، إذ وصلت نسبة مشاركة النساء إلى حوالي الـ 50 في المئة.
 
 
قيود على مشاركة عدائي غزة
 
وشارك في هذا الماراثون عداؤون من مختلف دول العالم كبريطانيا والسويد والنرويج والولايات المتحدة والصين وغيرها. ولم تقتصر مشاركتهم على السباق، بل شاركوا أيضاً في مجموعة فعاليات ثقافية وفنية وترفيهية كالتسلق والجولات التعريفية السياحية وحفلات الطعام في الأسبوع الذي يسبق يوم الماراثون، إلا أن الصعوبات في المشاركة كثيراً ما تواجه فلسطينيي قطاع غزة والعدائين العرب.
تقول ورود حرفوش العاملة في المجلس الأعلى للشباب والرياضة، مسؤولة ملف تقديم التصاريح للمشاركين، إن "12 عداءً فقط حصلوا على تصاريح دخول إلى الضفة مدة 5 أيام من أصل حوالي 60 عداءً وعداءة من فئة الشباب في قطاع غزة، أُبلغوا بصدور تصاريحهم في اليوم ذاته الذي يجب أن يغادروا فيه القطاع، ثم أوقِفوا ساعات عدة على حاجز أمني تابع لحركة "حماس" في غزة، حتى إحضار إثبات المشاركة في الماراثون.
 
أشهر من التدريبات ذهبت سدى
 
"أمضيت الأشهر الستة الأخيرة في تدريبات مكثفة والجري الصباحي ساعات، من أجل المشاركة والحصول على المركز الأول في سباق 21 كلم، وكسر بعض الصور النمطية التي يعكسها الإعلام عن قطاع غزة بأنه ملآن بالدمار والحرب، وكسب فرصة التعارف على المشاركين الفلسطينيين لأن هذه فرصة ليس سهلاً تحقيقها في فلسطين، ولكن، يا للأسف، قبل 3 أيام من الماراثون رُفض تصريح دخولي"، يقول العداء عمرو أبو سعيد من قطاع غزة، الذي بدأ مسيرته الرياضية قبل 16 سنة حين كان طالباً في المدرسة، ليمثل فلسطين لاحقاً في بطولات عدة، من بينها بطولة العالم لألعاب القوى في بلجيكا، والبطولة العربية للجري في العام 2010، والبطولة العربية لألعاب القوى في 2011. ولم يكن الماراثون هو الفعالية الوحيدة التي حُرم عمرو من المشاركة فيها هذا العام، فهو لم يحصل على تصريح للمشاركة في بطولتين لألعاب القوى في الأردن من دون تحديد سبب.
كما أن عمرو ليس الوحيد، إذ رُفض أيضاً منح العداءة الفلسطينية أصالة زيد، وهي مدربة ذوي إعاقة في رياضات القوى وكرة السلة، من قطاع غزة، تصريحاً للمشاركة في الماراثون هذا العام كما في أعوام سابقة، وهذا ما حطم آمالها في المشاركة ولو مرة في هذه الفعالية. تروي أصالة زيد أنها في كل عام تقدم طلباً لدخول الضفة الغربية، يرفضه الجانب الإسرائيلي. والمرة الوحيدة التي تمت فيها الموافقة على إصدار تصريح لها، كان عليها مغادرة القطاع في يوم الماراثون ذاته، ونظراً للحواجز ومسافة الطريق، وصلت مكان عقد الفعالية مع انتهائها، ولم تشارك فيها. تقول إن فكرة عدم قدرتها على المشاركة "في ماراثون فلسطيني في فلسطين إلا بتصريح مزعجة جداً"، لأنها تحرمها من حق بسيط هو ممارسة رياضة الجري في شوارع تتمنى أن تجري فيها.
 
 
"نركض لبناء جسور السلام"
 
هانا عداءة ألمانية شاركت في سباق الـ21 كلم، وصفت مشاركتها في إحدى "طرق بناء جسور السلام بين الشعوب"، فهي شاركت في الماراثون الإسرائيلي في مدينة القدس أيضاً، لأنها ترى أن الرياضة يمكن أن تخلق تواصلاً بين الشعوب قد ينعكس على المواقف السياسية.
كما يرى فلوريان وهو أحد المتسابقين من الاتحاد الأوروبي أن وجوده في الماراثون مهم "لدعم حرية الشعب الفلسطيني، والتعريف بالقضية الفلسطينية، فمسار الماراثون يمر قرب الجدار وداخل المخيمات، وهذا جزء من معاناة الفلسطينيين اليومية من الممارسات الإسرائيلية"، إضافةً إلى أن فعاليات كهذه تجمعه بأشخاص مختلفين من كل دول العالم ومن ثقافات مختلفة، وتالياً هي فرصة للتعارف والاستكشاف.

المزيد من الشرق الأوسط