Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"حصاد الضباب" مشروع يوفر المياه لقرى نائية في المغرب

"اعتبره الأهالي في البداية عبارة عن فكرة حمقاء"

فوق جبل بوتمزكيدة في الجنوب الغربي للمغرب شُيدت شباك ضخمة تعترض مسار الضباب (مواقع التواصل الاجتماعي )

"حصاد مياه الضباب" فكرة بسيطة غيرت حياة أهالي قرى جنوب المغرب، وجعلتهم يستفيدون من مياه عذبة، بعدما كانوا يُعانون من ندرة الماء ويقطعون مسافات طويلة بحثاً عن هذه المادة الحيوية في مناخ جافٍ وحار.

فوق جبل بوتمزكيدة المطل على خمس قرى من ضواحي مدينة سيدي إيفني في الجنوب الغربي للمغرب، وعلى ارتفاع 1225 متراً عن سطح البحر، شُيدت شباك ضخمة تعترض مسار الضباب المخيم على الجبل، وتحصد هذه الشباك باستمرار قطرات الماء المتساقطة من الضباب، لتُعالجها بعد ذلك وتخلطها مع مياه الآبار ثم تنقلها عبر الأنابيب إلى القرويين القاطنين في القرى عند سفح الجبل.

ويقع مشروع دار سي حماد في منطقة الأطلس الصغير بين مدينة كلميم ومدينة سيدي إفني، وتستقبل هذه المنطقة سنوياً 132 ملمتراً من الأمطار مع انخفاض التساقطات.

 

مُطلق المشروع

أطلق عيسى الدرهم رئيس جمعية "دار سي حماد" مشروع حصاد الضباب متأثّراً بتجارب دولية دفعته إلى البحث عن أسلوب تستفيد منه قرية أيت باعمران جنوب المغرب من الماء الصالح للشرب.

ويشار إلى أنّ الدكتور عيسى الدرهم، رئيس جمعية "دار سي حماد" تعرف على هذه التكنولوجيا عبر المنظمة غير الحكومية "فوڭ كويست" عندما كان يعيش في كندا عام 1989.

وعقب عودته إلى المغرب عام 2006، وضع الدكتور الدرهم أول وحدة تجريبية لحصد الضباب في قمة جبل بوتمزكيدة جنوب المغرب.

وتقدّم جمعية "دار سي حماد"، وفق سميرة أرجدال مُسيرة مكتبها، "الدعم لخمس قرى جنوب المغرب، يقطنها نحو 400 فرد، أي 40 أسرة كبيرة. وخلال فصل الصيف، تستقبل القرى العائدين لتمضية العطلة لتعم خدماتنا نحو 80 أسرة، بالإضافة إلى سقي الماشية التي تُعتبر أهم مصدر الدخل في المنطقة".

وتُشير جمعية "دار سي حماد" إلى أنّ "إنشاء مشروع حصاد الضباب يتطلب دراسة الطقس وتصنيف تضاريس المنطقة، وإشراك المجتمع المحلي، وتأكيد نجاح الفترة التجريبية". وقد توقفت الجمعية عند مفارقة وجود الضباب ومعاناة هذه المناطق من ندرة الماء والجفاف بسبب التغيرات المناخية.

وتلعب الرياح وتحركاتها دوراً مهماً لنجاح حصاد الضباب. وتُوضح سميرة أرجدال أنه "نظراً لصغر حجم القطرات في الضباب، فإنها تعتمد على الرياح لتتنقل في اتجاه أفقي. ويؤكد سقوط هذه القطرات بسرعة منخفضة جداً دور الرياح في دفعها في اتجاه الشباك المثبتة عمودياً، لتتم محاصرتها واستخلاصها، وتعني الرياح القوية زيادة إنتاج الماء".

تراجع انتشار الأمراض المعدية

وتُشير سميرة أرجدال إلى أنّه "منذ انطلاق المشروع والأهالي يُشاركون بشكل نشيط وبدرجات متفاوتة، فشباب المنطقة أصبحوا اليوم متخصصين في إنشاء الشباك اللاقطة للضباب، غير أننا عملنا مع النساء كي يُحافظن على أدوارهنّ كمسؤولات عن الماء".

وبحسب جمعية "دار سي حماد" فإنّ "الدراسات التي تُقَيم تأثير وصول المياه إلى الأسر، تكشف أنّ النساء يشعرن بأنهنّ أكثر تفويضاً، والتدهور الطبيعي يتراجع وكذلك انتشار الأمراض المعدية المنقولة من الماء".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

مساهمة الأهالي

وتُنظّم جمعية "دار سي حماد" ورشاً متنقلة لتعليم السباكة، وقدّمت، وفق سميرة أرجدال، "تدريباً للأهالي حول الحفاظ على الموارد المائية وتدبيرها، ويدفعون مساهمة رمزية تُغطي نفقات صيانة الشباك".

وتروي سميرة أرجدال أن "الأهالي اعتبروا المشروع في البداية فكرة حمقاء، بينما نحن اليوم في صدد إقامة نظام من أجل تعلم كيفية إدارة المشروع بطريقة متكاملة في المستقبل القريب".

وتأمل جمعية "دار سي حماد" في أن تُوسع المشروع وأن يُصبح في متناول المناطق الأخرى القريبة من الجبل.

وتكشف سميرة أرجدال، "نحن بصدد تلقي دعم مالي كبير مهم بهدف توسيع المشروع وإدراج ثماني قرى جديدة، ونُساهم في تقديم معارفنا وأفكارنا لجمعيات في مناطق أخرى تُعاني من ندرة الماء".

ووصفت الأمم المتحدة هذا المشروع بأنّه "أكبر نظام لحصاد مياه الضباب في العالم تم تشغيله بشكل عملي"، وتعتبره حلاً مبتكراً يقلل من الإجهاد المائي ومستوحى من الطرق القديمة لحصاد مياه الضباب. وقد مُنح المشروع جائزة "التشجيع للأمم المتحدة لتغير المناخ".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير