Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"إمام آيا صوفيا" يظهر بالسيف خلال أول صلاة فيها

حملت الخطبة بحضور أردوغان عنوان "آيا صوفيا سمة الفتح وأمانة الفاتح"

في خطبة بعنوان "آيا صوفيا سمة الفتح وأمانة الفاتح"، ألقى رئيس منظمة الشؤون الدينية التركية علي أرباش، حاملاً سيفاً بيده قالت وسائل إعلام تركية إنه سيف السلطان "محمد الفاتح"، خطبة الجمعة الأولى في "آيا صوفيا" بعد تحويلها إلى مسجد، بحضور الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وآلاف المصلين.

وقبل الصلاة، تلا أردوغان آية من القرآن، ثمّ ألقى أرباش خطبة افتتحها بحديث النبي "لتفتحن القسطنطينية، فلنعم الأمير أميرها، ولنعم الجيش ذلك الجيش"، لتطلق بعد ذلك المآذن الأربع الأذان لبدء الصلاة، وأسدلت ستائر على اللوحات المسيحية المصنوعة من الجص والفسيفساء المتلألئة التي تزين القبة والقاعة الرئيسة، في إجراء سيُتخذ في جميع أوقات الصلاة بالمكان.

وفي وقت سابق، تجمّعت الحشود عند نقاط التفتيش في قلب إسطنبول وسط انتشار كثيف للشرطة. وجلس مصلون يضعون كمامات على مسافات متباعدة أمام المبنى في ميدان السلطان أحمد.

لكن، مع زيادة الحشود لم يعد هناك مجال لتطبيق التباعد الاجتماعي، ما دفع حاكم إسطنبول علي يرلي قايا إلى التصريح بأن السلطات منعت الناس من دخول المنطقة، بسبب مخاوف من انتشار فيروس كورونا. وقال على "تويتر"، "المسجد سيظلّ مفتوحاً للصلاة حتى صباح السبت".

 

الصلاة الأولى منذ 1934

ولم تُقم أي صلاة جماعية في "آيا صوفا" منذ تحويل الموقع إلى مُتحف عام 1934. ويرى كثيرٌ من المصلين في إعادة تحويل "آيا صوفيا" إلى مسجد رمزاً لسيادة تركيا، بينما يثير القرار انتقادات دول كثيرة.

وتعدّ "آيا صوفيا" تحفة معمارية، شيّدها البيزنطيون في القرن السادس كاتدرائية مسيحية، وكانوا يتوّجون أباطرتهم فيها، لكن بعد نحو 900 عام، استولى عليها العثمانيون، وحوّلوها إلى مسجد حتى عام 1934. وأُدرِج الموقع على لائحة التراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (يونسكو)، وهو واحدٌ من أهم الوجهات السياحية في إسطنبول.

وفي العاشر من يوليو (تموز) الماضي، وافق مجلس الدولة، أعلى محكمة إدارية في تركيا، على طلب جمعيات عدة بإبطال القرار الحكومي العائد إلى عام 1934، والقاضي باعتبار الموقع متحفاً.

وفور صدور القرار، أعلن أردوغان تحويل مُتحف آيا صوفيا إلى مسجد، مثيراً موجة انتقادات في الخارج، خصوصاً من روسيا واليونان، بينما أعرب البابا فرنسيس عن "حزنه العميق" لهذه الخطوة.

أهداف سياسية بوسائل دينية

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وباتخاذه هذا القرار، يمسّ الرئيس التركي أيضاً إرث مؤسس الجمهورية التركية مصطفى كمال أتاتورك، الذي حوّل المسجد إلى مُتحف، ليصبح رمز تركيا العلمانية.

وفي خطوة رمزية، اختار أردوغان إقامة الصلاة الأولى يوم الذكرى الـ97 لاتفاقية لوزان التي رسمت حدود تركيا الحديثة، التي يطالب الرئيس الذي يحنّ إلى الإمبراطورية العثمانية، في أغلب الأحيان بتعديلها. ونشر أردوغان الأربعاء على "تويتر"، تسجيل فيديو لمسلمين من جميع أنحاء العالم الإسلامي يغنون أناشيد تمجيداً لـ"آيا صوفيا"، معلقاً "أنت لنا منذ الأزل ونحن لك".

كما جاء قرار الرئيس التركي في سياق محاولته، بكل الوسائل الممكنة، حشد قاعدته الشعبية المحافظة التي تخلّى جزءٌ منها عنه خلال الانتخابات البلدية الأخيرة العام الماضي، التي فازت فيها المعارضة في إسطنبول وأنقرة.

ويتهم حزب الشعب الجمهوري (اشتراكي ديمقراطي)، أكبر أحزاب المعارضة، الرئيس التركي باستغلال آيا صوفيا، لجعل الناس ينسون الوضع الاقتصادي المتدهور حاليّاً.

ورأى أنطوني سكينر، من المكتب الاستشاري "فيريسك مابلكروفت"، أن "(آيا صوفيا) على الأرجح أوضح رمز للماضي العثماني، وأردوغان يستخدمه أداةً لبث الحماسة في قاعدته".

خطوة مثيرة للقلق

وعبّرت الولايات المتحدة واليونان، اللتان تتابعان بدقة مصير التراث البيزنطي في تركيا، عن قلقهما. وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية إن بلاده أصيبت بخيبة أمل من القرار، لكنها تتطلع إلى الاستماع إلى خطط تركيا التي تضمن أن يظل المبنى مفتوحاً للجميع.

وذكرت وكالة أنباء "أثينا ومقدونيا" (ANA-MPA)، أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب أبدى، خلال لقاء مغلق مع رئيس أساقفة ​أميركا​ للروم الأرثوذكس إلبيدوفوروس في البيت الأبيض، "استياءه الشديد" إزاء قرار نظيره التركي تحويل آيا صوفيا إلى مسجد. وأضافت أن ترمب بدا "منزعجاً جداً"، وأعرب عن قلقه إزاء مسألة حماية حقوق الإنسان والحريات الدينية للأقليات في تركيا، وشدّد على أنه "سيشرع فوراً في اتخاذ الإجراءات المطلوبة" بهذا الصدد، وفق الوكالة.

من جانبه، عبّر البابا فرنسيس عن "حزنه الشديد"، لتحويل الكنيسة السابقة إلى مسجد مجدداً.

وقال البطريرك المسكوني بارثولوميو، وهو الزعيم الروحي لنحو 300 مليون مسيحي أرثوذكسي في العالم، إن تغيير وضع آيا صوفيا سيتسبّب في شرخ بين الشرق والغرب.

لكن، ردود الفعل الأكثر حدة سُجّلت في أثينا، وسط أجواء من توتر أوسع بشأن خلافات جيوستراتيجية بين تركيا واليونان، التي وصفت القرار بأنه "استفزاز للعالم المتحضر". وقال رئيس الوزراء كيرياكوس ميتسوتاكيس "هذا اختيار يسيء إلى جميع من يعتبرون الصرح موقعاً للتراث العالمي".

أمّا اليونسكو فدعت تركيا إلى الحوار قبل اتخاذ أي قرار يمكن أن "يمسّ القيمة العالمية" لهذا الصرح.

وفي المقابل، رفضت أنقرة كل الانتقادات باسم "السيادة"، وأكّدت أنها ستتّخذ كل التدابير لحماية لوحات الفسيفساء البيزنطية.

كنائس اليونان تدق أجراسها

وبالتزامن مع أداء الصلاة الأولى في آيا صوفيا، دقّت الكنائس في أنحاء اليونان أجراسها، من كريت وحتى الجزر اليونانية الصغيرة التي تقع قبالة الساحل التركي مباشرةً، ونُكست الأعلام في بعض المناطق أيضاً.

ووصف رئيس الوزراء اليوناني، خلال رسالة بمناسبة الذكرى الـ46 لاستعادة الديمقراطية في البلاد، تركيا بأنها "مثيرة للمشكلات"، كما وصف تحويل آيا صوفيا إلى مسجد بأنه "إهانة لحضارة القرن الحادي والعشرين".

وأضاف ميتسوتاكيس "ما يتكشّف اليوم في القسطنطينية ليس إظهاراً للقوة بل دليل على الضعف"، في إشارة لاسم اسطنبول القديم الذي يستخدمه اليونانيون.

وقبل إعادة تحويلها إلى مسجد، كانت "آيا صوفيا" مُتحفاً يستقبل أكبر عددٍ من الزوار في تركيا، إذ زاره العام الماضي 3.8 مليون شخص. وأكّدت السلطات أن السيّاح سيظلون قادرين على دخول المسجد خارج أوقات الصلاة، وبشكل مجاني.

اقرأ المزيد

المزيد من الشرق الأوسط