Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

عندما يصبح رئيس المجلس عقبة أمام نواب تونس

تعطيل عمل المؤسسات الدستورية غير مقبول بكل المقاييس

"لدي الوسائل القانونية المتاحة لإنهاء فوضى البرلمان وهي كالصواريخ على منصات إطلاقها". جملة من خطاب لرئيس الجمهورية التونسية قيس سعيد، أثارت العديد من اللغط في الأوساط السياسية، في وقت يعتقد الجميع أن سعيد ربما يمر إلى السرعة القصوى ويحل مجلس نواب الشعب.

ولفت رئيس الدولة خلال لقائه بقصر قرطاج رئيس مجلس نواب الشعب راشد الغنوشي ونائبيه أنه لن يظلّ مكتوف الأيدي أمام ما تشهده مؤسسات الدولة من تهاوٍ، مضيفاً أن الدولة ستبقى فوق كل الاعتبارات وأن تعطيل عمل المؤسسات الدستورية غير مقبول بكل المقاييس.

وخصص سعيد لقاءه لبحث سير أمور الدولة وبخاصة الوضع السائد في مجلس نواب الشعب خلال الفترة الأخيرة، مما جعله غير قادر على القيام بمهامه.   

مشهد سياسي متشرذم

يرى النائب عن التيار الديمقراطي محمد عمار أنه أمام الوضع الحالي فإن "فرضية حل البرلمان ليست الحل الأمثل أمام رئيس الجمهورية"، معتبراً أنه "مع تواصل العمل بنفس نظام الحكم ستكون نتائج الانتخابات المقبلة بحسب استطلاعات الرأي أكثر تعقيداً وقتامة".

كما يعتقد عمار أن "رئيس الجمهورية لا يرغب في إعادة الانتخابات أمام الوضع الاقتصادي والاجتماعي الراهن مع متغيرات إقليمية وأحداث اقتصادية متسارعة".

ويفيد نائب التيار الديمقراطي القريب من رئيس الجمهورية بأن "الاختيار الأمثل لرئيس الحكومة القادم من طرف سعيد، سيخفف الضغط والاحتقان السياسي، كما أن تنحية الغنوشي رئيس البرلمان سيسهم في استقرار هذا المشهد السياسي المتشرذم".

ويعتبر عمار أن "رئيس الجمهورية يمكنه لعب دور هام في الفترة المقبلة للخروج بالبلاد بأخف الأضرار الممكنة على المستوى الاقتصادي، علاوة على أن التحديات المقبلة كبيرة جداً مع مخاطر إقليمية جغراسياسية وتحولات ستحدث في الجارة ليبيا".

شبهة ارهابية

يذكر أن عريضة أودعت لسحب الثقة من رئيس مجلس النواب، وقّعها 86 نائباً، في انتظار تحديد جلسة عامة للتصويت عليها.

ويقول النائب عن كتلة الدستوري ثامر بن سعد في تصريح خاص إن كتلته "ليس لديها أي إشكال في حل البرلمان"، لكنه يعتقد في الوقت ذاته، أن "رئيس الجمهورية هو الضامن للدستور".

ويضيف بن سعد أن الإشكال بالنسبة إليهم، تلبية مطالبهم التي يراها مشروعة والمتمثلة في تحديد جلسة عامة للتصويت على عريضة سحب الثقة من رئيس المجلس راشد الغنوشي التي ضمت 86 توقيعاً.  

كما اعتبر بن سعد أن "راشد الغنوشي فشل في تسيير المجلس وبات يمثل عقبة أمام مواصلة السير العادي للجلسات".

ويواصل نواب كتلة الدستوري الحر اعتصامهم داخل البرلمان التونسي، احتجاجاً على تأخر تحديد موعد جلسة عامة للتصويت على سحب الثقة من رئيسه راشد الغنوشي.

كما تطالب الكتلة بعدم إدخال من سمتهم الكتلة بـ"ذوي شبهة إرهابية" إلى أروقة المجلس.

لكن على عكس غالبية الكتل النيابية، ترى النائبة عن حركة النهضة يمينة الزغلامي أن خطاب رئيس الجمهورية كان إيجابياً، وأن حل مجلس نواب الشعب لا يتم إلا في حالة وحيدة وفق الدستور، وهو عندما يفشل المجلس في التصويت على الحكومة خلال فترة محددة".

وتعتبر الزغلامي في تصريح لـ "اندبندنت عربية"، أن "خطاب رئيس الجمهورية ولقاءه برئيس البرلمان ونائبيه إيجابي ورسالة إيجابية للشعب التونسي والنواب"، مضيفة أن " سعيد قال إن الحل بيد النواب ونحن اليوم أوجدنا الحل والمجلس منعقد ويناقش القوانين الموضوعة أمامه".

أما بخصوص سحب الثقة من الغنوشي تقول الزغلامي، إذا "كانت العريضة قانونية شكلاً ومضموناً فإنه سيتم تحديد جلسة عامة في وقت لاحق".

من جهة أخرى بدت الزغلامي متفائلة جداً بتواصل المدة النيابية لمجلس نواب الشعب بشرط وجود حكومة متفق عليها.

خدمة أجندات حزبية

من جهة ثانية، يرى الكاتب الصحافي خليفة شوشان أنه "مثلما خرجت أزمة الحكومة الأخيرة التي توّجت بملف شبهات تضارب المصالح والفساد الموجهة لرئيسها عن مجرد المناكفات والسجالات الداخلية بين أحزاب الائتلاف الحاكم لتتحول إلى قضيّة رأي عام دفعت إلى التعجيل باستقالته، فإن أزمة مجلس نواب الشعب والتهم الموجهة إلى رئيسه بسوء التسيير وتلغيم المجلس بتعيينات من أبناء حركته وتجاوز النظام الداخلي وتوظيف مكتب المجلس لخدمة أجندات شخصية وحزبية إلى جانب السطو على صلاحيات رئيس الجمهورية، تجاوزت أسوار البرلمان وفاضت عن قبته لتتحول إلى حديث الشارع التونسي".

ويوضح "إذا كان الغنوشي وحزبه أبطال الإطاحة بالفخفاخ فإن موسي وكتلتها قد يكونون أبطال أم معارك ما أسموه "تحرير البرلمان التونسي من الإخوان"، وسحب الثقة من رئيسه الغنوشي هي بلا منازع رئيسة الحزب الدستوري الحرّ موسي.

غير أن تأمل المشهد السياسي من زاوية أخرى بعيداً من حمى الاستقطاب الثنائي النهضاوي الدستوري، يظهر في خلفية صورة اللاعبين الرئيسيين حكومياً وبرلمانياً قيس سعيّد ممسكاً بحقيبة "الصواريخ القانونية" كما وصفها، والتي أطلق أولها عندما دفع مرشحه الأقدر الياس الفخفاخ لتقديم استقالته، ليحيل بذلك لائحة اللوم التي أعدتها النهضة لسحب الثقة منه على الفراغ ويسترجع حقه الدستوري في تكليف شخصية أخرى بتشكيك حكومة جديدة. وعلى أهبة الكشف عن مفاجآة أخرى وصواريخ قد تحسم معركة البرلمان وتقلب الطاولة على الجميع.

ويرى شوشان أن "ما أعلنه سعيّد بقصر قرطاج خلال اجتماعه برئيس مجلس نواب الشعب راشد الغنوشي يؤكد أن الرجل لا يمزح وهو ماض في ممارسة كل الصلاحيات التي يتيحها له الدستور، ولن يترك الأوضاع البائسة السائدة في مجلس نواب الشعب خلال الفترة الأخيرة تستمرّ من دون تدخل".

وينص الدستور في فقرته الثانية أنه، "لا يجوز حلّ المجلس خلال الأشهر الستة التي تلي نيل أول حكومة ثقة المجلس بعد الانتخابات التشريعية، أو خلال الأشهر الستة الأخيرة من المدة الرئاسية أو المدة النيابية"، ما يعني أنه بعد تاريخ 27 أغسطس (آب) 2020، ومع انقضاء مدة الستة أشهر لرئيس الجمهورية - إذا مرت أربعة أشهر على التكليف ولم يمنح أعضاء مجلس نواب الشعب الثقة للحكومة - الحق يعود له في حل مجلس نواب الشعب والدعوة إلى انتخابات تشريعية جديدة في مدة أقلها 45 يوماً وأقصاها 90 يوماً.

المزيد من العالم العربي