Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ضخ النفط يخفّض التوتر بين طرفي النزاع الليبي

"خطوة ستساهم بتوحيد المؤسسات المالية والاقتصادية وإنهاء الانقسام والدفع بتحسين الخدمات"

منظر عام لحقل شرارة النفطي (رويترز)

جاء إعلان المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا، استئناف إنتاج وتصدير النفط الخام، بعد أشهر من الإغلاق، ليمنح الليبيين فسحة أمل، مع تصاعد المؤشرات، في الفترة الماضية، حول اندلاع معركة عسكرية شرسة، في سرت والجفرة، بين طرفي النزاع، بمشاركة أطراف خارجية.

سياسياً، توالت ردود الفعل، حول هذه الخطوة، التي جاءت وسط ظروف اقتصادية صعبة تعيشها البلاد، وقوبلت بترحيب واسع من الطرفين، في طرابلس وبنغازي، وتحفّظ من فئة صغيرة، وطالب بعض الأصوات، في شرق البلاد بضمانات أكبر، قبل إعادة التصدير، أن لا تذهب أموال النفط، إلى حكومة الوفاق، التي اعتبر قلة من المقربين منها، خطوة رفع الإغلاق، من قبل الجيش، مناورة سياسية لتجنب الضغط الدولي.

رفع القوة القاهرة

وكانت المؤسسة الوطنية للنفط، أعلنت رفع القوة القاهرة، عن جميع صادرات النفط من ليبيا، مع دخول أول سفينة شحن، إلى ميناء السدرة النفطي، شرق ليبيا، وبيّنت المؤسسة، في بيان، صعوبة العودة إلى المستويات السابقة من الإنتاج، في وقت قريب، قائلة "الزيادة التدريجية للإنتاج، ستستغرق وقتاً طويلاً، نتيجة الأضرار الجسيمة التي لحقت بالبنية التحتية، جراء الإغلاق المفروض منذ 17 يناير (كانون الثاني) الماضي"، وصرّح رئيس مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط مصطفى صنع الله أن "المؤسسة تركز الآن على الصيانة وتأمين الموازنة للقيام بهذه الأعمال"، موضحاً أن "البنية التحتية للمؤسسة تعرضت لأضرار دائمة، وأنه يجب اتخاذ خطوات للتأكد من أن إنتاج ليبيا من النفط لن يكون عرضة للمساومة مرة أخرى".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ترحيب واسع

وما أن نشرت الوطنية للنفط، بيان عودة الإنتاج النفطي، توالت بيانات الترحيب والإشادة، من العاصمة طرابلس، وكانت لغة الخطاب، الصادرة عن مسؤولين كبار، في حكومة الوفاق لافتة، والتي دعت إلى الوحدة الوطنية والعدالة في تقاسم الثروات، ونسيان الخلافات ووضع البنادق جانباً، وهو خطاب غاب في تصريحات قادتها، منذ سنوات.

وبدأت هذه التصريحات، بامتنان وزير الداخلية في حكومة الوفاق، فتحي باشاغا، لإعلان المؤسسة الوطنية للنفط، رفع القوة القاهرة، عن جميع صادرات النفط، وقال في بيان مقتضب، على مواقع التواصل الاجتماعي "النفط ملك لجميع الليبيين، ويجب أن تدار عائداته بشفافية وتوزع بعدالة، على مختلف المناطق، وأن لا يكون مصدراً لابتزازات فئوية أو مناكفات سياسية".

وتلاه عضو المجلس الرئاسي، عن مدينة مصراتة، أحمد معيتيق، الذي اعتبر رفع مؤسسة النفط بطرابلس حالة القوة القاهرة، عن صادرات النفط، "خطوة ستكون لها مساهمة كبيرة بتوحيد المؤسسات المالية والاقتصادية وإنهاء الانقسام، والدفع بتحسين الخدمات وتعزيز الشفافية المالية وتوزيع عادل للعوائد النفطية، بما يضمن العدالة في التنمية".

وكان الجزء اللافت، في خطاب معيتيق، الذي قال فيه، "حان الوقت، أن تصمت أصوات البنادق لبداية العمل من أجل مواطن يستحق العيش الكريم، ونتقدم بالشكر إلى الإخوة في الوطن، الغيورين على مصلحته، بمختلف ربوع ليبيا، ولكل الدول الصديقة التي ساهمت في تمكين المؤسسة الوطنية للنفط، من العودة للتصدير، وعلى رأسها بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا والولايات المتحدة الأميركية وبقية الأطراف الإقليمية".

أصوات متحفّظة

ولم تخلُ الساحة الليبية من بعض الأصوات المتحفّظة، بعد إعلان استئناف ضخ النفط الليبي، حول استدامة هذه الخطوة وحتى نتائجها، وقال عبد الرحمن الشاطر، عضو المجلس الاستشاري، في طرابلس "إعادة ضخ النفط ورفع القوة القاهرة، قد تكونان هدنة مالية عوضاً عن العسكرية، إلى حين الوصول إلى تفاهم، حول توزيع الثروة"، وأضاف "إعادة ضخ النفط، ربما تكون صفقة وورقة ضغط، على الحكومة الشرعية، لتحقيق ما فشل العمل العسكري في تحقيقه"، مشيراً إلى أنها "قنبلة أخمدت موقتاً وقد تنفجر في النهاية، لنعود إلى القفل"، وقال "المناداة بالتوزيع العادل للثروة، في ليبيا، كلمة حق يراد بها باطل، وتعود بنا إلى عصور الغنائم". ‎

استئناف مشروط

في المقابل، تطابقت التصريحات الآتية من معسكر الشرق الليبي، في تعليقها على عودة إنتاج النفط وتصديره، معلنة أنه تم بشروط وضمانات، وتعهّدت بها أطراف خارجية، توسطت لإعادة التشغيل، على رأسها البعثة الأممية للدعم في ليبيا، مؤكدة أن استمرار الإنتاج، مرهون بتنفيذ هذه التعهدات.

وقال السنوسي الحليق، رئيس قطاع النفط والغاز، في المجلس الأعلى لمشايخ ليبيا وأعيانها، الذي كان له دور بارز في إغلاق الحقول والموانئ النفطية، لـ "اندبندنت عربية"، إن "الشحنات التي استؤنف تصديرها، هي ضمن تعاقدات سابقة للمؤسسة الوطنية للنفط، وليست جديدة، واتخذت هذه الخطوة، للتأكد من صدق التعهدات التي منحت لنا"، موضحاً أن "هذه التعهدات، تنص على عدم ذهاب الإيرادات، إلى مصرف ليبيا المركزي، التابع لحكومة الوفاق، بل إلى حساب خاص بالمؤسسة الوطنية للنفط، من دون التصرف فيها، حتى يتم الاتفاق النهائي، على خطة التوزيع العادل للإيرادات، بين مناطق ليبيا"، وبين الحليق أن "ما يتم تصديره حالياً، هو من المخزون الموجود في الموانئ النفطية، وفي حال التُزم بما أتفق عليه، سيعود الإنتاج بالقوة الكاملة السابقة، أما إذا أخلّ به، فنحن مضطرون للعودة إلى الوضع السابق، وإيقاف العمليات النفطية".

ترتيبات جديدة

وفي سياق متصل، أكد أستاذ الاقتصاد الليبي، سليمان الشحومي، أن "عودة تصدير النفط، قد ينزع فتيل الحرب المدمرة المرتقبة، ويفتح صفحة جديدةً للحوار الليبي - الليبي"، داعياً في الوقت نفسه، إلى أن "يكون الحوار هذه المرة، حوار نخب وممثلين للمجتمع الليبي، بكل تركيباته، ومن دون وجود أو تدخل من الأطراف السياسية، الموجودة على الساحة، وقد نرى بعدها، ضوءاً قريباً، في النفق المظلم".

مخاوف من أنقرة

أما الكاتب الصحافي الليبي محمد العنيزي، فيعتقد أنه "على الرغم من موجة التفاؤل، التي صاحبت عودة إنتاج النفط الليبي، لا سيما مع التغير الملحوظ، في لهجة المسؤولين، غرب البلاد، وحديثهم لأول مرة عن التوافق وحل الإشكالات المعرقلة للمسار السياسي، إلا أن السؤال المطروح والذي في إجابته، تكمن حقيقة المستقبل القريب للأزمة، هل عودة إنتاج النفط، ستجعل تركيا، تتراجع عن رغبتها في دخول الهلال النفطي، في الشمال والحقول في الجنوب؟"، وأضاف لـ "اندبندنت عربية"، "لا اعتقد، أن تركيا تهتم أصلاً بالوفاق بين الليبيين، بل وأجزم أنها لا تريده، كونه عقبة في طريق خططها الإستراتيجية، للهيمنة على مصادر الطاقة والاقتصاد الليبي، ويسلبها الذرائع اللازمة لتحقيق أهدافها"، مؤكداً أن "تأثير أنقرة في القرار السياسي، في طرابلس، لا يحتاج إلى دلائل، ولذلك أعتقد أن علينا الحذر من التفاؤل، حول فرص التهدئة المستدامة، والوصول إلى سلام شامل، بما أن تركيا لازالت باقية، في المشهد الليبي".

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي