Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

خزان صافر النفطي ابتزاز وكارثة بيئية وشيكة في البحر الأحمر

الحوثي يقدم مبادرة لبيع البترول لصالحه والحكومة الشرعية تطالب بحل منفصل وحاسم

صورة لناقلة النفط صافر عبر القمر الصناعي ماكسار (غيتي)

منذ نحو 6 سنوات، وجماعة الحوثي، تستميت رفضاً لفريق أممي بصيانة باخرة صافر العائمة بميناء رأس عيسى الواقع بمحافظة الحديدة المطلة على البحر الأحمر (غرب اليمن)، التي تحوي خزاناً نفطياً يمتلئ بـ 150 ألف طن (أكثر من مليون برميل) ويهدد بوقوع واحدة من أكبر الكوارث البيئية في الإقليم والعالم، وهو ما دفع بجهات يمنية ودولية فاعلة إلى المطالبة بشكل متكرر بضرورة حل أزمة الخزان.

ومقابل صيانة الخزان الذي يتعرض للتحلل والتلف، تشترط جماعة الحوثي بيع النفط المتواجد في الخزان لصالحها، إضافة لشروط أخرى، وهو ما ترفضه الحكومة اليمنية بشدة ما جعل أزمة الخزان قائمة منذ سنوات.

قضية ملحة

وعقب مطالبات عدّة، وجهت الحكومة اليمنية، أمس السبت، طلباً لرئيس مجلس الأمن الدولي بفصل قضية خزان النفط العائم صافر عن بقية القضايا والتدابير المدرجة في مبادرة المبعوث الأممي إلى اليمن بوصفها قضية ملحة، ووضع حل منفصل وحاسم لها.

وناشد وزير الخارجية اليمني، محمد الحضرمي، في رسالة وجهها إلى رئيس المجلس الحالي المندوب الدائم لجمهورية ألمانيا الاتحادية لدى الأمم المتحدة السفير كريستوف هويسجن، "أن يضّلع المجلس بمسؤولياته ويبحث هذه القضية المهمة في جلسة خاصة لاتخاذ الإجراءات والتدابير اللازمة لإلزام الحوثيين بالانصياع لدعواتنا جميعاً والسماح للفريق الفني التابع للأمم المتحدة بالوصول إلى الناقلة (صافر) من دون قيد أو شرط، وتمكينه من القيام بمهماته لتفادي وقوع واحدة من أكبر الكوارث البيئية في الإقليم والعالم"، بحسب ما أوردته وكالة الأنباء الرسمية "سبأ".

الوزير الحضرمي جدّد تحذير حكومة بلده من أن "كارثة بيئية كبيرة لا تحمد عقباها قد أصبحت اليوم تشكل خطراً محدقاً على اليمن والمنطقة أكثر من أي وقت مضى".

ثقوب وتلف

وأشار الوزير اليمني إلى الحادث الطارئ في خزان صافر بتاريخ 27 مايو (آيار) 2020 الممثل بحدوث ثقوب في أحد الأنابيب في الخزان وتسرب المياه إلى غرفة المحركات نتيجة تهالكها وهيكل الخزان، وما قد ينتج منه غرق السفينة أو انفجارها.

رفض حوثي

وأحاط الحضرمي مجلس الأمن في رسالته بأن كل الجهود الحكومية والدولية بما فيها موافقة الحكومة على مشروع منفصل مقترح لحل قضية (صافر) قدمه أخيراً المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن مارتن غريفيث قوبلت كلها بالرفض والتعنت من قبل مليشيات الحوثيين، المدعومين من إيران، بحسب وكالة الأنباء اليمنية الرسمية.

رسائل مكررة

وجدد وزير الخارجية اليمني، الإشارة إلى تكرّر خطابات الحكومة الموجهة للأمم المتحدة بتاريخ 1 يونيو(تموز) 2020 و23 نوفمبر(تشرين الأول) 2019 و25 يونيو 2019 و10 مايو(أيار) 2019 و6 مارس (آذار) 2018 بشأن تدهور حالة خزان النفط العائم (صافر) في رأس عيسى والذي يحوي 1.140.000 برميل من النفط الخام، وطلب التدخل العاجل للأمم المتحدة لتقييم حالة الخزان وصيانته وتفريغ كمية النفط المخزون فيه تفادياً لحدوث كارثة بيئية وإنسانية واقتصادية كبيرة في المنطقة.

كارثة بيئية وشيكة

وفي منتصف يوليو 2019، أبلغ وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، مارك لوكوك، مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بخطورة بقاء الخزان على ذلك النحو.

وقال لوكوك، في إحاطته المقدمة لمجلس الأمن: "لا توجد سفينة من المرجح أن تؤدي إلى حدوث مثل هذه الأزمة المتعددة الأبعاد أكثر من الناقلة صافر، التي لا تزال تتحلل على الرغم من الجهود المستمرة للتفاوض على طريقة لتأمين كمية هائلة من النفط الخام في صهاريج التخزين الخاصة بها".

وأضاف "أترك الأمر لكم أن تتخيلوا تأثير مثل هذه الكارثة في البيئة، وفي ممرات الشحن والاقتصاد العالمي".

تحذيرات بلا صدى

وكان مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في اليمن (OCHA) قد أطلق تحذيراً مماثلاً في 22 أغسطس (آب) 2019، قال فيه إن ناقلة النفط صافر التي ترسو قبالة سواحل اليمن، تنذر بالانفجار كونها تحمل 1.1 مليون برميل. وبحسب (OCHA)، سيؤدي التسرب النفطي إلى حدوث كارثة بيئية.

وأعلن مكتب OCHA عن وصول فريق التقييم التابع للأمم المتحدة إلى جيبوتي، والذي قام بالتوجه إلى الناقلة صافر لتقييم الأضرار والآثار البيئية.

مبادرة

وفي حديث اعتبره مراقبون مسعىً حوثياً للتخلي عن المسؤولية المترتبة على حدوث الكارثة الوشيكة التي لا تخلو من الرسائل والابتزاز السياسي، قال محمد علي الحوثي، إن جماعته تقدمت بمقترح بشأن معالجة صهريج صافر، إلا أن عضو اللجنة الاقتصادية اليمنية الدكتور فارس الجعدبي أكد في تصريحات صحافية نقلتها عنه صحيفة "الشرق الأوسط" قال إن هدف الحوثي في المقترح الذي تقدم به، السماح لخبرائه بالدخول للصيانة وليس لفريق الصيانة الأممي المتخصص، مشيراً إلى خطورة هذا الأمر الذي يطالب به، وهو ما يكشف خبث نواياه.

"مسألة سياسية"

وفي أول تعليق لها، اعتبرت جماعة الحوثي دعوة الحكومة الشرعية مجلس الأمن إلى إلزام الحوثيين السماح للفريق الفني التابع للأمم المتحدة بالوصول إلى خزان صافر من دون قيد أو شرط، "مسألة سياسية" بالدرجة الأولى.

وقال وزير الثروة السمكية في حكومة الحوثيين، غير المعترف بها دولياً، محمد الزبيري، إن "قضية خزان صافر تطرح للمرة الأولى منذ 5 سنوات، فأين كانت بريطانيا ومجلس الأمن عندما كنا نقدم المبادرة تلو الأخرى بهذا الشأن من دون أن يسمعنا أحد؟" بحسب ما نقله عنه موقع "المسيرة نت" الناطق باسم الجماعة.

وحذر أنه في حال انفجار خزان صافر "سيؤثر في الكثير من الدول الموجودة على سواحل البحر الأحمر وخليج عدن، وفي مئات آلاف الأسر التي تعيش على الصيد".

وأشار إلى أن ما يسمى "المجلس السياسي الأعلى" (أعلى هيئة سياسية في سلطة الجماعة)، قدم مبادرة عبر بيع البترول في خزان صافر وتقسيم عائداته بين عدن (جنوب) وصنعاء (شمال)، لدفع رواتب الموظفين.

تدمير هائل

وعن الآثار المترتبة على تسرب الخزان في مياه البحر الأحمر، أوضح تقرير صادر عن موقع "حلم أخضر" المعني بالتقارير المتخصصة في شؤون البيئة، أن البيئة اليمنية البحرية والساحلية ستتعرض للتدمير الكلي الذي سيمتد من سواحل البحر الأحمر حتى سواحل خليج عدن والبحر العربي.

وأضاف التقرير أن هذه البيئة ستخسر كل مقدراتها، وستتلوث سواحل اليمن بمادة النفط الخام الثقيلة التي تمنع وصول الأوكسجين والشمس إلى أعماق البحر وتؤثر سلباً في الأحياء البحرية، وتقتل بقع الزيت الأسماك والمحار والشعب.

كما أشار التقرير إلى أن غابات المانجروف التي يمتاز بها عدد من الجزر اليمنية في البحر الأحمر، ستتعرض للدمار والتلف، ومنها جزيرة كمران الشهيرة كونها أهم غابة بحرية تمتلئ بأشجار المانجروف وغيرها من النباتات وأشكال الحياة البحرية في بيئة البحر الأحمر ما سيؤثر في السلسلة الغذائية، وعلى المدى البعيد ستتراكم السموم، في أنسجة اليرقات والكائنات الحية الدقيقة التي تعد مصدراً غذائياً أساسياً للأسماك الكبيرة.

أما موقع Sciencing ، فتوقع أن تتسبب الغازات المتطايرة والمتبخرة في الهواء، بحدوث أضرار جسيمة في صحة السكان في المناطق القريبة، كونها تصيب الجهاز التنفسي، أما في حالة حدوث انفجار للناقلة واحتراقها، فمن المتوقع أن تزيد هذه الكارثة من ظاهرة الاحتباس الحراري نتيجة التصاعد الكثيف لأكاسيد الكربون إلى الغلاف الجوي.

ابتزاز سياسي

ولإعطاء الموضوع بعده الاقتصادي والسياسي، قال الباحث في الشأن الاقتصادي اليمني عبدالواحد العوبلي، إن الحوثيين يرفضون السماح للفريق الأممي بصيانة خزان صافر لتحقيق أهداف اقتصادية وسياسية.

وأوضح العوبلي خلال حديثه إلى "اندبندنت عربية"، أن من ضمن أهدافهم السياسية انسحاب القوات المشتركة من الحديدة، ورفع الحصار عن إيران وفتح مطار صنعاء لنقل جرحاهم من المصابين وخروج الخبراء الإيرانيين واللبنانيين، واستلام قيمة مليون برميل من النفط الخام يحويه الخزان.

ويضيف "بحكم تلقي الحوثيون تعليماتهم من إيران، اقترح على مجلس الأمن بالضغط على إيران مباشرة سواء بالتفاوض أو بفرض عقوبات لإرغامها على إطلاق سراح الباخرة صافر".

تكتل دولي

ويرى أن الحكومة اليمنية تستطيع إنشاء تكتل سريع من الدول المطلة على البحر الأحمر للضغط على إيران للإفراج عن الباخرة صافر، ويمكن كذلك التهديد بفرض عقوبات عليها، تتمثل بمنع عبور الناقلات والسفن الإيرانية من الممر الدولي في البحر الأحمر.

المزيد من الأخبار