Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أحزاب الموالاة الجزائرية تغيّر وجوهها... بفعل الحراك أو بقرار رئاسي؟

ضمن حزمة إجراءات تدار في سرّية كاملة، والإبراهيمي يحذر من انزلاق الأمور إلى "المسار العراقي"

فاجأ الأمين العام للتجمع الوطني الديمقراطي، أحمد أويحي، الجزائريين بالاستقالة من الحكومة في 11 مارس (آذار) الحالي. ما أعطى انطباعاً بأن مؤسسة الرئاسة "ضحّت به" في غمرة المسيرات المطالبة بتغيير النظام. 

وفي سياق آخر، قال أويحي إن التجمع، وهو ثاني أكبر أحزاب الموالاة باحتساب عدد المقاعد في البرلمان والمجالس المحلية، "سيدافع عن مشاركته في الاستشارات والمشاورات التي من شأنها إقناع المواطنين بصدقية الانتقال الديمقراطي السلس المعروض من طرف رئيس الجمهورية"، باعتبارها "تنازلات يمكن أن تقنع أطياف الساحة السياسية، ولا سيما المعارضة، بالمشاركة في الندوة الوطنية والعمل فيها بكل سيادة". 

وأكد أويحي، في بيان أصدره التجمع، "لا شيء أغلى من إنقاذ الجزائر من أي أزمة أو مأزق. لقد كنت دائماً مجنداً لخدمة البلاد، والتجمع كان في الخط الأمامي لخدمة الجزائر والدفاع عن مواقفها ودعم قيادة البلاد، وعلى رأسها الرئيس بوتفليقة". 

ويمكن إدراج خطاب أويحي ضمن مساعي جهات محيطة ببوتفليقة للتضحية بالوجوه التي تصدرت المشهد سياسياً في السنوات الماضية. ويُتداول اسم أحمد النوى بدلاً منه. والنوى هو الأمين العام للحكومة منذ عشرين سنة. ويتشابه في الوضع نفسه مع أويحي، عبد المجيد سيدي السعيد، الأمين العام للاتحاد العام للعمال الجزائريين، أكبر اتحاد نقابي عمالي، إذ يُتداول أنه سيبدّل بشخص آخر.

أكبر تنظيم نقابي يتصدع

وقد انطلقت مسيرات كبيرة، في العاصمة، رفع المشاركون فيها وغالبيتهم من العمال المنضوين تحت لواء الاتحاد العام للعمال الجزائريين، شعارات تستهدف الأمين العام للاتحاد، عبد المجيد سيدي السعيد المساند لبوتفليقة، بخطابه الذي وصفه سياسيون بـ"المستفز"، إذ قال فيه إن "من ينكر إنجازات بوتفليقة هو عديم الرجولة". 

وأعلنت نقابة المؤسسة الوطنية للسيارات الصناعية، أمس الاثنين، سحب الثقة من سيدي السعيد، وتشكل هذه النقابة ثقلاً كبيراً داخل الصناعة الحكومية الرسمية، وطالبت بمؤتمر "استثنائي للتعجيل بإقالة القيادة الحالية". 

وشكل الاتحاد العام للعمال الجزائريين ركيزة مهمة داخل الجبهة الاجتماعية، اعتمد عليها بوتفليقة في ما يصفه خصومه بـ"شراء السلم الاجتماعي". ووقّع الاتحاد في العام 2006 "العقد الاقتصادي والاجتماعي" الذي قايض من خلاله "هدنة" مع الحكومة مقابل "امتيازات"، لكنه تحوّل بمرور السنوات إلى وسيلة "قمع" للاحتجاجات العمالية. ما صنع نقابات مستقلة استحوذت على العمل النقابي في شكل واضح، على الرغم من عدم الاعتراف بها في النقاشات الرسمية.

تكيّف مع المستجدات 

وفي سياق شبيه، أعلنت مجموعة من محافظي حزب جبهة التحرير الوطني، الحاكم، وصاحب الغالبية في البرلمان والمجالس، دعمهم الحراك الشعبي الذي انطلق يوم 22 فبراير (شباط)، مطالبين معاذ بوشارب، منسق القيادة الحالية، بالرحيل من منصبه، بسبب افتقاده للشرعية، وفق تعبيرهم. 

وتُوضع الاجتماعات التي يعقدها معارضون لسياسة الحزب الحاكم، في إطار العمل لتغيير واجهة السلطة. ويقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة الجزائر، علي ربيج لـ"اندبندت عربية"، "ما يحدث بسبب تأجيل الانتخابات انعكس مباشرة داخل أحزاب التحالف. ولعل تلك الأحزاب محرجة لأنها وقفت مع الرئيس في مشروع الولاية الخامسة. ومن الواضح أنها انسحبت من الساحة تماماً. هذه الرسائل فُهمت في شكل سلبي داخل تلك الأحزاب. ما دفعها إلى التعبير في شكل مستقل عن القيادة". 

يضيف "حالة الارتداد السياسي موجودة في داخل الأحزاب التي تموقعت إلى جانب بوتفليقة". وفيما لا يتوقع تغييراً جذريّاً، يصف ما يجري بـ"محاولة التكيّف مع المستجدات السياسية ومراجعة الخطاب السياسي".                  

أمر غريب

قائمة الأحزاب الموالية لبوتفليقة، التي تعيش مخاضاً جديداً بطلب من السلطة في ما يبدو، تتوسّع لتضمّ الحليفين "تجمع أمل الجزائر" و"الحركة الشعبية الجزائرية"، اللذين اختفى زعيماهما عمار غول وعمارة بن يونس من العمل الحزبي الرسمي منذ بضعة أسابيع، ولم يظهر أثر لهما منذ تلقيا تعليمات وصفت خطابهما بـ"المستفز" للجزائريين. 

وانخرطت أحزاب الموالاة الأربعة في عملية "ترميم للواجهة"، ضمن حزمة إجراءات تدار في سرّية كاملة، ويُعتقد أن هذه التغييرات تأتي بطلب من فريق الرئاسة وليست مساراً طبيعياً يستمد شرعيته من الحراك الشعبي. 

وفي التحالف الوطني الجمهوري، وهو حزب موالٍ يقوده الوزير السابق بقاسم ساحلي، فقد أقدم الأمين العام المساعد عبد الحميد عقوني، على الاستقالة بحجة "عدم مساندة قيادة الحزب الحراك الشعبي". وقال ساحلي إن "بعض القياديين اتخذوا قرارات مغايرة لمواقفنا وأُحيلوا على لجان التأديب". 

لكن الغريب في اعتراف ساحلي أنه تلقّى عرضاً من الوزير الأول، نور الدين بدوي، لتقديم مرشحين عن حزبه لدخول الحكومة الجديدة، قائلاً "أجبنا الوزير الأول بأن البلد في حاجة إلى وجوه جديدة واتصالكم بنا معناه ارتكاب الأخطاء نفسها". 

وتتوالى بذلك معطيات رفض المشاركة في حكومة بدوي، إذ برّأ رئيس حركة مجتمع السلم، عبد الرزاق مقري، حزبه من الاتهامات التي طاولته بخصوص قبوله دعوة السلطة إلى مشاورات تشكيل الحكومة التوافقية. ونفى موافقة الحزب على تولي حقيبة في الحكومة العتيدة.

الإبراهيمي يحذّر

ودافع الدبلوماسي الجزائري الأخضر الإبراهيمي عن قرارات بوتفليقة، المتعلقة بتمديد ولايته الرابعة وتأجيل الانتخابات الرئاسية والندوة الوطنية. وقال الإبراهيمي إن "الحوار هو الحلّ الأمثل لنجاح الجزائر في تجاوز أزمتها... تجسيد خريطة الطريق التي وضعها الرئيس هي السبيل الوحيد للخروج من الوضع المحتقن الذي تعرفه البلاد". 

وعبّر الإبراهيمي، الاثنين، من خلال الإذاعة الجزائرية الناطقة بالفرنسية، عن قلقه من انزلاق الأمور إلى "المسار العراقي"، قائلاً إن "المطالبة برحيل الجميع ورفع شعار إسقاط النظام أمرٌ سهلٌ، لقد قاله العراقيون سابقاً وانظروا إلى أين وصلوا". 

المزيد من العالم العربي