Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

صفقة بوريس جونسون الجديدة نسخة محبطة عن القديمة

طريقة الحكومة في تمويل "ثورة البنية التحتية" تثبّت النقص المزمن في الاستثمار العام

تبدو"الصفقة الجديدة" التي أعلنها رئيس الوزراء مماثلة للصفقة القديمة، في المحتوى، والعرض السياسي المبالغ فيه بشكل مثير للسخرية (رويترز)

استنكر مايكل غوف السبت الماضي ميل السياسيين إلى "الحماس المفرط الذي يرافق الإعلان عن مبادرات جذرية، والكشف عن إصلاحات ضخمة، وإطلاق برامج إنفاق جديدة، واختتام برنامج، وإطلاق آخر".

وردَّ بوريس جونسون الثلاثاء على تلك الملاحظة الحكيمة لوزير مالية دوقية "لانكستر" بإعلان نفسه فرانكلين روزفلت جديد بفضل كشفه عن إنفاق خمسة مليارات جنيه إسترليني (6,2 مليار دولار) على البنية التحتية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي شكل خارق، تبدو"الصفقة الجديدة" التي أعلنها رئيس الوزراء مماثلة للصفقة القديمة، في المحتوى، والعرض السياسي المبالغ فيه بشكل مثير للسخرية.

وقد تبدو المليارات الخمسة مبلغاً مهماً من المال، لكنها في الواقع تمثل جزءاً من 20 مما تقرر بالفعل أن تنفقه الحكومة على البنية التحتية في السنة المالية الحالية.

وإذا كانت تلك هي الطريقة التي تعتزم الحكومة أن تمول بها "ثورة البنية التحتية" الخاصة بها، فمن غير المرجح أن يتصحح النقص المزمن العنيد في الاستثمار العام البريطاني.

في المقابل، ثمة شيء غريب في خطاب رئيس الوزراء في "دادلي"، يتمثل في أنه لم يشر إلى أن حكومته وضعت بالفعل في وقت سابق من العام زيادة مهمة حقيقية في الإنفاق الحكومي المقرر على البنية التحتية.

إذ حددت ميزانية مارس (آذار) الاستثمار الصافي في القطاع العام بحلول عام 2023، بـ3 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، بزيادة عن 2 في المئة المقررة سابقاً. وهذا من شأنه أن يرفع الإنفاق على البنية التحتية العامة إلى أعلى حصة مستدامة من الاقتصاد منذ أواخر سبعينيات القرن العشرين.

 في ذلك الصدد، قد يجادل المرء على نحوٍ معقول بأن النسبة ينبغي أن تكون أعلى، لكنها تمثل فعلاً تغييراً تاريخياً إلى حد كبير في التوجّه الحكومي [الميّال إلى خفض الاستثمار في القطاع العام].

 ربما اعتقد رئيس الوزراء بأن من قبيل إرضاء الذات أن يستشهد بقرار اتُّخِذ قبل أن تضرب البلاد جائحة "كوفيد-19". ومن المرجح أنه أراد ببساطة إعلان الإنفاق الذي بدا جديداً، للحصول على عناوين رئيسة مؤاتية في وسائل الإعلام.

وبصرف النظر عن المال، كان الخطاب نفسه في المقام الأول عبارة عن شعارات كـ"إعادة البناء في شكل أفضل"، و"مضاعفة المساواة"، و"ثورة البنية التحتية" وغيرها.

 في حين أن جونسون قد يرغب في إنفاق مزيد من المال على البنية التحتية للطرق والسكك الحديد والنقل، لا نزال لانعرف ما المشاريع التي ستموّل فعلياً في البلاد.

فقد أُبلِغنا بأن استراتيجية وطنية جديدة للبنية التحتية في الخريف ستسد الفجوات. في المقابل دأبت الحكومة على نشر تلك الوثائق منذ سنوات عدّة.

إذ حددت الخطة الوطنية للبنية التحتية التي أعلنها جورج أوزبورن في 2014، مشاريع بـ460 مليار جنيه إسترليني تستحق الاستثمار، وتشمل مدينة حدائق في "إبسفليت" وسدٍّ في بحيرة "سوانسي".

ومن المرجح أن ثمة رهاناً قصيراً على إعادة تحديد عدد من المشاريع ذاتها في وثيقة الخريف من مخططات توسيع الطرق إلى إصلاح سدود الفيضانات، باعتبارها تستحق التمويل؛ يتساوى مع رهان رئيس الوزراء على أن ذاكرة الجمهور قصيرة. وسيأتي الوقت الذي ستحتاج فيه الحكومة إلى الانتقال من بناء أكوام من الوثائق الخاصة بالبنية التحتية، إلى بناء البنية التحتية بالفعل.

وبدا تعهد جونسون بأن العودة إلى التقشف لن تحصل في أعقاب هذه الأزمة واضحاً كثيراً. وهذا بالطبع اعتراف بالواقع في أعقاب عقد من التخفيضات الحادة في الإنفاق على الخدمات العامة. ومع ذلك، فإن إعلانات كهذه تشكّل الجزء السهل. فكيف سيموّل جونسون كلامه عن زيادة الإنفاق على الرعاية الاجتماعية للمسنين؟

في ذلك الصدد، يشكّل رفع الضرائب الحل الواضح في شكل صارخ، لكن بيان المحافظين في ديسمبر (كانون الأول) استبعد كل زيادة في ضريبة القيمة المضافة، وضريبة الدخل، والتأمين الوطني. ولم نسمع بعد كيف سيجري التوصّل إلى تحقيق ذلك الهدف الصعب.

ولعل الفجوة الأكبر بين خطاب الحكومة، وخططها الفعلية تتمثّل في مسألة تفويض الصلاحيات. لقد تحدث غوف في كلمة ألقاها في عطلة نهاية الأسبوع الماضي، عن المنافع التي يمكن جنيها من "نقل مراكز اتخاذ القرارات الحكومية إلى أجزاء مختلفة من المملكة المتحدة". وكذلك وعد بيان المحافظين بـ"كتاب أبيض" لتفويض الصلاحيات في إنجلترا هذا العام [إلى سلطات محلية]، لكننا لم نسمع كثيراً عنه منذ ذلك الحين.

ولا يشير تعامل الحكومة مع هذه الجائحة، وصولاً إلى الإغلاق الجديد في "ليستر" بأمر من وزير الصحة، إلى وجود إدارة حريصة (في شكل خاص) على التنازل عن الصلاحيات لمصلحة متّخذي القرارات المحليين، سواء تعلق الأمر برؤساء البلديات المنتخبين، أو المجالس المحلية.

في الواقع، يشير [تعامل الحكومة مع الجائحة] إلى عكس ذلك تماماً. قد يتحدث الوزراء بلغة تفويض الصلاحيات، لكن أفعالهم تظهر الغريزة المركزية القديمة التي سادت في الـ40 سنة الماضية نفسها.

وستجد هذه الحكومة كسابقاتها أن الوعود التي لا تتحقق في شأن الصفقات الجديدة، تتقادم بسرعة كبيرة.

© The Independent

المزيد من آراء