Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لماذا يريد بوتين تغيير الدستور؟

استفتاء هذا الأسبوع لا يقتصر على إحكام اليد على مزيد من الصلاحيات فحسب

تعديلات دستورية تغير وجه النظام السياسي في روسيا (أ ب)

يبعث فلاديمير بوتين هذا الأسبوع الروس إلى صناديق الاقتراع للاستفتاء على تعديلات دستورية تسمح له من بين أمور أخرى، بالبقاء في السلطة بعد انتهاء مدته الرئاسية الحالية عام 2024.

ويمكن القول إن هذا الاستفتاء خارج عن المألوف من جوانب عدة، فهو سيجري وسط جائحة- يرتدي فيها مسؤولو الانتخابات ملابس واقية، ما يدل على أن الأحوال ليست آمنة تماماً، وسيوزع (التصويت) بشكل غير مسبوق على سبعة أيام – وهذا يعكس غياب حماسة الشعب للتصويت.

كذلك فهو ليس ضرورياً من الناحية القانونية، إذ صادق البرلمان الروسي على الدستور الجديد، ووقعه الرئيس، بل هو متوافر في كل مكتبات البلاد.

حتى هذا العام، ظل بوتين يقول إنه لا ينوي إعادة كتابة قانون روسيا الأولي، واصفا إياه في عدد من المناسبات بأنه أساس الاستقرار السياسي. وفي عام 2013 قال "لو أني أعتبر النظام الشمولي أو الاستبدادي أفضل لكنتُ غيرتُ الدستور... وهذا أمر يسير".

إذن ما الذي جعله يغير رأيه في عام 2020؟ ولماذا يسعى بقوة إلى تغييره الآن؟

أول ما يمكن الإشارة إليه هو أن المشروع نفسه أكثر من انتزاع للسلطة فقط- إنه أكثر تعقيداً من ذلك، ويبدو أنه كان مرتجلاً إلى حد كبير.

وعلى الرغم من أنها لم تشمل إعادة تحديد الولاية الرئاسية، فإن المقترحات الدستورية خضعت لتعديلات تكررت ثلاث مرات، حيث أصبحت العناصر الرئيسية للصيغة المعدلة الأصلية التي أُعلِن عنها يوم 15 يناير(كانون الثاني) الماضي متقادمة.

كانت النسخة الأولى من التعديلات اقترحت إعادة توازن في الصلاحيات من الرئيس إلى البرلمان وغيره من أجهزة الدولة المعززة. لذلك أعيدت بعض العناصر المقترحة إلى البرلمان، مع تعديلات الرئيس عليها بفضل الصلاحيات التي يمنحها الدستور له، في جوانب مهمة، وأُرسيت معايير ضبط ورقابة جديدة [الموازنة بين السلطات والفصل بينها] ولكنها حُصّنت بأقفال، ومزاليج، وأبواب خفية، وزنازين، إذا جاز التعبير.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقدمت مجموعة التعديلات اللاحقة صيغاً شعبوية مثل الاعتراف فقط بزواج الجنسين المختلفين، وربط المعاشات التقاعدية بالتضخم، وأحكام اجتماعية أخرى. كانت تلك التعديلات أشبه بطريقة لستر عيوب المقترحات الأساسية، التي ظهرت في الوقت نفسه مثل اقتراح إعادة تحديد الولايات الرئاسية، والسماح لبوتين بأن يحكم حتى عام 2036.

من المؤكد، أنه كانت هناك طرق أسهل أخرى تُمَكّن بوتين من البقاء في السلطة. فبعض المحللين يرون أن الطبيعة المعقدة والارتجالية لمقترح الرئيس النهائي نابعة من كونها (أ) محاولة للتحرّر من الالتزامات تجاه الدائرة الضيقة المقربة إليه، فيما هو (ب) يحمي نفسه من أي خطوات مستقبلية محتملة ضده.

وعادة، يكون من المنطقي افتراض أن سياسات الكرملين لا يديرها بالكامل بوتين. لكن هذا لا يصح هذه المرة. فالمشروع بأكمله شخصي. وقد خُطّ بقلمه، ويُقال إنه فاجأ فريق عمله. كذلك، حثّ مكتب الرئيس مباشرة على المسارعة في التصويت على الدستور المعدل.

على المستوى السياسي، والنفسي، والعاطفي، يعتبر بوتين الاستفتاء اختباراً لشرعيته. والبيروقراطيون يفهمون أن ذلك يعني حصوله على الموافقة من أكثر من 65 في المئة من المصوّتين.

ففي نظام يتميّز بنزاهة كاملة، قد يجد الرئيس نفسه في مأزق، حيث أن شعبيته في أقل مستوى، بعد مرور أشهر عصيبة على غياب إدارته لأزمة كوفيد-19.

فحسب مركز ليفادا، مركز استطلاعات الرأي المستقل الأخير في روسيا، هبطت شعبية بوتين اليوم، عن أعلى مستوى وصلته عام 2015، بثلاثين نقطة.

لكن الآلة الانتخابية الفعّالة في روسيا ستعطيه بالتأكيد الرقم الذي يحتاج إليه ـ بأي وسيلة كانت فاسدة أو عادلة. وحين تقوم بذلك، فإن التاريخ سيلتفت إلى هذا الأسبوع باعتباره لحظة فاصلة. بالطبع، لن يكون هناك تغير، سواء قبل أو بعد الاستفتاء، فمقاليد السلطة كانت في يد فلاديمير بوتين، وهي اليوم في يده، وستبقى في يده. والكلمات الجديدة على الورق لا تعني شيئاً في نظام يدار وفق قواعد غير رسمية.

بدلاً من ذلك فإن الاختلاف سيكون في المناخ وفي تلك القواعد غير الرسمية. إنها ولادة بوتين باعتباره الأب المؤسس للوطن، إعادة انبعاث الدولة بحكومة مشخصنة على صورة بوتين وحده.

ستبقى الصيغة الجديدة للدستور، بالتأكيد، مهمّة طالما بقي زعيم روسيا (الذي يحكم منذ فترة طويلة) حياً. بعد ذلك، سيكون كل شيء ممكناً. فبغض النظر عن الهياكل الجديدة في الصلاحيات أو مدة الحكم التي تنصّ عليها الوثيقة، فإن التكتيكات المستخدمة لفرضها يمكن أن تجعلها أيضاً باطلة.

وإذا كان بوتين قادراً على تمزيق قواعد الحكم، أو إعادة وضع قواعد أخرى، بحيث لا يكون موضع مساءلة، فإن أي شخص آخر يأتي بعده سيكون قادراً على القيام بالمثل.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من آراء