Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تتجه المعارضة السودانية نحو "هبوط ناعم" على الرغم من استمرار الاحتجاجات؟

خرجت من مساجد الخرطوم ومدن أخرى تظاهرات بعد صلاة الجمعة طالبت بتنحي البشير

احتجاجات في منطقة الحاج يوسف بالخرطوم (صفحة تجمّع المهنيين)

لا تتجه الأوضاع في السودان إلى التهدئة، فبعد مرور ثلاثة أشهر على انطلاق حركة الاحتجاج، شهد يوم الجمعة 15 مارس (آذار)، خروج تظاهرات من مساجد في الخرطوم ومدن أخرى للمطالبة بتنحي الرئيس عمر البشير، والتنديد بتدهور الأوضاع الاقتصادية، تلبيةً لدعوة "تجمع المهنيين السودانيين" وقوى معارِضة أخرى.

وذكر شهود أن متظاهرين خرجوا للاحتجاج في حي "ود نوباوي" معقل مناصري زعيم حزب الأمة القومي المعارض الصادق المهدي، في مدينة أم درمان غرب العاصمة. وقالت المعارضة إن مساجد في أحياء "الطائف والجريف غرب والدروشاب والسامراب والحاج يوسف" شهدت أيضاً تظاهرات احتجاجية.
وبثّ ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي فيديوهات لاحتجاجات شعبية في مدينة القضارف شرق البلاد، إلى جانب قرى في ولاية الجزيرة.
ويشهد السودان منذ 19 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، احتجاجات متواصلة في غالبية المدن، هي الأكبر منذ وصول البشير إلى السلطة، أسفرت حتى الآن عن سقوط 32 قتيلاً وفق آخر إحصاء حكومي، و51 قتيلاً وفق "منظمة العفو الدولية".
 
اشتباكات قبلية
 
ونشبت اشتباكات بين أفراد من قبائل رعاة ونازحين غرب البلاد، قُتل على أثرها 5 مواطنين. وذكرت مصادر أهلية الجمعة، أن "بعض النازحين كانوا يجمعون الحشائش في ضواحي مدينة الجنينة كبرى المدن الحدودية بين السودان وتشاد". وأضحوا أن "الرعاة حاولوا منعهم من ذلك، وهذا ما أدى إلى تفاقم الأوضاع التي أدت إلى اشتباكات مسلحة بين الطرفين، مستخدمين فيها السلاح الأبيض والناري، أدت إلى مقتل إثنين منهم وجرح آخر، ومقتل ثلاثة من النازحين القاطنين في المعسكر". غير أن "تجمع المهنيين" قدم رواية أخرى للأحداث في بيان جاء فيه أن "ميليشيات مسلحة تابعة للنظام هاجمت معسكر "أردمتا" للنازحين في ولاية غرب دارفور، ونهبت خيول وممتلكات المواطنين، وهذا ما أدى إلى سقوط ثلاثة قتلى ووقوع إصابات، إضافة إلى فقدان عشرات النازحين".
 
مبادرات سياسية
 
تشهد الساحة السياسة السودانية، مبادرتين، الأولى محلية، والثانية خارجية لحل حالة الاحتقان السياسي في البلاد، حيث دعا رئيس تحالف "نداء السودان"، الصادق المهدي، إلى إقرار توافق سياسي على حل الأزمة التي تشهدها البلاد بعيداً عن الاقصاء. وأوضح عقب تسلمه مبادرة قدمها القيادي في "تحالف قوى 2020" الطيب مصطفى، أن "الخيار الأوحد لحل الأزمة السياسية هو التوافق بين السودانيين".
ورأى مراقبون في تصريحات المهدي خطوةً أولى في الاتجاه نحو الحوار مع الحكومة السودانية، وقبول مبدئي بالمبادرة التي أطلقها البشير في فبراير (شباط) الماضي، لفتح حوار مع القوى السياسية. وأشار المهدي إلى أن "خيار العنف واستخدام القوة للاستيلاء على السلطة سينتجان ديكتاتورية جديدة تعتمد على القوة نفسها، أو على الدعم الخارجي مما سيعقد الأزمة السودانية بدلاً من حلها"، قبل أن يؤكد أن موقفه من الحل السلمي ثابت ولم يتغير.
 
"مبادرة تحالف 2020"
 
وتتضمن مبادرة "تحالف 2020" المشارك في الحكومة الحالية اقتراحات بتأجيل الانتخابات المزمع عقدها العام المقبل، لمدة سنتين بعد انتهاء ولاية الحكومة الحالية في العام 2020، واعتبارها فترة انتقالية يحكمها مجلس رئاسي مكوّن من خمسة أعضاء. ويعيّن المجلس الرئاسي رئيساً للوزراء يجري اختياره بالتشاور.
على الجانب الآخر، تنتظر قوىً سياسية معارضة ومكونات مدينة اجتماعاً مرتقباً في العاصمة باريس ترعاه الولايات المتحدة، يُتوقع أن يشهد نقاشاً لمقترحات "خارطة طريق" لا تتجاوز الرئيس البشير في البحث عن حلول للفترة المقبلة، وهو ما لقي انتقاداً من أحزاب أخرى وصفته بأنه محاولة لإعادة إنتاج النظام الحالي، أو ما يُعرف ضمن مصطلحات المعارضة السودانية بـ"الهبوط الناعم".
 
الحكومة الثالثة
 
من جهة أخرى، وصف مراقبون محليون الحكومة الثالثة المعلنة الأربعاء الماضي، بأنها إعادة تدوير لحكومتين سابقتين شُكِّلتا منذ التوقيع على وثيقة الحوار الوطني في العام 2016، بعد سنة ونصف السنة من حوار دعا إليه البشير وشاركت فيه قوىً سياسية وقاطعته أخرى ذات ثقل جماهيري. وضمت الحكومة الجديدة 9 وزراء اتحاديين من أصل 21 وزيراً، كانوا يشغلون مناصب تنفيذية في الحكومتين السابقتين، وهذا ما ينفي عنها صفة حكومة "تكنوقراط" أو كفاءات مثلما وصفها البشير، تهدف إلى تنفيذ برامج إصلاحية لتجاوز الأزمة السياسية والاقتصادية التي تشهدها البلاد.
ويمكن النظر إلى تلك الحكومة بأنها محاولة من البشير للحفاظ على حلفائه السابقين من الأحزاب التي قبلت الحوار، والعمل المشترك معهم لدعم مبادرته لتهيئة المناخ لاستيعاب قوى أخرى في المرحلة المقبلة، لإحداث حالة وفاق سياسي تسهم في تنفيس الاحتقان وتدفع في اتجاه وضع حلول للأزمة الاقتصادية المتفاقمة التي يشهدها السودان من ندرة في السيولة وارتفاع معدلات التضخم، وانهيار قيمة العملة الوطنية.
 
تصعيد للأوضاع
 
وأعلنت "الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال" الفصيل العسكري المسلح الذي يقاتل الحكومة في ولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان، الجمعة، توقيع "ميثاق الحرية والتغيير" الذي طرحه "تجمع المهنيين" مطلع العام الحالي، ووقعت عليه تحالفات "نداء السودان" و"قوى الاجماع" و"التجمع الاتحادي المعارض".
وأكدت "الحركة الشعبية" التزامها خيارات الميثاق، ودعمها لاستمرار الاحتجاجات في البلاد "حتى اسقاط النظام". وأكدت رفض كل الخيارات المؤدية إلى الحوار مع الحكومة.
ونشرت القوى الموقعة على الميثاق دعوات للتظاهر الأسبوع المقبل، تشمل وقفات احتجاجية للمهنيين في قطاعاتهم المختلفة، وحملة مقاطعات اقتصادية تستهدف قطاع الخدمات التي تقدمها الدولة، إضافة إلى تظاهرات ومواكب سلمية في غالبية المدن طوال أيام الأسبوع المقبل.

المزيد من العالم العربي