Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

النفط الأميركي يتكبد خسائر أسبوعية قاسية

الرهان على التزام الأعضاء بتنفيذ اتفاق خفض الإنتاج وفتح الاقتصادات يعزز الطلب

تراجع عدد منصات التنقيب في الولايات المتحدة بسبب مخاوف الموجة الثانية من كورونا  (رويترز)

على الرغم من القرارات التاريخية لمنظمة الدول المنتجة والمصدرة للنفط، عادت أسعار النفط للهبوط عند تسوية تعاملات، أمس الجمعة، في جلسة متقلبة وسط مخاوف من اندلاع موجة ثانية من الوباء. وتحولت أسعار الخام للصعود خلال الجلسة بعد خسائر 4 في المئة لكنها عاودت الهبوط مجدداً قبيل التسوية. ومن شأن حدوث موجة ثانية للوباء أن تضغط على استهلاك الوقود وبالتبعية التأثير سلباً في الطلب على الخام.

وأظهرت بيانات شركة "بيكر هيوز" تراجع عدد منصات التنقيب عن النفط في الولايات المتحدة خلال الأسبوع الحالي. وأوضحت البيانات، تراجع عدد منصات التنقيب عن النفط بمقدار 7 منصات في الأسبوع المنتهي اليوم لتصل إلى 199 منصة. في حين ارتفع عدد منصات التنقيب عن الغاز الطبيعي بمقدار منصتين خلال الأسبوع الحالي ليسجل 78 منصة.

وسجل سعر الخام الأميركي أول خسائر أسبوعية في نحو 7 أسابيع، حيث تراجع بنسبة 8.3 في المئة مع تجدد مخاوف الطلب. وكانت أسواق النفط استفادت في الفترة الماضية من تخفيضات قياسية في إنتاج النفط، التي ينفذها تحالف "أوبك+" منذ مايو (أيار) مع تمديد القرار حتى نهاية يوليو (تموز).

وعند التسوية، انخفض سعر العقود المستقبلية لخام "نايمكس" الأميركي تسليم يوليو إلى مستوى 36.26 دولار للبرميل بانخفاض 0.2 في المئة، بعد أن سجل مستوى 34.48 دولار للبرميل في وقت سابق من الجلسة.

وبنهاية الجلسة، ارتفع سعر العقود الآجلة لخام "برنت" القياسي تسليم أغسطس (آب) بنحو 0.7 في المئة مسجلاً 38.82 دولار للبرميل، بعد أن سجل مستوى 37.01 دولار في وقت سابق من التعاملات.

الرهان على امتثال أعضاء أوبك+ بخفض الإنتاج

وتشهد أسواق النفط زخماً منذ توقيع تحالف "أوبك+" اتفاقاً لتخفيض إنتاج النفط الخام في أبريل (نيسان) الماضي، وبواقع 9.7 مليون برميل يومياً في مايو ويونيو (حزيران) وتم تمديده إلى يوليو المقبل. ويتزامن ذلك مع علامات على تحسن الطلب على النفط الخام من بعض كبار المستهلكين مثل الصين والهند.

ومن المرجح أن تدفع هذه المتغيرات الجديدة أسعار النفط فوق 40 دولاراً للبرميل، أي ضعف مستواها في أبريل الماضي. ورغم ذلك، لا تزال آفاق أسواق النفط غير مستقرة نسبياً في ظل هشاشة الطلب العالمي على الخام وسط أزمة كورونا، جنباً إلى جنب مع مخاوف لدى البعض من عدم امتثال أعضاء التحالف بشكل كامل لتخفيضات الإنتاج.

واتفق تحالف "أوبك+"، الذي يضم أعضاء "أوبك" والمنتجين المستقلين وفي مقدمتهم روسيا في 6 يونيو الحالي على تمديد تخفيضات إنتاج النفط بواقع 9.7 مليون برميل يومياً لشهر يوليو المقبل، بعد أن كان التحالف قد اتفق في أبريل الماضي على خفض الإمدادات بواقع 9.7 مليون برميل يومياً في مايو ويونيو فقط، على أن يتم تقليص التخفيضات إلى 7.7 مليون برميل يومياً بداية من يوليو إلى ديسمبر (كانون الأول) 2020.

ووفق دراسة حديثة أعدها مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، فإن التحالف يسعى إلى التعجيل بإعادة توازن أسواق النفط التي تضررت بشدة بسبب تداعيات جائحة كورونا على الاقتصاد العالمي. يذكر أن أسعار النفط تعافت بشكل ملحوظ منذ توقيع اتفاق "أوبك+" في أبريل الماضي، إذ زادت بنحو 39 في المئة من قيمتها لتصل إلى قرابة 42.3 دولار للبرميل في 5 يونيو الحالي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأظهر تمديد تخفيضات الإنتاج تماسكاً كبيراً من جانب أعضاء الاتفاق، فبجانب الدعم السعودي والروسي لهذه الخطوة، تعهد المشاركون في الاتفاق بالامتثال لتخفيضات الإنتاج على نحو كامل في يوليو المقبل، بعد أن شهد إنتاج بعضهم زيادة فوق المعدلات المتفق عليها في أبريل.

ووفقاً لبيانات "أوبك+"، فقد أنتج العراق نحو 520 ألف برميل يومياً فوق حصته في مايو، بينما بلغ إنتاج نيجيريا نحو 120 ألف برميل يومياً، وأنغولا 130 ألفاً، وكازاخستان 180 ألفاً، وروسيا 100 ألف برميل يومياً إضافية.

ومن المقرر أن تجتمع لجنة مراقبة وزارية لـ"أوبك+" مرة شهرياً حتى ديسمبر المقبل، بما سيسمح لها بمراجعة وضع السوق ومدى الالتزام بحصص الإنتاج، وتحديد مستويات جديدة لتخفيضات الإنتاج إذا ما اقتضى الأمر، التي ترتبط بطبيعة الحال بمستوى العرض والطلب العالمي على الخام حتى نهاية العام الحالي.

إشارات لتحسن الطلب مع فتح الاقتصادات

وفي إشارة إلى إمكانية تحسن الطلب، فقد بدأ العديد من الحكومات في العالم إعادة تشغيل اقتصاداتها مجدداً على نحو عزز من استهلاك الوقود في الأسواق المحلية. واستأنف كبار مستهلكي النفط في العالم، مثل الصين والهند، بعض الأنشطة الاقتصادية والتجارية منذ أواخر مايو الماضي، مما زاد على نحو ملحوظ من وارداتهم من الخام من الأسواق الدولية.

ووفقاً لبيانات الجمارك الصينية، قفزت واردات النفط الخام 19.2 في المئة في مايو الماضي على أساس سنوي إلى ما يعادل 11.296 مليون برميل يومياً، وبزيادة قدرها 1.4 مليون برميل من مستويات أبريل الماضي البالغة 9.84 مليون برميل يومياً، مما يشير إلى عودة الحياة الاقتصادية إلى طبيعتها نسبياً.  

وبالنسبة للهند، فقد بدأ استهلاك الوقود في التحسن تدريجياً ليصل إلى نسبة تتراوح ما بين 60 و70 في المئة من مستوياته المعتادة في عام 2019، بعد أن تراجع بأكثر من 70 في المئة أوائل العام الحالي. وعلى هذا النحو، فقد استهلكت الهند نحو 2.8 مليون برميل يومياً من الوقود في مايو الماضي قياساً على معدل قدره 4.6 مليون برميل يومياً في مايو من عام 2019.

غير أن الطلب على الوقود في الهند، وفقاً للتوقعات، قد يصل إلى ما بين 80 و85 في المئة من المعتاد في الأشهر الثلاثة أو الأربعة المقبلة بالتزامن مع تعافي النشاط الاقتصادي في البلاد. وبجانب الحالتين السابقتين، يجب الأخذ في الاعتبار أن كثيراً من الاقتصادات الآسيوية والأوروبية المستهلكة للنفط والغاز ستبدأ في إعادة التشغيل التدريجي لاقتصاداتها في يونيو الحالي أو يوليو المقبل على أقصى تقدير.

كيف يؤثر اتفاق "أوبك+" في حركة الأسعار؟

الدراسة أشارت إلى أن تخفيضات الإنتاج من قبل "أوبك+"، بجانب انتعاش الطلب بشكل أسرع من المتوقع، سيكون لهما دور جوهري في تقليص تخمة المعروض العالمي من الخام والمخزونات التجارية التي تراكمت في الفترة الأخيرة، وعلى نحو سيدفع أسعار النفط إلى مستويات تتراوح بين 40 و50 دولاراً للبرميل، أي ضعف مستويات شهر أبريل الماضي.

وأوضحت أن ارتفاع الأسعار سيكون له تداعيات إيجابية على شركات النفط العالمية، بما فيها شركات النفط الصخري الأميركي، لا سيما منخفضة التكلفة منها، حيث سيدعم ميزانياتها بشكل كبير. وتشير بعض الاتجاهات إلى أن المستوى الجديد لأسعار الخام سيمكّن منتجي النفط الصخري الأميركي من تعويض كثير مما فقدوه من الإنتاج منذ بداية العام. ووفقاً لشركة "جيه بي سي إنيرجي"، سيسترد الإنتاج الأميركي نحو 1.15 مليون برميل يومياً خلال يوليو وأغسطس المقبلين.

وعلى الرغم من الآفاق الإيجابية المذكورة، يبدو أن مكاسب النفط غير مستقرة نسبياً، حيث لا يزال الطلب العالمي هشاً بسبب التداعيات الاقتصادية لجائحة كورونا على النشاط الاقتصادي العالمي، فضلاً عن أنه لا يمكن استبعاد احتمال عودة الحكومات لغلق اقتصاداتها إذا تصاعدت الإصابات بالفيروس مجدداً.

وإلى جانب ما سبق، تبقى مشكلة امتثال أعضاء "أوبك+" بتخفيضات الإنتاج تحدياً آخر، حيث لا يزال كثير من أطراف الاتفاق يرغبون في استمرار ضخ النفط بالمعدلات الطبيعية خشية فقدان حصصهم السوقية بالأسواق العالمية للنفط، هذا بجانب احتمال تجدد تخمة النفط الصخري الأميركي مع ارتفاع الأسعار، وكل هذه الاعتبارات قد تحد نسبياً من مكاسب النفط، ورغم ذلك سيحافظ الخام على أسعار أعلى بطبيعة الحال من مستويات مارس وأبريل الماضيين.

اقرأ المزيد

المزيد من اقتصاد