Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"لا يسمعوننا ولا يأخذون برأينا": هذا هو بإختصار رأي شرطة الحدود في تكساس بالجدار غير الدستوري الذي ينوي ترمب بناءه

حصرياً: قائد شرطة الحدود أكد عثور معاونيه على جثث ثمانية مهاجرين حاولوا التسلّل إلى الولايات المتحدة الأميركية العام الفائت. هؤلاء لم يحتاجوا إلى جدارٍ ليردعهم.

مهاجرون من أميركا الوسطى يراقبون نهر ريو غراندي، وهو النهر على طول الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك والذي يقسم مدينتي بيدراس نيغراس في ولاية كواهويلا المكسيكية وإيغل باس في تكساس الأميركية (أ.ف.ب)

هناك، في مقاطعة هدزبيث، تكساس، وتحديداً المنطقة الحدودية الفاصلة بين الولايات المتحدة الأميركية والمكسيك البالغة 100 ميل أو أكثر، يقول مأمور الشرطة آرفين ويست أنّ الجدار الحدودي الذي ينوي دونالد ترمب بناءه والذي يشكّل انقلاباً عنيفاً على الدستور الأميركي قد لا يغطي سوى نصفها. فالمقاطعة الصحراوية تمتدّ على مساحة توازي مساحة قطر من المنطقة الغربية لولاية النجم الأوحد، ويُحيط بها من الجنوب نهر ريو غراندي المتعرّج الذي يلتقي في مساره جبالاً جرداء وهضاباً مضرّسة تُطوّقها أميال وأميال من الخراب.

ولا تخفى على ويست أبداً محاولة المهاجرين من وقتٍ لآخر عبور هذه المناطق المحفوفة بالمخاطر بطريقةٍ غير شرعية – فمعاونوه وجدوا العام الفائت ثمانية أو ربما تسعة جثث. ومع ذلك، لن يكون للجدار الحدودي برأيه أي أثر يُذكر، لاسيما أنّ حاجزاً طبيعياً يفصل بين البلدين ويكاد اجتيازه أن يكون أمراً غاية في الصعوبة.

فالأمر ليس وكأنّ المأمور ويست وسواه من حراس الحدود لا يجدون في بناء عوائق مادية عند نقاط حدودية أخرى أي منفعة. كلّ ما في الأمر أنّ الحلول التي اقترحها ساسة واشنطن على مرّ السنين تتجاهل آراء العاملين على الأرض والاختلاف في وجهات النظر بين المناطق الحدودية والمناطق الواقعة على بعد آلاف الأميال.

"لا يصغون إلينا ولم يأخذوا برأينا حتى"، على حدّ تعبير ويست، وهو ديمقراطي يعمل في مجال تطبيق القانون منذ العام 1983 ويتولى رئاسة الشرطة في هدزبيث منذ العام 2000. والأمر الوحيد الذي يتمناه هو زيادة عدد عناصر شرطة الحدود و توفير الدعم لهم في مقاطعته. "لقد زرتُ واشنطن زهاء عشرين مرة. قصدتُها للمرة الأولى عند تولي بوش الحكم، والإدارات بكلّ بساطة لا تُصغي لكلام أحد."

ويعتقد ويست بأنّ الملامة تقع على عاتق الديمقراطيين والجمهوريين سواسية. "لا يهمّ أيّ الفريقين يتسلّم مقاليد الحكم. فكلاهما لن يصغي إلينا يوماً ولا يُبالي حتى بالإنصات الينا"، حسب قوله.

فمنذ العام 1994 والأعمال تجري على قدمٍ وساق لبناء حواجز وأسوجة تُغطّي نحو 700 ميلٍ من حدود الولايات المتحدة الأميركية مع المكسيك والتي يبلغ طولها 1933 ميلاً.

وقد توزّعت الجهود المبذولة في هذا الاتجاه على الإدارات الديمقراطية والجمهورية المتعاقبة، حيث بدأت أعمال بناء الأجزاء الحديثة منه عقب تمرير قانون الجدار العازل عام 2006 وامتدت من إدارة جورج بوش الابن إلى إدارة باراك أوباما.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتجدر الإشارة إلى أنّ القسم الأكبر من الأسوجة والجدران يمتد على طول حدود أريزونا وكاليفورنيا ونيومكسيكو. أما الجزء الأكبر (الباقي من دون سياج) من الحدود الأميركية المكسيكسية، فينحصر في أغلبه في ولاية تكساس.

لكن، وفيما تسعى واشنطن لبناء الجدار الذي وعد به الرئيس – أولاً عبر دعم المشروع في الكونغرس والآن عبر إعلان حالة الطوارئ الوطنية الذي واجه معارضة شديدة – يقول كثيرون من قادة الشرطة المحليون  الموكلة إليهم مهمة تأمين مقاطعاتهم في تكساس لـ"اندبندنت" أنهم يشعرون بألا رأي لهم في المسألة.

 

وبالنسبة إلى جو فرانك مارتينز، مأمور مقاطعة فال فيرد التي تمتدّ على طول 110 أميال من الحدود المشتركة مع المكسيك، فهو يرى نقصا في العدد والعتاد التقني المطلوب. أغلبية المنطقة التي يُشرف عليها (مارتينز) ريفية على حد تعبيره، الأمر الذي يجعل عملية بناء جدار أو تشغيل دوريات منتظمة أمر صعب ومكلف. في الوقت الحاضر يول مارتينز، هناك جدار حدودي يمتد على طول 1.8 أميال ويمرّ عبر منطقة سكنية، ووجود هذا الجدار مهم جداً وفعال. لكن في أجزاء أخرى من المنطقة الحدودية، كل ما نحتاج إليه هو وادٍ سحيق يمنع الناس من التسلل.

ويضيف مارتينيز: "قبل المباشرة بالعمل وقبل صرف الأموال على موضوع الحدود أو أزمة الحدود، أرى أنه من الضروري تقييم ما نحن بحاجة إليه وأين تكمن الحاجة الملحّة له. وانطلاقاً من هذا التقييم، يتمّ اتخاذ الخطوات الأساسية لوضع النتيجة قيد التطبيق. فمدراء الشرطة الحدودية يرغبون في أن يكون لهم دور فعال في المسألة". 

وفي محاولةٍ منه لتبرير الجدار والسياج الذي يرغب في بنائهما، عمد ترمب إلى لفت الأنظار حول ما وصفه بأزمة الحدود الأميركية-المكسيكية. ويبدو أنّ هناك شيء غريب يجري جنوب الحدود: فالإحصائيات الأخيرة للجمارك الأميركية ودائرة حماية الحدود تلفت إلى ارتفاع معدل الهجرة غير الشرعية عبر الحدود بشكل ملحوظ الشهر الماضي مقارنةً بالفترة نفسها من العام 2018.

بإختصار، أقدم أكثر من 76 ألف مهاجر على عبور الحدود باتجاه الولايات المتحدة الشهر الفائت، 87% منهم (تسللوا ) من بين نقاط دخول حدودية معروفة. تزامناً، ارتفعت أعداد القوافل الكبيرة – التي تضمّ 100 شخصٍ أو أكثر – والتي وصلت إلى الولايات المتحدة عند قواعد الدوريات الحدودية وسط الصحراء، حيث سُجّل دخول 70 قافلة مماثلة الشهر الماضي مقابل قافلتين فقط في الفترة نفسها منذ عامين.

ومع ذلك، قُوبلت مقاربة الرئيس لحلّ المشكلة بالكثير من الانتقادات والخوف من إقدامه على تقويض سلطة الكونغرس الدستورية لإنفاق المال بعد استبعاد تمويل الجدار الحدودي عن مخصصات الموازنة الأخيرة.

وهذا الأمر دفع بأربعة جمهوريين أو أكثر من مجلس الشيوخ إلى التصريح عن احتمال تصويتهم لصالح قرار يضع حداً لإعلان الطوارئ – تصويت قد يدفع بترمب إلى استخدام حقّ الفيتو لأول مرة خلال ولايته الرئاسية. ويبدو أنه من غير المرجح لهذا الفيتو أن يتم نقضه.

وفي السياق ذاته, عبّر مسؤولون سابقون في الشرطة الحدودية عن قلقهم إزاء الخطة المحددة. وبحسب جيل كيرليكوسك، مفوّض سابق في الجمارك الأميركية ودائرة حماية الحدود، فإنّه من غير الضروري بناء جدار على طول الحدود الأميركية، منوّهاً بمطالب الرئيس التي دافع عنها بشراسة في خطاباته.

 

والريو غراندي "نهرٌ يتبدّل تبعاً لاختلاف المواسم طوال العام؛ فهو تارةً ضحل، لا يتعدّى منسوبه مستوى الكاحل وتارةً أخرى هائج. والريو غراندي أيضاً يُغيّر اتجاهه، وثمة أراضٍ زراعية شاسعة تُحيط به من الضفتين. لذا قد يكون من الصعب بناء بعض أنواع الجدران أو الأسوجة في المنطقة؛ والسؤال الذي يطرح نفسه: على أي مسافة من الحدود تبني مثل هذا الجدار لو كان بيدك أن تُحدّد ذلك؟" يقول كيليكوسكي عن التحديات والحواجز الطبيعية. "سيكون عليك أن تُضحّي بجزءٍ كبير من الأراضي والممتلكات".

ومن جهته، ذكر مأمور مقاطعة مافريك توم شميربير أنّ رؤيته لتعزيز الأمن الحدودي لا تتضمّن بناء أي جدار.

فمقاطعته تضم حاجزاً طبيعياً ألا وهو النهر، ويقول شميربير بأنّ هذا النهر فعال جداً (في منع عبور المهاجرين). وبدلاً من الجدار، يود ّشميربير تطبيق خطة تتلاءم مع القرن الواحد والعشرين لتهدئة المخاوف التي سطّرها الرئيس في خطاباته، بما فيها اللجوء للتكنولوجيا لمراقبة الحدود وزيادة التعاون مع الشركاء على الجانب المكسيكي للحدود.

الجدار هو تقنية مهترئة، إن لم يكن وسيلةً فوضاوية، على حد تعبير السيد شميربير.

"المخدرات تأتينا جواً، والأصح أنها تدخل بلادنا عبر المرافئ وليس عبر النهر كما يقولون. بالنسبة إليّ، الجدران غير فعالة والجدارن لا تتكلم". يضيف شميربير. عدا ذلك، يُمكن لبناء الجدار الحدودي أن يُكلّف مالكي الأراضي في بعض المناطق خسارة مساحات من ممتلكاتهم، نظراً إلى الحاجة الملحة لتشييد هذا الأخير على أرض مرتفعة.

ويختتم شميربير حديثه بالقول: "يُمكن لأيٍّ كان أن يتجاوز الجدار. يُمكن لأيٍّ كان أن يحفر قربه خندقاً أو يتسلّقه. مَن أراد عبور الجدار، سيعبره".

© The Independent

المزيد من دوليات