Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بريطانيا قد تخفف معايير المبيدات الزراعية بسبب اتفاقها مع أميركا

تسمح الولايات المتحدة وأستراليا والهند باستخدام مستويات عالية جداً منها في الإنتاج الغذائي

ثمة قلق دائم لدى نشطاء البيئة من استخدام مواد كيماوية مؤذية في صناعة الدواجن والأغذية الحيوانية (أ.ب.)

حذّر عدد من النشطاء في المملكة المتحدة من احتمال تعرّض المستهلكين في البلاد لمستويات عالية من مواد كيماوية سامّة في الأغذية التي يتناولونها، إذا استجابت الحكومة البريطانية لمطالب طرحها مفاوضون أميركيون في المباحثات الجارية من أجل التوصّل إلى اتفاق تجاري بين البلدين.

وفي حين يظفر موضوع غسل الدجاج بالكلور بالنصيب الأكبر من النقاش العام الدائر حول المعايير الغذائية في المملكة المتحدة، يسلِّط تقرير جديد الضوء على مجموعة قواعد زراعية متعلّقة بمبيدات الحشرات ومواد كيماوية أخرى تعتمدها الولايات المتحدة وتُعتبر أكثر تراخياً بأشواط، مقارنة بالمعايير المتّبعة في بريطانيا.

وعاينت "شبكة العمل ضدّ مبيدات الحشرات" Pesticide Action Network ومنظمة "ساستاين" Sustain، فضلاً عن الدكتورة إيميلي ليدغيت من جامعة "ساسيكس" البريطانية، معايير غذائيّة متّبعة في بلدان أخرى يحرص وزراء المملكة المتحدة على توقيع اتفاقات معها، من بينها الهند وأستراليا.

وخلصوا إلى أنّه من المرجّح أن تفضي تلك الاتفاقات إلى خفض المعايير الغذائية المعتمدة في بريطانيا، علماً أنّها تُعدُّ من بين أعلى المعايير في العالم.

مثلاً، يُسمح بأن يحتوي العنب الذي تزرعه الولايات المتحدة على كمية تساوي ألف ضعف من القدر المسموح به في بريطانيا، من مبيد حشرات يُسمى "بروبرجيت" propargite يمكنه أنّه يؤثِّر في الوظيفة الجنسية والخصوبة، وقد رُبط بالإصابة بالسرطان وتسبّب الإجهاض.

كذلك تُجيز المعايير الزراعية الأميركية أن يحتوي التفاح لديها على كمية تساوي 400 ضعف من مبيد "مالاثيون" Malathion، مقارنة بالتفاح البريطاني. ويُعتقد أنّ مبيد الحشرات هذا يتّصل بالإصابة بالسرطان، إضافةً إلى أنّه قد يُضعف الجهاز التنفسي ويسبِّب التشويش الذهني والصداع والضعف العام. كذلك، فيما تحظر إنجلترا استعمال مبيد الحشرات "كلوربيريفوس" chlorpyrifos الذي يؤثِّر سلباً في التطوّر المعرفي لدى الأجنّة والأطفال، فإن المزارعين في الولايات المتحدة والهند يستخدمونه.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

 

والحال أنّ مفاوضين أميركيين يضغطون على نظرائهم البريطانيين من أجل السماح باستخدام مواد كيماوية محظورة حالياً في المملكة المتحدة بموجب قواعد يفرضها الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك مركبات "نيونيكوتينويد" neonicotinoid ، وهي مبيدات حشرات يُعزى إليها التراجع في أعداد النحل.

في سياق متصل، أظهر استطلاع للرأي أجرته مؤسسة "يوغوف"  YouGov البريطانية لتقصّي الآراء، وشمل 1654 شخصاً أنّ ما نسبته 71 في المئة من أولئك المستطلعين يخشون من أنّ اتفاقاً تجارياً مع أميركا سيؤدي إلى وصول كميات أكبر من مبيدات الحشرات إلى أطعمتهم. ويساور زهاء ثمانية من كل عشرة أشخاص (أي 79 في المئة) قلق من أنّ تدنّي سقف معايير مبيدات الحشرات في المملكة المتحدة سيلحق الضرر بصحة الناس.

من جانبه، قال جوسي كووين، رئيس قسم السياسات والحملات في "شبكة العمل ضدّ مبيدات الحشرات" Pesticide Action Network إن مخاطر "الدجاج المكلور chlorinated chicken حظيت بقدر كبير من الاهتمام، بيد أنّ المجتمع البريطاني يشعر بقلق مماثل أيضاً إزاء تخفيف إجراءات الحماية من مبيدات الحشرات".

وأردف " نعلم أنّ المفاوضين الأميركيين وضعوا معايير مبيدات الحشرات الخاصة بنا ثابتة نصب أعينهم، لكن لمّا كانت المحادثات تجري خلف أبواب مغلقة، ليس في مقدور الناس أن يعرفوا ما إذا كانت إجراءات حماية الصحة والبيئة تخضع للمساومة".

في تطوّر متصل، حذّرت فيكي هيرد، منسّقة حملات المزارع في "ساستين"، من أنّ خفض معايير مبيدات الحشرات يمكن أن يترك أثراً "كارثياً" بالنسبة إلى الزراعة والبيئة عموماً في المملكة المتحدة.

واعتبرت أنه "إذا اضطُر المزارعون البريطانيون إلى استخدام مبيدات الحشرات من أجل منافسة فيض من الواردات الغذائية البخسة الثمن، عندئذ لن تعود صادراتهم تفي بمعايير الاتحاد الأوروبي، وسيخسرون تالياً إحدى أسواقهم الرئيسة".

وفي ردّها على التقرير، قالت سو ديفيز، رئيسة حماية المستهلك وسياسة الغذاء في جمعية المستهلكين البريطانية "ويتش؟" Which?، موضحةً "نعلم أنّ المستهلكين البريطانيين يقدِّرون معايير الغذاء العالية التي تعتمدها المملكة المتحدة، ونعتقد أنّه يتعيّن الحفاظ عليها، فيما تتفاوض الحكومة على اتفاقيات تجارية لمرحلة ما بعد خروج البلاد من الاتحاد الأوروبي".

وتابعت "من المهم ألّا تؤدي الرغبة في إبرام صفقات تجارية إلى تخفيف هذه المعايير، التي تحظّر الدجاج المغسول كيماوياً ولحوم البقر المُعالَجة بالهرمونات والاستخدام المفرط لمبيدات الحشرات في المملكة المتحدة".

يُذكر أن "التحالف الأخضر" (غرين آلاينس) Green Alliance، وهو مركز بحثي متخصِّص في شؤون البيئة، حذّر في مارس (آذار) الماضي من أنّ بريطانيا يمكن أن تصبح "مكبّاً لدفن" منتجات مرتبطة بالسرطان وأمراض الغدّة الدرقية واضطراب الهرمونات ومشكلات النمو، لأنّ رئيس وزراء البلاد (بوريس جونسون) يصرّ على الانسحاب من الرقابة الناجعة للاتحاد الأوروبي.

ويعني هذا الانسحاب أنّ المملكة المتحدة يجب أن تبدأ من الصفر في فحص المواد الكيماوية الخطيرة نفسها، إنّما بقدر أقل بكثير من الأموال والموظفين، في عملية يُتوقّع أن تستغرق سنوات عدّة.

في غضون ذلك، سيتصدّى المصنِّعون بنجاح لمحاولات استبعاد المواد الكيماوية المحظورة في الاتحاد الأوروبي، وذلك في جميع المنتجات، من أغلفة وعبوات المواد الغذائية والمشروبات والدهانات وصولاً إلى الأثاث والسجاد والملابس، وحتى الألعاب، كما تخشى المنظمات المذكورة آنفاً.

© The Independent

المزيد من بيئة