Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أي مستقبل للبرلمان التونسي ورئيسه يواجه معارضة شرسة؟

تعتبر شخصية راشد الغنوشي مثيرة للأسئلة حول أدواره السياسية قبل الثورة وبعدها

الغنوشي شخصية غامضة وخلافية على رأس البرلمان في البلاد (مواقع التواصل الاجتماعي)

يواجه رئيس مجلس النواب التونسي راشد الغنوشي، موجة متزايدة من المعارضين لأدائه داخل قبّة البرلمان، أو حتّى في تسيير دواليب حركة النهضة.

وتسعى هذه المعارضة بكل ما لديها من آليات قانونية إلى إبعاده عن رئاسة البرلمان، نظراً إلى أدائه الذي اعتُبر لا يرقى إلى مستوى المؤسسة التشريعية، التي تُعدُّ حصناً من حصون الديمقراطية في البلاد.

فهل أخفق الغنوشي في تسيير هذه المؤسسة؟ ولماذا يتعاظم عدد معارضيه؟ وهل يمكن له الصمود أمام مساعي إبعاده من الساحة السياسية، (من داخل حزبه) أو من الساحة التشريعية، (البرلمان)؟

الشخصية الغامضة

تعتبر شخصية راشد الغنوشي، مثيرة للجدل في الساحة التونسية، قبل الثورة وبعدها، وطرحت اتهامات متعددة ضد حزب النهضة الذي يتزعمه تدعي تورطه في الاغتيالات السياسية الأمر الذي ينفيه الغنوشي وحزبه بشدة كما يتهمه معارضوه بتشكيل جهاز سري لحركة النهضة وإقامة علاقات خارجية مع جهات وإفراد ينتمون إلى المعقل الفكري الذي ينطلق منه الغنوشي، لكن الحركة تقول ليس لديها أي نشاط سري وليس لعلاقاتها الخارجية أي علاقة بنشاطها الحزبي في البلاد.

كل هذه الملفات جعلت هذه الشخصية أكثر غموضاً لدى المعارضين، إذ يطرحون أسئلة عدّة، من بينها مصادر ثروة الغنوشي، ما دفع الحركة أخيراً إلى إصدار بيان توضيحي للرأي العام، أكدت فيه أنه صرّح بممتلكاته لهيئة مكافحة الفساد بحسب ما ينصّ عليه القانون، إلّا أنّ التوضيح لم يشفِ غليل المعارضين، الراغبين في تفكيك رموز هذه الشخصية المفصلية في المشهد السياسي التونسي.

ويصفه معارضوه بأنه ذو شخصية غامضة وخلافية، ويرفضه شق كبير من السياسيين ومن المراقبين، لذلك تتّسم جلسات البرلمان بالصراعات الأيديولوجية الحادّة بين انصاره والمعارضين لهم.
 

تآكل رصيد الحركة

يؤكد المحلل السياسي وليد الوقيني، أن رصيد حركة النهضة تآكل بسبب وجود الغنوشي على رأس البرلمان، في موقع أصبح فيه محلّ نقد واختلاف، ما أثّر في رمزية الرجل، داخل حزبه وفي المشهد السياسي عموماً.

ويقسّم الوقيني معارضي رئيس السلطة التشريعية، إلى مجموعات: مجموعة الدستوري الحرّ بزعامة عبير موسي، التي تعتبره المسؤول عن انهيار الدولة الوطنية، بالتالي لا يمكن الوثوق به، ليكون رئيس مؤسسة تشريعية في تونس ما بعد الثورة، لأنه لا يمثل التونسيين في تقديرها. مجموعة المعارضة الأيديولوجية التي تزعمتها الجبهة الشعبية وتضم اليساريين الذين يرون في راشد الغنوشي رمزاً لما يصفونها بـ "الرجعية والظلامية"، إضافةً الى مجموعة أخرى من معارضيه، على الرغم من وجودها مع حركة النهضة في الائتلاف الحكومي، وهي حركة الشعب، التي تقول إنها تقيّم أداءه تقييماً موضوعياً، وترى أنه فشل في رئاسته للبرلمان بحكم سِنّه وباعتباره شخصية خلافية، وهو عامل توتير داخل المجلس.

وفي تقدير الوقيني، فقد أدّت الموجة المتعاظمة من معارضي الغنوشي، إلى تنامي النقاش حول خلافته داخل حركة النهضة.


الغنوشي أساء إنهاء مشواره السياسي

في المقابل، يؤكد أستاذ الإعلام والاتصال أمين بن مسعود في تصريح لـ"اندبندنت عربية"، أنّ تنامي المعارضة الراديكالية لرئيس المجلس النيابي في الآونة الأخيرة، ظهر بشكل جليّ خلال جلسة التصويت الأخيرة على لائحة الدستوري الحر، حول التدخل الأجنبي في ليبيا، والحوار في البرلمان حول السياسة الخارجية التونسية، بتصويت أكثر من تسعين نائباً لصالح اللائحة، بل تأييدها من جانب جزء كبير من الأحزاب المشَكّلة لحُكومة إلياس الفخفاخ، (حركة الشعب وجزء من حزب تحيا تونس...).

وحول أسباب هذه المعارضة، يرى بن مسعود أنّ الغنوشي، أساء اختيار آليات إنهاء مشواره السياسي، لانّ رئاسة المجلس النيابي في هذه الفترة جعلته هدفاً سهلاً وفي مرمى سهام الحلفاء قبل الأعداء.

ويضيف أن نهج الغنوشي في إدارة المجلس، تقاطع فيه الحزبي مع المؤسساتي، فموقف النهضة معروف من المشهد الليبي وموقف الدولة التونسية معلوم أيضاً، وهنا استوجب على رئيس البرلمان عدم توظيف المؤسساتي في الحزبي.


حلفاء النهضة في الحكومة والبرلمان

 من جهة أخرى، يرى أستاذ الإعلام والاتصال أنّ هناك مفارقة في مستوى التحالفات القائمة لحركة النهضة، إذ لها حلفاء في الحكومة مختلفين عن حلفائها في البرلمان، (ائتلاف الكرامة وقلب تونس).

 وحول خطاب المعارضة، شدّد بن مسعود على أنه للمرّة الأولى، منذ أحداث 14 يناير، بات الخطاب المناهض للثورة، مسموعاً داخل البرلمان، ونجح في "التمويه" و"المخاتلة" السياسية، بأن حوّل الصراع بين "الثورة" و"الاستبداد" إلى صراع بين الإسلاميين وكتلة الحزب الحر.

وأضاف أن ما حدث في تلك الليلة في البرلمان، ستكون له تداعيات على مستوى المراجعة العميقة للتضامن الحكومي والتضامن البرلماني.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


الغنوشي ربح جولة لا غير

وحول ما إذا خسر الغنوشي، قال بن مسعود إنه ربح جولة لكنّه لم يربح كل المقابلة، لذلك فإن المستقبل القريب ستكون في طيّاته  احتمالات أخرى بالنسبة إلى علاقته بالبرلمان وأيضاً بالحزام السياسي المكوّن لحكومة الفخفاخ.

 وتعهّد راشد الغنوشي رئيس البرلمان في ختام الجلسة البرلمانية الأخيرة حول الدبلوماسية البرلمانية بمراجعة نفسه، معتبراً أن النقد نوع من النصائح وأن الحوار أمر جيد، لكنه حذّر من الشيطنة التي قال إنها تهدّد كل التونسيين وتنذر بالتقاتل والصراعات.

في المقابل، يتواصل الجدل داخل البرلمان، وتحتدّ الصراعات الأيديولوجية، في وقت تتنامى مشكلات قطاعات حيوية ومنشآت عمومية عدّة، بسبب أنظمة وقوانين تشريعية تجاوزها الزمن.

 فهل ستتواصل "المشهدية" داخل قبّة البرلمان؟ أو أن الأيام المقبلة ستحمل معها إعادة ترتيب التوازنات السياسية، من أجل إطاحة الغنوشي وتصدير شخصية أخرى وفاقية قادرة على إدارة الخلافات، كي يتمكّن البرلمان من مواصلة عمله بهدوء ولو نسبي.
 

الغنوشي أحسن إدارة الخلافات

في المقابل، أكد المحلل السياسي التونسي خالد البارودي أن "الغنوشي وفِّق في إدارته للبرلمان، من خلال علاقاته الشخصية، التي يوظفها من أجل تمرير مشاريع القوانين، التي تحتاجها تونس في هذا الظرف الصعب، ومنها مشاريع القوانين المتعلقة بالقروض".

وانتقد البارودي "الشدة في توجيه الاتهامات للغنوشي"، مشيراً إلى أن "كل برلمانات العالم تتعامل مع القضايا الإقليمية، بالشكل الذي تعامل به رئيس البرلمان التونسي"، موضحاً أن "راشد الغنوشي كان اتصل برئيس البرلمان الليبي عقيلة صالح، وتم توجيه الدعوة لمجلس النواب الليبي لزيارة تونس، إلا أن أزمة تفشي فيروس كورونا حالت دون ذلك".

وتساءل البارودي عن "أسباب التجييش و كيل الاتهامات ضد الغنوشي، بما يتنافى مع الحقيقة والواقع". كما استنكر "تعامل عدد كبير من النواب مع جهات أجنبية، مثل نواب حركة الشعب، التي لها موقف إيديولوجي من حركة النهضة، وهو ما ينعكس سلبياً على الأداء الحكومي".

وخلص البارودي إلى القول "لا أرى أن الغنوشي أخطأ في إدارة الجلسات البرلمانية، بل على العكس، حال دون مزيد توتير الأوضاع، وساهم في مناسبات عدة، في تجاوز خلافات عاصفة تحت قبة البرلمان"، معتبراً أن "أطراف سياسية كالدستوري الحر ما زالت تحنّ إلى عهد ما قبل الثورة، ولم تستحسن الديمقراطية، لأنها غير معتادة عليها".

المزيد من العالم العربي