Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف تقاس مجريات التعافي الاقتصادي العالمي؟

إن ثمة أمكنة كثيرة من الولايات المتحدة إلى كوريا الجنوبية وأستراليا تتوجب متابعتها لفهم المرحلة التي نحن فيها كما يقول هاميش ماكراي في ما يلي

المهم ليس مدى تراجع اقتصادات البلدان هذا الصيف بسبب كورونا بل سرعة تعافيها (رويترز)

هل التعافي هو تعافٍ لسوق الأسهم أم للأعمال في الولايات المتحدة؟ يقتصر التعافي إلى الآن على سوق الأسهم، وهذا لا يصح على أميركا فحسب، بل كذلك على بريطانيا وسائر البلدان الأوروبية.

اتضح في الأيام القليلة الماضية بشكل أكبر أنّ المهم ليس مدى تراجع اقتصادات البلدان هذا الصيف بسبب فيروس كورونا، بل هو سرعة تعافيها. فالحكومات تستطيع أن تضخ لفترة معينة مالاً في النظام، سواء على المستوى الكبير للاقتصاد الكلي من خلال تعزيز عرض المال، أو على المستوى العائلي عبر دعم الموظفين الذين أُعطوا إجازات مفتوحة وإرسال شيكات إلى العائلات. لكنها لا تستطيع فعل ذلك فترة طويلة جداً.

يحتاج التعافي المستدام إلى هذه الوظائف ليعاود نشاطه. وتؤكد الأدلة حتى الآن أن هذه الأموال تساعد في دعم أسعار الأصول بدلاً من الاقتصاد الحقيقي. حصل تذبذب الأسبوع الماضي وستتكرر التذبذبات. وفي حين انتعشت أسواق الأسهم الأميركية، وإلى حد أقل أسواق الأسهم البريطانية والأوروبية، ستواجه هذه الأسواق أشهراً وربما سنوات مخيبة للآمال إذا لم تنتعش الاقتصادات.

والسؤال المهم الآن هو: ما الدليل الذي يتوجّب علينا البحث عنه لنعرف إن كانت الاقتصادات الحقيقية ستنتعش بسرعة معقولة في الخريف.

وفي المملكة المتحدة، قال روبرت تشوت، رئيس "مكتب مسؤولية الميزانية"، أخيراً إن التعافي الذي يتخذ شكل الحرف V وحدده المكتب الشهر الماضي، هو توضيحي فقط، وليس توقعاً لما قد يحدث فعلاً. فالمحاكم الأميركية غارقة بإجراءات الإفلاس، وهذا ليس مؤشراً جيداً. ويرجّح الرئيس التنفيذي لـ"بي أم دبليو" تعافياً بطيئاً جداً في أوروبا والولايات المتحدة، وهذا توقع متشائم آخر. فما الذي يجب أن نبحث عنه؟

لنبدأ بشيء محدد. علينا أن نعرف ما إذا تراجعت الوفيات إلى المستويات الموسمية الطبيعية أو إلى أقل منها، وأيضاً متى تراجعت. لكن إحدى المشكلات الكثيرة حاليّاً تتمثل في كيفية المقارنة بين الأشياء المتشابهة. غير أن عدد الناس الذين يموتون يُعَد إحصاءً صلباً جيداً في البلدان كلها تقريباً.

ونحن نعلم أن قفزة في الوفيات حصلت في كل مكان تقريباً. ونعلم أن القفزة انتهت في كل مكان تقريباً أيضاً. لذلك سيعود عدد الوفيات في مرحلة ما إلى المستويات التاريخية أو ما دونها. لكن متى؟

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في المملكة المتحدة، يُصدِر "مكتب الإحصاءات الوطنية" كل ثلاثاء أرقاماً جديدة عن الوفيات الأسبوعية المسجّلة قبل أسبوعين، فالأرقام تصدر متأخرة 14 يوماً. وأظهرت المجموعة الأخيرة من الأرقام الخاصة بإنجلترا وويلز تراجعاً، لكنها ظلت أعلى من متوسط الوفيات لخمس سنوات. ومن الممكن جداً أن تتراجع إلى أقل من المتوسط للمرة الأولى هذا الشهر. فالناس لا يزالون يموتون بسبب "كوفيد 19"، لكن عدد المتوفين لأسباب أخرى يتراجع.

لنكن واضحين، لا تعطي هذه الأرقام أي تحذير مسبق من موجة ثانية. فهي مجرد لمحة سريعة عن الوضع بعد أسبوعين من تبلوره. لكن هذه الأرقام أرقام صلبة، وليست توقعات مستندة إلى نموذج. وفي حين يحصل ذلك في المملكة المتحدة، من المرجّح أن شيئاً مشابهاً يحصل في مختلف أرجاء العالم المتقدم، حتى في البلدان التي لم تنجح في شكل خاص في كبح الفيروس. وحالما تصبح الوفيات التي يشهدها العالم مساوية للمستويات الطبيعية أو أقل منها، تصير العودة إلى الحياة الطبيعية ممكنة بدرجة معقولة.

وسيكون الأمر التالي الذي ينبغي البحث عنه هو ما تتعرض له اقتصادات البلدان السبّاقة: أي البلدان التي خبرت موجة من العدوى قبل غيرها، أو التي نجحت في التحكّم بهذه العدوى. ومن الأمثلة الواضحة تايوان وكوريا الجنوبية وهونغ كونغ. أمّا نيوزيلندا فهي بوضوح مثيرة للاهتمام، لكن حجمها وعزلتها المادية يجعلانها استثناءً وليس نموذجاً. وتعتبر أستراليا أشبه بالدليل، وهي نجحت في شكل نسبي في إعادة إطلاق أنشطتها.

وستعطي أيضاً القطاعات الأوروبية التي تفتح قبل غيرها فهماً للأنشطة التي ستنتعش وتلك التي لن تفعل. وستكون ألمانيا ذات أهمية كبيرة، على الرغم من أن اعتمادها المفرط على صناعة السيارات، وبشكل أعم على الصادرات، قد يعطيان نتيجة متفاوتة.

وفي أميركا، أخيراً، من المؤكد أن مدينة نيويورك مكان يستحق المراقبة. هي الآن في حالة توقف ريثما تستوفي كل المتطلبات المحددة من حكومة الولاية لتخفيف القيود. وقال بيل دي بلازيو، محافظ نيويورك، في وقت سابق من هذا الشهر إن القيود لن تُخفَّف حتى يونيو (حزيران)، ولن يحصل الفتح الحقيقي قبل "بضعة أشهر على الأقل".

غادر كثير من أغنى النيويوركيين المدينة إلى منازلهم المخصصة لعطل نهاية الأسبوع والصيف، وهذه خطوة مترفة لم يتمكّن السكان الأفقر من اتخاذها. وهذا أمر سيئ للاقتصاد الإقليمي وكذلك للمدينة نفسها، وهو أمر سيئ للتماسك الاجتماعي. فالعاملون الأدنى أجوراً بحاجة إلى كل المساعدة التي يستطيعون الحصول عليها، وإن غادر العاملون الأعلى أجوراً ستختل المداخيل الخاصة بكثير من الناس. لكن نيويورك مرنة في شكل متأصل، فلنرَ كيف ستستجيب مع عودة الثقة.

فلنعبر عن الأمر بهذه الطريقة. تحتاج الأعمال إلى سوق الأسهم، لكن حاجة سوق الأسهم إلى الأعمال أكبر.

اقرأ المزيد

المزيد من آراء