Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ترمب يغير استراتيجيته الانتخابية وبايدن يركز على الوباء والاقتصاد

الرئيس الأميركي يعيد إحياء حملة 2016 وتوقعات بسباق متقارب في نوفمبر المقبل

حطم كورونا الأساس المنطقي الذي كانت ستقوم عليه الحملات الانتخابية للمرشحين المتنافسين في السباق الرئاسي الأميركي، فبعدما كانت حملة الرئيس دونالد ترمب تنصبُ على منجزات ولايته الأولى والتفاخر بالأداء المتفوق للاقتصاد الأميركي قبل الوباء، أوضحت تحركات الرئيس خلال الأيام الأخيرة أنه قرر تغيير استراتيجيته الانتخابية عبر إحياء الموضوعات التي تضمنتها حملته عام 2016 ووصف منافسه بأنه عضو فاسد في مستنقع واشنطن، على اعتبار أن هناك أوجه شبه كثيرة بين نائب الرئيس السابق جو بايدن والمرشحة السابقة هيلاري كلينتون التي هزمها ترمب، في المقابل، أقر بايدن استراتيجية يتجنب بها هجمات الرئيس، وهي العودة دائماً للحديث عن تعامل الرئيس مع أزمة كورونا وما أدت إليه من انهيار اقتصادي باعتبارها القضية الأهم التي تشغل الأميركيين.

العودة إلى 2016

قبل أسابيع قليلة، كان ترمب وأنصاره يخططون لإطلاق سيل من الهجمات ضد منافسه الديمقراطي في محاولة لرسم صورة سيئة عنه في عيون الناخبين، لكن انتشار كورونا قلب هذه الخطط رأساً على عقب، ما أدى إلى تأخير الإعلانات التلفزيونية السلبية ضد بايدن وإعادة النظر في نوع الحملة التي يمكن أن تكون فاعلة في وقت تشهد الولايات المتحدة بطالة تاريخية تجاوزت 36 مليون شخص وموت جماعي بلغ 100 ألف أميركي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبدلاً من التركيز فقط على تدمير الخصم من خلال إبراز عيوبه وأخطائه، اعتبر مستشارو الرئيس أن اعتماد استراتيجية عام 2016 نفسها، سيكون له تأثير مُضاعف على الناخبين، و عبّر ديفيد أوربان، المستشار السياسي للرئيس ترمب والذي كان وراء فوزه بولاية بنسلفانيا في الانتخابات الرئاسية الماضية، عن أن هناك تماثلاً بين الوضع الحالي وبين انتخابات 2016 في كثير من المواضيع الرئيسة قائلاً، "إذا حذفنا اسم هيلاري كلينتون ووضعنا بدلاً منه جو بايدن فسيكون ذلك مدهشاً، بل إن بايدن أكثر اقتراباً من اليسار مقارنة بهيلاري كلينتون وهو شيء لم أكن أحلم به أبداً". 

وعلى الرغم من استطلاعات الرأي الأخيرة التي وضعت بايدن في مرتبة متقدمة عن ترمب بفارق 11 نقطة مئوية، إلا أن تيم مورتوغ المتحدث باسم حملة الرئيس الأميركي الانتخابية، اعتبر أن استطلاعات الرأي كانت دائماً مخطئة بشأن ترمب، مشيراً إلى أن الحملة الانتخابية للرئيس لا تستهدف إحياء حملة 2016 بقدر ما تريد تسليط الضوء على أن نقاط ضعف بايدن هي نقاط ضعف هيلاري كلينتون نفسها، وقال "ليس ذنبنا أن الديمقراطيين رشحوا مخلوقات أخرى من المستنقع نفسه"، في إشارة إلى ما يصفه الجمهوريون بفساد المجتمع السياسي في العاصمة واشنطن.

حملة مُنسقة

وفي الوقت الذي كان الرئيس ترمب يُصعِّد ما وصفها بفضيحة "أوباما غيت" متهماً إدارة أوباما بالقيام بأعمال إجرامية واحتيال على الناخبين، رفع مكتب مدير الاستخبارات الوطنية السرية عن وثائق تعود لعهد إدارة أوباما - بايدن، كما تحركت وزارة العدل لرفض التهم الجنائية ضد مستشار ترمب السابق للأمن القومي مايكل فلين، وهو ما اعتبره البعض جزءاً من حملة ترمب لربط بايدن بمحاولة عرقلة إدارته قبل تسلمها الحكم، وأن إدارة أوباما - بايدن كانت مستنقعاً سعى إلى منع وصول رئيس من خارج المستنقع إلى البيت الأبيض.

وتزامن ذلك مع حملة منسقة تستهدف تسليط الضوء على افتقار بايدن لقاعدة جماهيرية متحمسة له، وتعرضه لسيل من التحقيقات التي يقودها الجمهوريون في مجلس الشيوخ حول أفعاله كنائب للرئيس أوباما، والتمحيص في مسيرته المهنية التي دامت أربعة عقود في العاصمة الأميركية، فضلاً عن إبراز علاقة بايدن بالصين في إعلان مصور لحملة ترمب يوحي بأن بايدن لن يحاسب قادة الصين على فشلهم في محاصرة كورونا.

المفاضلة هي الحل

ويقول مراقبون في واشنطن إن حملة الرئيس تستهدف وضع بايدن في مقارنة ومفاضلة مع الرئيس، وأن بايدن سيكون رئيساً ضعيفاً لرئيس تم اختباره أمام وباء عالمي وما تلاه من تأثير اقتصادي سلبي غير متوقع، إذ توضح الإعلانات التلفزيونية لحملة ترمب أن منافسه الديمقراطي لم يكن لينجح في إنعاش الاقتصاد أو هزيمة الفيروس أو مجابهة القادة الصينيين.

وبحسب جون ماكلولين، وهو خبير انتخابات في إدارة ترمب، فإن الرئيس سيفوز بانتخابات نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل إذا رأى الناخبون السباق من منظور المفاضلة بينه وبين بايدن، ولكن إذا أصبحت الانتخابات استفتاء على أداء ترمب فقط، فسوف يكون من الصعب التنبؤ بنتيجة الانتخابات.

ويعكس توجيه الانتباه إلى بايدن تكتيكاً استخدمه ترمب منذ فترة طويلة عندما يكون تحت ضغط، فهو يتلقى الاتهامات ثم يردها باتجاه خصومه، مثلما فعل عندما اتهم الديمقراطيين بالخيانة حينما حاولوا عزله.

ويحذر محللون سياسيون من أنه ما لم يتمكن الرئيس من سحب منافسه إلى هذه الملحمة القتالية، فسوف يظل يواجه تحدياً صعباً تعكسه استطلاعات الرأي التي تُظهر عدم قبول الناخبين الطريقة التي أدار بها مكافحة كورونا. 

العامل الحاسم

ومع إدراك حملة ترمب تقدم بايدن في استطلاعات الرأي، إلا أن قلقها لم يصل بعد إلى درجة خطيرة لأسباب عدة منها أن الرئيس الأميركي لا يزال يتمتع بتأييد سكان الريف والمناطق غير الحضرية، كما أن درجة الحماسة القوية بين ناخبيه بلغت 53 في المئة مقارنة بـ 29 في المئة بين أنصار ترمب وهو عامل حاسم تقول شبكة (سي أن أن) في تحليل، إنها علامة جيدة للرئيس، ذلك أن المرشح الذي يعتمد على حماسة ناخبيه يفوز بالانتخابات منذ عام 1988، وأن هذا العمل هو الذي أدى إلى فوز ترمب بانتخابات 2016 لأن حماسة ناخبيه تفوقت على هيلاري كلينتون بأربع نقاط.

وتكرر هذا الأمر أيضاً في انتخابات 2008 بين أوباما وجون ماكين، إذ أدت حماسة الناخبين لأوباما إلى فوزه، مع التذكير بأن ماكين كان مثل بايدن يميل إلى تيار الوسط ما يجعله يخسر بعضاً من حماسة ناخبيه.

هجمات مُلفقة

في المقابل، يصف الديمقراطيون تكتيكات حملة ترمب، بأنها تحاول صرف الانتباه عن بطالة الأميركيين ومخاوفهم بشأن سلامتهم الصحية، ووصفت جينيفر بالميري مديرة الاتصالات السابقة في حملة هيلاري كلينتون، تحركات حملته بأنها هجمات مُلفقة لن تؤدي سوى إلى إقصاء الناخبين المهتمين أساساً بالتهديد الوجودي الذي يواجههم وهو كورونا، وأن إعادة استخدام تكتيكات 2016، ستكون بلا تأثير بعدما عفا عليها الزمن في ظل المتغيرات والظروف الحالية، مشيرة إلى أن الناخبين تغيروا مثلما تغير العالم كله، ولهذا فإن هذا التكتيك يبدو منفصلاً عن واقع الاهتمامات الصحية والحياتية والوضع الاقتصادي، وأن أهم شيء في معركة نوفمبر المقبل هو الوضع الاقتصادي وإلى أين وصل تأثير الوباء وخطره.

استراتيجية معاكسة

يقول أندرو بيتس المتحدث باسم حملة بايدن، إن حملة الرئيس تخاطر بأن تصبح عاجزة عبر الاعتماد على أساليب سابقة لم تتطور بتغير الأحوال وظلت ثابتة، وأنه في المقابل فإن نائب الرئيس السابق أقر استراتيجية لتفادي هجمات ترمب المتذبذبة، وهي العودة دائماً للحديث عن تعامله مع أزمة وباء كورونا التي يتوقع الأميركيون أن تكون هي القضية الأبرز أمام الناخبين بعد حوالى خمسة أشهر من الآن.

ويوضح جون أنزالون وهو من فريق بايدن الانتخابي أن الجميع يعرف أنه لا يوجد شيء مشابه حالياً لوضعية الانتخابات عام 2016 كما أن هيلاري ليست بايدن، وأن طريقة تعامل ترمب مع وباء كلفته الكثير من الناخبين، إذ حقق بايدن مكاسب لدى الناخبين في المناطق الحضرية والمدن وبين المستقلين وكبار السنّ بحسب استطلاعات الرأي، كما أن بعض الجماعات التي كانت تميل عام 2016 لصالح ترمب، ابتعدت عنه بعد توليه المنصب الرئاسي لأنهم أصيبوا بخيبة أمل، ولهذا فإن هذه الفئة أصبحت هدفاً رئيساً لبايدن خلال الأشهر المقبلة.

لا ضربة قاضية

وبينما يشير تحليل لصحيفة "واشنطن بوست" إلى أن تسعة في المئة من الناخبين الذين اختاروا ترمب عام 2016 مستعدون الآن للتصويت لصالح بايدن ومعظمهم يقطنون الولايات المتأرجحة الحاسمة للانتخابات مثل فلوريدا وبنسلفانيا وميتشغان وأريزونا وويسكونسن، إلا أن معظم المحللين لا يتوقعون حسماً مبكراً لمعركة الانتخابات الرئاسية أو أن يُقصي أحد المرشحين خصمه بالضربة القاضية قبل موعد الانتخابات.

فمن ناحية يتفاءل الديمقراطيون بأن كورونا قصم ظهر الرئيس ومنعه من أهم وسيلة لمهاجمة وتحطيم خصمه، وهي اللقاءات الشعبية الجماهيرية التي توقفت بفعل الوباء، وأنه سيكون من الصعب بل من المستحيل، القضاء على كورونا قبل الانتخابات، كما سيظل الاقتصاد الأميركي يعاني لفترة طويلة، وهو ما يسهم كثيراً في فوز بايدن طالما ظلت المعاناة قائمة.

في المقابل، يرى أنصار الرئيس أن السباق لا يزال تنافسياً، وأن استطلاعات رأي داخلية تظهر أنه لو جرت الانتخابات اليوم فإن ترمب سيكون على وشك الحصول على 270 صوتاً من أصوات المجمع الانتخابي اللازمة لفوز الرئيس بالانتخابات على الرغم من أنه قد لا يحصل على معظم الأصوات على المستوى الوطني، لكن ما يخشاه أعضاء الكونغرس من الجمهوريين هو استمرار تراجع تأييد ترمب خلال الأشهر المقبلة، ما قد ينعكس سلباً على حظوظهم الانتخابية خصوصاً في مجلس الشيوخ، الأمر الذي قد تترتب عليه عواقب وخيمة تؤثر في التوازن الحالي بين مجلسي الكونغرس الأميركي.

المزيد من تحلیل