Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تخفيف قيود العزل يجذب الزوار إلى منتزه بريطاني

امتعاض قاطنين بجواره من تدفق ممارسي المشي ومنزهي الكلاب

لقطة لـ"منتزه بيك ديستريكت الوطني" (بيك ديستريك.غوف.يوكيه)

أثناء مرورك بمنتزه "بيك ديستريكت" Peak District، تطالعك لافتات متعلقة بفيروس كورونا تشبه تلك التي نراها على الطرقات كلها، كـ"ابقَ آمناً" و"الزموا منازلكم" الموجّه إلى سائقين يمرون في هذا المكان.

تشمل تلك اللافتات لوحات إعلانات إلكترونية تتولّاها السلطات المحلية، رسائل مؤقتة موضوعة خارج المنازل والمؤسسات في المنطقة. "احموا الخدمات الصحية الوطنية"، كُتب على لوح أسود وُضع خارج فندق محلي، و"سيجري تصوير السيارات المركونة هنا وإرسالها للشرطة".

وفي المقابل، منذ البدء بتخفيف قيود الإقفال التام، أصبحت تلك اللافتات التي تستند إلى النصح أكثر من اعتمادها على فرض القانون، مجرد كتابات يتجاهلها المارة.

وبعيد رفع القيود المفروضة على السكان في ظل انتشار "كوفيد 19" قبل بضعة أيام، توافد ممارسو المشي والزوار اليوميون ومنزهو الكلاب والمتنزهون والمصورون والصيادون ومحبو التخييم، إلى هذا المنتزه الوطني.

وإذ صار من حق سكان إنجلترا الخروج للتمتع بالهواء الطلق، أينما أرادوا، حتى لو قصدوا مكاناً يبعد بضع ساعات عن منازلهم (وطالما أن الوالدين ليسا كلاهما هناك)، اختار مئات السكان في الشمال ومقاطعات "ميدلاندز" midlands، الخروج إلى منتزهات " دوفدايل ستيبينغ ستونز" Dovedale Stepping Stones وجبل "مام تور" Mam Tor وبحيرة "ديروينت" Derwent Reservoir.

"كنت أنتظر هذه اللحظة منذ شهرين" تنقل كاتي دافي، 21 عاماً، إلى صحيفة "اندبندنت"، وهي تعمل حلاقة رجالية في "كوفينتري"Coventry. ووفق كلماتها "كنا سعداء للغاية بالهرب من المنزل، أوشكنا على وضع الخيم في السيارة في منتصف الليل والمجيء إلى هنا. ولكننا لم نعلم إن كنا سنخرق القواعد بهذا التصرف. حصلنا على الهواء النقي أخيراً. يا له من أمر مذهل".

وقادت كايت برفقة زميلتها في السكن هولي كليفتون وكلبهما شارلي على مدى ساعة ونصف الساعة لبلوغ منتزه "إيلام" Ilam Park عند العاشرة صباحاً. خططتا للبقاء هناك طيلة اليوم في المشي والاستكشاف والتقاط الصور، بل انتهى بهما الأمر إلى إحضار خيمة معهما "في حال أرادتا البقاء".

وشاطرهما هذه الحماسة عديد من الموجودين في ذلك الموقع. فقد اعتبر الزوجان غوربريت وهيلين راندهاوا، أن الإقفال التام شكّل أطول فترة لم يخرجا للمشي معاً خلالها، منذ أن التقيا للمرة الأولى في نادٍ لممارسة المشي في الجامعة. ويبلغان اليوم من العمر 28 و29 عاماً واصطحبا معهما ابنتهما ياسمين التي تبلغ 7 أشهر.

وفي هذا السياق، تذكر هيلين، التي تعمل في تطوير برمجيات الحاسوب، أن "المشي الوحيد الذي مارسناه على مدى الشهرين السابقين كان يبدأ وينتهي عند عتبة باب منزلنا الواقع في (ديربي Derby)، ولا نتمتع هناك بمساحات خارجية رائعة".

ومن بين الزائرين الآخرين الذين التقيناهم، تحدثنا مع غريغ باتلر، مصوّر المناظر الطبيعية، الذي أخبرنا أثناء عمله في ثبيت آلة التصوير في منتزه "دوفدايل ستيبينغ ستونز"، "التقطت صوراً كثيرة في حديقتي في ليك (Leek). ليس الأمر سيّان".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في المقابل، ثمة مشكلة وحيدة تكمن ربما في أنه بالنسبة للأشخاص الذين يقطنون هنا في "بيك ديستريكت"؛ المُكونة من مرتفعاتٍ ريفية تمتد على مساحة 550 ميلاً مربعاً وتشمل ست مقاطعات مختلفة، لا تعبر تلك اللافتات التي يمر بها الزوّار عن مشاعر انتهت صلاحيتها، وليس الأمر أنها لا تزال موجودة لأن المالكين نسوا إزالتها، بل لأن شعار "الزموا منازلكم" لا يزال يتردد لدى كثيرين في البلدات والقرى في هذه المنطقة.

وفي اتصالٍ هاتفي، ذكر هارديال دهيندسا، مفوض الشرطة والجرائم في "ديربيشاير" Derbyshire، "أتفهم الفوائد التي يأتي بها الخروج إلى الريف على الصحة العقلية والبدنية للأشخاص ولا أتمنى منع أي أحد من ذلك. ولكن ما يبلغني به السكان في (بيك ديستريكت) يتمثل في قلقهم فعلياً بشأن المخاطر الصحية على مجتمعاتهم جراء الزوّار الذين يتوافدون إلى المنطقة بأعدادٍ كبيرة. لقد أمضى السكان هنا تسعة أسابيع في العزل المنزلي، ويخشون بأن يضيع سدىً كل الجهد الذي بذلوه في حال أُدخِلَ الفيروس إلى مجتمعاتهم الآن".

وفي هذه المناسبة، تسببت الصور التي نشرها على تويتر لأشخاصٍ ينزهون كلابهم بمفردهم في المنطقة، بما يشبه العاصفة تأتت من محاولة ثني آخرين عن إتيان فعل مماثل. وتعليقاً على تلك الخطوة، اعتبر دهيندسا "أنها واحدة من الأساليب لمحاولة إيصال رسالة للمواطنين بوجوب البقاء في مناطقهم" بحسب رأيه. ومع ذلك، فقد أقر بأن أسباب توجّه الزوّار إلى المنطقة تستند إلى أسسٍ متينة ومبررة بشكلٍ كافٍ.

بحسب أرقام صادرة عن "مصلحة منتزه بيك ديستريكت الوطني"، شهدت أعداد من يتوافدون إلى المنطقة ارتفاعاً ملحوظاً خلال الأسبوعين الأخيرين، بعد تراجعٍ بـ95 في المئة في الأسبوعين الأولين من الإقفال التام.

وعلى الرغم من غياب التضخم عن تلك الأعداد أو حدوث زيادة ملحوظة فيها مع بدء تخفيف إجراءات الحظر، سادت توقعات بأن المنطقة ستشهد مزيداً من الزوّار خلال عطلة نهاية الأسبوع بفعل تخفيف قيود التنقل والإقفال. ومن شأن ذلك الأمر أن يُصعِّب التزام التباعد الاجتماعي. وإن كنتم لا تصدقون بأن ذلك قد يحدث في مساحةٍ مفتوحة شاسعة، تذكروا صور الأشخاص الذين توجهوا لتسلق قمة جبل "إيفرست" وستتكوّن لديكم فكرة عمّا يمكن لسفح "ديروينت" أن يبدو في يومٍ مشمسٍ من أيام الصيف.

نتيجةً لذلك، حث كل من سارة فولر، الرئيسة التنفيذية لـ"مصلحة منتزه بيك ديستريكت الوطني" وريتشارد فيتزهربرت، رئيس إدارة "مجلس ديبريشاير دايلز ديستريكت البلدي"، الناس على التفكير ملياً بكل رحلة يعتزمون القيام بها إلى المنطقة.

ووفق كلمات فولر، "الاستمرار في استخدام المنتزهات المحلية والمساحات الخارجية القريبة من منازلكم، كفيل بأن يشكّل المساحة الفضلى التي تتنشقون فيها الهواء العليل، وسيكون هذا مفيداً لكم ولنا على حد سواء".

وفي سياقٍ متصل، صرح عضو المجلس البلدي فيتزهربرت، إن الزوّار أتوا بمخاطر كبيرة على السكّان المحليين، ولكن نظراً إلى أن المتاجر المحلية والحانات والفنادق والمرافق كلها مقفلة، لم يترافق ذلك فوائد اقتصادية أيضاً. هل الأمر سيء من جوانبه كلها؟ "نعم، إلى حد ما" يجيب فيتزهربرت.

مع ذلك، وبالعودة إلى "دوفيدال" في صبيحة يوم البدء بتخفيف قيود الإغلاق العام في 13 مايو (أيار)، تفصل غالباً مساحة 20 متراً بين المتنزهين، بالمقارنة مع مترين يقرهما التباعد في زمن كورونا، فيبدو فظاً القول إنه لا يجب عليهم الوجود هنا. وتعليقاً على ذلك، ذكر سايمون دافيس، الذي يزور المكان آتياً من "كوفينتري" برفقة زوجته ليان فاريل وولديهما أنابيل، 6 أعوام، وإيدن، عامين، "أمضينا تسعة أسابيع غير قادرين على الخروج من السجن الأسمنتي".

وتضيف ليان، التي تعمل ممرضة في حضانة، أنهم قصدوا المنتزهات "لكن، عندما يكون لديكم أولاد برفقتكم، يشعرون بالانزعاج في نهاية المطاف من رؤية المراجيح من دون أن يتمكنوا من اللعب عليها". ولدى سؤالهما إن كانا يتفهمان سبب قلق السكان هناك، أجابا بأنهما يفعلان ذلك، لكنهما يعتقدان بوجوب إرساء توازن. وأردف سايمون، 32 عاماً، وهو متعهد طعام، "إن منتزه (بيك ديستريكت) ملك لنا جميعاً. مجرد أنك تعيش هنا لا يمنحك الحق في منع الآخرين من القدوم، أليس كذلك؟"

وخططت العائلة للجلوس في الطبيعة وتناول الطعام لاحقاً. "لن نقصد المتاجر، بل لن نذهب إلى البلدة"، أوضح سايمون. "لا أفهم ما الخطر الذي قد يشكّله ذلك على شخصٍ آخر؟"

حملنا هذا السؤال وتوجهنا به إلى القاطنين في المنطقة للإجابة عنه. ومن بعد مترين، تحدثنا، مع المدرسين المتقاعدين دافيد وسو كروسفيلد، أثناء نزهتهما في منتزه "إيلام". وقد بينا أنهما يعيشان في بلدة "اشبورن" القريبة في منطقة "بيك ديستريكت". ووفق سو "نحن محظوظان للغاية. إنها بقعة جميلة من العالم. علينا أن نتذكر ذلك، ونكون كرماء بعدم منع آخرين من القدوم إلى هنا لمشاركتنا هذا المكان، خصوصاً في وقت الأزمة".

© The Independent

المزيد من تقارير