Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

صناعة الألبسة مهددة ومالكو متاجرها لا يأبهون بمصير ملايين العمال

قد يكون فيروس كورونا المسمار الأخير في نعش قطاع الموضة السريعة لكن الأثرياء من تجار التجزئة يرفضون تقاسم الأعباء الاقتصادية مع الموردين

قبل كورونا، سلطت الكارثة التي وقعت في مجمع "رنا بلازا" الضوء على المعايير المروعة للسلامة في صناعة تصدير الملابس البالغة قيمتها 28 مليار دولار في بنغلاديش (غيتي)

في مصنعه في تشيتاغونغ، حيث يقع أبرز مرفأ ومركز تجاري في بنغلاديش، يقف السيّد مُستَفيضُ الدِيْن أمام تلة عالية مؤلفة من مئة ألف من سراويل الجينز التي لا يجد سبيلاً لبيعها.

وكانت أكوام البناطيل القماشية – المغسولة والسوداء والملتصقة بالجسم والمثنية من الأسفل والقصيرة – موجّهة إلى متاجر بارزة تمتلكها إمبراطورية "أركاديا" ARCADIA لصاحبها فيليب غرين لتلبية عطشنا إلى الموضة السريعة الذي لا يرتوي.

لكن يبدو أنّنا ربما أدركنا أنّنا لم نكن بحاجة إليها على أي حال. فمع جلوس الملايين من البشر في منازلهم جراء ظروف الحجر وفقدان الآلاف غيرهم لوظائفهم، انهار الطلب على الملابس. لقد اشترى البريطانيون ملابس أقل بنسبة 35 في المئة خلال مارس (آذار) مقارنة بالشهر السابق – وكان ذلك قبل التطبيق الكامل لإجراءات الحجر.

وباستقراء هذا الاتجاه في التجارة العالمية للملابس، تبدو الأرقام مذهلة حقاً. فالصناعة تساوي 1.5 تريليون دولار سنوياً – أي حوالى نصف حجم الناتج الاقتصادي السنوي للمملكة المتحدة. وتُصنَع غالبية هذه الملابس في بلدان فقيرة وتشتريها بلدان غنية. وكانت الأسعار المنخفضة تشكّل أهمية أساسية.

وسعى بعض البائعين بالتجزئة إلى تقاسم الأعباء الاقتصادية غير المسبوقة التي أنزلها كوفيد-19 بمورّديهم. فقد أخذت "إتش أند إم" H&M السويدية زمام المبادرة في وقت مبكر، وأفادت بأنها ستحترم كل العقود القائمة حول البضائع المطلوبة. وحذت حذوها الشركة العملاقة الإسبانية "إنديتكس"، مالكة "زارا" ZARA، بتعهّد مماثل.

واتّخذت شركات أخرى، مثل "بريمارك" PRIMARK، نهجاً متشدّداً، فألغت طلبيات بمئات الملايين من الجنيهات الإسترلينية قبل التراجع جزئياً في مواجهة موجة من الدعاية السيئة. ووافقت شركة "نكست" NEXT البريطانية للبيع بالتجزئة هذا الأسبوع على احترام بعض طلبياتها.

وتشهد شركة "والمارت" WALMART الأميركية العملاقة مدة مزدهرة تجارياً، لكنها قررت أن تدفع إلى مورّديها نصف السعر للملابس المكتملة و30 في المئة من السعر للثياب غير المكتملة. ومنذ ذلك الوقت، خفّفت بعضاً من متطلّباتها.

وأسوأ الشركات المخالفة لا تزال ترفض التزحزح.

ومن بينها "مجموعة أركاديا" المملوكة من فيليب غرين، التي تمتلك علامات تجارية مثل "دوروثي بيركينز" و"توبشوب" و"مس سيلفريدج". فقد تلقّت شركة مستفيض الدين، واسمها "دينيم إكسبرت"، رسائل مقتضبة في مارس (آذار) وأبريل (نيسان)، نصّت صراحة على الإلغاء الفوري لطلبات شراء مئات الآلاف من قطع الثياب.

وفي بضعة أسطر من النص الذي قضى على عائدات مستفيض الدين البالغة بين خمسة و10 في المئة، أفادت "أركاديا" بأنّ القطع التي شُحِنت بالفعل ستخضع لحسم بنسبة 30 في المئة.

ويقول: "يمكن للمرء تحقيق هوامش [ربح] أفضل. لكن ليس إذا أدار العاملين على نحو لائق ونفّذ إجراءات مستدامة كما نفعل نحن".

وأُلغِيت كل الطلبيات الأخرى لـ"أركاديا" المقدّمة بالفعل، بما في ذلك بعض الطلبيات التي شُحِنت. ولم يجرِ أي تفاوض. لقد صدر الأمر.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

والأفظع هي متطلّبات "إدنبره وولين ميل"، وهي مجموعة من المتاجر البارزة تشمل "بيكوكس" و"جايغر" و"بونمارش" Peacocks, Jaeger and Bonmarche من بين أسماء أخرى. وهي مملوكة من ملياردير البيع بالتجزئة فيليب داي، وتدير أكثر من ألف متجر في كل أنحاء المملكة المتحدة.

ففي مارس، ألغت "إدنبره وولين ميل" طلبيات تقدمت بها إلى مستفيض الدين لشراء عشرات الآلاف من السلع، وطالبت بتخفيضات بلغت 70 في المئة على بضائع بملايين الجنيهات سُلِّمت بالفعل، ما أسفر عن خسائر ضخمة للمورّد.

ولم تكن هذه الطلبيات تتعلّق بالبنود الصيفية الموسمية التي لم يكن بوسع "بيكوكس" بيعها، بل للخطوط القياسية لبناطيل الجينز التي لم تكن "إدنبره وولين ميل" ترغب في دفع المال في مقابل تخزينها في المخازن. وحتى في الظروف الراهنة، لم يسمع أحد عن تخفيضات كبيرة كهذه.

ويقول مستفيض الدين: "هذا أسوأ ما في الصناعة. فلا أحد يطلب [حسماً بنسبة] 60 إلى 70 في المئة".

 

كارثة بيئية وإنسانية

ومع غياب أي مشترٍ لبناطيل الجينز التي ينتجها، فضلاً عن الحيّز الضئيل المتوفر له للتخزين، يخشى مستفيض الدين أن تنتهي نسبة كبيرة من ثمار عمل العاملين لديه في مطامر القمامة. ويقول خلال حديث أجرته معه "الاندبندنت" في يوم العمال الدولي: "إنها مشكلة بيئية ضخمة".

ويواجه العاملون في صناعة الملابس، وهم بالفعل من أشد العاملين عرضة إلى الأخطار في العالم، الفقر المدقع من دون وجود شبكة أمان اجتماعي.

ويفخر مستفيض الدين بأنه يعامل العاملين بشكل أخلاقي ومحترم. فحتى الآن، استمر في دفع الأتعاب لألفي موظف، غالبيتهم من الشابات، حتى يتسنّى لهم بدورهم الاستمرار في تغذية الآلاف من الأفواه التي تعتمد على مداخيلهم المتواضعة. ولم يتمكّن آخرون من القيام بالأمر ذاته أو اختاروا عدم القيام به. والوقت ينفد بسرعة.

فشركات الملابس تعمل وفق هوامش صغيرة وكثير من الائتمان. ومع إلغاء الطلبيات وبدء المصارف بالمطالبة بقروضها، تضرب كارثة إنسانية بنغلاديش في وقت محزن بشكل خاص.

فقد حلّ رمضان، الشهر المبارك الذي يكرّس فيه المسلمون – بما في ذلك ألفا عامل في مصنع مستفيض الدين – للصلاة والصوم والأعمال الخيرية.

وقبل سبع سنوات، راح عاملو الطوارئ يبحثون عن ناجين بين أنقاض "رنا بلازا"، وهو مصنع للملابس غير آمن وغير مصان على أمثل وجه في العاصمة دكا، الذي انهار، فسحق 1137 شخصاً حتى الموت. وفي أوائل مايو (أيار) 2013، بعد أسابيع من الانهيار الأولي، أُلغِي أخيراً البحث عن ناجين، وتعهّد قطاع صناعة الثياب "بعدم تكرار ذلك أبداً".

 

فيليب داي – منقذ المتاجر البارزة

يمتلك "إدنبره وولين ميل" فيليب داي، وهو ملياردير في مجال الموضة شقّ طريقه صعوداً من طفولة قضاها في مجلس لإدارة مساكن مخصّصة للإيجار في ستوكبورت فراكم، ثروة تُقدَّر بنحو 1.2 مليار جنيه إسترليني (1.47 مليار دولار). ويمتلك قلعة في كارلايل Carlisle، ويعيش رسمياً في سويسرا ويمضي كثيراً من وقته في دبي، حيث سجّل شركته "سبيكتر" الخاصة بالاستحواذات. ويُقَال إنه اشترى طائرته المروحية الأولى من قطب "سبورتس دايركت" (شركة للخدمات الرياضية) مايك آشلي.

وعلى غرار آشلي وغرين، حقّق داي نجاحاً هائلاً في بناء أعمال ضخمة للبيع بالتجزئة. وتضمّ أعماله أكثر من ألف متجر وتشغّل أكثر من 25 ألف موظف. وفي حين أن سجلّه قد يكون أدنى من غيره، تُعَدُّ أساليبه مثيرة للجدل على نحو مماثل.

فشراؤه أسماء لمتاجر بارزة متعثّرة وقلبها رأساً على عقب، صنع له سمعة طيبة كمنقذ للمتاجر البارزة البريطانية. لكن ثمة من يرون أنه ناهب للأصول أكثر من أي شيء آخر، يحتفظ بالعلامات التجارية الفاشلة في حين يستخدم قوانين الإعسار لضمان تجريد المورّدين من أي شيء.

وأثار استحواذه على متاجر"جايغر" انتقادات من المورّدين وبعض المراقبين. فمع فشل العلامة التجارية الراقية للموضة، اشترى اسم العلامة التجارية لكنه لم يدفع ثمن أصول الشركة. وعندما خضعت الشركة لإدارة خبراء في الإعسار بعد وقت قصير، حصل المورّدون الذين كانوا قد سلّموا بالفعل مخزوناً إلى "جايغر" على بنسين فقط في مقابل كلّ باوند كانت الشركة تدين لهم به.

ويشير المنتقدون إلى أنه يستخدم "هندسة مالية" مماثلة لتحقيق أرباح من "بونمارش" المتعثّرة، التي اشترتها "بيكوكس" لبيع الملابس بالتجزئة في مقابل 5.7 مليون جنيه إسترليني فقط في العام الماضي وما لبثت أن خضعت لإدارة خبراء في الإعسار. وقال ناطق باسم "إدنبره وولين ميل" إن السيد داي خسر مالياً من إدارة الخبراء في الإعسار.

ويزعم المورّدون في بنغلاديش وخارجها الآن أنهم أيضاً يتلقّون معاملة غير عادلة من شركة السيد داي.

ويقول مستفيض الدين "أخبرتني بيكوكس أن [طلبات] البضائع أُلغِيت. وأخبرناهم بأنّنا اشترينا المواد الخام من المصنع لكنهم لا يردّون على رسائلنا الإلكترونية. فنحن نحصل على ردود أوتوماتيكية. هم لا يهتمّون فحسب".

ويضيف أن "أركاديا" ليست أفضل إلّا قليلاً. "فقد ألغت طلبيات بنحو 2.5 مليون دولار. وستكون هذه كارثة عليّ وعلى العاملين لدي".

وقال ناطق باسم "بيكوكس" إنّ الشّركة اتّصلت بالمورّدين بأسرع ما يمكن لمنحهم خيارات [لتخفيف الخسائر] بمجرد أن اتّضح أن المتاجر البارزة تشهد تراجعاً في المبيعات. وأضافت الشركة "كانت هذه الخطوة أساسية، وإلّا كنا سنستلم مخزوناً لن نتمكّن ببساطة من بيعه. ومنذ ذلك الوقت، دخلنا في مفاوضات مع المورّدين بشكل فردي، مع تخصيص الخيارات لتتناسب مع المورّدين الأفراد".

ولم تردّ "أركاديا" على طلبات للتعليق.

وفي مختلف أنحاء بنغلاديش، ألغت الشركات طلبيات تُقدَّر بنحو 3.5 مليار دولار. وبالنسبة إلى بلد يولّد غالبية الدخل من صادراته من مبيعات الملابس، قد تؤدي هذه الأزمة إلى كارثة.

والآن أصبح من المطلوب فعلياً من أصحاب المصانع في بنغلاديش، مثل مستفيض الدين، دعم فيليب غرين، الملك البريطاني السابق للبيع بالتجزئة ووريثه المنتظر فيليب داي.

وبعد مرور سبع سنوات على انهيار "رنا بلازا"، يشعر مستفيض الدين، على غرار كثيرين من المصنّعين في القطاع، بأنّ المعاملة التي يتلقّاها الآن صارت أكثر احتراماً بقليل مقارنة بذلك الوقت.

"لم تكن هناك مفاوضات أو مناقشة أو شراكة أو احترام. لا تنسيق. لا شيء. على المرء أن يقبل الحسم أو يستعيد البضائع. وكيف يمكنني أن أستعيد السلع عندما تكون موجودة بالفعل في ميناء في المملكة المتحدة؟

"لقد اشترينا المواد الخام، وأنتجنا الملابس، واستثمرنا المال ولن نتمكّن من البقاء.

"سنتعرّض حرفياً للموت. سيكون من المستحيل علينا أن نتعامل مع هذا الأمر. وسيعاني العاملون لدينا كثيراً. ولا أستطيع أن أعرب عن المصير الذي ينتظرنا بسبب ذلك.

"إنّ البضائع جاهزة. ويجب أن يستلموها. وإذا كانت لديهم مشكلة، فيمكنهم الانتظار لمدة شهر أو 45 يوماً. وينبغي أن تحصل بعض المناقشات، لكنهم أرسلوا للتو رسالة إلكترونية تفيد بإلغاء الطلبيات. كيف يمكن لهذا أن يحصل؟".

يواجه ملايين العاملين في صناعة الملابس الفقر المدقع في حين يخل مالكو المتاجر الأثرياء في بريطانيا بالعقود المبرمة

فمنذ فبراير (شباط)، ألغى مشترون من مستفيض الدين ما يقرب من 10.5 مليون دولار من الطلبيات – وهذا جزء كبير من حجم مبيعاته السنوية. وعلى مستوى العالم، قدّر "ائتلاف حقوق العمال" أن طلبيات بـ24 مليار دولار أُلغِيت – وإن كان من المرجح أن ينخفض هذا الرقم مع تعهّد بعض العلامات التجارية بالتزامات جديدة في مواجهة موجة من الدعاية السيئة.

وزعم مشترو الملابس على مستوى العالم في الأعوام الأخيرة  اعتمادهم ممارسات أكثر احتراماً.

لكن حتى قبل أن يصيب فيروس كورونا حركة الطلب، دفعت الضغوط المتزايدة لخفض الأسعار بالفعل إلى تقليص الأجور في هذا القطاع بنسبة 15 في المئة. وفي الشهرين الماضيين، تعرّض ما يُقدَّر بحوالى 60 مليون عامل في صناعة الملابس يتقاضون أجوراً منخفضة، إلى خطر بسبب سعي العلامات التجارية الرئيسة وشركات البيع بالتجزئة البارزة إلى إلقاء العبء المالي المترتب على الأزمة على الأطراف الواقعة في أسفل سلسلة الإمداد.

وقالت فيونا غوتش، كبيرة مستشاري السياسات في منظمة "ترايدكرافت إكستشاينج": "يروّعنا أن بيكوكس وأركاديا تطالبان بحسوم على ملابس صُنِعت بالفعل من أجلهما فقط. وفي خضمّ هذه الأزمة الرهيبة لفيروس كورونا، يمارس رجال الأعمال من أصحاب الملايين الذين يمتلكون هذه العلامات التجارية صرفاً للنفوذ.

"وفي نهاية المطاف، فإنّ الشابات اللواتي يتلقّين رواتب متدنية مِمَّن يصنعن ملابسهما هنّ من سيخسرن وظائفهن إذا أفلس المصنّعون. لقد رأينا علامات تجارية أخرى في المتاجر البارزة، مثل نكست وبريمارك تبدأ في الاستجابة للضغوط العامة وتلتزم دفع المستحقات الكاملة لمزيد من الطلبيات. لقد آن الأوان لتحذو حذوها بيكوكس وأركاديا".

بيكوكس

وتفيد "إدنبره وولين ميل" بأنها لم تمتلك خياراً سوى طلب حسوم. وأظهرت أحدث حساباتها المنشورة في ديسمبر (كانون الأول) أنها، على خلاف كثير من جهات التجارة بالتجزئة، لم يترتّب عليها أي دين مصرفي وأنها حقّقت أرباحاً صحية. وقرّرت عدم دفع أرباح للمساهمين لأنها كانت راغبة في ضخّ الأموال في مزيد من عمليات الاستحواذ.

ويعتقد مستفيض الدين بأن الشركة تحاول الاستفادة من أزمة فيروس كورونا للحصول على حسم هائل.

وتقول "بيكوكس" إنها أعطت المورّدين ثلاثة خيارات: يمكنهم الاحتفاظ بالمخزون وبيعه محلياً، أو يمكنهم قبول حسم كبير، أو يمكنهم قبض ثمنه حين تستلمه "بيكوكس" في نهاية المطاف وتبيعه للمستهلكين.

ويرى مستفيض الدين أن هذه الخيارات ليست خيارات على الإطلاق. فعلى غرار غالبية شركات تصنيع الملابس، اقترض مالاً ليصنع بناطيل الجينز (التي طُلِبت في أغسطس (آب) من العام الماضي). وهو لا يستطيع أن ينتظر أن تبيعها "بيكوكس" ربما خلال سنة قبل أن تسدّد ثمنها. فعاملوه بحاجة إلى أجور الآن.

ويقول "إن حياة العاملين في معملي مهدّدة لأننا شركة تصدير. فلا نحصل على المال إلّا عندما نستكمل التصدير. وإذا لم نصدّر، فلن نحصل على المال".

وعلى النقيض من هذا، استخدمت "إنديتكس" التي تمتلك "زارا"، احتياطها النقدي القوي لاحترام العقود مع المورّدين.

 

الحلول

ويفيد "ائتلاف حقوق العمال" بأنّ حلاً فورياً مطلوب لمنع الملايين من العاملين الفقراء من التحوّل إلى فقراء معدمين.

فميزان القوى بين المشترين والمورّدين في صناعة الموضة من أكثر الموازين تفاوتاً في أي قطاع. وتعكس العقود التفاوت مع المشترين الذين يفرضون الشروط التي تناسبهم. وتُعَدُّ العلاجات القانونية باهظة التكاليف، وهي تستغرق وقتاً أطول مما ينبغي، كما يدرك المشترون تمام الإدراك.

وثمّة علامات تشير إلى أن الدعاية السيئة بدأت تُشعر البائعين بالتجزئة بالخزي ما يحضّهم على التحرك. ووافقت بعض الشركات على التدخّل لدفع أجور بعض العاملين، لكن هذه الخطوة لا تمثّل سوى جزء صغير من الطلبيات الملغاة، وفق أوليفيا ويندهام ستيوارت، الناشطة البارزة في هذا الشأن.

وعلى جهات أخرى كثيرة للبيع بالتجزئة، بما في ذلك "جون لويس" و"غاب" وأركاديا" و"أسوس" و"سبورتس دايركت"، أن تقدّم تعهّدات صلبة.

ويقول مستفيض الدين "نحن لا نريد حسنة. نريد من الشركات أن تسدّد فواتيرها وأن تحترم عقودها".

وبعيداً من الأزمة المباشرة، قد لا يتسنّى إصلاح هذا الوضع إلّا من خلال تشريعات في البلدان الغنية تُلزم الشركات تحمّل المسؤولية عن سلاسل الإمداد الخاصة بها. ففي الوقت الحاضر، لا تزال هذه الشركات في منأى عن المساءلة بشكل كامل تقريباً.

وفي العام الماضي، أوصت لجنة مجلس العموم للتدقيق البيئي بأن تطالب حكومة المملكة المتحدة قانوناً، تجار التجزئة في قطاع الموضة بتحمّل المسؤولية عن المسائل البيئية والحقوقية في سلاسل الإمداد الخاصة بها.

ورفضت الحكومة كل التوصيات.

لكن في نهاية المطاف التغيير قد يأتي. فالأسبوع الماضي، أعلن مفوض الاتحاد الأوروبي للعدالة أن المفوضية ستفرض "العناية الواجبة الإلزامية من جانب الشركات في مجال البيئة وحقوق الإنسان" في مختلف القطاعات. وتقول ستيوارت، ربما سيتعيّن على المملكة المتحدة أن تتبع المسار ذاته.

© The Independent

المزيد من تقارير